هبة دخلت إلى الحمام الملحق بمكتب عزت وهناك أفرغت معدتها.
شعرت ببعض الإرتياح وغسلت وجهها بالماء البارد وخرجت لإكمال حفل تقرير المصير.
لدهشتها عندما خرجت من الحمام وجدت مكتب عزت فارغ تماما.
رأسها إستدارت بخوف وهى تبحث عنة ولكنها لم تجد لة أى أثر.
أرجلها المسكينة عجزت عن المقاومة فإنهارت جالسة رغما عنها.
تجمدت لدقائق مثل تمثال خشبى.
بعد فترة قليلة عزت دخل إلى المكتب وعلى وجهة علامات الضيق.
= أدهم بية مشى لأنة مرتبط بمواعيد.
هبة تنفست بأرتياح فالحمد لله محنتها إنتهت مؤقتا.
عزت شعر بإرتياحها الواضح لمغادرة أدهم فقال فى إشفاق.
= هونى على نفسك الأمور يابنتى، أنا عارف إنك أتفاجئتى بس لازم تشوفى الأمور بنظرة إيجابية، أنتى عارفة كام بنت فى مصر مستعدة ترتكب جريمة وتكون مكانك؟؟
هبة ردت بمرارة.
= مبروك على أى واحدة تاخد مكانى.
عزت نصحها.
= البكاء على اللبن المسكوب مش هيفيد زى ما المثل بيقول، دلوقتى عندنا وضع ولازم نتعامل معاة، حياتك فى فوضى ولازم تترتب.
هبة هزت رأسها بالموافقة فأكمل عزت.
= أنا هوصفلك الوضع الحالى وأنتى كملى لية لو نسيت حاجة.
من غير أدهم بية أنتى عندك إية؟؟ الشقة والمليون جنية مرتبطين فى العقد بالجواز الشرعى وإن كان أدهم بية إتنازل عن شرط أساسى من شروط الجواز الشرعى أنتى أكيد عرفاة كويس.
سمح ليكم بالسكن فى الشقة والتصرف فى الفلوس طول السنتين بدون مقابل منك فدة مش معناة إنة هيصبر للأبد.
هى طبعا تدرك تلك الحقيقة فلسنتين وهى زوجة لأدهم على ورق.
تمتعت بشقة فخمة ومدرسة راقية وحياة مرفهة ولكن ما المقابل الذى توقعة أدهم منها؟؟
بالتأكيد لابد وأن يكون هناك هدف ما من وراء تلك الصفقة المستحيلة.
وإن كام أدهم أنتظر لعامان فهو الأن لن ينتظر للأبد فلقد كان وقت وقت تسديد الدين.
ولتاكيد كلامة عزت أكمل.
= سألتى نفسك لو طلبتى فسخ العقد هتروحى فين؟؟
طبعا الأجابة معروفة "الشارع".
طالما عاشت هبة محمية من قبل والدها.
أى خبرة لديها فى الحياة تمكنها من الأعتماد على نفسها والصمود بمفردها فى العالم؟؟
سلطان لم يسمح لها بالخروج بمفردها يوما حتى أنها لا تعرف أسماء الشوارع أو الأتجاهات.
كل ما لديها هو القليل من التعليم والكثير من البرائة وقلة الخبرة.
طوال حياتها وسلطان يغدق عليها بالحماية والحنان يحبسها ويحتفظ بالمفتاح فى قلبة.
= أدهم بية طلب منى أوضح ليكى الصورة كاملة علشان تبقى فاهمة بس إشربى العصير شكلك دايخة.
هبة نفذت كلامة فورا يااااه لأول مرة تشعر بنعمة وجود كرسي تجلس علية فأرجلها المسكينة رخوة لدرجة أنها ستنهار فى أى لحظة والعصير أيضا يرتعش.
عزت أكمل حديثة.
= طبعا أنتى متعرفيش أى حاجة عن عيلة البسطاويسى فإسمحيلى أحكيلك من البداية.
سليم البسطاويسى والد أدهم كبير عيلة البسطاويسى الصعايدة راجل قوى وكلمتة مسموعة على الكل.
بس أدهم طلع قوى زية وبقوا الند بالند، ظاهريا سليم بيحاول يكسر قوة أدهم ويفرض رأية وقوتة.
لكن فى الحقيقة من جواة هو فخور بإبنة الوحيد إللى جابة بعد طول إنتظار... بس حقيقة أن أدهم الولد الوحيد حملتة مسئولية كبيرة.
الحمل دة كان وصل حد أدهم مقدرش يتحملة وعلشان أكون واضح أكتر من سنتين والدة بيضغط علية يتجوز واحدة من عيلة فى بينهم مصالح وكان والد العروسة بيلمح.
سليم بدأ يلوى دراع أدهم علشان يخلية يمشى فى الجوازة وضيق علية كل الطرق مع إنة عارف كويس إن أدهم مبيجيش بالعند.
أدهم من عمر 24 سنة وهو قايم بكل الشغل وحول المال إللى كان عندهم لإمبراطورية تهز الدولة لو إختلت.
كانت أخر مواجهة بينهم مرعبة يومها سليم هددة أنة لو مسمعش كلامة وأتجوز بنت الكفراوى هيمنعة من دخول بيت العيلة فى الصعيد للأبد.
فكان رد أدهم علية أنة بعتلة قسيمة جوازكم.
هسيب لمخيلتك رسم صورة للى حصل، الحرب قامت بين سليم وأدهم وطبعا لما سليم فشل أنة يرجع أدهم عن قرارة إستسلم وأعلن جوازكم.
ساعتها الكفراوى بطل يلمح بس شايلها البسطاويسى وناوى يرد لية القلم قلمين وخصوصا إنة فتح الجروح القديمة.
وعلشان متشغليش بالك بحاجات متهمكيش، الصفقة المعروضة عليكى دلوقتى من أدهم بية يبقى الوضع على ماهو علية أنتى هتستفادى وهو هيستفاد.
أدهم بية وعد سلطان والدك إنة هياخد بالة منك أنتى فعليا مسئولة منة.
هو بيطلب منك تكملى دراستك وتسيبى القلق لوقتة.
ياااه معقول الكابوس انكشف، هتفضل فى الشقة ومصاريف كليتها مدفوعة دة حلم تانى بيتحقق.
عزت أكمل بوضوح.
= الشرط إللى البية بيطلبة وبيرجوكى متعتبريهوش شرط إن الوضع يبقى على ماهو علية.
يعنى السواق هيوصلك ويرجعك والخدامة هتفضل معاكى فى البيت ولو حبيتى تخرجى أى مكان يبقى بعلمة لأنك فى الأول وفى الأخر مراتة رسمى وشايلة إسمة.
شرطة الوحيد أن تظل فى السجن، فى الماضى تقبلت السجن بنفس الشروط ولكن وقتها لم تكن تعلم أنة سجن.
ولكن حينما علمت الحقيقة المخفية عنها لسنوات توضحت أمامها القضبان الخفية ورسمت حدود السجن الرهيب.
هبة ردت بخفزت/ موافقة.
عزت/ موافقة؟!
= أيوة.
= عندك أى شروط؟؟
= لا.
= خلاص إتفقنا، هبلغ أدهم بية أن الأتفاق سارى وإن مفيش أى وضع هيتغير.
هبة هزت رأسها بالموافقة فهل يوجد لديها إختيار أخر؟؟ أدهم أنتصر ومازال يحبسها فى دنيتة والخلاص من سجنة ليس إختيارى.
:::::::::::::::::::::::::
سنتيان أخرتان مرتا من عمرها.
نفس الروتين الذى تعودت علية فى وجود سلطان كررتة فى غيابة، فقط المدرسة تبدلت بالكلية.
أصبحت من الكلية للبيت ومن البيت للكلية، الفارق الوحيد أن خزانتها ملئت بأحدث الموديلات بدلا من الزى المدرسى الموحد.
كالعادة تجنبت تكوين صداقات حتى لا تكون مضطرة للتبريرات وكعادتها كانت من الأوائل على دفعتها تعودت على الوحدة والحزن.
وضعها الغير عادى حرمها من العيشة بصورة طبيعية مثل البنات فى مثل عمرها الصغير.
حرمت على نفسها التعامل مع الرجال فرجل واحد أمتلكها على الرغم منها يكفيها.
فى النهاية هى زوجتة شأت أم أبت ولابد أن تخلص لة بالكامل حتى فكريا.
فعلى الرغم من أى مرارة تشعر بها لكن وضعها بدونة لم يكن ليقارن أبدا بوضعها الحالى.
دائما كانت تذكرها نفسها بصيرها لو ظلوا فى الحارة تحت رحمة عبدو وتهديدة وكلمتة "مسيرك ليا ياجميل" ورائحة أنفاسة المقززة تجعلها تشكر أدهم على وضعها مهما بلغت غرابتة.
إحساسها بالكراهية نحوة قل كثيرا لكن كان لابد وأن يتحمل أحدهم اللوم سلطان الأن ميت ولا يوجد غير أدهم يتحمل كل اللوم، كل ألمها وحرمانها.
سلطان إستغل سلطتة كأب وقرر بالنيابة عنها ونفذ.
صدمتها عندما أكتشفت أن أدهم أكبر منها بخمسة عشر سنة فقط وليس بثلاثين أو أكتر كما كانت تعتقد سببت لها الحيرة.
عزت قال لها أن نصف بنات مصر يتمنوا أن يكونوا مكانها بالبع فشاب بمثل وسامتة وأموالة يستطيع إختيار أى فتاة تريد وستذهب إلية راكعة.
لكنة أختارها هى، إذا فما سبب إحساسها بالمرارة والذى لا تستطيع التخلص منة؟؟
منذ يوم مواجهتهم المقيتة فى مكتب عزت وأدهم لم يحاول أبدا الأتصال بها.
مصروف شهرى ضخم كانت تستلمة بأنتظام، كل فترة خزانتها تتجدد بالكامل بأحدث الأزياء وأفخرها.
جميع ثيابها صممت خصيصا لها وبيد أشهر المصممين العالميين.
كانت ترى نظرات الحسد فى عيون زميلاتها فى الجامعة بسبب أناقتها والسيارة الفخمة التى تقلها أرادت أن تخبرهم عن الثمن الذى دفعتة ولكنها فضلت الصمت.
أدهم لم يكن موجود كشخص فى حياتها لكنة كان يسيطر عليها كعروسة الماريونت يحركها بخيوطة.
ألماس جاسوس أدهم المخلص التى كانت تلازمها مثل ظلها.
كانت حلقة الوصل بينها وبينة والمدهش أنها لم تسمعها يوما وهى تحادثة أو تنقل أخبارها إلية.
ألماس لم تفارقها أبدا حتى أجازتها الأسبوعية كانت أيضا تقضيها معها لأنها حسب كلامها ليس لديها مكان أخر تذهب إلية فهى فى الخامسة والأربعين من عمرها ولم تتزوج أبدا ولا ترغب فى الزواج.
على الرغم من حالتها النفسية المضطربة إلا أن جمالها كان يزداد كل يوم بشكل ملحوظ.
حاول الكثيرون معها لإستمالتها ولكنها لم تتأثر مطلقا بسبب رفضها الغير مبرر من وجهة نظرهم سموها غريبة الأطوار وتحملت فهى أعتادت دائما إطلاق الألقاب عليها.
وهى فعلا غريبة الأطوار فمن يتحمل العيش لسنوات وهو مسجون بإرادتة بين أربع جدران حتى لو كانت الجدران مصنوعة من ذهب.
أربعة سنوات مرت وهى مسجونة، عشرون سنة مرت وهى مسيرة.
فى البداية من سلطان والأن من أدهم.
عصفورة تعودت على السجن فحتى لو فتح لها القفص فلن تستطيع الطيران.
أنت تقرأ
سجن العصفورة
Romanceلقد سجنتك فى دنياى فأصبحت أنا سجينك. وعدت كالرضيع أتمنى حنانك. لسنوات أنتظرت رضائك فكنت كالغريق أتعلق بثيابك كالطفل التائة فى رحابك. لكننى كنت سجانك... فظلمت نفسى وظلمتك. فهل ستحبين يوما سجانك؟؟ فأصفحى عنى وأستردى الأن حياتك سأتحمل اللوم راضيا عن إح...