الثانى

3.6K 125 0
                                    

فور وصولهم للشركة أدخلها سلطان مباشرة إلى المطبخ وأجلسها على طاولة الطعام في ركن المطبخ وقدم لها الشاى وقال لها بحنان.
= يلا ياحبيبتى ذاكرى.
ثم غادر المطبخ ليباشر عملة فإندمجت هبة فى المذاكرة، مرت فترة طويلة وهى مازالت مندمجة لا تشعر بأى شيئ... موظفين الشركة علموا أن سلطان أحضر إبنتة وأجلسها تذاكر فى المطبخ فتجنبوا أن يزعجوها وربما تجنبوا أن يحرجوها.
أحست هبة بالأمان والراحة أخيرا بعد أسابيع من الخوف سوف تذاكر بدون خوف، نعمة وجود أبيها إلى جوارها لا يعادلة أى شيئ أخر.
إنحنائها المتواصل منذ ساعات على كتابها جعلها تشعر بألم فى ظهرها ورقبتها فقامت تتجول في المطبخ ثم خلعت صندلها وعادت مجددا للجلوس على الكرسي... رفعت رجليها على مقعد صغير أمامها فإرتفع فستانها حتى ركبتيها، سيقانها البيضاء الجميلة إرتاحت بنعومة على المقعد، أصابع قدميها أصبحت الصغيرة تنفسوا بإرتياح خارج الصندل، أغمضت عينيها وبيدها حررت شعرها وفكت ربطتة فنزل كشلال الذهب على كتفيها.
هزت رأسها تبعد شعرها عن عينيها ودلكت عضلاتها المرهقة لعدة دقائق ثم واصلت مذاكرتها... تلك الدقائق من الدلال أعادت إليها همتها واكملت بنشاط.
عند الساعة التاسعة كانت تقريبا قد إكتفت وأحست بالرضى من نتيجة تحصيلها وسلطان أيضا كان قد أنهى عملة وهتف بسعادة غامرة فور دخولة المطبخ.
= البية الله يكرمة إدانى 500 جنية وقالى جيب حاجة حلوة لبنتك وأنت مروح علشان كدة ال500 جنية دول بتوعك أنتى إختارى هتعملى بيهم إية.
شهقت هبة من الصدمة فخمسمائة جنية دفعة واحدة خارج الميزانية معجزة لم تشهدها من قبل، يالله ياكريم غمرتها الفرحة حتى النخاع.
= خلاص يابابا أنا عرفت هنجيب بيهم إية، يلا بسرعة علشان نلحق المحلات قبل ما تقفل.
:::::::::::::::::::::::::::::::
= لا لا ياهبة مش ممكن الفلوس دى بتاعتك ياحبيبتى.
= يابابا ياحبيبى أنت بتلبسنى خوذتك وأنت مش لابس إشمعنى أنت لا علشان خاطرى تلبسها أنا بخاف عليك.
دموع الفرحة ملئت عينية وبعد إصرار رهيب من هبة وتوسلاتها أخذ سلطان الحوذة التى كان ثمنها مائة وتسعون جنيها.
إقترح سلطان/ كدة فاضل 310 جنية أنا عارف بقى هنعمل بيهم إية، أنا عازمك على العشا في أغلى مطعم.
إعترضت هبة بشدة/ لا يابابا مينفعش خسارة الفلوس.
سلطان دمعت عيناة/ دى ياحبيبتى هتكون أول مرة أعزمك فيها برة مش خسارة فيكى أى حاجة.
إقترحت علية هبة بقناعة شديدة/ خلاص ناخد الأكل ونروح نقعد على النيل أنا بحبة أوى ونفسى أشم هوا نضيف.
ومجددا سلطان أذعن تحت إصرار فرقة هبة وضعفها كانوا دائما ينتصرون... من كان يستطيع مقاومة طلب لهبة الملائكية.
سلطان أكتفى بأحضار مشويات للعشاء من مطعم فخم وكنافة بالقشطة كتحلية لها لأنة يعلم مقدار حبها لها وأخدها للجلوس على النيل.
بعد العشاء سلطان هتف بسعادة غامرة.
= عارفة بقى ياحبيبتى الباقى لازم تجيبى لنفسك بية فستان جديد، بكرة إن شاء الله بعد المدرسة هاخدك للمحلات.
::::::::::::::::::::::
كعادة هبة كل يوم وجدت سلطان فى إنتظارها على باب المدرسة ولكن فى ذلك اليوم كان يرتدى الخوذة الجديدة بفرح، أخبرها سلطان بفرحة غامرة عندما رأها.
= أدهم بية الله يكرمة ويعمر بيتة قالى ياسلطان خلاص متجيش الفترة التانية وراتبك ماشى زى ماهو، مش هيجرى حاجة يعنى لو كل واحد قام عمل طلبة لنفسة... يعنى الحمد لله مش هسيبك لوحدك بالليل تانى أبدا.
وكالعادة بدأ سلطان يعدد صفات أدهم الحميدة كما يفعل كلما يذكرة.
= دة إبن حلال وكريم وبيعاملنا كويس ربنا يكرمة، إبن عز طول عمرة بصحيح.
دائما سلطان كان يتحدث بالخير عن رب عملة الملياردير أدهم البسطاويسى ويكفيها إعفاء سلطان من عملة فى الفترة التانية حتى تتأكد بنفسها من إستحقاقة لكل المدح الذى أختصة بة سلطان طوال سنوات عمرها الأخيرة فشعرت بإمتنان بالغ تجاهة.
منذ أن وعت وبدأت فى الفهم وأبيها يعمل كساعى خصوصى لمكتب أدهم البسطاويسى بالتحديد منذ ثمان سنوات ومن حينها تحسنت أحوالهم المادية بدرجة كبيرة فأدهم البسطاويسى كان كريم مع موظفية بطريقة ملحوظة إعتاد أباها الثناء علية كل يوم... والأن أشفق أدهم على إبنة سلطان من ظروفهم الصعبة وأعفى سلطان من عملة فى الفترة المسائية كى لا يتركها وحيدة فى تلك الظروف المرعبة والتى أصبحت تواجهها يوميا، فكرت مع نفسها فى إمتنان كبير يغمرها من شهامتة مع أبيها.
= أكيد عندة بنات علشان كدة فهم خوف بابا عليا.
ركبت خلف سلطان وتمسكت بة بسعادة وسلطان شعر بسعادتها فهو أيضا سعيد.
قال سلطان بفرح ليضيف إليها المزيد من السعادة.
= هنعدى نجيب الفستان قبل مانروح.
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::
بعد أسابيع طويلة أخيرا عاد إليها إحساس الأمان أثناء مذاكرتها لدروسها، كانت تجلس على الطاولة فى صالة منزلهم وبجوارها سلطان وهو يقرأ القرأن الكريم 《الحمد لله》ساعات عملة فى السابق كانت تقضيها شهران مرا منذ رحيل حسنية فكانت تغلق فيهم على نفسها باب شقتهم بالمفتاح وتظل تدعى الله أن يسترها ويمر الوقت بسلام حتى عودة سلطان من عملة فى العاشرة... لكن الأن الحمد لله بفضل رحمة أدهم البسطاويسى وعطفة سلطان لن يتركها وحيدة فى المنزل مجددا.
مع عمل سلطان لفترة واحدة أصبحت حياتهم أفضل وأيضا تحسنت صحتة كثيرا وعندما إطمئنت لوجودة بجوارها زاد تركيزها وتحصيلها إرتفع بشكل كبير.
كل شيى كان يتحول للأفضل وإستمتعت بالوضع الجديد لفترة... لكن كل شيئ تغير فجأة وتكهرب الجو مجددا، فعند عودتهم فى أحد الأيام من المدرسة سلطان كان يوقف دراجتة النارية تحت منزلهم كما كان يفعل دائما فإعترضة أحد البلطجية وقال بغباوة متعمدة.
= دة مكانى شوفلك مكان تانى.
الخوف إحتل سلطان، لم يخف على نفسة بل خاف على هبة حد الموت فهو أدرك أن البلطجى يعطلة لغرض ما وبالتأكيد هو غرض دنيئ مثلة.
أجابة سلطان بتوتر بالغ/ طب يابنى.
ثم أشار لهبة بالصعود لمنزلهم فورا وغادر على دراجتة لإيجاد مكان أخر لها وهو يرتعد من الخوف.
خوفة الأعظم وأسوء كوابيسة كانوا على وشك التحقق... لكنة ما أن إبتعد حتى فهم الغرض من حركة البلطجى عبدو، الحقيقة ضربتة بقوة فالبلطجى كان يعطلة في الأسفل كى ينفرد عبدو بهبة في الدرج.
سلطان ترك دراجتة فى وسط الشارع بدون إهتمام وعاد بأقصى سرعة لهبة.
هبة صعدت الدرج وهى تجرى بقوة، قلبها يخفق بعنف، دقات قلبها تصم أذانها من قوتها... أدركت أن وراء تحرش البلطجى بأبيها شر، وصلت لباب منزلهم وإنتظرت أباها فهى لم تملك يوما مفتاح فهى لم تحتاجة أبدا فسلطان كان يوصلها حتى الباب دائما ولم تضطر يوما لحمل مفتاح فى المدرسة... لسوء حظها رأت عبدو البلطجى ينزل الدرج وهو يتطلع إليها بعيون شريرة تفضحة.
هرب الدم من عروقها وتسائلت برعب/ أنت
فين يابابا؟؟
رعبها وصل إلى السماء مع إقتراب عبدو منها لدرجة أنها شمت رائحة مقرفة تفوح من فمة القذر، أقترب منها عبدو أكثر حتى أحست بلفح أنفاسة القذرة وجهها، ألصقت هبة نفسها في باب شقتهم وكأنها تستنجد بة، الدموع حبستها بصحوبة... صوت خطوات والدها التى تطوى السلالم جريا أعطاها الأمل فى الخلاص، خطوات والدها المقتربة بلهفة لم تؤثر في عبدو الذى قال بوقاحة.
= مسيرك ياجميل، وقريب أوى.
ثم وجة نظرات تهديد وتحدى لسلطان كأنة يتحداة أن يعترض على ماقالة وببرود أخرج مدية صغيرة من جيبة لوح بها فى تهديد فى وجة سلطان ثم ثم هوى بها فى حركة تهديد صريحة على كف يدة عدة مرات... بعدما أنهى عبدو تهديدة الفج دفع سلطان بكتفة بقوة أطاحت بة على الأرض وهو فى طريقة لنزول الدرج.
اتجة سلطان فورا إلى هبة المرعوبة كى يطمئن عليها، خوفة على هبة وصل لحد الجنون وقلبة يبكى ويقول.
= أاااه من الظلم والفقر والزل والضعف.
سلطان أدرك أن عبدو وضع هبة فى رأسة ولن يتوان حتى ينالها، جمالها المبهر لعنة عليها من الأن، لابد وأن يهربوا يغادروا هذا المكان الموبؤ، لكن السؤال الأهم إلى أين؟؟ وكان أسوء ما فى الأمر إكتشافة منذ أيام قليلة أنة مريض قلب وحالتة خطيرة... القهر أكل قلبة خوفة على بنتة من الدنيا من بعدة سيطر على تفكيرة، إذا كان لا يستطيع حمايتها من عبدو فى وجودة فماذا ستفعل إذا عندما تكون وحيدة فى مواجهتة؟؟
سلطان أدخل هبة المرعوبة إلى المنزل وأغلق الباب بقوة.
= هبة حبيبتى طمنينى، هو لمسك؟؟
هزت هبة رأسها برعب/ لا لأ.
زفر سلطان فى إرتياح/ الحمد لله الحمد لله.
تركها ورفع يدة إلى السماء وقال.
= يارب إحميها ملناش غيرك فى الحياة.
:::::::::::::::::::::::::::::::::
عندما أتى سلطان لأخذها من المدرسة فى اليوم التالى أحست بشيئ غير طبيعى فى تصرفاتة، كان متوتر وخائف يلتفت من حولة باستمرار فإنتقل توترة إلى هبة التى سألتة بقلق.
= بابا مالك طمنى؟؟ أنا خايفة.
= مفيش ياهبة أطمنى أنا عاوزك لما تروحى تلمى كام غيار كدة والحاجات المهمة بس فى شنطة صغيرة خالص، الحاجات المهمة والعزيزة عليكى بس ياهبة فهمانى؟؟ نص ساعة وتكونى جاهزة علشان نمشى.
تسائلت هبة فى دهشة.
= نمشى نروح فين بس يابابا؟؟
أجابها سلطان بغموض.
= متسأليش دلوقتى، أدعى ربنا يسهلها ونطلع بالسلامة وبعد كدة هفهمك كل حاجة.
لسان سلطان بدأ في الإستغفار بدون توقف.
= استغفر الله العظيم. استغفر الله العظيم.
كررها بلا توقف حتى بعدما وصلوا إلى منزلهم وهو مازال يردد استغفر الله العظيم.
نفذت هبة طلبة بسرعة، أشيائها القيمة قليلة جدا وهو أكد عليها ضرورة إحضار حقيبة صغيرة لا تلفت الإنتباة إليهم... إرتدت فستانها الجديد الذى إشتراة سلطان لها منذ أسابيع وفى حقيبتها المدرسية المعتادة وضعت كتبها وأدواتها جميعا وحشرت فى حقيبة يدها فستان حسنية وبعض الغيارات الداخلية وأهم ما تحملة معها كان الصورة الوحيدة الموجودة لأمها... خرجت بسرعة لسلطان الذى مازال يستغفر.
سلطان قادها لخارج المنزل وأركبها على الدراجة خلفة مجددا وأنطلق بأقصى سرعة كأنة يهرب من الجحيم.

سجن العصفورةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن