البارت الثاني

2.6K 63 4
                                    

#
الفصل الثاني

……………

حياتنا بحور أمواجها صدمات متتالية لكننا نصمد وندعي القوة إلى أن ينكسر مجدافنا فنعجز عن المقاومة، وكلنا لديه مجدافه الذي يؤازره من قبل المجيء إلى الدنيا، مجداف وهب لنا الحياة وشُكلْنا بداخله، رحم سقانا ترياق الوجود لكننا مجبرين على تجرع فقدانه ذات يوم.

.........

ارتعد الصغيران وهرولا للاختباء خلف ظهر والدتهما التي تنهدت بيأس مما يحدث، لقد أطاح موت والدته بكل شيء، لا تدر ما الذي أصابه، بات قاسياً، غاضباً، لا يمل من الشجار ورغم ذلك تضع له الأعذار فقد عانت هي الأخرى من الفقد وتعلم يقيناً

اقتربت هي منه تعاتبه بنظرات صامته كي لا يستمع طفليها إلى ما تقول وأشاح هو بناظريه عنها فما يقرأه من لوم تهديه إليه لا يستطع أن يتقبله.

تحدثت همس بهدوء حذر قائلة

يلا يا ايدو، خد اخوك وروحوا اوضتكم وأنا هحصلكم، بابا راجع من الشغل تعبان ومش عاوز دوشة

اطاعها الصغيران في صمت واقتربت هي من زوجها تسعى لتهدأتها باحتواء فتراجع قليلاً يود الهرب من حصارها الدافئ له لكنها لم تسمح له وواجهته قائلة

الولاد صغيرين ولسه ميقدروش يفهموا الصح والغلط من أول مرة، وعلى فكرة مفيش مشكلة انهم يدخلوا اوضة ماما الله يرحمها، متنساش انهم كانوا متعلقين بيها جدا وليل نهار كانوا جنبهم.

تحدث هو بحدة قائلة

وأنا قولت مفيش مخلوق يقرب من حاجة أمي ولا خلاص ناوية تقلبي اوضتها ملاهي لولادك.

همس بحزن : انت عارف كويس ان علاقتي بوالدتك كانت اكبر من أي كلام، أنا من يوم جوازنا وبعدي عن أهلي ولقيت فيها أم تانيه بحنانها وطيبة قلبها وربنا عالم وجعي وحزني على فراقها لكن انت رافض تعترف بموتها ومعذب نفسك ومعذبنا معاك، الموت علينا حق وانت راجل مؤمن وفاهم كويس.

فيصل بغضب : ملكيش دعوة، ودي آخر مرة ياهمس هسمحلك تتكلمي معايا بالشكل ده، أنا لا مجنون ولا مريض نفسي علشان سيادتك تحللي شخصيتي ووالدتي حتى لو…. اختنق صوته فعجز عن نطق تلك الكلمة ليهمس بضعف قائلاً

هتفضل عايشة جوايا، مستحيل انساها.

..............................

وتلك الفاكهة الشهية استطاعت بمهارة أن تخفي عطبها الكامن بداخلها عن الأعين فبدت للراغبين ثمرة مثالية يتاهفت الجميع إلى قطفها، لكنها تحتضر دون شكوى.

كتمت شهقاتها بكفيها، لن تسمح له بالتشفي بها، استمعت إلى حديثه مع والدها بقلب ممزق، ها هو يخبر والدها بما تمنته كثيراً، لقد انفصل عن عروسه، ابتسمت ساخرة، لمَ يتغنى بتلك الكلمات بسعادة وارتياح، هل يخيل إليه أنها قد تهرول إليه عائدة إلى مداره من جديد، آه مكتومة قالتها تحث نبضها على التريث.

لن ابقى على الهامش حيث تعيش القصص. اكتشف الآن