•شهلا•
خرجت من المنزل مع السيدة هواجس في مثل هذا الوقت من النهار، بعد الظهيرة بقليل من الوقت، لأجد نفسي في جنة على الأرض كما سبق وذكرت العجوز هواجس، حقول خضراء يمكنك رؤيتها فقط في أحلامك الجميلة منها، الورود والنباتات والأشجار المثمرة كانت فقط شيئاً رائعاً لا يمكن لك أن تتصور جماله.
السنابل الذهبية التي تعلمك أن القمح هنا مثمر وبشكل مبهر، والتي آن قطافها فتراها تحني رأسها بخنوع مستعدة لأن يأتي الفلاح الذي زرعها ذات يوم ليقطفها قريباً جداً.
ولا يمكنني أبداً أن اصف روعة شجرة الصفصاف الكبيرة، والضخمة للغاية والتي تتوسط هذه الحقول بجانب المنزل الكبير جداً، والذي يعد الأكبر حجماً و الأقدم عمراً في سهول عاشيب بأكملها.
هنا الفتيات والنساء جميعهن يرتدين ملابس وفساتين وردية اللون ومزينة باللون الأسود، بتصاميم على الرغم من أنها قد تبدو متشابهة إلا أنك عندما تدقق فيها ستجد أن كل واحدة تحمل شكلاً ونقشاً وتصميماً يختلف عن غيرها.
أما الفتيان والرجال فيرتدون ملابس زرقاء بلون السماء مزينة بلون اسود اللون كما هو عند الفتيات، وعندما سألت هواجس عن سبب هذا قالت أن الألوان مختلفة عندما ينعكس عليها ضوء القمر، بشيء كما يشبه السحر.
فالأشياء التي تحمل اللون الأحمر تصبح سوداء اللون مع انعكاس ضوء القمر عليها، والأشياء التي تحمل لوناً ازرق تصبح أرجوانية، اما الوردية فتتحول للون الأحمر.
لذلك عندما يجل الظلام وخوفاً من أن يهاجمهم أحد فإنهم يرتدون ملابس بنفس اللون جميعهم، أما في النهار فلكل شخص الحرية الخاصة لإرتداء ما يشتهيه من الثياب ذات الأشكال و الألوان المختلفة والتي تمنع مع حلول الظلام.
" أتعلمين يا شهلا أن سكان القرية يملكون جميعهم وحمة غريبة في باطن كفوفهم؟" سألت ونظرت لها باستغراب لترفع لي يدها اليسرى وأنا انظر لها بدقة، كانت وحمة على الرغم من أن حجمها لم يكن بذلك الكبر إلا انها كانت تبدو واضحة، كانت كرزة!
" كل فرد من أفراد هذه السهول يحمل في باطن يده وحمة، اليسرى او اليمنى، بطريقة سحرية وغريبة نحن نتبع بذلك عاشيب الشخص المؤسس لهذه السهول." أكملت كلامها خلال سيرنا في الطريق.
" الكرز هو النبات الوحيد الذي لا ينبت في سهول عاشيب بأكملها، والنساء هنا تشتهيه كثيراً ولا يمكننا أن نحضره إلا استيراداً من مدن خارج أسوار آراتيا، وكل من لا يولد مع وحمة يتم وشم يده اليسرى بوشم مماثل عمل كل أفراد السهول على أن نحمل مثله." قالت.
" هل تعلمين أن الفتيات لدينا هن من يذهبن إلى تعلم الحراسة بينما الرجال هن الذي يذهبن لتعلم الزراعة؟ والفتيات الحاميات للحدود يحملن على كتفهم الأيسر وشماً يوضع هناك، تقاطع سنبلتي قمح وتحتها يكتب اسمها ورقم الوحدة التي تنتمي إليها حتى تدافع عن هذه السهول الكبيرة." قالت بعد مدة من الصمت وأنبهرت بذلك صدقاً.
" ألن تساعدينني يا حلوتي؟" سألت لأنظر نحوها أبعد نظري عن السهول من حولي.
" بالطبع ماذا يمكنني ان أفعل؟" قلت لتربت على كتفي بابتسامة.
" اتبعيني يا ابنتي." قالت وهي تمشي أمامي لأتبعها وأنا أكمل تأملي لهذا المكان الرائع بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
" قومي بتعبئة هذا الدلو وسقاية الأشجار ولكن لا تسرفي كثيراً فهي لا تحتاج الكثير وإلا ستتعفن وتموت." قالت لأضحك.
" ألهذا كنت تطعمينني كل هذا الطعام؟" سألت لتضحك من كل قلبها.
" ربما." قالت من بين ضحكاتها وأنا أخذت منها الدلو اذهب نحو البئر حتى أملئه بالماء.
وأنا أفكر أنني ومنذ دخولي لهذه المدينة الغريبة أرى وأسمع أشياء تشبه السحر بطريقة لا يمكنني أن أتخيلها، و لو أن شخصاً رواها لي وأخبرني عنها كنت اتهمته بالكذب والخداع، أو اخبرته أنه يحلم فقط.
" ولكنني لا أحلم بالتأكيد!" همست بذلك وأنا انظر للتربة التي بدأت تتشرب المياه إليها بعد أن قمت بسقايتها القليل من الماء.
_______________
أنت تقرأ
آراتيا.
Fantasía"دوامة!" بالكاد همست، لكنها لم تكن مجرد دوامة. بل إعصاراً مائياً ضخماً يدور في دوامات دائرية كبيرة تسحب كل ما تصل إليه لتبتلعه داخلها. ومرة أخرى قبل أن أتحدث أو افتح فمي، ارتجت السفينة من أسفلنا وسقطتُ على أرضية الباخرة أشعر برأسي قد ارتطم بشيء ما و...