السابع

3.4K 126 0
                                    

سجنها الإجبارى الإختيارى أصبح أكثر من سجن.
فى كل يوم يمر عليها كانت تتعلق بة أكثر فالحرية أصبحت مصدر رعب لها.
حمل لا ترغب بتحملة أبدا.
السجن أصبح ملجئها ووحدتها أصبحت رفيقتها.
أصبح لديها الوقت الكافى للنظر بترو في أحداث الماضى فالتصرفات المبهمة لها فيما مضى أصبحت الأن مفهومة.
بعد أنتقالهم للحى الراقى والشقة الفخمة سلطان أبلغها أنة لن يستطيع إستخدام دراجتة النارية بعد الأن قال لها فى خجل.
= ممنوع طبعا، مش مسموح لبناية أقل ساكن فيها مليونير أنة يسمح لموتوسكل يركن جانب عربياتة الفخمة إللى أقل واحدة فيهم سعرها معدى المليون جنية.
حينها سلطان أخبرها أنة طلب من سائق المخزن توصيلة كل يوم إلى المخزن وإعادتة للمنزل بعد إنتهاء الدوام.
أبلغها أيضا أنة خزن دراجتة النارية فى المخزن لأنة لم يعد بحاجتها حاليا.
هبة إسترجعت تصرفات سلطان منذ يوم إنتقالهم وإكتشفت إكتشاف مزهل هزها.
على الرغم من جو الترف المحيط بهم سلطان لم يحاول أكتساب أى مكسب شخصى لنفسة حتى أبسط الأشياء مثل الملابس.
على الرغم من أنة حافظ مظهر لائق مناسب للمكان إلا أنها أكتشفت فى الحقيقة أن سلطان فعليا كانت خزانتة فارغة إلا من بعض الملابس القليلة التى تسترة.
إكتشفت أن المذياع المفتوح على إذاعة القرأن الكريم إختفى من حياتهم، إختفى لأن شقة أدهم لم يكن بها واحد وسلطان رفض شرائة من أموال هبة.
سلطان إعتبر أموال هبة أمانة رفض أن يمد يدة عليها ويستفيد منها بأى طريقة وأعتبر هبة نفسها أمانة حافظ بنفسة عليها لأدهم.
= شغلتى أخد بالى من الشقة واللى فيها.
هكذا أخبرها يوم أنتقالهم من الحارة، حافظ لأدهم على ممتلكاتة الغالية بما فيهم هى شخصيا أثمن ممتلكاتة.
تذكرت فى يوم عيد ميلادها السابع عشر يومها سلطان فاجئها بسلسلة ذهبية عبارة عن مصحف صغير يتدلى حول عنقها الجميل.
حينها سلطان دمعت عيناة وهو يقول.
= أنا بعت الموتوسيكل النهاردة، خلاص معدش لية فايدة ومش هيكون لية إستخدام تانى، إفتكرى دايما أن السلسلة دى بفلوس الموتوسيكل.
= حبيبى يابابا جبتلى هدية بفلوسك وكنت عاوزنى أعرف كويس أوى أنها منك مش من تمن بيعى.
بعد عدة أشهر إكتشفت بالصدفة إن المصحف يفتح، فتحتة فوجدت بداخلة الصورة الوحيدة التى كانت لديهم لوالدتها الراحلة.
سلطان سلمها تركتها، كل ورثها منة، كل ممتلكاتة كانت دراجتة النارية وصورة والدتها.
::::::::::::::::::::::::::::::::
السنة الدراسية أنتهت، سنة أخرى مرت من عمرها.
رفضت كل الدعوات لحضور حفل أنتهاء العام الدراسى كالمعتاد.
فى أيام المدرسة كانت تقضى إجازتها الصيفية فى المدرسة أما الأن فشهور الصيف طويلة كئيبة تقضيها بين حوائط سجنها.
حاليا فترة الإجازة سجن أنفرادى حفظت جدران البيت شبر شبر.
من اليوم ستبدأ الأجازة، سيبدأ العذاب.
الدراسة كانت تشغل وقتها فى شهور السنة الدراسية أما الأن فهى تستعد لشهرين من السجن الإنفرادى.
مع وصول سائقها ليقلها إلى المنزل هبة ودعت حريتها الجزئية وإستقبلت سجنها الإنفرادى.
::::::::::::::::::::::::::
ألم عنيف فى بطنها أيقظها من النوم.
حاولت النزول من الفراش لطلب المساعدة من ألماس لكنها لم تستطع.
المشى يسبب لها ألم رهيب فعادت لفراشها ونوبة غثيان قوية ضربتها.
لابد لها من المحاولة مرة أخرى.
ليتها طلبت المساعدة عندما شعرت بالألم قبل نومها لكنها إعتقدت أن النوم سيريحها.
ضغطت على نفسها وحاولت الذهاب إلى حمامها لكن الألم غير محتمل.
الدموع غلبتها فصرخت بألم وأمسكت بطنها.
رعشة هزت كل جسدها، رعشة لم تستطيع السيطرة عليها.
حرارتها كانت مرتفعة وعرق غذير يتصبب منها "يارب ساعدنى"
وكأن دعواتها إستجابت فألماس فتحت بابها ودخلت الغرفة وهى تصيح بقلق.
= أنسة هبة مالك خير؟؟! سمعت صرخة وأنا معدية من قدام بابك.
= الحقينى هموت من الألم مش قادرة.
الأحداث التالية مرت عليها بين الحلم والحقيقة فألماس أتصلت بالإسعاف فورا، فقط عشر دقائق ووصلت سيارة إسعاف وطبيب.
فى خلال دقائق الأنتظار القليلة ألماس ساعدتها على إرتداء ملابسها وجهزت لها حقيبة ملابس صغيرة.
بدا وكأن ألماس تلقت تعليمات وقامت بالتنفيذ فورا.
الأسعاف نقلتها لمستشفى كبير وضخم بالقرب من شقتها، نفس المستشفى الذى نقل إليها سلطان.
فى دقائق كانت شخصت حالتها بأنها إلتهاب فى الزائدة الدودية ولابد لها من دخول العمليات فورا.
الألم النفسى لوحدتها ألمها أكثر من ألم بطنها فتقريبا كانت هى المريضة الوحيدة فى المستشفى التى لا يوجد معها أهل وكأنها نبتة شيطانية بلا جذور.
صحيح ألماس كانت معها عند وصولها ولكنها أختفت فور وصولها إلى المستشفى.
مرة أخرى تنفذ التعليمات بألية، تلك الأله لا مشاعر لديها على الإطلاق.
الأن لا تتعجب من عزوفها عن الزواج فهى لا تحمل قلبا ينبض مثل كل الناس.
فهى مكتفية بنفسها بشكل غريب تسائلت بمرارة أين وجدها أدهم؟؟
إنتقلت إلى غرفة كبيرة فى إنتظار تحضيرها للعملية.
أبلغوها أنها ستدخل العمليات بعد ساعة واحدة فقط.
أصوات المرافقين للمرضى الأخرين التى تطمئنهم وصلت إليها من خلال الجدران.
الجميع لدية أحد ما بجوارة أما هى فليس لديها أحد.
إكتشفت كم هو صعب أن تكون موجودة فى مستشفى وتستعد لإجراء عملية بدون أن يكون هناك أى شخص الى جوارها.
ممرضة مبتسمة بلطف دخلت إليها وساعدتها على إبدال ملابسها لزى المستشفى الأخضر الكئيب.
ربطت لها شعرها الأصفر بطاقية خضراء أيضا.
دخلت ممرضة أخرى ونقلوها سويا لغرفة العمليات.
إحساس عنيف بالخوف ضربها وتمنت لو كان سلطان مازال معها.
كان دائما فى مرضها يطمئنها ويقرأ لها قران بصوتة الجميل.
حلها الوحيد حاليا هو إسترجاع صوت سلطان وهو يقرأ القرأن علها تطمئن قليلا.
فكرت فى نفسها بألم طاغى ما أصعب شعور الإنسان بالوحدة وخصوصا وهو مريض.
فى غرفة العمليات كانت ترتجف بشدة.
أخر ذكرياتها كانت صورة طبيب التخدير الوسيم وهو يحقنها بشيئ جعل الغرفة تدور من حولها.
:::::::::::::::::::::::::::
يالله ماهذا الحلم الرائع، ليتها لاتستيقظ منة أبدا.
حلمت بوجود شخص حنون رائحتة مثيرة يجلس بجوارها على السرير ويحتضنها بقوة.
يدللها كأنها كنز ثمين ويقبل جبهتها بحنان وحلمت أيضا أنة يمسح وجهها بمنديل منعش.
الحلم الرائع لم ينتهى بعد فذلك الجالس بجوارها فإنتزع غطاء شعرها بلطف شديد وأصابعة تمشط شعرها بحنان غامر اااه كم إرتاحت لصوتة الهامس.
لكلامة الذى يجعل قلبها يخفق حتى فى الحلم.
كان يهمس فى أذنها بكلام لم تسمع مثلة من قبل طوال حياتها، كلام سبب لها قشعريرة فى عمودها الفقرى.
شفتاة تجولت بحرية أكبر على وجهها مجددا وإقتربت من شفتاة.
طوال عمرها محرومة من اللمس حتى فى حياة سلطان لم تتذكر إحتضانة لها أبدا، أو فى الحقيقة إحتضنها مرات قليلة.
إستمتعت بحلمها لأقصى درجة فالحلم عوض إفتقارها للمس، للتواصل البشرى.
شعرت أن بطل حلمها سوف يبتعد فتذمرت بشدة.
شعر هو بإعتراضها فعاد لمكانة بجانبها يحتويها بين ذراعية مجددا.
أقترب منها وجسدة ضغط جسدها إلية ووضع ذراع قوية تحت رأسها فإطمئنت أنها محمية وإستسلمت بسعادة للدوار الذى كان يهاجمها بشراسة كى يحتل عقلها.
حلمها أنتهى والدليل أنها عادت وحيدة مجددا والرائع الذى كان يحتضنها إختفى من العالم.
ألم بطنها مكان الجرح يأكد لها أنها إستيقظت بالكامل من التخدير ففى حلمها لم تكن تشعر بأى ألم فقط تشعر بالنشوة.
فتحت عينيها ببطء شديد وكانت تشعر بالظمأ.
لمحت نفس الممرضة التى رافقتها لغرفة العمليات تجلس على كرسي بجوار فراشها فهتفت هبة بضعف.
= مية، عطشانة.
الممرضة نهضت فورا وإقتربت منها قائلة.
= حمدلله على سلامتك لسة شوية على الشرب، لازم الدكتور يشوفك الأول قبل ما أقدر أسمح ليكى بالشرب.
الممرضة أخذت علاماتها الحيوية وخرجت تخبر الطبيب بإستيقاظها.
ألم يكن الحلم أجمل يا هبة؟؟ هاقد عدتى لوحدتك الأليمة ولألم بطنك.
الحقيقة المرة ملئت عينيها بالدموع "وحيدة فى المستشفى ياهبة حتى يوم عمليتك" ربما ستنتهى حياتها هنا كما إنتهت حياة سلطان.
لكن الألم القوى فى بطنها مع كل حركة أو كل نفس أنبئها أنها تجاوزت أزمة المرض وعادت لوحدتها المريرة.
ماحدث بعد ذلك كان شيئ لا يمكن أن تتوقع حدوثة أبدا.
الممرضة التى ذهبت لإبلاغ الطبيب أنها إستيقظت عادت بسرعة وقالت لها بإهتمام.
= عندك زائر بيطلب يدخلك.
هبة كادت أن تقفز من سريرها.
=زائر، زائر مين؟؟
عقلها إشتغل بسرعة الصاروخ مين ممكن يجينى؟؟ أنا معرفش أى حد.
الممرضة/ أدهم بية البسطاويسى.
من يوم مقابلتهم الكارثية فى مكتب عزت حمدى المحامى وهى لم تراة مطلقا كل تعاملاتهم المالية كانت من خلال عزت وكل طلباتها كانت تصل إلية من خلال ألماس.
بالتأكيد عندما علم عن مرضها أتى لرؤيتها كواجب ثقيل مفروض علية.
لأول مرة منذ إستيقاظها تنتبة لشكل غرفتها فهى لم تكن غرفة عادية بل كانت جناج فخم جدا، جناح إستثنائى.
الممرضة أكملت بحشرية.
= أدهم بية مهتم بيكى جدا وطلب منى إنى أفضل جنبك من ساعة ما خرجتى من الأفاقة.
هبة فكرت فى سرها كلمة السر أدهم البسطاويسى وأموال أدهم البسطاويسى ونفوذ أدهم البسطاويسى.
حاولت الجلوس لكن ألم بطنها العنيف منعها تأوهت بصوت عالى فإتجهت إليها الممرضة بسرعة.
= إستنى أنتى عاوزة أدهم بية يرفدنى؟؟
على الرغم من ألمها الشديد هبة سألت.
= أدهم؟!!
= أيوة أدهم بية صاحب المستشفى أو بمعنى أدق سلسلة المستشفيات، المستشفى دى واحدة من سلسلة مستشفياتة الكتيرة.
ثم سألت بفضول واضح.
= هو أنتى متعرفيش؟؟ أصلك أندهشتى أوى لما قولتلك!!
هبة فكرت "= لا طبعا معرفش وهعرف أزاى؟؟ دة أنا حتى معرفش أساسا إن مستشفى كبيرة كدة ممكن تكون ملك لشخص واحد"
الممرضة ساعدتها على تعديل وضعها بحرص ووضعت لها وسائد خلف ظهرها مكنتها من الجلوس ثم مشطت لها شعرها بفرشاة.
هبة لاحظت نظرات الإعجاب التى ظهرت على ملامح الممرضة وهى تمشط لها شعرها.
= شعرك رائع، أسمحيلى أسألك شكلة طبيعى مش مصبوغ مش كدة؟؟!
= أة طبيعى عمرى ما صبغت.
نظرات الإعجاب الأن إختلطت بنظرات من الحسد/ يابختك، خلاص أنتى جاهزة هبلغ أدهم بية.
وبدون إنتظار رأيها خرجت إلى الصالون الملحق بالغرفة لإبلاغة بأنها مستعدة.
ضحكت مع نفسها بسخرية فهى الأن أدركت سبب الأستقبال الحافل والمعاملة المميزة التى تتلقاها منذ وصولها فهى من طرف الرجل الكبير.
الممرضة فتحت الباب مرة أخرى وقالت.
= أتفضل يافندم.
قلب هبة هوى فى أرجلها وأمسكت بطنها بقوة بكلتا يديها.
دخل أدهم إلى غرفتها ببطئ وهو يراقبها بتمعن شديد.
أضخم وأطول مما تتذكر، بدلتة السوداء المصممة خصيصا لة زادت من جو السلطة والقوة حولة.
الشيئ المختلف كليا من أخر رأتة فيها كانت نظرة عينية.
فعلى الرغم من أنها يومها لم تجلس معة سوى دقائق معدودة إنتهت سريعا لكنها تتذكر نظرتة الحيوية الجريئة أما اليوم فكانت نظراتة مرهقة حزينة.
دخولة الرسمى المتحفظ للغرفة أراحها كثيرا، حياها بأدب وقال بطريقة رسمية.
= حمدلله علي سلامتك، يارب تكونى بقيتى أحسن.
هبة ردت بضعف/ الحمد لله.
أدهم أنتظر بجوار الباب وكأنة يختبر ردة فعلها على رؤيتة وهدوئها شجعة على الإقتراب من سريرها وقال.
= الممرضة هتفضل معاكى لحد ما تخرجى بالسلامة من هنا، أى طلب متتكسفيش هى هنا علشان تنفذة.
هبة شعرت بقوة والسعال سبب لها ألم فظيع مكان الجرح فأمسكت بطنها وتأوهت بألم.
أدهم فزع لألمها وإقترب منها ومد يدة وكأنة سيلمسها ثم تردد وسحب يدة فورا وأعادها إلى مكانها.
يدة غيرت أتجاها وبدلا من أن تساعدها ضربت الجرس فوق سريرها فدخلت الممرضة إلى الغرفة فورا.
= نعم يا فندم؟؟
أمرها أدهم/ أستدعى الدكتور فورا.
الممرضة نفذت بدون جدال وخرجت وتركتهم فسألها أدهم بقلق.
= فية ألم؟؟
أجابتة هبة/ بس مع الحركة أو الكحة.
الدكتور دخل إلى الغرفة فورا وقال بأهتمام ملحوظ.
= تحت أمرك يا أدهم بية.
أدهم أمرة بترفع/ ريحها فورا.
الطبيب قام بفحصها وأمر لها بإبرة من عقار مسكن.
أدهم أنتظر حتى إنتهى الطبيب من فحصة لها وبعد ذلك ثبت نظراتة على وجهها لدقائق ثم غادر الغرفة من حيث أتى.

سجن العصفورةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن