الفصل الثامن

563 65 6
                                    


للقدر دائمًا رأي أخر (( الفصل الثامن))

أوقف سيارته في جراچ منزله وترجل من السيارة جسده مجهد ... لقد مر عليه يومان دون نوم
أضافه لتوتر الأعصاب والخوف كل ذلك جعله يسير بخطوات بطيئه مشوش الرؤيه قليلا ... أقدامه بالكاد تحمله .... كاد ان يصل الي المصعد وفجأة سقط على الأرض
~~~~~~~~~~~~~
في صباح اليوم التالي ولأول مره منذ زواجها تتأخر في النوم إلي هذا الوقت
لم تعد الإفطار لعثمان ولم تعطيه الدواء أيضًا مؤكد لم يأخذه حتى الان ... غادرت السرير بهدوء بعد ان جلست لعده دقائق كما قال الطبيب ... لملمت خصلات شعرها الذي غزاه الشيب واصبح كليل مليىء بالنجوم الامعه
غادرت الغرفه لتجحظ عيناها وهي ترى نادين تحمل صحن به الفول ... وتسير في اتجاه الشرفه وحين لاحظت وجودها إقتربت منها تقبل وجنتها وقالت
- صباح الفل يا سوسو تعالي على البلكونه بسرعة
لم تستوعب بعد ما رأته لتجد عثمان يغادر المطبخ أيضًا وهو يرتدي ((مريله)) المطبخ وبيده صحن كبير يحتوي على الجرجير والبصل الأخضر ... وحين رأها قال بأبتسامة واسعه
- صباح النور على البنور ... عملتلك فطار ملوكي
ثم اخذ يدها وسار بها في اتجاه الشرفه ... لتأخذ حجابها من فوق الكرسي ووضعته على رأسها سريعًا
لتكون المفاجأة الثالثه حين رأت كل الطعام الشهي الذي أعده عثمان بيديه ... وانتبهت على كلمات نادين وهي تقول
- اقعدوا بقا على ما اروح اجيب العصير واجي
وغادرت الشرفه ليجلسها عثمان على الأريكة الصغيرة ... ووضع ما بيده وجلس جوارها وهو يقول
- عامله ايه النهاردة؟ ... ما شاء الله عيني عليكِ بارده وشك زي القمر
عُقد لسانها من كل تلك المفاجآت التي لم تتوقعها يومًا ... ولم تتوقف خاصه ونادين حين عادت من المطبخ وكان معها أكواب العصير
- العصير ده عظمة صدقوني ... صحيح مش زي اللي من ايدك يا امي بس مش وحش والله يجي مني
لمعت عيونها بدموع السعادة وهي تقول
- حلو اوي اني اعرف قد ايه انا مهمه عندكم وقد ايه بتحبوني
ليشعر كل من عثمان ونادين بالتقصير من جديد لكنها قالت بصدق
- انتوا اغلى ما ليا ... راحتكم .. ابتسامتكم هي الدنيا بحالها بالنسبالي ... صوت عثمان وهو بينادي عليا علشان اي حاجه وكل حاجه بتحسسني بقيمتي في حياته ومن غير حتى ما يقولها بلسانه .
ابتسمت بحب حقيقي وأكملت
- وأنتِ كمان يا نادين لما تفضلي تنادي عليا ياماما فين الطرحه يا ماما غسلتيلي البلوزة البينك ... يا ماما تعالي نامي جمبي انا خايفه .. ولا لما تيجي تقعدي على الأرض جمبي وتحطي راسك على رجلي وتقوليلي أرقيني كل ده كمان بيفرحني وبيحسسني بقيمه وجودي جمبك
كانت الدموع تتجمع في عيونهم ... حتى قالت
- لكن ده كله كوم .. واني اسمع منك كلمه بحبك كوم تاني يا عثمان .... ولا اني اشرب كوبايه عصير من ايدك يا نادين ... ربنا يباركلي فيكو
ليأخذ عثمان نفس عميق وهو يقول
- ربنا يبارك لنا فيكِ ياسامية ... احنا من غيرك ولا حاجه ...
وربت على يدها المستريحه فوق الطاولة وقال
- طيب يلا بقا الأكل برد
- ايوه يلا انا عندي غسيل مواعين
قالت نادين بمرح ووجه طفولي حزين لتبتسم سامية وهي تقول
- ولو أنتِ برده اللي هتغسليها انا تعبانه لسه
لتمسك نادين يد والدتها تقبلها وهي تقول
- أنتِ زي الفل ... بس برده هتفضلي مرتاحه وانا هعمل كل حاجه
وفي جو عائلي مميز ولطيف تناولوا طعامهم وذهبت نادين الي المطبخ حتى تقوم بترتيبه وغسل الصحون
وظل عثمان وساميه جالسين في الشرفه يتناولون العصير و يتحدثون وكأنهم لاول مره يجلسون معا
~~~~~~~~~
فتح عينيه بتثاقل وهو يأن بألم ... اعتدل في جلسته ووضع يده فوق راسه التي يلفها الشاش الأبيض وهو يتذكر كل ما حدث بالامس
حين كاد يصل الي المصعد وبعدها لا يتذكر شىء سوا وجه حسين حارس البنايه .. ووجه اخرى لم يعرفها ولكنه أكتشف انهم طبيب ومساعده وضابط شرطة
حين انتهى الطبيب مما يفعله ساعدة حتى يجلس على الكرسي الذي احضره حسين وسأله الضابط
- ايه اللي حصل؟ حسين البواب اتصل بينا وقال انه لقاك واقع على الأرض ودماغك بتنزف
قطب سليم حاجبيه وان بخفوت من ألم راسة وقال
- انا مش فاكر ايه اللي حصل كل اللي اللي فاكرة اني ركنت العربيه ونزلت منها ايه اللي حصل بعد كده مش فاكر
- الجراج كله كاميرات احنا هنراجعها كلها ونشوف مين اللي عمل كده فيك ... بس انت بتتهم حد معين او شاكك في حد
اوضح الضابط ما سيحدث ل سليم ... وسأله السؤال المعتاد ليهز سليم رأسه بلا رغم ان بداخله إحساس قوي يخبره ان عيسى هو من فعل به هذا
تمنى الضابط له الشفاء ورحل وساعدة حسين في الصعود الي منزله ومباشرة دلف الي غرفته القى بجسدك على السرير وغط في نوم عميق
عاد من افكارك والقلق والخوف يزداد بقلبه
غادر السرير وتوجه الي الحمام اخذ حمام ساخن وتوجه الي المطبخ يُعد كوب قهوة فهو يشعر بصداع شديد لا يعرف هل سببه ذلك الجرح في مؤخره رأسه ام صداع عادي بسبب التعب والإرهاق ... لكن عقله لم يهتم لكل ذلك الالم ما يشعر به الان من خوف يهز قلبه ويجعله يرتعش ... ليس على نفسه ولكن على نادين ... هو السبب وراء ما سيحدث لها من مشاكل ومتاعب لولا حديثه مع عيسى لما فُتحت أمامة الأبواب المغلقة .. وعليه الان ان يأخذ موقف قوي .. وعليه أيضًا ان يحميها حتى لو كان الثمن عمره فهو أبدآ لن يكون السبب في وفاتها او اي ضرر يمسها كما كان لدينا ... لكن ماذا عليه ان يفعل؟ ما هي الخطوه الصحيحه الان؟ ... ظل عقله يبحث عن حلول حتى لمع داخل عقله اسم قد تغافل عنه منذ وقت طويل لكن عليه الان ان يعود ويتذكره جيدا
~~~~~~~~~~~
يقف أمام نافذة غرفته يدخن سيجارة والغضب مازال بداخله لا يهدء ... ما فعله بالأمس كان مجرد خطوه صغيره في طريق انتقامة ولن يوقفه احد
ابتعد عن النافذه بعد ان القى سيجارته وتمدد على السرير واغمض عينيه وهو يفكر في خطوته القادمة هل سيظل خلف سليم؟ ... ام سيضع خطه من اجل نادين
وتلك الخطوه بالنسبه له الاهم والاحب ... فبعدها ستكون نادين له للأبد
لكن النوم غلبه وغط في نوم عميق ... لكن عقله لم يتوقف عن تخيل وتصور مشاهد للخيانه فجسده ومنذ اول لحظات نومه بدأت حبات العرق في الظهور على جبينه ومن وقت لآخر ينتفض جسده وكأن الكهرباء تسير في جسدة بقوة
~~~~~~~~~~~~~
مرت عده أيام لا جديد يذكر ... ف عيسى لم يظهر ف طريق سليم وذلك كان يثير خوف سليم أكثر وأكثر خاصه وهو يتوقع الاسوء ويعلم ان عيسى لن يستسلم
لكنه لم يتوقف عن زيارة سامية حتى انها ظلت توصيه على نفسه حين رأت جرح راسة وقص عليهم ما حدث .. وظل عثمان يوصيه بعدم اهمال القصه والا يهمل الامر ويتابع مع الشرطة وكان عقله هو سارح في تلك الصامته التي تنظر اليه بعدم فهم حتى انها بعد ان دلف والديها لاداء الصلاه قالت ببعض الشك
- أنت ليك أعداء؟
هز راسة بلا ... ثم قال ببعض الشروط
- عمري لكن من الواضح اني صنعت واحد من غير ما اعرف
كانت تشعر بالصدمة وقالت بعدم فهم
- مين ده؟
لكن عقله كان بعيد تمامًا عنها وعن اسألتها ... كان يعيد عليه ما حدث منذ يومين حين وصل أخيرآ للرقم الذي كان يبحث عنه وحين أتصل به ظل صامت لبعض الوقت يستمع لذلك الصوت الذي افتقده منذ سنوات ... هو صديقة المقرب والوحيد حتى تعرف على دينا ... ورأى في عينيه نظره اعجاب بها فشعر بالخوف وابتعد عنه تمامًا ... فهو كان في ذلك الوقت طالب في كليه الشرطة وحين يأتي لزيارته يكون بزيه الرسمي ويرى بنفسه عيون الفتايات التي تنظر له بأعجاب شديد ... ومن كثره حبه لدينا ابتعد عنه ولم يعد يجيب على اتصالته وفي موعد اجازته يختفي تمامًا ويذهب هو دينا الي نزهه بعيدًا عن الجامعة مؤكد كان تفكيره خاطىء لكن ماذا كان عليه ان يفعل فهو كان يعشق دينا حد الجنون
عاد من أفكاره على صوت محدثه وهو يسأل
- مين معايا؟
- سليم الشافعي
اجابه بصوت ضعيف قليلًا ليعم الصمت لعده ثوان حتى قال عمر بترحيب
- سليم الشافعي عاش من سمع صوتك يا هندسة فينك يا ابني من زمان
- انا محتاجك يا عمر ... هتقدر تنسى اللي فات وتساعدني
قال سليم مباشرة غير قاصد تجاهل كلمات صديقه لكن الخوف بداخله اكثر بكثير من اي شيء
ليجيبه عمر قائلا
- انا موجود في القسم (...) لو عايز تيجي نقعد مع بعض ونتكلم
اتفق معه واخذ العنوان وتوجه اليه سريعًا
وحين وصل قابله عمر بترحاب كبير ... وصدم سليم حقًا حين راه ... بجسده العضلي الكبير وملامحه التي زادت خشونه ووسامة ... صحيح هو يقاربه في تفس الحجم لكن طوال حياته يرى عمر اوسم منه وأفضل منه أيضًا ولا يفهم سبب ذلك
- اهلا اهلا سليم باشا نورت القسم يا باشا والله وحشني يا غالي
- ازيك يا عمر عامل ايه؟ وأنت كمام واحشني جدًا
قال سليم بترحيب وسعادة أشار عمر له ان يجلس ونادا بصوت عالي
- يا صول عفيفي ... كوبيتين شاي على مزاجك
- حاضر يا فندم
اجابه الصول عفيفي بصوته الجهوري ليعود عمر وجلس أمام سليم بعد ان ربت على ساقه بسعادة وقال
- والله ليك واحشه طمني عليك
قص سليم له كل ما حدث معه منذ فتره اعجابه بدينا وابتعاده عنه وخطبتهم وموتها ... حتى ما قام به عيسى ... ليقول عمر بأبتسامة صغيره
- رغم اني زعلت انك فكرت فيا كده ... لكن انا عاذرك وعارف ان الغيره مرض ونار ..
ثم قال بمواساه
- الله يرحمها البقاء لله يا سليم
- الدوام لله
قال بصوت حزين ليكمل عمر كلماته
- بالنسبه لنادين فالموضوع كده معقد هي متعرفش ... وهو معملش حاجه مؤكده وواضحه ... واي خطوه منك تجاه نادين مهما كانت نيتك خير هو هيفها غلط ... لان للاسف ده مريض ومرض الشك قاتل .. ونهايته وحشه
اخذ نفس عميق وهو يكمل
- على العموم اكتبلي عنوانها ولو معاك صوره ليها ياريت وصوره ليه هو كمان ... وانا هحاول اعمل حاجه ... بس خد بالك ده علشان الصحبيه بس لكن قانونًا انا معنديش قضيه أصلًا
أومأ سليم بنعم واخذ احد الأوراق الموجودة على المكتب وكتب عنوانها وعنوان الشركة وعنوانه واخرج هاتفه وارسل اليه صوره لها وكذلك لعيسى
عاد من افكاره على صوت نادين وهي تقول
- انا هرجع الشركة بكره المشروع اللي شغالين فيه كده اتعطل بما فين الكفايه ومش عارفه اذا كان باشمهندس عيسى شغال عليه ولا لأ
اخذ سليم نفس عميق يحاول اخراج نفسه من دائره الخوف والحيرة وقال
- الحقيقه عيسى استقال لظروف خاصه بيه .. والمشروع بقا بتاعك أنتِ لوحدك ولو محتاجه حد تاني من المهندسين مفيش مشكله
شعرت بالصدمة لكنه لم يدعها حتى تعبر عن صدمتها او اندهاشها ووقف وهو يقول
- انا هروح ومنتظرك بكره في الشركة ان شاء الله
وغادر سريعًا لكنه وقف عند باب البيت ينظر في كل الاتجاهات يحاول ان يرى عيسى في اي مكان لكنه لم يرى اي شيء غريب فصعد الي سيارتة وغادر
لكن كانت بالفعل هناك عيون تنظر في اتجاهه بشر كبير وتوعد أيضًا

للقدر دائمًا رأي أخر " قصة" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن