الفصل الثالث

701 75 5
                                    

للقدر دائما رأي أخر
الفصل الثالث

إذا كان ما يشعر به الان هو الصدمة فهو حقا مصدوم لدرجه عدم التصديق وتكذيب أذنيه
هل ما سمعة صحيح؟ ... هل والد دينا يطلب منه الان ان يتزوج من أختها؟ .. هو لا يفهم ماذا يقصد وكلماته تتردد داخل اذنه (( وعلشان الحال اللي انتوا فيه ده ميرضيش ربنا ولا يرضي حد انا بطلب منك يا ابني تتجوز نادين ... أنت تبدء حياتك وتعيش وهي انا اطمن عليها مع راجل حقيقي هيصونها ويحافظ عليها)) اي حال هو يعيش على ذكرى تلك الايام الجميله التي قضاها معها فكيف يطلب منه ذلك الطلب
لكنه أنتبه من افكارة على صوت عثمان وهو يقول
- يا أبني أنت غالي عليا وحالك ده ميرضيش حد ... والحال اللي بنتي فيه كمان ميرضيش حد ...انا من حبي فيك واني عارف انك راجل بجد هتصون بنتي وتحافظ عليها مكنتش طلبت منك الطلب ده لكن لو في حد في حياتك انا هفرح لك وهتلاقيني انا وسامية في ظهرك ومعاك.
قاطعة سليم قائلًا بسرعة
- مفيش حد في حياتي يا عمي ... انا من بعد دينا قفلت باب قلبي و مبقاش في حاجه بتشغلني غير شغلي وبس ... لكن
- لكن ايه يا أبني؟!
سأله عثمان بهدوء ليريح سليم ذراعيه فوق ساقه وانحنى قليلا ينظر الي الأرض ببعض التفكير .... وصورة عيسى ترتسم أمامة .. رفع رأسه وقال بهدوء
- نادين تستحق حد يكون بيحبها هي مش يتجوزها بديل او مجرد زوجه .. انا طول عمري بعتبرها اختي الصغيرة من يوم ما خطبت دينا الله يرحمها ... بص انا هطلب من حضرتك طلب
ظهر الحزن على ملامح عثمان واليأس أيضًا لكنه قال
- اطلب اللي انت عايزك يا سليم
ربت سليم على قدم محدثه وقال بأبتسامة صغيرة
- أديني فرصه شويه وقت صغيرين ولو مقدرتش اعمل اللي بفكر فيه هبقى مرحب جدا بأقتراح حضرتك.
- يا ابني ان...
كاد عثمان ان يوضح مقصده لكن سليم قاطعه قائلا
- انا فاهم حضرتك عايز تطمن على بنتك و بتعتبرني ابنك وعايز تطمن عليا ... ولانك شايفني انسان كويس وراجل تقدر تأمنه على بنتك طلبت مني الطلب ده ولو حضرتك تعرف كلامك ده حسسني بفخر وسعادة قد ايه مش قادر اوصفلك ... لكن نادين تستحق أفضل من كده بكتير .. بس أديني شويه وقت ... اعتبره وقت اقرب فيه منها وهي كمان ... ممكن؟
انهى كلماته التي كانت مثل قطرات الندى فوق قلب يشتعل بنار الخوف والحسره... ليبتسم عثمان ابتسامة صغيرة وهو يقول
- ممكن طبعًا بس لازم تبقى عارف ان كلامي كان طلب ورجاء مش امر يا ابني
ليمسك سليم بيد عثمان يقبلها بإحترام وقال بأدب
- كلمه أبني اللي حضرتك بتقولها ليا دي تديلك كل الحق في انك تطلب اي حاجه وتأمرني بإي حاجه.
ليربت عثمان على كتف سليم بحب وهو يدعوا له من قلب أب يتلوى خوفًا وحزنًا.
~~~~~~~~~~~~~
في صباح اليوم التالي كانت نادين تشعر ببعض النشاط والحماس أيضًا .... اليوم اجازة بعد اسبوع مليء بالعمل لكنها أيضًا تريد ان تحصل على بعض من الاسترخاء والهدوء ... توجهت الي المطبخ لتجد والدتها تقف هناك كعادتها دائمًا ... لا تتوقف عن إعداد الطعام او صنع بعض الحلوى والعصائر
حين شعرت والدتها بوجدها قالت بمحبه
- يا صباح الخير يا وش الخير ... استنى هجبلك كبايه عصير فرش انما ايه خطيييير.
لتبتسم نادين وهي تقول بود
- ايوا يا سوسو انا محتاجه كبايه حلوه من ايدك محتاجه اتغذى والله
لتضحك ساميه على كلمات أبنتها واعطتها الكوب وقالت
- بابا قاعد في البلكونه روحي اقعدي معاه على ما اجهز الفطار الجو النهاردة جميل اوى وهنفطر في البلكونه
لتقترب نادين منها تقبل راسها وهي تقول بحب
- ربنا يبارك في عمرك يا أمي
وأخذت الكوب وغادرت المطبخ متوجهه الي الشرفة تعلم جيدًا ما يفعله والدها الان لكنها لن تصدر صوتًا .. سوف تتابعه في صمت ... يعتني بزهور دينا بلطف ورقة .. وكأنها طفل صغير يحتاج آلي إهتمام خاص ورعاية
ظلت واقفه عند باب الشرفه تشاهد ما يحدث أمامها بابتسامة تحمل الكثير من الحزن والاشتياق ليقطع تلك اللحظة صوته وهو يقول
- هتفضلي تراقبي من بعيد؟ تعالي قربي استمتعي بالجمال ده معايا
أبتسمت وهي تقترب بخطوات هادئه وقالت برقه
- عارفة ان دي لحظاتك الخاصه اللي بتتكلم فيها مع دينا ومكنتش عايزة اقطع عليك اللحظة دي
وضع رشاش الماء في مكانه ونظر لها وقال بحنان
- لحظاتي معاكي أهم... دينا في مكان أحسن وبين رحمة الرحمن الرحيم ... لكن أنتِ اللي عايشة وأنتِ اللي شاغلة بالي وتفكيري وديما قلقان عليكي
نظرت أرضًا وهي تشعر بذلك الشعور البغيض الذي تشعر به كلما تحدث معها والدها في هذا الامر
تعلم انه قلق بشأنها وتعلم ان حالها لا يرضيه لكن ماذا بيدها ان تفعل وكيف تقتل ذلك الخوف الذي يسكن قلبها وكيف تنهي ذلك الهاجس الذي يشعرها بنهايتها كلما فكرت في الارتباط او لمحت نظرات الاعجاب في عيون الرجال
جلست على الأريكة الصغيرة الموجودة في أحدى جوانب الشرفه وظلت تتحدث مع والدها تخبره بما كان يحدث معها في الشركة وعن سعادتها بأول مشروع لها وكان يستمع لها بسعادة خاصه وهو يرى سعادتها الواضحة في عيونها ... حتى حضرت والدتها بالطعام وجلسوا جميعًا في جو مليء بالسعادة
~~~~~~~~
وصلت الي الشركة صباحًا متناسيه تمامًا ما حدث مع عيسى وكأنه لم يحدث ابدا لا تعلم سبب ذلك ولم تشغل عقلها يومًا بالتفكير في الامر ... خاصه وان عقلها وبشكل تلقائي يلقي عليها غيمه النسيان التي تجعلها لا تتوقف عند هذه المواقف كثيرا
القت التحيه على الجميع بهدوء وجلست خلف مكتبها كانت نظراته ثابته عليها يفكر في تصرفاتها عيونها التي تشع برائه ورقة ... لغه جسدها التي رغم قوه تصرفاتها الا انها تبدوا كطفله صغيرة ابتعدت عن والدتها لاول مره وتحاول ان تحمي نفسها من شرور العالم ونظراتهم
لكنه اجل اي حديث يريد قوله لحين أنتهاء أوقات العمل .. لكن صوت عبدالعظيم وهو ينادي له ويخبرة ان سليم يريده اخرجه من افكاره وقطع تأمله في ملامحها
ليتحرك ليغادر المكتب لكنه القى نظرة خاطفه عليها وهي غارقة بين أوراق الرسم لترتسم إبتسامة صغيرة على ثغره فهي غير مباليه به او بغيره.
~~~~~~~~~~~
طرقات على باب المكتب لحقها بدخوله المميز بهيئته المميزة ... بجسده العريض وملامحه الرجولية شديده الوسامة كان سليم يتأمله وكأنه لاول مره يراه ليبتسم عيسى وهو يقول
- في ايه يا يا بشمهندس سليم بتتأملني وكأنك اول مره تشوفني كده ليه ولا بتفكر هترفدني ازاي وليه؟!
- لا ارفد اشطر مهندس في الشركة ودي تيجي برده ... لكن حقيقه انا فعلا حاسس اني اول مره أشوفك
اجابة سليم وهو يتحرك من خلف مكتبه ويشير له ان يجلس على الاريكة التي تتوسط الحائط المواجه لمكتبه ليجلس عيسى وهو يشعر ببعض الاندهاش لكن بطبعه هو هادىء وطويل البال
جلس سليم جوارة وهو يقول
- عارف يا عيسى ان انا مليش اصحاب زيك تقريبًا
- حضرتك بتعرض عليا صداقتك؟!
سأله عيسى ببعض الاندهاش ليبتسم سليم وهو يقول ببعض الود
- بلاش حضرتك دي احنى نفس السن وكنا زمله في الكليه ... ويمكن انت كمان وحيد وملكش أصحاب مش كده؟
اعتدل عيسى ينظر الي سليم بهدوء واضح لكن في عمق عينيه كان هناك سؤال غير واضح ... وعدم فهم وحيره ليقول سليم ببعض الحزن
- وانا في الجامعة كنت بحب بنت زميلتي واكتفيت بيها عن كل الناس ... وبعد التخرج يعني تقريبًا زمن اكثر من عشر سنين خطبتها ... وقبل الفرح بكام يوم القدر كان ليه راي تاني ... الموت خطفها مني ومن وقتها قلبي اتقفل عليها ومحدش قدر يدخله بعدها ... ركزت في شغلي لعبت رياضه عملت كل اللي كانت هي عايزاني اعمله وبقى عندي شركة على واجهتها اول حروف اسمي واسمها .. وبقى جسمي رياضي ومعظم لبسي أسود بقيت شبه ابطال الروايات اللي كانت بتقعد بالساعات تحكيلي عنهم
- الله يرحمها
قالها عيسى ببعض التأثر والحزن لكنه اكمل بأستفهام
- بس أنت بتحكي ليا كل الموضوع ده ليه؟
تجاهل سليم الإجابة على السؤال بشكل مباشر واكمل قائلا
- دينا الله يرحمها كان ليها اخت الصغيرة ... اختها دي بقى تبقى
لتنتبه حواس عيسى لا ايراديا وكانه يعلم من هي لكنه شعر بالصدمة حين سمع ما قاله سليم
- اختها تبقى نادين ..... نادين عثمان
ليقطب عيسى حاجبيه وتحفزت كل ملامحه حتى جسده وبدأت نظراته تحدتد ليبتسم سليم وهو يقول
- أنت بقى عايز ايه من نادين يا عيسى
ليقف عيسى بتحفز ينظر الي سليم بغضب مكتوم وجسده يوحي لمن يشاهده انه على وشك خوض حرب لكن سليم كان يجلس أمامه بابتسامة متسليه و برود يحسد عليه.

للقدر دائمًا رأي أخر " قصة" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن