|18| سراب؟ كيف وصلتِ إلى هنا؟

164 19 16
                                    

سراب

بعدما أخبرت السيدة صابرين أنني سأدخل إلى الأنفاق حتى أذهب إلى آراتيا الغربية، وإخبارها لي أنها ستذهب معي لم نتوقف للحظة.

جمعت أغراضي في حقيبتي الصغيرة، وكذلك السيدة صابرين فعلت مع حقيبة خاصة بها.

ولم ننتظر بعدها حتى يظهر شعاع النور الأول بل خرجنا من المنزل نمسك بشعلات حتى تضيع لنا الطريق.

وعندما تسلل الخوف لقلوبنا خوفاً من أن يكشفنا الحراس أكفئناها على ان نشعلها عندما نصل للأنفاق.

فتحت الفتحة المغلقة بإحكام شديد ونزلت تتبعني السيد صابرين وعدت لإغلاقها حتى لا يكشف أمرنا، وأشعلت بعدها الضوء في شعلتي وشعلة صابرين.

دخلت مع السيدة صابرين إلى النفق الأول حتى يأخذنا إلى آراتيا الشرقية.

وبالفعل بعد خطوات قصيرة انشقت الأرض وصرخت السيدة صابرين من المفاجأة لأمسك يدها ونمشي معاً.

بعد عدة خطوات كان أمامنا هيكل عظمي كالذي في بداية آراتيا الغربية، ووجدت أمامي بلاطة مرتفعة كما المرة الماضية لأضغط عليها بقدمي بقوة.

ثوانً وفتح السقف فتحة أرشدتنا إلى السلم وطريق الخروج.

صعدنا السلم الذي كان موضوعاً للوصول إلى فوهة النفق، وأسرعت أساعد السيدة صابرين على الصعود، ثم أغلقت الفتحة بإحكام.

عند وصولنا لآراتيا الشرقية كان أمامنا الكثير من المنازل، وبدأ الضوء بالظهور يدلنا على الطريق.

وقفنا في حيرة لا نعلم أين طريقنا، فكل الطرق قد تؤدي إلى المنزل الذي فيه الربان والسيد سرمد.

انتظرنا قليلاً حتى ظهرت الشمس وبدأ الناس بالظهور والخروج من منازلهم.

" هل تعرفون السيد سرمد وابنته شهلا؟" سألت بعض الناس هذا السؤال ولكنهم لم يعرفوهم، ولا أعلم أسم الشخص الذي يسكنون عنده.

بعد قليل من الزقت ظهرت السيد التي كانت مع الربان والسيد سرمد الصباح الماضي.

تبعتها حتى رأيتها تدخل إلى أحد البيوت، وأسرعت خطواتي رفقة السيدة صابرين للوصول ولكنها أغلقت الباب قبل وصولنا، لذلك عندما وصلنا طرقت الباب.

دقائق قبل خروج السيدة نفسها.

" كيف يمكنني مساعدتك؟" قالت وقبل أن أجيب سمعت صوت مستغرباً كان ينتمي لشخص أعرفه.

" سراب؟! كيف وصلتِ إلى هنا؟" سألت شهلا باستغراب وكان استغرابي أشد من رؤيتها بعد أن أخبروني أنها مفقودة قبل عدة ساعات فقط.

هل عادت قبل مجيئنا؟ يبدو ذلك!

" ادخلوا بسرعة قبل أن يراكم أحد، لا نريد أن تحصل مشكلة." قالت تلك السيدة التي كانت بجانب شهلا، سمعتها تدعوها بنجمة.

لأدخل أنا والسيدة صابرين للداخل وهي تغلق الباب خلفنا، و تبعنا شهلا للغرفة التي كانوا يجلسون فيها.

ألقيت التحية عليهم و رويت قصتي منذ اختفائي عنهم، وعن طريقة مجيئي إلى هنا، حيث هم في آراتيا الشرقية.

كان هناك شاب في مثل سني تقريباً، أو أكبر يبدو في الثلاثينيات من عمره، ومعه أمرأة عجوز أراها لأول مرة.

كانا يستمعان بإنصات ولم يقاطعانني حتى على الرغم من مقاطعة الربان والسيد سرمد وشهلا أحياناً.

بعد قليل من الوقت دعتنا السيدة نجمة لمائدة إفطارها، فجلسنا نتناول الفطور ونحن نتحدث.

بعد أن انتهينا من تناول الفطور جلبت شهلا الشاي وجلسنا ندردش.

" ما اسمك؟ وما اسم والدك يا بني؟" سألت صابرين الشاب الذي معنا، كانت المرة الأولى التي تتحدث من دخولنا إلى هذا المنزل.

" اسمي آرون، والدي ووالدتي لا أعلم عنهما شيئاً، لا أتذكر إلا أنني وجدت نفسي في سهول و وديان عاشيب وبعدها عشت هناك." قال، له نفس الاسم.

اسم حفيدها.

" أنت تشبهه، شعرك الأسود وطولك الفارع، عيناك لأمك بزرقتهما الشديدة التي تشبه السماء الصافية، ألا تتذكر والدك أبداً؟ ووالدتك؟ وأنا ؟ جدتك، صابرين؟ ألا تتذكرني؟" قالت وتساقطت دموعها.

" أعتذر جداً، لكن ذاكرتي تخونني، ربما إن تكلمت لي أكثر سأتذكرك." قال وجميعنا كنا ننظر لحديثهم.

اقتربت منه وهي تبتسم ليفسح لها مكاناً بجابنه على الأريكة.

" هل يمكنني أن أحتضنك؟" سألت لأشعر بدموعي تكاد تخرج.

انا جديدة على كل هذه المشاعر.

" أجل." قال وكأنها تحتضن ولدها، احتضنته وهي تبكي، صوتها جعل قلبي يتقطع.

كان هو، كان حفيدها، لا يمكنها أن تخطئ، قلب الأم لا يخطئ أبداً، لقد كانت أمه.

كنا نجلس هنا، بين ضحك وبكاء، وفرح وحزن، وأحاديث جميلة ولطيفة، ولكننا لم نكن نعلم ما الذي ينتظرنا في الأيام والساعات القادمة.

_____

آراتيا. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن