هبة لم تفهم تصرف والدها الغريب فنفذت تعليماتة حرفيا وجمعت أقل القليل ونزلت معة من المنزل بدون أى كلام أو سؤال فكيف تستطيع سؤالة وهو متوتر وخائف بهذا الشكل؟؟ فأجلت فضولها وسؤالها لوقت لاحق يكون والدها فية أقل توترا.
أوقف سلطان دراجتة النارية أمام بناية فخمة في حى أفخم وأخذها من يدها وصعدوا فى المصعد للدور الرابع، إتجة إلى أحدى الشقق السكنية التى لها باب خشبى ضخم وأخرج مفتاحها من جيبة وأدخلها برفق.
دهشة هبة وعدم فهمها لتصرفات والدها كانت قد بلغت عنان السماء لكن عندما فتح الباب ودخلت إلى الشقة الفخامة والترف الواضحين أوقفوا عقلها تماما عن العمل، لم تكن تتخيل وجود مكان بهذا الجمال فى حياتها أذا لم تكن هذه الجنة فكيف تكون الجنة إذا؟؟ صدمتها ودهشتها من فخامة الشقة أثاروا أنتباة سلطان... بحكم عملة عند أدهم البسطاويسى هو إعتاد رؤية أماكن بمثل هذه الفخامة بل وأفخم كثيرا اما هبة المسكينة فلم تغادر الحارة مطلقا سوى إلى المدرسة.
أدهم البسطاويسى أحد أغنى أغنياء مصر أن لم يكن الأغنى بلا منازع، عائلتة كبيرة ومشهورة فى الصعيد من هؤلاء أصحاب المقامات والنفوذ، يقال أن جدة فى الماضى عثر على كنز من الأثار وقام ببيعة ومن يومها وأموالهم تعبأ فى شكاير كما يقولون... أدهم الذى تعلم فى أحسن الجامعات إستطاع أن يسيطر على أموال العائلة وتحويلها لمليارات رأس مالهم أكثر من رأس مال دول صغيرة، قوة عائلتة مع ذكاء أدهم وقوتة حولوا الأموال الطائلة والسلطة التى كانت لديهم لإمبراطورية قوية ولها إسمها.
هذه الشقة التى فتحت هبة فمها ببلاهة عندما رأتها كانت شيى عادى وبسيط بجانب ما كان يراة فى قصر البسطاويسى عندما يذهب إلى هناك، كان دائما يستمع إلى حكايات الموظفين فى الشركة عن فخامة قصر أدهم، الحكايات المبالغ فيها التى كان يستمع إليها كانت تقول أن صنابير المياة في قصر البسطاويسى صنعت من الذهب وأن مقابض الأبواب زينت بأحجار كريمة... هو كام يذهب إلى القصر بصفة دائمة لكنة لم يدخل إلى الحمامات يوما ليتأكد من كلام الموظفين لكنة كان يعلم أن الحكايات فيها الكثير من المبالغة، هذا طبع بعض الناس يبالغون في الوصف حتى يختلط الواقع بالخيال.
سلطان دخل وأغلق الباب بالمفتاح وبكل الترابيس الموجودة فى خلف الباب وتنفس بإرتياح/ الحمد لله الحمد لله.
عاد الوعى لهبة عندما رأتة يغلق الباب فسألتة بعدم فهم/ بابا إحنا بنعمل إية هنا؟؟
تجنب سلطان النظر فى عينيها وقال/ إحنا هتعيش هنا.
الصدمة التى تلقتها هبة كانت عنيفة لدرجة أنها تخشبت لدقائق وفقدت القدرة على الكلام وعندما أخيرا إستطاعت الكلام كان صوتها منخفض ومبحوح.
=بابا أنت أكيد بتهزر صح؟؟
أقترب سلطان منها وأمسك كتفها بحنان.
= هبة أنا بتكلم بجد من هنا ورايح أنسى أى حاجة عن حياتك القديمة، أنسى أى حاجة غير إسمك هبة سلطان إبراهيم، حتى مدرستك أنا نقلتك منها لمدرسة تانية خلاص ياهبة عيشتنا هتبقى هنا.
من الطبيعى أن أى فتاة أخرى كانت ستشعر بالفرحة وتنبهر بالمكان ولا تهتم بكيفية حدوث تلك المعجزة لكن عقل هبة أبى أن يرحمها، عقلها العنيد ملئ بمليون سؤال وسؤال.
=بابا فهمنى بس إزا..
قاطعها سلطان فهى لا ينبغى عليها أن تفكر أو تقلق بعد اليوم فوضعها الجديد حماية لها من كل خوف ولتدع الخوف لة هو وحدة ليعانى منة لباقى عمرة لكن الثمن كان يستحق المغامرة.
= آخر مرة يا هبة هنتكلم في الموضوع دة أنا هقولك إللى لازم تعرفية وبس، أنا عملت خدمة لأدهم بية فكان قصادها إنة كافئنى وسمحلنا نعيش هنا فى الشقة دى وناخد بالنا منها لحد ما أمورنا تتحسن.
هبة قد إقتنعت أو قد تكون إستسلمت بأنها لن تأخذ منة أى معلومة إضافية ولكن فى النهاية حملت حقيبتها وبدأت فى البحث عن غرفة لها.
بدأت تتعود على فخامة الشقة تدريجيا بعد زوال الصدمة وأنزاح الضباب عن عقلها وبدأت بالتركيز 《الشقة الضخمة تحتل طابقين كاملين من المبنى يربط بينهما سلم داخلى، الطابق العلوى يحتوى على ثلاث غرف نوم أشبة بالأجنحة لكل غرفة حمام خاص بها وصالون ملحق بكل غرفة وغرفة أخرى صغيرة تحتوى علي أرفف عرفت فيما بعد أنها تسمى غرفت ملابس، وفى الطابق السفلى يوجد ثلاث غرف أخرى أصغر من أولئك اللاتى تحتل الطابق العلوى منهم أثنتين بحمام خاص وأخرى بدون ويحتل معظم مساحة الطابق السفلى صالون مهيب قد تكون مساحتة أكبر من مساحة شقتهم القديمة بأكملها، المطبخ فى حد ذاتة حكاية وملحق بة غرفة خادمة بحمامها الخاص》بدون تفكير إختارت لنفسها إحدى الغرف الصغيرة التى لها حمام خاص بها وسلطان أخذ الغرفة الصغيرة القريبة منها والتى كانت بدون حمام.
سلطان أخبرها بتردد.
= ماتجربى تاخدى من الغرف الكبيرة إللى فى الدور التانى.
نظرت إلية هبة برعب.
= لا يابابا إزاى وإفرض صاحب الشقة رجع لأى سبب، خلى الدور إللى فوق جاهز ومتوضب لصاحبة وأحنا خلينا تحت دة حتى غرفتى من فخامتها وجمالها مش قادرة أصدق إنى هستعملها، تفتكر يابابا مش المفروض نستعمل غرفة المطبخ؟؟
سلطان هز رأسة بشدة.
= إية يابنتى إللى بتقولية دة؟؟ بكرة هتفهمى كل حاجة وغرفة المطبخ من بكرة فى خدامة هتيجى تقعد فيها تنضف وتطبخ.
هبة أتسعت عينيها، صدمة أخرى أضيفت إلى سلسلة الصدمات السابقة.
= خدامة!! أومال إحنا شغلتنا إية هنا؟؟ ضيوف!!.
سلطان ظهرت الحيرة على ملامحة لبعض الوقت ثم أجابها.
= شغلتى أخد بالى من البيت واللى فية فى غياب صاحبة، وأنتى شغلتك تذاكرى وتنجحى، كمان نسيت أقولك أنا النهاردة أترقيت فى شغلى البية الله يكرمة خلانى أمين مخزن من مخازنة، المخزن قريب من هنا... يعنى فى مدرستك الجديدة لما أصحابك يسألوكى باباكى بيشتغل إية تقدرى تقولى مدير مخزن.
الدموع ملئت عينيها فهو يعتقد أنها تخجل منة.
= أنت طول عمرك أحسن أب وأنا عمرى ما خبيت ولا إنكسفت من شغلك، أنت فى نظرى أحسن أب فى الدنيا.
السعادة غمرت سلطان.
= الحمد لله الحمد لله اللهم دمها نعمة علينا يارب.
المعجزة التى حولت حياتها لم تنتهى بعد على الرغم من أنها لم تحرج يوما من الركوب خلف والدها على الدراجة النارية إلا أنها أحست بالراحة عندما علمت أن وسيلتها الجديدة للذهاب إلى مدرستها هى الباص الخاص بالمدرسة والذى سيوصلها يوميا ذهابا وأيابا وسيلة أمنة، فخمة ومريحة، والأهم كان زى المدرسة الموحد الذى وصل فى اليوم التالى لإقامتها فى الشقة مع ملابس داخلية وملابس نوم فتسائلت فى دهشة.
= أمتى بابا جهز دة كلة؟؟ وجدت ثلاثة أطقم من الزى المدرسى ولدهشتها كانوا مناسبين لها تماما وكأنهم صمموا خصيصا لها بألوان جميلة من درجات النبيتى وجاكت أسود أظهر شعرها الأشقر كأنة شلال ذهب على أكتافها النحيلة... حذائها القديم تبدل بدستة من الأحذية الجديدة، كل حياتها تختلف وكأنها تعيش فى حلم.
هبة مختلفة، هبة جديدة.
دخلت مدرستها الجديدة بثقة أخيرا كل البنات تساوا نفس الزى نفس وسيلة المواصلات لكن هبة مازالت متميزة عنهم بمستواها العلمى المميز وجمالها الملفت والأهم أخلاقها العالية.
ولكن يبقى السؤال المؤرق الذى عجزت عن إجابتة.《ما المقابل ياترى؟؟》
أنت تقرأ
سجن العصفورة
Romanceلقد سجنتك فى دنياى فأصبحت أنا سجينك. وعدت كالرضيع أتمنى حنانك. لسنوات أنتظرت رضائك فكنت كالغريق أتعلق بثيابك كالطفل التائة فى رحابك. لكننى كنت سجانك... فظلمت نفسى وظلمتك. فهل ستحبين يوما سجانك؟؟ فأصفحى عنى وأستردى الأن حياتك سأتحمل اللوم راضيا عن إح...