•سراب•
بعد إغلاق بوابات المدينة وعدم فتحها مرة أخرى أصبحنا نعيش في قلق دائم مما يحصل مع الأميرين، وأنا أصبحت اساعد صابرين في صنع الخيوط الملونة التي تستخدم لغزل السجاد والملابس.
ومرة عندما ذهبت للنهر لأحضر الماء فوجئت بمياهه التي تحولت للون الأسود المعتم المغاير للونها الصافي من قبل، وأزهار الياسمن قد بدأت بالتساقط من على أسوار المدينة بالفعل ومن الحدائق والأشجار.
وعندما سألت صابرين عن هذا أخبرتني أن الحقد على الأقل انتشر بين شخصين منذ موت الملك، ألا وهما الأميرين، والشعب الذي انقسم بينهما، لذلك فسقوط أزهار الياسمين كان له الكثير من الدلائل، وهذا ما كان يخيف السيدة صابرين.
في أحد الأمسيات التي كنا نجلسها معاً في حديقتها الخلفية نبعد الهموم عن أذهاننا ونتمتع بفنجانين من الشاي لنروح قليلاً عن أنفسنا، ونذهب عنا وحدتنا.
" هل أنتِ متزوجة يا خالة؟" سألتها بفضول أقتل الصمت بيننا.
" أجل." أجابت.
" هل لديك أبناء؟ لم أرَ أحداً منهم؟" سألتها بفضول أكبر أرتسف من الكوب خاصتي.
" بالطبع، لدي أربع أبناء، ثلاثة أبناء ذكور وأبنة واحدة." قالت بنبرة بدت غريبة على أذني.
" واين هم يا خالة؟ لم أراهم يزورونك يوماً ؟" سألت.
" زوجي توفي منذ زمن بعيد، ربيت أولادي الأربعة بمفردي، ولكنهم تركوني بمفردي، أولادي الثلاثة تزوجوا منذ زمن وانتقل كل واحد منهم لعشه الخاص ولا أراهم إلا في الأعياد أو المناسبات هم وأطفالهم، وابنتي كذلك تزوجت..." قالت ثم قطعت حديثها ترتشف من فنحانها لأنظر لها بفضول، وران الصمت بيننا مدة لا بأس بها وأنا أنتظرها أن تكمل.
" ما بها ابنتك يا خالة؟" سألتها.
" تزوجت ابنتي كأي فتاة في آراتيا في السادسة عشرة من عمرها، وبعد عام حملت بطفل وأنجبته، كالقمر والقمر يأخذ جماله منه، ولكنها توفيت وهي تلده." قالت بصوت حزين وتحشرج صوتها وهي تتحدث، عينيها لم تنظر لي، كانت تنظر للأمام وكأنها تتذكر ما حصل معها.
" وأين هو الطفل؟" قلت.
" لقد ربيته إلى أن أصبح في الخامسة عشرة من عمره، ولكن في يوم خرج مع أصدقائه لساحة اللقاء ولم يعد، بحثنا عنه ولكنه أختفى والده الذي نذر نفسه لأبنه ولم يتزوج بأخرى حزن بشدة بعد غيابه واختفائه لثلاثة أعوام وعدم إيجادنا له جعل الحزن يأكل قلبه ومات من الحزن على فراقه، وهذا تُركت وحيدة، أنتظر لعل حفيدي العزيز آرون يعود يوماً إلى حضني ويشفي قلبي المتعب بوصاله لي." قالت ودموعها تساقطت أثناء حديثها،وشعرت بالحزن الشديد عليها.
أنت تقرأ
آراتيا.
Fantasy"دوامة!" بالكاد همست، لكنها لم تكن مجرد دوامة. بل إعصاراً مائياً ضخماً يدور في دوامات دائرية كبيرة تسحب كل ما تصل إليه لتبتلعه داخلها. ومرة أخرى قبل أن أتحدث أو افتح فمي، ارتجت السفينة من أسفلنا وسقطتُ على أرضية الباخرة أشعر برأسي قد ارتطم بشيء ما و...