•سراب•
عند شروق الشمس في الصباح التالي، خرجت رفقة السيدة صابرين باتجاه النهر حيث كان موعدنا مع الربان والسيد محمود، كان النهر هادئاً نوعاً ما ولكن ذلك لا يمنع أن المياه كانت تجري بقوة خلال مجرى النهر الطويل الذي أمامي.
وصلت هناك وكما في البارحة كانت السيد محمود والربان ومعهما رجل وامرأة رأيتهما البارحة ولكنني لا أعلم من هما، يبدو أنهم قد وجدوا من يجلسون عنده مثلي مع السيدة صابرين.
في كل مرة كنت لا أجد شهلا معهم، وهذا كان غريباً.
كان الربان يحمل بين يديه سلة كبيرة ذات شكل مستطيل، وبها العديد من الزجاجات، حاولوا في البداية أن يتحدثوا ولكن صوتهم كان يصل غير مفهوم بسبب البعد والمسافة الكبيرة بين الضفتين.
حاول الربان أن يرسل لي إحدى الزجاجات والتي كانت تحوي بداخلها ورقة، فعلمت أنهم يحاولون أن يرسلوا لي رسالة بداخلها، ولكن التيار كان أقوى بكثير ولم يفلحوا.
حاولوا مراراً و تكراراً ولكن في كل مرة كان تيار النهر اقوى من أن تأتي الزجاجة باتجاهي من الضفة، اكثر من خمس زجاجات لم تصل وبقي في السلة ثلاثة فقط من الزجاجات التي تحوي الرسائل.
عم الهدوء على الضفة الأخرى وتوقفوا عن الحديث، حيث كان يصلني ما يقولون ولكن مثل تمتمة بسبب البعد وقوة تدفق النهر، جلسوا يفكرون لدقائق قبل ان يقول الربان شيئاً للسيدة التي معهم وهي تذهب مسرعة وتغيب في أحد البيوت قبل أن تعود مرة أخرى وبيدها حبل سميك.
ربط الربان الزجاجة وثبتها على السلة جيداً ثم رماها في النهر، تحركت السلة يميناً ويساراً قبل أن تركد في مكانها في منتصف النهر.
بدأوا بعدها يحاولون أن يجعلوها تصل لي، وأنا اقتربت أكثر من الضفة أحاول أن أمد يدي عليّ أمسكها، زاد من طول الحبل وبدأت تقترب مني، ولكن موجة قوية أتت أدت إلى ابتعادها قليلاً.
ركضت على طول النهر ورميت نفسي جزئياً فيه، حتى أنني سبحت قليلاً حتى وصلت إليها وخرجت مسرعة قبل وصول الحراس وسجني في السجن، لأن السباحة في النهر ممنوعة.
أشار لي السيد محمود بلغة الإشارة أن أرد على رسالته غداً وانا أومأت على ذلك، قبل أن أركض سريعاً إلى المنزل بعد أن لاحظت ظهور الحراس وبداية دورياتهم.
وصلت إلى المنزل بسرعة شديدة وفتحت الزجاجة وقرأت محتواها.
« عزيزتي سراب.
كيف حالك؟ لقد اختفيت فجأة وبدون إنذار وهذا أثار قلقنا كثيراً لذلك بحثنا عنك ولكن الأمور التي تعقدت بين الأميرين كانت السبب في توقفنا وأيضاً كان لدينا أمر آخر.
لقد اختفت شهلا منذ أكثر من أسبوعين ولا نعرف عنها شيئاً أبداً، بحثنا عنها في جميع أنحاء آراتيا الشرقية ولكن كأن الأرض انشقت وابتلعتها.
وهذا كان سبب قلق آخر لنا.
للأسف فقدان شهلا كان سبباً آخر لتوقف بحثنا عنك، والأمور أصبحت تتزايد سوء بين الأميرين لذلك نرجو منك أن تردي على رسالتنا برسالة توضحين لنا فيها ما تريدين قوله.
في أمان الله، كوني بخير، نراك قريباً.
الربان شاهر و سرمد. »
تفاجئت كثيراً مما قرأته، وعندما قرأت ما حدث لشهلا جلست أبكي، لكن السيدة صابرين جلست بجانبي ومسحت دموعي وقامت باحتضاني.
" أعلم الأمر الأمر يحزنك وأن الأمور تجري بسوء كبير، ولكن يجب أن تكونِ أقوى يا ابنتي، تنفسي." قالت تهدئني وأنا اسمتعت لها.
" والآن أخبريني ما الذي تفكرين بفعله؟" سألت وأنا فكرت بشيء واحد.
" سأذهب من خلال الأنفاق إلى آراتيا الشرقية." قلت.
" هل أنت متأكدة؟" سألت وأومأت لها.
" هيا إذن، لنحضر حقائبنا." نظرت لها بدهشة بعد قولها هذا.
" هل ستذهبين معي؟" سألت لتضحك.
" لن أتركك يا ابنتي فلا أحد لي سواك ولا أحد لك سواي، هيا
لدينا ليلة طويلة قبل وصولنا لآراتيا الشرقية لنستعد." قالت لابتسم لها وأفكر كم أنها تشبه جدتي.لقد وجدت هنا في هذه الأراضي الغريبة شخصاً يساعدني ويكون بقربي.
وأنا ممتنة لذلك حقاً، ممتنة للغاية.
_______________
أنت تقرأ
آراتيا.
Фэнтези"دوامة!" بالكاد همست، لكنها لم تكن مجرد دوامة. بل إعصاراً مائياً ضخماً يدور في دوامات دائرية كبيرة تسحب كل ما تصل إليه لتبتلعه داخلها. ومرة أخرى قبل أن أتحدث أو افتح فمي، ارتجت السفينة من أسفلنا وسقطتُ على أرضية الباخرة أشعر برأسي قد ارتطم بشيء ما و...