التاسع

2.9K 111 3
                                    

هبة إستقبلت كل لحظة من لحظات نزهتها في الحدائق الواسعة الملحقة بالقصر بلهفة شديدة.
حاولت أن تخزن في ذاكرتها أكبر قدر من الصور تسترجعهم فيما بعد عندما تعود لسجنها.
فرصة نادرة لن تعوض ويجب إستغلالها جيدا.
مجددا أدهم يظهر حسن تقديرة للأمور فدعوتة لها للإقامة في قصرة أنقذتها.
لربما الأن كانت إستسلمت لإكئابها لو كانت خرجت من المستشفي علي شقتها.
تجربة إقامتها في القصر تجربة فريدة لن تنساها مطلقا ليتها تراة لتشكرة علي دعوتة.
عبير إنتزعتها من أفكارها ونبهتها بلطف.
= أنا آسفة مش قصدى أضايقك، بس مش كفاية كدة أنتى لسة ضعيفة بعد العملية.
هبة إنتبهت إلي أنها بدأت تشعر بألم بسيط.
= أنا فعلا تعبت بس كنت زهقانة ومحستش بالتعب إلا لما أنتى نبهتينى.
= أنتى لسة مشفتيش الجزء الخلفي من القصر هناك حمام السباحة والجنينة الخصوصية بأدهم بية، الجنينة والحمام مكان مغلق ما فيش حد يقدر يدخل هناك إلا بإذنة لو تحبي تعالي ريحى هناك شوية
عبير سندتها برقة ومشوا خطوة بخطوة ودخلوا إلي القصر مرة أخري.
الريسبشن الضخم يضم أكثر من أربعة صالونات من أفخم الأنواع، طاولة الطعام الكبيرة كان لها أثنى عشر كرسيا.
عبير أشارت إلي باب مغلق وقالت.
= دة مكتب أدهم بية، فية صالون وحمام ودخولة ببطاقات إليكترونية خاصة مافيش غير أتنين مسموح ليهم بدخولة، أدهم بية و مصطفي المساعد الشخصي وأهم راجل بعد أدهم بية، بيباشر الشغل لما أدهم بية يسافر.
سميرة رئيسة الخدم هى إللي بلغتنى بالمعلومات دى وقالتلي إنها بتدخل تنضف المكتب كل يوم بس لازم يكون مصطفي موجود وهى بتنضف.
دنيا جديدة غريبة عليها فمنذ اليوم الذى قرر أدهم عمل الصفقة فية مع سلطان وحياتها تتحول، صفقة من المفترض في خلاصتها أن يستفيد الطرفين أدهم تخلص من زواج لا يرغب فية وهى تخلصت من الفقر والتهديد.
سؤال ينهش عقلها بقوة لماذا إختارها هى؟؟
إسم فريدة أقتحم أفكارها فلربما أدهم تزوجها كى يتمكن من الحياة بحرية وإنفلات.
تخلص من مشكلة زواجة الغير مرغوب فية وإحتفظ بعلاقاتة الأنثوية الغير شرعية فظاهريا لة زوجة لكن هى في الحقيقة مجرد غطاء.
تخلصت من أفكارها بصعوبة فعلي أي حال ما شأنها هى بأدهم وخططة طالما هى أيضا تستفيد.
الصالون ينتهى بأبواب زجاجية تطل علي حوض السباحة المميز في تصميمة والحديقة الصغيرة. الأبواب لها ستائر تحمل لون مارون غامق طياتها القصيرة تغطى فقط نصف الأبواب العلوى.
عبير أقتربت من الأبواب وأدخلت بعض الأرقام علي جهاز شبية بالألة الحاسبة مخفي جيدا تحت الستارة السميكة وقالت.
= أنا معايا إذن من البية بدخول المنطقة دى عشان أوصلك لما تحبي تتمشي فيها.
بمجرد إنتهاءها من كتابة الأرقام علي الجهاز الأبواب فتحت فورا.
عبير ساعدت هبة علي الدخول إلي منطقة المسبح وأجلستها علي طاولة لها مظلة بلون أبيض.
أراحتها علي مقعد من مقاعد حوض الإستحمام المريحة المصنوعة من قماش سميك وقالت.
= أنا هروح أطلب لحضرتك مرطبات أكيد أنتى عطشانة.
عبير تأكدت من جلوس هبة براحة علي المقعد المخطط بالاصفر وذهبت لطلب المرطبات لها.
أيضا من مميزات إقامتها في القصر معرفتها بعبير فهى علي الأقل تحمل المشاعر وليست أله مثل ألماس.
أيقنت أنها بسهولة قد تصبح صديقة لها إذا ما توفرت لهم المدة اللازمة لتأصيل تلك الصداقة.
هبة إستغلت الفرصة وتأملت المكان من حولها، أدهم لة ذوق رفيع في كل ما يختار.
أثناء تجول عيونها في المكان لمحت أدهم يخرج من غرفة الغيار الموجودة بجوار المسبح وكان يرتدى شورت سباحة قصير جدا ويحمل منشفة كبيرة في يدة مخططة أيضا بالأصفر مثل المقاعد.
أدهم كان يتجة إلي الحوض ولم يلحظ وجودها حتى الآن.
لأول مرة في حياتها عيونها تري رجل يرتدى مثل هذا القدر الضئيل من الملابس.
وجهها تلون بكل الألوان المعروفة والخجل خشبها في مقعدها.
أدهم لمحها وهو في طريقة إلي الحوض، صدمة رؤيتها مسترخية على المقعد بجوار المسبح أوقفتة في مكانة.
بدى علية التردد للحظات وكأنة يفكر في العودة من حيث أتى ولكنة عندما لم يلحظ أي رد فعل عنيف من ناحيتها علي وجودة أكمل طريقة للحوض.
أختار أقرب مقعد بجوارها وقام بفرش منشفتة علية ببطء شديد.
أدهم سألها بتردد/ عاملة إية دلوقتى؟؟
هبة تجنبت رفع عينيها إلية كعادتها وقالت
= الحمد لله
أدهم سألها بإهتمام حقيقى.
= مرتاحة هنا؟؟ في أي حاجة ناقصاكى؟؟
هبة أجابتة بإتنان ظهر جليا علي وجهها الجميل
= لا الحمد لله.
أرادت شكرة علي إستضافتها في أثناء أصعب فترة في حياتها هو لا يدري كم تأثرت بإهتمامة وفي تفكيرة بالتفاصيل.
لكن الكلام إنتهى فيما بينهم فهما غريبان في الحقيقة.
ورقة زواج هى كل الرابط الوهمى بينهم فكيف ستبدأ معه حوار وتعبرلة عن إمتنانها وهى لم تتحدث في حياتها إلي أي رجل بإستثناء عزت المحامى وسائقها الخاص.
وهم أعتبروها مثل إبنتهم وعاملوها كما كان يعاملها سلطان رحمة الله.
هبة حاولت النهوض فلقد قررت ترك المسبح له فهى لن تتطفل علي خصوصيتة فهو لم يدعوها بل لم يكن يعلم بوجودها عندما أختار السباحة في ذلك الوقت.
هو تجنب رؤيتها منذ مجيئها إذن لن تضايقة بوجودها الألم البسيط في بطنها عند محاولتها النهوض ظهر علي وجهها فورا.
أدهم رفع عينية وركز نظراتة علي وجهها المتألم وقال بصوت متقطع.
= هبة أنتى تعبانة؟؟ في أي ألم؟؟
هبة ردت بهمس/ ألم بسيط مع الحركة.
أدهم ظهر علية الأهتمام الشديد وأقترب منها لدرجة أنها أحست بأنفاسة علي وجهها وقال.
= تحبي أطلب الدكتور؟؟
هبة هزت رأسها.
= لا دة عادى مع الحركة الألم بيقل كتير الحمد لله.
أدهم نهض فجائة وقفز إلي حوض السباحة وقطع الحوض مرات ومرات تحت نظرات هبة الفضولية. إهتمامة بألمها أثار مشاعرها لسبب ما لم تستطع المغادرة كما قررت وجلست تراقبة.
أطول منها بكثير مع أنها دائما كانت تصنف أنها من الفتيات ذوات القامة الطويلة. قد يكون أطول منها بحوالي عشرين سنتيمتر علي الأقل ضخم جدا، عضلاتة متناسقة ومشدودة، شعرة أسود طويل وناعم ملامحة خشنة لكن علي الرغم من ذلك كان لدية جاذبية وغموض، لون بشرتة أغمق من بشرتها البيضاء الصافية بدرجات.
تزكرت كلام عزت المحامى ..."أدهم البسطاويسي من عيلة كبيرة في الصعيد"
أدهم قطع الحوض عدة مرات برشاقة وفي النهاية قرر الإكتفاء وغادر الحوض بقفزة واحدة وتناول منشفتة وبدأ في تجفيف نفسة.
سؤالة فاجئها/ بتعرفي تسبحى؟؟
هبة هزت راسها وقالت.
= أيوة إتعلمت في المدرسة.
= الحمام هنا فية خصوصية تامة لو حبيتى تسبحى في أي وقت أطلبي من عبير تجهزلك إحتياجاتك.
هبة هزت راسها مجددا إنها لا تدرك ماهو سبب ألم معدتها الدائم عندما تراة لكنها أصبحت متأكدة الأن أنها لا تكرهةأبدا.
رائحة عطرة خفيفة جدا بعد السباحة لكنها مازالت تؤثر فيها، قوة شخصيتة المسيطرة المتكبرة تجعلها مهزوزة أمامة.
أدهم معتاد علي إلقاء الأوامر ومعتاد أيضا علي تنفيذ أوامرة بدون نقاش.
بكلمة منة كل حياتها تدار وترتب وبكلمة أيضا منة يستطيع إيقاف حياتها وتدميرها إذا هو أراد ذلك، هى تدور في فلكة.
أدهم رفع يدة وأبعد خصلة متمردة قررت الهبوط علي وجهها، لمستة أرسلت قشعريرة في جسدها كلة.
غمضت عيناها في ترقب وأدهم أقترب منها أكثر وهى مازالت مغمضة العينين. كانت تشعر بالخدر يسري في كل جسدها ولم تستطع الحركة بعيدا عنة.
خصوصيتهم قطعت عندما إختارت عبير العودة في تلك اللحظة، عبير عادت بصينية فضيه فخمة عليها مرطبات ومآكولات خفيفة.
مفاجائة وجود أدهم وقربة الشديد من هبة ألجمت عبير لكنها تمكنت من هز رأسها بأحترام لأدهم الذى أشار إليها بتقديم المرطبات.
هبة أخدت العصير وبدأت تشرب ببطء وفجاءة أدهم نهض بقوة وقرر مغادرة المكان بدون أي كلمة أخري.
::::::::::::::::::::::::
بعد مرور أسبوع أخر.
هبة تحسنت تماما وإستعادت صحتها بالكامل وألم بطنها إختفي تماما ومجهودها عاد لطبيعتة.
محنة العملية إنتهت أخيرا لم تترك لديها سوى ندبة صغيره طولها ثلاث سنتيمترات في بطنها وذكريات إقامتها الممتعة في القصر.
إكتشفت غرفة الرياضة بجوار المسبح عبارة عن غرفة مجهزة بأجهزة تماثل أجهزة أفضل النوادى الرياضية لكن جرحها مازال حديثا والطبيب حذرها من المجهود قبل شهورحتى السباحة أجلها حتى يتعافي جرحها تماما.
علمت أن أدهم سافر إلي الصعيد في سفرة مفاجئة طوال الأسبوع الماضى منذ يوم مقابلتهم عند المسبح بالتحديد.
سألت ألماس عن ميعاد رجعوهم للشقة لكن ألماس للأسف لم يكن لديها أي أوامر جديدة فيما يتعلق بإنتقالهم من القصرفإكتفت بقول"لما أدهم بية يأمر"
مر أسبوع أخر وهبة تنتظر أوامر أدهم الجديدة. عندما يئست من الأنتظار طلبت من عبير إبلاغ أدهم برغبتها في مقابلتة.
عبير أبلغتها أنة سافر من الصعيد إلي دولة أوروبية وسيغيب لمدة أسبوع أخر.
إنتظرت مرور الأسبوع بصبر، إن كان من المفروض عليها أن تعيش في السجن طوال عمرها فعلي الأقل أبسط حقوقها أن تختار زنزانتها بنفسها.
صحيح القصر أفضل بكثير من شقتها لأسباب لا تحصى ولا تعد لكن وجودها بقربة يجعلها تشعر بالتهديد.
يجعلها تشعر بالتمرد، خافت من أن تتمرد علي حياتها القديمة فكل يوم تقضية هنا يترك أثارة في روحها الخائنة.
كلما عادت أسرع كلما إستاطعت تقبل وضعها، تقبلها السابق لحياتها كان كلمة السر التى جعلتها تبتلع مرارة وضعها.
التهديد بإحتمالية رؤية أدهم يسبب لها ألم غامض في معدتها تعجز عن فهمة
هى الأن لا تشعر نحوة بالكراهية إذن فما هو ذلك الاحساس في معدتها كلما رأتة أو تذكرتة؟؟
في الحقيقة هى لم تكن تتعجل أبدا عودتها لشقتها لكنها أرادت أن تعلم متى ستغادر تلك الجنة التى أدخلها أدهم إياها.
إعتادت الجلوس في الحديقة بعد العصر لشرب الشاي وتناول الحلويات الفاخرة التى تفننت فرحة الطباخة في تحضيرها.
كانت تنتظر الغروب يوميا وهى جالسة بالقرب من النافورة.
هنا علي الاقل عادت لرؤية العصافير وسماعها فمنذ يوم إنتقالهم إلي الشقة وهى مفتقدة أصوات العصافير عند نافذة غرفتها.
كانت تحمل معها بعض الحبوب وتضعها لهم علي حافة النافورة الكبيرة التى تتوسط الحديقة وتجلس تراقبهم بالساعات وهم يأكلون بشهية.
أصدقاؤها العصافير سوف يفتقدونها عند رحيلها.
= إتفضلي يا أنسة هبة.
هبة رفعت عينيها فشاهدت عبير تحمل قفص ذهبي بداخلة عصفورة جميلة ريشها بلون أصغر فاقع جدا مطعم بريش صغير يحمل ألوان مختلفة عند الذيل أجمل عصفورة شاهدتها في حياتها.
عصفورة جميلة ضعيفة محبوسة في قفص ذهبي تذكرت نفسها فورا عندما رأتها.
عبير أكملت.
= الهدية دى وصلت ليكى من شوية مع وليد حارس أدهم بية الخصوصي.
أدهم أرسل لها هدية، عصفورة ضعيفة تشبهها بدرجة كبيرة محبوسة في قفص ذهبي مثلها ياتري أى رسالة يريد أدهم إيصالها بهديتة؟؟
عبير وضعت القفص علي طاولة جانبية في التراس المفتوح علي الحديقة الرئيسية لدقائق ظلت هبة تراقب العصفورة.
الحبوب كانت أمامها بوفرة لكنها لم تأكل هبة شعرت أنها حزينة ووحيدة.
الذهب يحيط بها من كل جانب لكنة يظل سجن يمنعها عن حريتها.
العصفورة كأنها كانت تبكى سمعت صوت نحيبها الهامس.
حاولت لمس ريشها كى تواسيها ففزعت العصفورة منها وقفزت بعيدا عن لمستها.
هبة تملكتها رغبة شديدة بفتح القفص للعصفورة للحرية التي تعانى هى من الحرمان منها.
ربما العصفورة سوف تسعد بحريتها وتستعيد غنائها بدلا من بكائها.
بدون تفكير يدها التى حاولت لمس العصفورة إتجهت لباب القفص وفتحتة علي مصرعية.
فتحت الباب أمام العصفورة للرحيل، العصفورة ترددت لبعض الوقت ثم قررت أن تاخذ المخاطرة وتغادر للحرية وطارت بإندفاع.
فى نفس اللحظة هبة إستدارت للعودة لداخل القصر فشاهدت أدهم يقف عند مدخل التراس وهو يراقبها بإهتمام شديد.

سجن العصفورةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن