#الفصل الرابع
كيف يبحث القلب عن مهرب وقد استوطنت روحها بداخله؛ ظننت واهما أن الفرار وغياهب الغربة قادرة علي دفعي نحو بئر النسيان؛ ولكن هيهات فما زادتني غربتي إلا حنينا وتخبطا وتيها؛ لا أجد طريقاً أسلكه ولا ظل أحتمي به من شمس الحياة الحارقة.
ابتسم باشتياق إلى تلك الذكريات البعيدة التي مازالت محفورة بعقله؛ صوت والده الدافئ؛ لمساته الحنونه وتدليله له؛ كم كان وجوده فارقاً كما كان غيابه قاسما للكثير من الأشياء وأهمها هو.
لمَ تبدل الكون واختلفت الحياة بتلك الصورة المتعبه؛ لمَ لم يتزوج بها؛ ولم افترقا؛ تنهد بضعف فقد حان الموعد اليومي مع سلسلة التساؤلات التي لا اجابة لها.
بحث عن شئ يأخذ بيده بعيداً عن تلك الحرب الضارية واجرى اتصالاً بابنة خالته وصديقة طفولته؛ همس التي تتشابه معه في الكثير من الصفات.
لم تصدق همس أن هاتفها يعلن عن اتصال منه؛ لقد مضى عدة اشهر منذ أخر مكالمة بينهما؛ اجابته بلهفة قائلة:
بقى كده يابن خالتي؛ لسه فاكر تتصل يا ياسين.
اجابها معتذرا:
أسف يا هموس؛ انتي عارفة اللي فيها
همس : والله لو أعرف يابني كنت ارتحت؛ انت لغز ومحيرني؛ ايه مشكلتك يا ياسين ربنا كرمك من فضله ورزقك بكل حاجة؛ ليه دايما حزين وفرحتك ناقصة كده؛ انسى يابني وعيش حياتك.
ياسين : وبعدين معاكي هنتكلم برده في نفس الموضوع
همس : يعني انت مبسوط كده بسفرك وبعدك عننا؟!
ياسين : يابنتي ارحميني الناس الأول تسلم وتطمن علي أحوال بعض
تأففت قائلة:
طيب عامل ايه؛ اخبارك ايه؛ وحشتنا والله
ابتسم بحب قائلاً :
الحمد لله؛ انتِ وولادك وفيصل عاملين ايه؟
همس : احنا تمام الحمد لله؛ بس فيصل محيرني اليومين دول؛ حاسة انه متغير.
استنكر حديثها قائلاً:
يعني الراجل طالع عينه في شغله تقومي تقولي متغير؛ الستات فعلا أمرهم غريب.
همس بحزن:
علي فكرة الست بتحس بجوزها اكتر من نفسه ومهما حاول يكدب بتفهمه.
جال بخاطره طيف زوجته وانقبض قلبه مما قالته همس فقد ضحي بالكثير كي يبقي زوجته بعيداً عن دوامته الشرسة وصراعه القاسي.
ترى هل حقاً تستشعر شروده وانشطار روحه؛ وهل ان صدق ما تقوله همس فهل لديه القدرة علي المواجهة.
أحزن همس صمته فتحدثت برفق قائلة :
عارف يا ياسين؛ انت مفتقد للأمان؛ موت عمي سحب جزء من روحك إحساسك بالاحتواء انكسر وده سبب توهتك وحيرتك.
أنت تقرأ
لن ابقى على الهامش
ChickLitليتنا خطونا نحوك على مهل، ليتنا ما هرولنا إليك نسابق الريح بكامل طاقتنا، ربما كان التمهل مجدياً، لربما كانت سقطتنا أقل خطورة وقسوة لكننا حمقى كنا غافلين عن الأذى الذي ينتظرنا.