الفصل الخامس

584 72 7
                                    

معلش لو الفصل صغير بس بجد مرهق جدا جدا وتعبني نفسيًا اتمنى يعجبكم

للقدر دائمًا رأي أخر
(( الفصل الخامس ))

وجدت سيارة الإسعاف تقف امام بيتها والناس جميعها تتجمع امامه والهمهمات حول سقوط والدتها لتركض الي الاعلى والدموع تغشى عينيها تمنع الرؤية تجعلها تسقط بين كل درجة واخرى حتى ان بنطالها قد قطع وجرحت ساقها وأيضًا يديها
حين وصلت بيتها وجدت المسعفين يضعوا والدتها على السرير النقال ووالدها يقف بجانبهم يمسك يديها وهو يقول
- متسبنيش يا سامية ... انا عارف ان دينا وحشتك وعايزة تروحي لها بس انا لسه محتاج وجودك جمبي ونادين محتجالك
حين تحرك المسعفين ليغادروا المنزل لمحها والدها واقفه كتمثال من شمع عيونها مليئه بالخوف ليقترب منها يضمها الي صدره وهو يقول
- ادعيلها يا نادين ادعيلها يا بنتي
رفعت عيونها اليه وقالت بصوت ضعيف يكاد يسمع
- ايه اللي حصل؟
- معرفش يا بنتي انا كنت بصلي العصر ولما خلصت لقيتها قاعدة على الكنبه وماسكة راسها بسالها مالك لقيتها وقعت على الأرض مغمى عليها.
اجابها موضحًا كل ما حدث .. لينتبهوا لصوت صافرة سيارة الاسعاف ليركضوا حتى يلحقوا بسيارة الاسعاف بعد ان صعدوا الي سيارة عثمان
وقفت عند باب غرفة الطوارىء تستند على الحائط علها تدعمها في وقفتها فقدمها قد تخونها في اي لحظة وتسقط أرضًا
كان والدها يجلس على الكرسي القريب منها لا يختلف حاله عن حالها كثيرًا الفرق الوحيد ان سبحته لم تتوقف حركتها بين يديه وكذلك لسانه
علا صوت هاتفها لكنها لم تهتم ان تخرجه من حقيبتها حتى توقف رنينه ليعود من جديد ليقول عثمان
- شوفي يا بنتي تليفونك
رفعت عيونها تنظر اليه ولم تتحرك ليمسك هو الحقيبه
واخرج الهاتف ليجد اسم سليم فأجابه
- السلام عليكم
ليقول سليم ببعض القلق
- وعليكم السلام ... حضرتك اللي بترد على تليفون نادين ليه؟ هي كويسه؟!
- احنى في المستشفى
لينتفض سليم واقفًا وقال وهو يغادر منزله سريعًا
- مستشفى ايه؟ انا جاي حالا ... بس نادين جرالها ايه؟
فتح باب الشقه وهو يقول اخر كلماته ولكنه وقف مكانه حين وجد عيسى يقف أمامه وعلى وجهه ابتسامة اختفت حين وصلت اليه كلمات سليم
الذي اغلق الهاتف بعد ان استمع لكلمات عثمان بعنوان المستشفى حتى انه لم يستمع لباقي حديثه حين لاحظ
توحش نظرات عيسى وهو يقول بغضب وقلق مكتوم
- مالها نادين
- معرفش هما في المستشفى وانا كنت رايح لهم
اجابه بتوتر ... ليسبقه على السلم وهو يقول
- طيب يلا بسرعة
ليلحق به سليم سريعا والالم بداخل قلبه أصبح إثنان
~~~~~~~~~~
حين وصلوا الي المستشفى عاد سليم يتصل بهاتف نادين واجاب عثمان عليه وعلم مكانهم ومباشرة صعد اليهم وخلفه عيسى الذي يشعر بغيرة قويه لا يفهم سببها ... لماذا رقم هاتفها مع سليم؟ ماذا بينهم؟ هل كذب سليم عليه حين قال له انها بمثابه اخته الصغيرة؟ متغافل عن ان الامر عادي ولا شيء غريب فيه.
حين وصلوا الي مكانهم شعروا بالخوف بسبب هيئه نادين لكن غلب ذلك احساسهم بالراحه بانها بخير
اقتربوا بخطوات سريعة عيونهم على نادين الغارقة في عالم اخر عيونها معلقه بباب الغرفة والدموع تغرق وجهها لكنها صامته تمامًا
وقف سليم امام عثمان الذي وقف يستقبلهم ليقول سليم باستفهام
- خير يا عمي ايه اللي حصل؟
ليقص عليه عثمان كل ما حدث ... ليظهر الخوف على وجه سليم وهو يقول بهمس
- ماما ساميه ... ربنا يستر
نظر عثمان لعيسى ليقول سليم موضحًا
- مهندس عيسى صديقي وزميل نادين في الشغل
- اهلا يا ابني
قالها عثمان دون اهتمام حقيقي وعاد يجلس في مكانه ... ظل عيسى واقف في مكانه عيونه معلقه بها ... ثم ترك سليم الذي جلس جوار عثمان رغم رغبته القوية في الاقتراب منها ... وضمها الي صدرة يعلم جيدا تعلقها بوالدتها كما كانت دينا أيضًا ويعلم جيدا حالتها الان لكن اقتراب عيسى منها جعله يشعر بالالم والنار حارقة تشتعل داخل قلبه
وقف أمامها ينظر الي وجهها الذي تحول لونه للاصفر وذلك الخوف الذي كان يستتر خلف قوه وثقه واهيه الان يرتسم على ملامحها خوف واضح وحقيقي خوف يصل حد الرعب ... خاصه والدموع ترسم طرق غائرة فوق وجنتيها ليقول ببعض الشفقه
- ان شاء الله ماما هتبقى كويسة يا نادين
لم ترفع عيونها له ولم يظهر عليها انها قد سمعته من الأساس ليقول من جديد
- نادين لازم تتماسكي مينفعش كده
لترفع عيونها اليه وقالت بغضب
- تعرف ايه انت عن اللي انا حساه وازاي تنصحني بالتماسك ... تعرف ايه انت عن خسارة الناس اللي روحك فيهم ... انا لو امي راحت مني انا هموت ... دينا لما مشيت اخدت جزء كبير مني وامي هتاخد الباقي
رغم جلوسه بجانب عثمان الا ان كل كلمه قالتها وصلت اليه نحرت عنق قلبه... كسرت روحه .. واشعلت النيران من جديد في رماد كان يظن بآنه خمد
لكن كلمات عيسى نبهته لألم اخر يحاول نسيانه حين قال ببعض الخشونه
- لازم تقاومي علشان كل الناس اللي بتحبك وكل الناس اللي حواليكي ... علشان خاطر والدك ... اللي اكيد هو كمان مش مستحمل ولا قادر يستوعب احتماليه خسارة شريكه عمره... في الحزن والفرح في اليسر والعسر كانت جامبه وكتفها في كتفه.
لتنظر الي والدها الذي يحني رأسه ارضا وسبحته التي لا تتوقف عن الحركة بين اصابعه لتتحرك واقتربت منه غير مستوعبه لجلوس سليم جواره او اي شيء يدور حولها الا ان كلمات عيسى جعلتها تشعر بالخوف اكثر وارادت ان تشعر بالأمان بين يدي والدها وبسماع صوته وكلماته
لتجلس أرضًا امام والدها وامسكت يده التي تضم سبحته وقالت
- قولي حاسس بأيه؟ ... حاسس انها هتمشي؟ ... حاسس ان شوقها لدينا اكبر من حبها لينا وانها تفضل معانا ؟ قولي يا بابا
كانت الدموع تتجمع في عيني سليم ... الذي يود ضمها الي صدره ان ياخذ هو كل هذا الخوف والالم لقد اعتاد جسدة وقلبه على الحياه مع الم الفراق والده ثم دينا ومن بعدهم والدته لقد مر بكل انواع الالم ... لقد كتب الله عليه العذاب المستمر وها هو يعيش الم جديد ... خسارة ام كانت له نعم الام ... وخسارة دينا مره اخرى على صوره نادين
وكان عيسى ينظر لما يحدث ولا يشغله الا انها تجلس أرضًا امام والدها وسليم ... يريد ان يمسك سليم من ذراعة ويبعده عن مكان جلوسها فهو لا يتحمل تلك الصوره الحميميه
ليقول عثمان بدموع عينيه
- ربنا رحيم وعدل هو عارف الخير لينا فين ... لو الخير في رحيلها يا بنتي الحمدلله ولو الخير في انها تفضل معانا ف الف الف الحمدلله
اغمض سليم عينيه بالم ... وشهقت نادين فقط اختنق صدرها بالبكاء وانحنت تضع جبينها فوق يد والدها تبكي بصوت عالي
لم يتحمل سليم حالتها فقترب منها سريعًا يحاول ان يدعمها حتى تقف واجلسها على الكرسي الذي كان يجلس فوقه جوار والدها ... ليضمها عثمان الي صدره بقوه حانيه
لكن عيسى كان الغضب هو ما يتحكم فيه الان مؤكد هناك شيء بينهم ... سوف يحطم اسنان سليم ويكتم انفاسها بيديه اذا تأكد من الامر
~~~~~~~~~~~~
مرت عده دقائق اخرى وهم على حالهم ... لاحظ سليم غضب عيسى المكتوم لكنه لم يفهم سببه ... لكنه تجاهله تمامًا فهناك من هم اهم الان
فُتح الباب الذين يقفون امامه وخرج الطبيب ليقف سليم امامة وهو يقول
- خير يا دكتور امي مالها
- حضرتك ابنها؟!
سال الطبيب ليومىء سليم بنعم ليكمل الطبيب كلماته
- طيب بسرعة جيب ليها الحقن دي
لم ينتظر ليفهم السبب واخذ الورقك وركض حتى يحضر ما طلبه الطبيب لتقترب نادين وهي تقول
- امي مالها
- الحقيقه الضغط كان مرتفع جدا وكانت بدايه جلطة لكن لحقناها الحمدلله هي هتفضل في الرعايه معانا شوية ... وان شاء الله هتكون كويسة
اجابها الطبيب بتوضيح وشرح لتقول برجاء
- ممكن أشوفها ... أرجوك دقيقه واحدة بس ... أبوس أيدك هي دقيقه
أومأ بنعم وهو يشير للممرضة الواقفة خلفه ... فأشارت لها ان تلحق بها
حينها عاد سليم وبين يديه الحقن ليأخذها منه الطبيب قال
- ياريت تنزل الحسابات
ليومأ بنعم وتحرك ليذهب الي الحسابات لكن عيسى لحق به وأوقفه لينظر له سليم باستفهام
ليقول عيسى
- انا اللي هدفع الفلوس ... انا اللي ناوي اخطب نادين واكيد انا اولى بدفع المصاريف .. وياريت كمان تقولي على ثمن الحقن
ليدفعه سليم الي الخلف وهو يقول بغضب
- أنت آيه إللي أنت بتقولك ده ... العيله دي عيلتي أهلي كل ما ليا في الدنيا ... انا ابنهم ومفيش فرق بيني وبنهم ... أنت اللي لسه غريب يا عيسى ولحد ما تبقى قريب ملكش آنك تتكلم وحتى بعدها لازم تفهم كويس اوي علاقتي بيهم وتستوعبها وتتقبلها ... ده احسن لك.
وتركه واقف مكانه وتحرك للحسابات تاركًا خلفه رجل غاضب والشيطان يرسم له صوره كاملة لتفاصيل خيانة واضحه من وجهه نظره
~~~~~~~~~~~~
دلفت نادين لغرفه الرعاية ... أقدامها ترتعش كباقي جسدها ... لكنها ظلت واقفه عند باب الغرفه تنظر الي جسد والدتها الموضوع على جهاز التنفس ... وتلك الحنقه المعلقه بيديها ويخرج منها خرطوم طويل بداخله السائل المغزي الذي يحمل لها الأدوية حتى تعود اليهم بخير ... اغمضت عينيها لثوان ثم فتحتها وهي تقترب بأقدام من هلام
حتى وصلت الي السرير لم تعد تحملها قدميها فجثت على ركبتيها وبكت بصوت عالي وهي تقول
- قومي يا امي قومي ... علشان خاطري انا محتجالك يا امي
اخذت عده انفاس متتاليه ... شهقات في محاولة السيطرة على دموعها التي لا تتوقف وأكملت قائلة
- لما دينا مشيت حسيت بالبرد .. حسيت اني بقيت وحيدة لكن وجودك ... حضنك .. دعوتك كانت بتقويني يا امي بتحسسني اني أقدر أكمل وأعيش لما كنت ...
لم تستطع اكمال كلماتها بسبب شهقاتها المتتاليه ... لتنحني تقبل يد امها عده قبلات ثم اراحت راسها عليها وأكملت
- لما كنت اشوف ضحكتك ... كنت بحس ان الدنيا كلها بتضحك حتى دينا كنت بشوف صورتها اللي متعلقه على الحيطه بتضحك ... لما كنت اسمع دعواتك احس ان ابواب الدنيا كلها بتتفتح ليا
رفعت راسها تنظر الي وجهها الذي ظهر عليه علامات الكبر ... ولاحظت تلك الخطوط التي تحاوط عينيها وحول فمها وهي تفكر متى كبرت والدتها؟ ... متى رسم الزمن تلك الخطوط على وجهها ... لكنها أكملت من بين شهقاتها
- قومي يا ماما انا لسه محتجاكي وعمري ... عمري ما هبطل أحتاجك ابوس ايدك اوعي تسبيني انا قلبي موجوع يا ماما ... قلبي موجوع اوى وأنتِ بس .... أنتِ بس اللي قادرة تخلي الوجع ده يروح ويختفي
مسحت دموعها بظهر يديها واكملت قائلة
- طيب قومي علشان خاطر عثمان ... حبيب عمرك ... هتسبيه لوحده ... مين هيعمله العصير الفرش من غير سكر ... ويديله الدوا
علا صوت بكائها وهي تربت بقليل من العنف على كتفها واكملت
- قومي والنبي ... قومي
واخفضت راسها تبكي بصوت عالي وهي تردد كلمه (( قومي ))
لتشعر بشيء فوق راسها وكآن احد يربت على راسها بحنان لتحرك راسها ببطىء لكنها لم تجد شيء او احد حولها لتقبل يد والدتها من جديد وقالت
- هتقومي صح؟ انا عارفة اني مش ههون عليكي تسبيني ... صح يا ماما؟
حاولت الوقف لكن قدميها خذلتها فعادت تجلس من جديد ... لكنها حاولت مره اخرى واقتربت تقبل جبينها وهمست جانب أذنها
- انا وبابا واقفين بره ... مش هنمشي ألا وأنتِ معانا ... مطوليش بالله عليكي وارجعي بسرعة ... انا اكتشفت اني مكنتش مخليا بالي منك ... اني كنت مقصره معاكي اوعى تمشي قبل ما اعوضك عن انشغالي عنك اوعي تسبيني ارجوكي يا ماما اوعي تسبيني.
اقتربت منها الممرضة وحاولت ابعادها عن والدتها وهي تقول
- كفايه كده سبيها ترتاح وان شاء الله هتكون كويسة
نظرت اليها نادين بتشتت لكنها أنتبهت لما قالته فنظرت الي والدتها من جديد وقالت
- مستنياكي بره يا ماما مش هروح من غيرك
وتحركت مع الممرضة لكن عند باب الغرفه امسكت يدها بتوسل وقالت
- ارجوكي خلي بالك منها ... ابوس ايدك
- متقلقيش والله في عنيا
اجابتها الممرضة بابتسامة بشوشه لتومىء نادين بنعم وغادرت الغرفه لتجد والدها يقف أمامها ينتظر خروجها لتركض اليه تلقي بنفسها بين ذراعيه وهي تقول
- هتقوم يا بابا ... ان شاء الله هتقوم
- ان شاء الله يا بنتي .. ان شاء الله
ردد خلفها وهو يضمها بقوه وعيونه تنظر الي السماء يدعوا الله بقلب راضي بقضاء الله وقدره طامعًا في رحمه خالقه ... وحسن الظن به

للقدر دائمًا رأي أخر " قصة" حيث تعيش القصص. اكتشف الآن