|2| أينَ نحن ؟!

569 41 84
                                    

عقلي الباطني يعمل، الكثير من الفراغ، والعتمة تلفني من كل الجهات، أجد نفسي أقف على حافة جبل مرتفع لا أرى الأرض من الأسفل بسبب علوه وارتفاعه، الغيوم تغطي المكان من حولي وأشعر أنني في مكان أعرفه.

طيور مختلفة تحلق من حولي والرياح الخفيفة تحرك شعري وفستاني الطويل، فجأة نعق غراب من مكان ما، واظلم المكان وتحولت الغيوم البيضاء لأخرى مظلمة. هطل المطر بغزارة وضرب وجهي بقوة.

شعرت بأحد يأتي من ورائي، أصوات خطوات تضرب على الأرض جعلت جسدي يقشعر. وعندما كنتُ سألتفت للخلف دفعني من كان ورائي وسقطتُ من أعلى الجرف فصرختُ صرخة مدوية.

وعندما ظننتُ أنني متّ....

فتحتُ عيناي أتنفس بصعوبة شديدة. أين أنا؟! ألم أكن سأموت؟!
ما الذي حصل؟! آخر ما أتذكره هو أنني صعدت لسطح السفينة وكانت العاصفة تسحبنا نحو الدوامة.. هل نجونا ؟

شهلا.. السيد سرمد ...

رفعتُ رأسي أتلمسه من الخلف وقد شعرت بأن الدماء قد جفت على شعري فجعلته منه عشاً للطيور.. نظرت إلى حيث كنتُ نائمة لأجد رأسي قد ارتطمت بعمود السارية.

رائع. ندبة جديدة تضاف إلى ندباتي.

وقفتُ أنظر من حولي لأجد شهلا ليست ببعيدة عني وبجانبها والدها على الأرض وكلاهما قد أغمي عليهما.. أو الأسوأ قد ماتا.

جررتّ قدماي أحاول أن أسرع بهما ولكنهما بدتا وكأنهما تحملان أثقالاً. وصاتُ إلى حيث شهلا وجلست القرفصاء بجانبها أهز جسدها بخفة.

"شهلا." هتفتُ بعد لحظة وخرج صوتي خشناً وشعرتُ بحاجة شديدة للماء.

"شهلا." وفتحت جفونها ما جعلني أتنهد بشدة.

"أبي!" قالت ونهضت فزعة تركض نحو أبيها ليختل توازنها بسبب سرعة وقوفها لتقف لاحظة ثم تركض لجسده المسجى على الأرض و الذي يبعد عنا خطوات وصلت له تهزه بقوة حتى فتح عيناه هو الآخر بعد لحظات ظننتُ فيها أن به شيئاً.

أمسكتُ حقيبتي التي لا أعلم كيف ظلت بجانبي.
لكن الشكر لله أن لا زالت معي.

"تعالوا لنتفقد السفينة ونرى ماذا حدث؟ وأين الرّبان والطاقم وأين نحن بالضبط." قال سرمد والد شهلا، ووافقنا نمشي ورائه أنا وشهلا وأنفاسنا مسموعة من التعب.

أشعرُ كأن قطاراً طوله مئات الأمتار قد ارتطم برأسي.

تفقدنا سطح السفينة ولكنه كان حالياً كأن كل من كان هنا قد وقع من على ظهر السفينة. ذهبنا إلى حيث حجرة القيادة التي كان بابها مغلقاً حاولنا فتحه ولكننا فشلنا وبعد لحظات أهتزت يد الباب وفتح وتبين أننا كنا نفتح بالاتجاه المعاكس.

ظهر الرّبان أمامنا مما جعلنا نبتسم له وهو ينظر لنا كأنه لا يتذكرنا، بالطبع.. فلقد كان هناك المئات على ظهر الباخرة.

آراتيا. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن