|12|لا نستخدم السيوف والسهام لقتل أعدائنا.

227 21 5
                                    

شهلا

"  ما هو عالمك؟" سأل آرون بنظرة غريبة، «لست مجنونة يا هذا!» شتمته في عقلي وطلبت منهم أن يجلسوا لأن حديثي سيطول، فجلس كل منهما على كرسي وأنا اعتدلت في جلستي أتنحنح بخفة.

" عالمي مختلف تماماً عن عالمكم هنا، نحن نعيش في أبنية عالية للغاية، لا نجلب المياه من النهر لنستحم أو نغسل أو نطبخ، لا نركب الخيول أو العربات التي تركبونها للتنقل بين المدن والقرى، لا نستخدم السيوف والسهام لقتل أعدائنا بل نستخدم أدوات تقتل في ذات اللحظة، متقدمة ومتطورة عن كل ما تعرفون هنا.

أنتم هنا تعيشون في مكان تحفكم فيه الألفة والمودة نحن نعيش في حروب وصراع على الموارد، قتال بين الأفراد، يتقاتلون على لقمة العيش، بينما يتقاتل رؤوساء الدول وحكامها على المدن.

كلٌ يريد أن تكون دولته أكبر، فيهجم على الدول الأصغر ليوسع دولته وحدوده، المكان لدينا موحش للغاية، ليس مثل هنا." قلت وأخذت نفساً عميقاً انتظرهم حتى يبتلعوا ما قلته وعيناي قد غلفتها طبقة من الدموع بسبب الذكريات.

لم نسافر للمتعة، سافرت ووالدي هرباً من الحرب، وأظن أننا إذا أعطينا لعقولنا دقيقة من التفكير لن نفكر في العودة إلى ذاك العالم الموحش، ذاك العالم الذي يقتلنا ليعيش هو حسب ما يريد، أو يتركنا أحياء ولكن بشروط.

شروط كثيرة أهمها أن نكون عبيد لديهم، أن نتبع القوانين التي يريدونها كما يريدون، إن لا نتكلم بطريقة سيئة على حكماء الدول، ألا نشتمهم حتى لو قتلونا وقطعوا رؤوسنا وأسروا آبائنا وقتلوا أبنائنا.

أن نتبعهم كما يريدون بل أكثر من ذلك بكثير.

" طرق الإضاءة لدينا مختلفة، لا نستخدم المصابيح التي تعمل بالوقود بل نستخدم الكهرباء للإنارة، أدوات الطعام لدينا ليست مصنوعة من الخشب، بل من الفضة أو النحاس وأحياناً الذهب للعوائل الثرية، حتى الطعام الذي تأكلونه وتقومون بطبخه مختلف بطريقة صنعه عما كان في عالمنا.

الأعمال لدينا متقدمة أكثر، لدينا مصانع وشركات وعمال يعملون ولكن بطرق مختلفة، لدينا آلالات وأدوات تساعدنا على الكثير، كل شيء لدينا مختلف عما تعرفونه." أكملت كلامي أبعد الأفكار السلبية عن عقلي، ونظراتهم كانت غير مصدقة، يظننوني مختلة تملك خيالاً واسعاً، وللصراحة لديهم الحق في ذلك.

فلو أنني سمعت أحدهم يقول ذلك لم أكن لأصدقه.

" لم أفهم ما تنوين قوله." قال هواجس التي بدت نوعاً ما متقبلة لكلامي أكثر من آرون.

" انظري يا خالة، أترين هذه الأداة؟ " قلت وأنا أناولها الساعة فهي بالفعل كانت تجلس على الكرسي الذي بجانبي.

" ما هذه يا ابنتي؟" سألت وهي تتفحصها وتقلبها للأعلى والأسفل قبل أن تمدها لآرون الذي فعل المثل هو الآخر.

" أنتم هنا تقيسون الوقت باستخدام النهار والظهر والعصر والليل، ولكننا في عالمي نقسم الوقت لساعات، كل ساعة فيها ستين دقيقة، و كل دقيقة فيها ستين ثانية لينتهي اليوم بأربع وعشرين ساعة." قلت أشرح لهم وهم بدوا منبهرين من الساعة التي يقلبونها بين أيديهم.

" لكنها توقفت منذ أفقنا في هذا العالم." قلت مكملة.

" كيف ستعودين إلى عالمك يا ابنتي؟" سألت وهي تعيد الساعة لي لأتناولها منها وأعيد ارتداءها وهم يراقبونني كيف أفعل ذلك.

فتحت الكتاب على الصفحة التي كانت سبب جنوني منذ ثلاثة أسابيع مضت، وضحكت أفكر أن حماسي هو السبب في تعثري وسقوطي أرضاً.

" يقول كاتب هذا الكتاب في الصفحة الأخيرة من كتابه. « الطريقة الوحيدة التي يمكنك بها العودة إلى عالمك الحقيقي، أو الانتقال إلى عالم آخر يجب أن تكون بإتباع القوانين التي ذكرتها لك وإلا سيحدث لك ما حصل مع صديقي.» وهنا تنتهي صفحات الكتاب دون أن أعرف ما الذي حصل مع صديق الكاتب." قلت بيأس.

" ربنا أراد الكاتب إرسال تحذير للقارئ وليس هناك نقص." قال آرون الذي تذكرت وجوده للتو.

" لا، لقد قال لي صاحب المكتبة الذي استعرت منه الكتاب أن التاب ناقص بالفعل، سبعة صفحات ربما." قلت.

" وكيف يعرف هو أن الكتاب ناقص؟" سأل آرون.

" لا أعلم."

" يحب أن تسأليه يا ابنتي." قالت هواجس.

" أعلم، ولكن يجب أن أعود إلى منزل السيد عبيدة كما أخبرتك، لأن والدي بالتأكيد سيكون قلقاً للغاية." قلت.

" أجل بالطبع." قالت هواجس مؤكدة.

" كم بقيت هنا؟ " سألت آرون.

" ثلاثة اسابيع تقريباً، جسدك خسر الكثير من الدماء وقد أحضرت لك طبيبة والتي قالت أن كل شيء طبيعي ولكن يحتاج جسدك لاستعادة دمائه وكانت كل يوم تسقيك دواءً مغذياً وبضعة أدوية أخرى ساعدتك على الصمود بدون دواء كل هذا الوقت." قال آرون و أردت شكره مرة أخرى على كل ما فعله معي.

" هل يمكنني أن أعود اليوم إلى منزل السيد عبيدة ؟ " سألت آرون الذي بدا يفكر لعدة لحظات.

" كما تريدين، ولكن خروجنا يجب أن يكون في الليل حتى نستطيع تجنب حراس الأمير ندير الذين يمنعون الناس من الخروج من منازلهم." قال.

" حسناً."

_____________

آراتيا. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن