**
أسبوع كامل مر بعد ذلك اليوم لم يحدث فيه شيء يذكر ... الحال كما هو عليه .. راسيل تمضي طوال اليوم في المختبر تقوم بعملياتها بدون ان تسمح لأحد بالدخول و رؤية شيء مما يتعلق بالمعلومات التي تركتها لها والدتها بينما في الليل تمضي ليلتها أسفل زوجها اللعين الذي فقد عقله تماما .. اصبحت لا تفهمه حقا كل ليلة يضاجعها حتى تنام بين ذراعيه و حين تستيقظ تجده مستندا بظهره على السرير يتأملها و يدخن سيجارته ... وجدت شيئا في تصرفاته هذه يجعل الرحيل عليها صعب ... كل يوم اصبحت تصراع داخلها جزء منها يطلب الرحيل و جزء آخر يتوسلها ان تبقى معه .. ان تمسك يديه بقوة و لا تبتعد ابدا ... فقط لماذا يفعل بها هذا .. لماذا يجعل حتى الرحيل مؤلم بهذه الطريقة ... ما لا تفهمه لماذا الآن ...ألم تتمزق أمامه طوال كل تلك الاشهر إذا لماذا لم يختر الا الوقت الذي وصلت فيه للنهاية كي يتمسك بها بهذه الطريقة ... هل حقا هي السبب فيما يحدث معه كما يدعي ... هل هي من اذنبت في حقه حين احبته و جعلته يرفض فكرة ان يكون كل ذلك بالنسبة لها لا شيء ... في الحقيقة لم يكن و لا شيء بالعكس كانت تحبه لدرجة انها مستعدة ان تفني عمرها بجواره بدون مقابل .. فقط تنتظر ذرة حب منه... و لكن صغيرها الذي يسكن احشائها اهم منها و من رغباتها
لا تعلم كيف انتهت وجبة الفطور اخيرا بدون ان يقوم زوجها اللعين بقتل إيلام المسكين .. منذ أتى و حياته معرضة للخطر كل يوم و كل مرة يتقابلان في طاولة الطعام يرمي سافيدش بلاءه على المسكين فقط كي يجد سببا يقتله به او يبرحه ضربا من حسن الحظ ان الآخر لم يخيب ظنها ... مهما رمى عليه الكلام يتجاهله و يمضي فترة الطعام يتأملها بحب كما عودها .. تعلم انه يريد اطعامها بيديه و احتضانها بقوة ... المسكين بالفعل اختار ملابس للطفل سواء كان ذكرا او انثى ... حقا إيلام كان احسن خيار لتكمل معه حياتها .. رجل يحبها بصدق و يهتم لكل تفاصيلها .. لا ينتظر منها مقابل جسدي على مساعدته فقط يضحي بدون مقابل ... اساسا كان إيلام بتول ... لم يمارس الجنس في حياته .. لم يدخل حتى في علاقة مع اي فتاة .. رجل عفيف مثل حبه ... و هذا ما يؤلم قلبها .. انها لا تستحق رجلا مثله .. كان يستحق فتاة افضل منها بكثير تكون عذراء مثله و تحمل له نفس مشاعر الحب ... و لكن ماذا ستفعل هذه هي الحياة .. فقط ستحاول ان لا تحزن قلبه ابدا .. ستكون له زوجة وفية مهما حاول قلبها اللعين في المستقبل اضعافها لن تفعل .. كانت راسيل بشخصية ثابتة و صاحبة مباديء .. اكثر شيء تكرهه هو الخيانة .. لا تخون ابدا و حتى اذا خانها من تثق به لا ترد له الاذى بنفس الفعل فقط تنسحب اذا استطاعت و اذا لم تستطع تبقى و تتحمل اختيارها
كالعادة امضت يومها في المختبر تجري اختبارتها في سرية لتخرج بعد ان انتهت او بالاصح بعد ان احست بالتعب و حاجتها للراحة .. مع مرور الوقت اصبح الحمل يتعبها اكثر و خاصة اليوم كان رأسها يؤلمها بشدة ... فقط ارادت وسادتها لا غير .. ما إن وصلت الى غرفة نومها نظرت حولها في المكان جيدا كي تتأكد انه غير موجود .. تنفست الصعداء و هي تتأكد لتركض للحمام اخذت حمام سريع لم يأخذ منها حتى خمس دقائق فقط رمت على نفسها ماء دافيء ازالت به الدماء عنها ثم خرجت بسرعة تريد النوم قبل ان يأتي اللعين و لكن ليس كل ما يتمناه الشخص يدركه ... كتمثال الحرية وجدته واقفا امام باب الحمام يحمل في يده سيجارته .. ارادت ان تبكي حرفيا ارادت ان تبكي و تلعن حياتها السخيفة .. هل يراقبها هذا الرجل او ماذا .. في المرة القادمة ستنام بدمائها .. تكلمت بقلة حيلة : انا متعبة حقا اليوم .. اشعر بالألم فقط دع ذلك للغد ثم انت ألا تتعب من ممارسة الجنس ؟
اجابها راسما ابتسامة جانبية على فمه : لا .. لا اشبع و لن تنامي قبل ان نمارس الجنس راسيل .. اخبرتك حتى اليوم الذي ننفصل فيه ستكونين لي كل ليلة
ضغطت على اسنانها بغضب ساحق قلبها كان يتحطم داخل صدرها فقط ابعدت نظرها عنه تتكلم بنبرة منزعجة : ماذا تريد بحق السماء .. فقط إثبت على موقف اصبتني بالدوار كل يوم بقرار
عادت بخطوتين للخلف ما ان اقترب منها ليرتطم ظهرها بالباب خلفها مع ذلك لم يتوقف اكمل اقترابه الا ان اصبح ملتصقا بها .. رمى سيجارته ارضا ليمسك ذقنها بين اصابعه رافعا وجهها قليلا بينما يده الاخرى كعادته بدأ يبعد بها شعر غرتها عن جبينها و اخذ يمسح هناك متحسسا جلدها .. اجابها انفاسه المختلطة برائحة السجائر داعبت ارنبة انفها المتورد : لا اريد ان تغادري .. هذا قراري ... غيرت رأيي لا اريد ان ننفصل و لن اسمح لك بالرحيل
من مكانها استطاعت سماع صوت قلبها يتحطم بجملة واحدة يريد تخريب كل ما خططت له .. يريد ان يحول اجمل احلامها الى ابشع كوابيسها فقط من اجل تملكه اللعين و امتاع قضيبه ...لا .. لن تسمح بهذا ايضا الا حياة هذا الصغير ستفعل من أجلها المستحيل لذلك بكل غضب اجابته تصفع يده مبعدة اياها عن وجهها : و هل هذا شيء برغبتك ... السيد سافيدش لا يريد ان احبه اكون مجبورة على عدم حبه .. السيد سافيدش يريد ان احبه يجعلني احبه .. هل هذا زر تضغط عليه متى ما اردت ... ليس بمزاجك .. سأغادر و ساتدأزوج و انت ستكمل حياتك من حيث ما توقفت .. ثم ماذا حدث لشخصيتك الجبارة و كرامتك التي لا تخضع .. لماذا لا أرى الآن سوى رجل ضعيف أمام مشاعره الغير محددة و مثير للشفقة
تعلم .. كانت تعلم ان ما قالته سيثير غضبه .. سيجعل عيناه تتلون بالاحمر و ستجعله ينظر لها بمثل هذه النظرات و لكن امثاله هكذا كبريائهم اقوى منهم .. حين يصل الامر لكرامته سيضع ألف حد .. سينهي كل اعتبار و سيرمي كل شيء خلفه و يغادر .. رجل لم يسمح لشخص ان يدعس فوق ظله كانت متأكدة انه سيجن بعد هذا الكلام و كبريائه من سيسيطر عليه و لكنه لم يفعل .. رأت كم كان غاضبا مما سمعه .. رأت موتها في عينيه لجزء من الثانية و لكنه اخفى كل شيء مجددا تحت ملامح البرود و تلك الابتسامة المستفزة مومئا رأسه بتفهم يده اخذت طريقها لجيب سترته يسحب سيجارة اخرى لنفسه .. اشعلها يجلس على حافة السرير فارجا ساقيه قليلا : مثير للشفقة إذا .... و اتسعت ابتسامته معيدا الايمائة كأنه يحاول ان يحفظ كل حرف قالته قبل أن يرفع نظره لها : ماذا ايضا ؟ .. مثير للشفقة و مريض عقلي .. مجنون و متملك .. ماذا ايضا ؟ .. قولي كل ما لديك لا تخجلي
احست بالقهر في كل حرف قاله .. لم تقصد ما قالته رغما انها تعمدت قوله فقط كي يسمح لها بالرحيل مع ذلك لم تقصد ان تجرحه ... مع انه فعل ذلك كثيرا جرحها عدة مرات مع ذلك قلبها كان يتمزق في تلك اللحظة .. لأنه لم يكن مثيرا للشفقة كما قالت .. لم تراه يوما مثيرا للشفقة و كل محاولاته لجعلها تبقى كانت تشعرها بالسعادة حتى لو إدعت عكس ذلك ... اقتربت منه تجلس فوق ساقه لتمسك وجهه بحنان : فقط دعني اذهب سافيدش .. انت تجعل الرحيل صعبا على كلينا
أومأ بتفهم تام مبعدا إياها من فوقه : حسنا غادري .. ما دمت تريدين الرحيل لن اتمسك بك مجددا .. و الآن نامي بما انك متعبة سأخرج ... وقف من مكانه متجها للباب يريد الرحيل .. كانت تعلم الى اين سيذهب ... سيبحث عن اي مكان يدفن فيه نفسه كي يوقف الالم .. سيشارك نفسه مع اي عاهرة تقابله لذلك و بدون ان تشعر حتى امسكت ذراعه بقوة معيدة إياه لها مقبلة شفاهه بعمق و رغبة مميتة يداها اخذت تخلع عنه ملابسه بينما كانت تعود بخطواتها للخلف ساحبة اياه من ربطة عنقه معها للسرير
بعد عدة ساعات تحركت في السرير تتقلب بينما احست بألم في بطنها .. فتحت عينيها ليقابلها هو بنفس وضعيته يدخن سيجارته ما ان نظرت له بادلها يسأل : لماذا استيقظت ؟ ... هزت رأسها وجهها تحول لونه للأحمر بينما ارتفعت حرارتها بطريقة رهيبة : لا شيء انا بخير ... تحسس جبينها بظهر يده ليلعن تحت انفاسه يقف من السرير : حرارتك مرتفعة سأتصل بالطبيبة .. قالها ببرود ساقيه تأخذانه بسرعة يتجه لهاتفه و لكنه توقف في منتصف الطريق متجمدا مكانه قبل ان ينظر لأسفله الملطخ بالدماء ... احست قلبها سيتوقف في تلك اللحظة .. لم تتمكن حتى من ابتلاع ريقها لتنظر بسرعة لأسفلها المليء بالدماء ... و كانت ثانية واحدة فقط صمتت فيها قبل ان تصرخ بأعلى صوتها تضع يدها على بطنها ... مالذي حدث .. هل مات صغيرها .. كيف حدث ذلك ... العديد من الاسئلة تناوبت على عقلها ليخطف منها ما تبقى من انفاسها معاودا الجلوس بجانبها :ما هذه الدماء ؟
هزت رأسها بلا أعلم ليتصل بالطبيبة .. ثم اعاد الجلوس بجانبها يراقب دمائها بينما هي حرفيا قلبها تحول لجرس كنيسة كان يطرق بجنون داخل صدرها خائفة من ان يحدث شيء لطفلها و خائفة ان يعلم بحملها .. كانت خائفة من كل شيء خاصة انه لا يريد مفارقتها و اذا طلبت منه ان يخرج سيشك الرجل بدون شيء يشك في كل شيء مع ان الطبيبة أكدت له انها ليست حامل مع ذلك لن ترتاح حتى تخرج من هذا القصر اللعين ... عدة دقائق مرت أوشكت لتصبح ساعة بدأ فيها الألم يزول تدريجيا و الدماء تحولت لعبارة عن تنقيط مع ذلك لم تفتح فمها اكتفت بالصمت حتى دخلت عليها نفس الطبيبة التي اتفقت معها فيكتينا مسبقا .. احست بنوع من الراحة كونها ستجد عذرا مقنعا له مع ذلك بقيت متوترة ان يكون حصل سوء للصغير
نظرت الطبيبة للدماء ثم نظرت لها بهدوء قبل ان توجه كلامها له : متى حدث لها هذا سيدي ... اجابها بهدوء : قبل ساعة تقريبا .. أومأت رأسها لتجلس بجانبها و بدأت تفحصها جيدا بينما اكتفت هي بمراقبة تعابير وجهها ربما تقرأ شيئا يخص جنينها حتى انتهت الاخرى من فحصها راسمة ابتسامة على وجهها ثم نظرت لها بهدوء تخبرها من عينيها ان لا تخاف و ان الطفل بخير معيدة لها انفاسها .. وقفت من جانبها موجهة كلامها لسافيدش : لا تقلق سيدي الآنسة بخير .. هذه فقط الدورة الشهرية لم تنزل لها منذ عدة أشهر لذلك أتتها بهذه القوة
حسنا و الآن ضمنت ان كل شكوكه اختفت حرفيا ... لا تعلم حقا هل مرضها خير او شر .. بطريقة ما متلازمة تكيس المبايض التي كانت سابقا تعتبرها عدو سعادتها وجدتها الآن تساعدها في هذه المصيبة ... ربما سبب عدم شكه طوال تلك الاشهر انه يعلم بأن مرضها يتسبب في تأخر في الدورة بالاضافة الى كذب فيكيتنا عليه و الطبيبة ازالوا كل شكوكه ... مهما كان الشخص عبقري او ذكي لا يستطيع قراءة الغيب او إبصار ما يوجد داخل النفوس ... اومأ رأسه بتفهم لتعطيه بعض الأدوية كانت عبارة عن مقويات و فيتامينات لا تؤذي الجنين و في نفس الوقت يتم تقديمها لمن تأتيهم الدورة كي يعوضوا الدماء التي يفقدها جسدهم لتخرج بعد ذلك تاركة إياها معه .. شيء آخر جيد فيما حدث الليلة أنه لن يمارس معها الجنس لخمسة أيام على الأقل .. تكلم بجانبها يرتدي سترته : هل تستطيعين النزول للمختبر و انت مريضة ؟
أومأت رأسها بنعم : الدورة تأتي بألم لبضع ساعات ثم يزول لا تهتم سأنزل و أكون جاهزة قبل موعد القبض عليك
تنهد بهدوء ليخرج بعد ذلك من الغرفة بينما جلست تنتظر قدوم فيكتينا و التي دخلت و برفقتها إيلام .. بمجرد ان وقعت عيناه عليها إمتلأت بالدموع .. احتضنها بقوة هامسا امام فروة رأسها : كدت افقد عقلي حين اخبرتني .. مسحت على شعره بحنان تقبل خده : لا تخف انا بخير الطبيبة ابتسمت في وجهي هذا يعني ان الصغير بخير مع ذلك لا اعلم سبب نزول الدم
اجابتها فيكتينا هامسة امام اذنها كي لا يسمعها إيلام : اخبرتني ان نزول الدم ناتج عن الجماع و هذا امر طبيعي في هذه المرحلة من الحمل لا تخافي كما انها تعمدت اخباره انها الدورة كي لا يلمسك لفترة
ارتاح قلبها لتبتسم بسعادة مفرطة و كالوحوش وقفت من مكانها تسحب الطعام من الصينية و بدأت تأكل بينما تغير ملابسها تريد النزول للمختبر كلما انتهت مبكرا كلما خرجت من هذا القصر أبكر ... مع انها تعلم بمقدار المجازفة التي تقوم بها و لكن لم يعد هناك وقت للتراجع سبق و أن حددت قرارها و رسمت خطتها للعيش بسعادة و ستفعل ذلك حتى لو إضطرها الامر لتدمير صورتها في عينيه
**
نظرت إيفا لهاتفها الذي رن مبرزا إسم جييفيا و رغم عدم قدرتها على الرد الا انها فعلت تنظر للخارج من نافذة غرفة والدها من المكان الذي أمضى كل هذه السنوات يتأمل العالم منه بعيون لا تبصر شيئا : مرحبا اختي
اجابتها جيفييا بنبرة قهر : آسفة إيفا .. انا آسفة لعدم تواجدي معك في وقت كهذا الرئيس أرسلنا في مهمة عاجلة و هاتفي كان خارج نطاق التغطية لذلك لم أسمع بخبر وفاة والدك .. جعله الرب في الجنة
اومأت رأسها بتفهم مجيبة ببحة نتجت من كثر صراخها و هم يخرجون جثة والدها قبل أسبوع : لا تعتذري أختي أعلم أن عملك متعب المهم أنك بخير .. أعلم لو كنتِ هنا لم تكوني ستتركيني لوحدي لذلك لا تحزني أبدا ... لقد مات و انتهى الأمر أساسا الطبيب أخبرني أنه سيموت يوما ما بسبب المرض أنا فقط من تمسكت بأمل صغير
سكتت جيفييا لا تجد ما تقوله لها .. خسارة أحد من عائلتك كان مؤلما .. أن تخسر والدك كان حقا من أسوأ الاحاسيس و هي اكثر من تمزق بهذا الشعور ... خسرت والدها و ستة اخوة في يوم واحد .. تكلمت تنظر للطيار الذي تكلم يطلب منهم اغلاق هواتفهم النقالة : حسنا إيفا عزيزتي انا الآن عائدة للبلد سيتطلب مني الامر ثمانية ساعات لأكون هناك و سآتي لك مباشرة هل اتفقنا
أومأت بإمتنان لا تعلم كيف تعيد لهذه المرأة و لو جميلا واحدا لها .. انقذت حياتها .. ساعدتها في الدخول لآريكسو و إيقاف ذلك الألم في قلبها يبحث له عن أعذار مع أن المكان المحتجز فيه كان سر أمن دولة قد ينتج معاقبتها بسبب ادخالها لشخص هناك مع ذلك لم تهتم وثقت بها و اخذتها بدون ان تضع حتى شيء تغطي به عينيها .. ساعدتها ماديا و اعادتها للعمل بعد ان تم طردها .. كل هذا لا شيء أمام مساعدتها لها فترة اكتئابها كيف جعلتها تمضي معها عدة أيام تفسحها و تحكي لها عن ألمها و تحضتنها اثناء بكاءها .. حرفيا كانت جيفييا ملاك في جسد انسان ... يقال ان المرأة عدوة المرأة .. اجل هذه قاعدة ثابتة اغلب النساء هكذا و لكن جيفييا كسرت تلك القاعدة و كانت من احدى الاستثناءات عليها .. اجابت بنبرة دافئة : حسنا اختي سأذهب للعمل الآن لأني تغيبت كثيرا و المديرة اتصلت بي تطلب مجيئي .. حين تعودين سنلتقي
جيفييا بحب : حسنا الى اللقاء صغيرتي
اغلقت بعد ذلك الخط لتغير ملابسها بسرعة و تكلمت مع اختها .. نبهتها ان لا تفتح الباب لأحد و تعتني بشقيقها الصغير ثم خرجت من المنزل متجهة لمحطة الحافلات ... تطلب الامر منها تقريبا ساعة حتى وصلت لمكان الكافيتريا التي تعمل فيها .. كانت صاحبة المكان هناك منزعجة نوعا ما بسبب غيابها لمدة أسبوع تقريبا كأنها كانت تتفسح و تمضي الوقت في اللهو و المرح ... تجاهلت نظراتها المنزعجة لترتدي مريول العمل ثم شرعت في تقديم الطلبيات هاربة من احزانها .. قلبها كان عبارة عن كتلة من الاوجاع و الآلام .. الحياة فجأة فقدت طعمها بالنسبة لها .. حتى رغم ما فعله بها آريكسوا إلا انها تمسكت في حياتها من اجل والدها .. وضعت رأسها على صدره الدافيء و أخبرته بكل شيء .. بكت بين احضانه و هو اخبرها بأن لا تحزن و أنه سيكون هنا دائما من اجلها و ها هي تخسره برمشة عين ... مع انها لم تكن يوما فتاة عاق و لم تحزن قلب والدها و لا مرة مع ذلك كانت تشعر بالحسرة لأنها لم تتمكن من إنهاء دراستها و جعله يفتخر بها .. كشبح وسط تلك الكافيتريا كانت تتجول تأخذ الطلبيات و تقدمها جسدها من كثر العمل لدى الناس إعتاد على ذلك بينما عقلها كان في مكان بعيد و لم يعد لها إلا على صوت تلك الضحكة القوية التي أتت من جانب الكافيتريا الشرقي ... بالتحديد في المكان الذي يجتمع فيه نساء الطبقة المخملية
كأن شخصا أمسك قلبها و إعتصره لها احست بنفس ذلك الشعور المؤلم و هي ترى الساقطة والدتها جالسة مع النساء تشرب قهوتها و تضحك بأعلى صوتها تتباهى بملابسها باهضة الثمن و جواهرها ... هكذا كانت تضحك من أعماق قلبها و كأنها لم تتخلى على فلذات كبدها و كأن الرجل الذي احبها يوما لم يمت قبل أقل من أسبوع .. نار إشتعلت داخل قلبها .. مهما توسلت نفسها ان لا تفعل وجدت جسدها يتحرك بوحشية ناحيتها .. تكرهها .. تكره اليوم الذي انجبتها فيه .. تكره كل شيء يخصها و نعم سكتت كثيرا لذلك انتهى الصبر حقا هذه المرة كأنها فقدت عقلها امسكتها من ذراعها ساحبة إياها امام كل تلك النساء و كل من كان في الكافيتيريا تصرخ بأعلى صوتها تحت صدمة والدتها : هل تعرفون من هذه يا نساء ؟
نظرن لها بصدمة لا يفهمون ما بال هذه المجنونة الصغيرة بينما إصفر وجه آرما تبتلع ريقها و تحاول سحب ذراعها من يد الأخرى و اخراسها لكنها كانت كمن فقد عقله لتكمل بأعلى صوتها : هذه السيدة دوناريسلي آرما .. و التي كانت سابقا نيروز آرما ..سيدة المجتمع الراقي .. زوجة عميد المدينة السابق المرأة الجميلة التي تخلت عن ثلاثة أطفال أكبرهم هي أنا نيروز إيفايين .. اجل يا عالم هذه أمي التي تخلت على والدي بعد ان اصبح اعمى .. تخلت عني و انا مجرد مراهقة و تركت لي اخين صغيرين .. هذه العاهرة من جعلتني اتوقف عن دراستي و اذهب للطرق اتسول من الناس .. بسبب هذه المرأة تعرضت للتحرش لعدة مرات .. تم ضربي و سرقة اموالي .. بسببها كدت اخسر شرفي .. بسببها أتتني عروض ليلة مقابل مبلغ مالي ... بسببها عشت طوال حياتي أرى أبي يبكي عليها يتوسلني كي احضر له أي خبر عنها .. بسببها كبرت اسمع صوت بكاء ابي كل ليلة و بسببها كان آخر جملة قالها ابي قبل ان يموت هي سامحي امك إيفا ... هذه هي المرأة الراقية دوناريسلي آرما .. خذوها .. و دفعتها بقوة على الطاولة بكل غل و قهر دموعها فاضت من عينيها : خذوا عبدة الأموال قمامة المجتمع اجعلوها صديقتكم .. المرأة الخائنة كلبة الأثرياء .. هيا شاركوا حثالة قصصكم
هذا فقط لتبتعد عنها تاركة الجميع ينظر لوجه والدتها بقرف .. و في ثانية بدأت النساء تقفن من طاولة الطعام رامقين إياها و كأنها حثالة .. همست احدى صديقاتها و كانت ناشطة في حقوق الأطفال : عزيزتي آرما قبل ان تتبرعي للأطفال الايتام و امراض السرطان إذهبي و إهتمي بأطفالك يا عديمة القلب
ارادت ان تقول شيء تدافع به عن نفسها و تكذب ما قالته إيفا و لكن امرأة أخرى قاطعتها بتقزز : لا تحاولي الكذب ... لا احد منا يعرف عائلتك تقولين ان اصولك اوكرانية .. هاتي الدليل كما ان الفتاة نسخة طبق الأصل عنك و من نبرة صوتها لا تبدوا كاذبة .. هيا ابتعدي عن طريقي مقرفة .. و رجاءا احذفي رقمي من هاتفك .. او لا ليس رجاءا بل هذا أمر هكذا الكلاب تؤمر لا يرجى منها شيء
احست بقلبها تحطم في تلك اللحظات .. كل واحدة رمت عليها أسوأ الكلام .. كل ساقطة بينهم اعطتها درس في الاخلاق و الأمومة ليتركوها وحيدة بعد ذلك تحاول تغطية وجهها بشعرها لتهرب من نظرات الناس حولها .. كل هذا بسبب الساقطة الصغيرة ... ستريها .. ستريها الغبية كيف تهينها و تفضحها امام الملء .. بسرعة توجهت الى صاحبة الكافيتريا و لم تترك كلمة لم تقلها لها .. كانت غاضبة بشدة و هددتها انها ستبلغ عن محلها إذا لم تحضر لها إيفا كي تعتذر منها أمام الجميع .... أرسلت صاحبة الكافي لإيفا كي تأتي و بمجرد ان دخلت داخل المطبخ قلبت عينيها و هي ترى والدتها : ماذا سيدة آرما ألم تكتفي بعد ؟
تكلمت صاحبة الكافي بنبرة محذرة : إيفا ... هيا إعتذري من السيدة آرما أمام الجميع كي لا اضطر لفصلك من العمل
إبتسمت .. اجل إبتسمت بسخرية تخلع مريول المطبخ من فوقها رامية إياه في وجه صاحبة المحل : ضاجعي نفسك أنت و هي ... لن أعتذر .. ثم نظرت لوالدتها بحقد دفين : حتى لو متت من الجوع لن أعتذر من عاهرة مثلك .... يا عبدة المال .. اعتقد ان عليك ضرب حقنة او حقنتين من البوتوكس بدأت التجاعيد تملء وجهك .. هكذا سيغيرك زوجك العزيز .. ها .. حين يتم إعدام المخنث آريسكوا اخبريني سأحب رؤية جثته العفنة يأكلها الدود
بهذا خرجت من العمل ساحبة نفسا عميقا جبل و انزاح من فوق قلبها .. يا إلهي كم كرهت الساقطة كل هذه السنوات .. كم تمنت ضربها و تحطيم وجهها الصراخ و فضحها .. و ها هي تفعل ذلك أخيرا .. حسنا الآن انتهى بها الأمر بدون عمل و لكن من يهتم ستجد عملا آخر طوال حياتها اعتادت على الشقاء و الهم ليس بالأمر الجديد ...
عادت للمنزل بعد ذلك تريد تحضير بعض الطعام لتستقبل جيفييا مساءا و لكنها انصدمت و هي ترى بعض الناس الغرباء يطرقون باب منزلهم و يتحدثون لأختها من خلف الباب .. ركضت بسرعة لتسأل بإستغراب : من انتم ؟ و لماذا تطرقون الباب على اخوتي ؟
نظرت لها تلك المرأة ذات النظرات الطبية تحمل في يديها بضع الأوراق : نحن من شركة التأمين آنستي .. نريد استلام المنزل
إيفا بعيون مفتوحة : منزل من ؟
المرأة : المنزل الذي قدموه لوالدك كي يسكن فيه .. بعد وفاته انتهى تأمينه
اغمضت عينيها بقهر لا تصدق حظها اللعين ... لا هي في الاصل لم يكن لديها حظ ليكون لعين من الأساس ... نظرت للباب الذي فتح و خرجت اختها تنظر لها بخوف .. احتضنتها لصدرها معيدة نظرها لتلك المرأة : حسنا سيدتي اتفهم ذلك و لكن لا يحق لكم اخراجنا بدون تبليغ مسبق حتى ... على الأقل اعطوني أسبوع حتى اجد منزل آخر
اجابتها الأخرى : و لكننا ارسلنا تبيلغ منذ أسبوع بالتحديد بعد وفاة والدك بيوم
نظرت للبريد لتتذكر انها لم تفتحه منذ وفاة والدها ... حاولت الاعتراض و إيجاد حل مؤقت على الأقل حتى يومان او ثلاثة تجد فيه مسقط رأس لها و لكن الأخرى اعتذرت منها تخبرها انها عبد مأمور أيضا ... سقطت منها دموع خيبة أخرى من حياتها لتدخل مكسورة الخاطر تجمع ملابسها و ملابس اخوتها .. اتصلت بجيفييا و لكن هاتفها كان خارج نطاق التغطية لذلك قررت ان تذهب الى مجمع العدالة الذي تسكن به و تنتظرها امام البوابة الرئيسية لأن رجال الشرطة هناك يمنعون دخول احد لا يسكن المجمع ...
في الكافيتيريا انتهى نوكس من اجتماعه مع أعضاء منظمة حقوق المرأة و وزع عليهم المهام كي يجدوا النساء االلواتي يعانون من الاضطهاد و لا يستطيعون البوح بذلك ربما يستطيع مساعدة اكبر قدر منهن بدون ان
يستغل اوجاعهن كما قالت تلك الصغيرة إيفا
مرر عينيه على المكان الذي تعمل فيه يبحث عنها يريد ان يتحدث معها و يسألها إذا كانت تعرف بعض النساء يعانون من مشاكل و يحتاجون المساعدة و لكنه لم يلمحها .. توجه الى صاحبة الكافي ليبتسم في وجهها بلطف : مرحبا سيدتي الجميلة
ابتسمت الأخرى بخجل تضرب صدره : أي جمال سيد نوكس .. انا بالفعل اختفت معظم ملامحي
نوكس : هل رأيت زهرة قبيحة سيدتي ؟ .. انا لم أرى حتى حين تذبل تبقى جميلة لأنها خلقت لتكون كذلك و انتن النساء خلقكم الرب لتكونوا زينة الأرض
ابتسم و هو يرى كيف احمرت من شدة الخجل و هذا كان من اجمل الأشياء التي تتسم بها النساء .. الخجل الجميل مهما كان عمرها تحب سماع كلمة جميلة من حبيب او صديق او حتى غريب .. تبا لمن لا يحب النساء ... بلل شفتيه يمرر عيناه على المكان : سيدتي اردت ان أسألك عن الشابة التي تعمل معك .. نيروز إيفا اين هي ألم تأتي اليوم ؟
اجابته الأخرى بغضب : بلا أتت و قمت بطردها ..
نوكس بصدمة : لماذا طردتها ماذا فعلت ؟
نظرت له بنوع من الإرتياب و خشية ان يغضب تجنبت اخباره انها اهانت زوجة جده لذلك اكتفت بالتكلم سطحيا : لقد أهانت احدى الزبائن و سلوكها لم يعجبني لذلك طردتها .. أتفهم انها تمر بفترة صعبة بسبب وفاة والدها و لكن ليس من حقها ان تهين أحدا بسبب مشاكلها النفسية
اغمض عينيه بقهر لا يصدق ما سمعه .. فقدت والدها .. يا إلهي لابد انها حزينة بشدة شكر صاحبة الكافي بطريقة محترمة ثم خرج لسيارته .. سحب تلك الورقة التي تحتوي على اسمها و رقمها و عنوانها ليستعين بخريطة الطريق كونه لا يعرف كل الشوارع هنا .. منذ كان في عمر الثامنة لم يتجول في شوارع هافانا و حتى قبل ذلك لم يعش تلك الطفولة التي تسمح له بالتجول بسعادة .. كيف سيفعل و هو يمضي يومه يعالج نذوب و جراح والدته المسكينة .. كان والده رجلا قاسيا .. لا يكرهه مع ذلك لا يستطيع ان يحبه و يتمنى له النعيم .. فقط ترك حسابه للرب لأنه حقا ظلم والدته و استقوى عليها ... كانت والدته امرأة لطيفة جدا و قليلة الحيلة .. خادمة في قصر والده و احبته منذ كانت صغيرة و لكنه استغل حبها و انتهى بها الامر حاملا به لذلك اضطر ان يتزوجها ليكون ابنا شرعي له ... و تبا لو تركه ابن غير شرعي احسن من تعذيب والدته بتلك الطريقة .. كان كل ليلة ينام و هو يسمع صوتها تصرخ و تتوسله الرحمة او تأتي و تنام بجانبه لتترك له الغرفة كي يخونها فوق سريرها ... حطمها حرفيا و كانت أمانتها له قبل ان تموت ان لا يكون مثل والده ... من حسن الحظ انه لم يكن مثل ذلك اللعين .. كبر و اصبح الرجل الذي حلمت به والدته دائما .. يحترم كل النساء و لا يستطيع إيذائهن حتى و لو بكلمة
شرد تماما في ذكرياته ليفيق على صوت الدليل في الخريطة تخبره انه اقترب من المكان المقصود معلنة عن بقاء اقل من خمسون متر .. هنا حقا احس قلبه ينفطر و هو يرى الحي الذي تسكن فيه المسكينة إيفا ... كان اشبه بالمزبلة ... مزبلة انتجت زهرة جميلة جدا .. إستدار يسارا ليدخل شارعها و كاد يتوقف ليسأل احد السكان عن موقع منزلها بالتحديد و لكنه توقف تاركا السيارة تمشي لوحدها بينما عيناه علقت عليها تمشي و تمسك في يدها طفل صغير بينما تسحب باليد الأخرى حقيبة متوسطة الحجم و بجانبها الآخر كانت تمشي شابة اصغر منها بقليل
لعن نفسه يفيق من شروده ليعود بالسيارة قليلا للخلف ثم ركنها لينزل منها ينادي بإسمها ... إلتفتت ناحية مصدر الصوت لترى ذلك الشاب نست إسمه الناشط في جمعية حقوق المرأة ... إستغربت سبب تواجده هنا لذلك سألت بإستغراب : سيدي ؟ ... ماذا تفعل هنا
نظر لحقيبتها ثم لإخوتها يسأل : إلى أين تذهبين بهذه الحقيبة ؟ و لماذا تبكين ؟
تنهدت بقهر تمسح دموعها بكبرياء : ليس من شأنك سيدي .. إلتهي بشؤونك رجاءا .. تحركت تريد الرحيل و لكنه أوقفها يمسك ذراعها .. ابعدها بسرعة عنها بمجرد ان رمقته بنظرة محذرة ليعيق طريقها : رجاءا إيفا اخبريني مالذي يحدث معك و الى أين انت ذاهبة
تكلم شقيقها الصغير مجيبا إياه : أتت امرأة طردتنا من المنزل ... ضغطت على يده بقوة رامقة إياه بنظرة محذرة ثم اعادت نظرها لنوكس الذي همس بصدمة : ماذا ؟؟ كيف طردوكم من المنزل و الى اين انت ذاهبة الآن
إيفا : شركة التأمين إستعادوا منزلهم بعد وفاة والدي هل فهمت الآن سيدي .. نظرت داخل عينيه بغضب جعل قلبه يرأف بحالها .. المسكينة خسرت والدها و عملها و الآن أصبحت مشردة في الشوارع .. تنهد يمسح على شعر شقيقها الصغير ثم مسح دمعة نزلت من عيون شقيقتها ليعيد نظره لها : الى اين ستذهبين الآن اخبرتني صاحبة الكافي انها طردتك ؟
حسنا هذا الرجل حقا تجاوز حدوده لذلك اجابته تبعد يده عن شعر شقيقها : ليس من شأنك هل فهمت ليس من شأنك .. إذهب و إلتهي بأمورك اللعينة ليس لدي مزاج لأمثالك .. أصحاب الطبقة المخملية تبا لكم .. ماذا تريد من لعنتي ها ؟؟ .. مساعدتي و مشاركة اوجاعي مع بشر لا يمتلكون قلب .. هيا غادر سيدي إذا كان لديك كرامة غادر
ما إن انهت كلامها نظر لها بنظرة غاضبة رأت فيها كم ازعجته نبرتها مع ذلك إستطاع إخفاء إنفعاله كونها أنثى .. لو كان رجلا سيعلمه الأدب .. سحب نفسا عميقا يعيد سؤاله بإصرار : لن ابتعد حتى تخبريني أين ستنامين اليوم
لا فائدة على ما يبدوا لذلك اعطته إجابته : عند صديقة لي .. سأذهب لمنزلها الآن و ابقى معها لفترة حتى اجد عملا
نوكس : و كيف ستذهبين لمنزلها
إيفا بقلة صبر : سأستقل الحافلة هل إنتهيت من استجوابي الآن ؟
أومأ رأسه مشيرا لها ناحية سيارته : هيا اصعدوا سآخذك لمنزل صديقتك .. هزت رأسها بإعتراض تكاد ترفض الا ان شقيقها ركض ناحية السيارة يلمسها بيده : هل هذه سيارتك سيدي ... توجه نوكس ناحيته يمسح على شعره : اجل هل أعجبتك ؟
أومأ الآخر ملتفتا لأخته : دعينا نصعد نونا ... فتحت عينيها بطريقة محذرة كي يعود بجانبها تضغط عليه نفسيا كمحاولة منها لترهيبه و هذا ما حدث حقا تحرك الصغير ناحية اخته مرة أخرى يمسك يدها بينما عيناه معلقة على السيارة .. همس بإبتسامة مكسورة : في المدرسة التي بجانبنا يوجد سيارة مثل هذه تأتي دائما كنت احبها لذلك اردت ان اصعد عليها نونا لا تغضبي مني .... لماذا يا إلهي .. هذا ما همست به قلبها تمزق بألم لتعيد نظرها لنوكس الذي كان يتوسلها بعينيه ان لا تفعل هذا ... نظرت لشقيقتها التي بدى عليها الرغبة في الصعود أيضا و لم تجد نفسها الا تستسلم للأمر : حسنا هيا إصعدوا
إبتسم نوكس و هو يرى الصغير يركض ناحية المقعد الامامي .. بينما صعدت شقيقتها في الخلف .. اقتربت منه إيفا هامسة له بخجل : آسفة على طريقتي السيئة التي تحدث بها معك سيدي
نوكس : لا يهم إيفا و بالمناسبة إسمي نوكس .. نوكس آلبيرت
أومأت له بإبتسامة خجولة لتصعد بجانب شقيقتها بينما ابتسم هو بقهر يتذكر والدته الجميلة .. كانت تمتلك إبتسامة مثل إيفا و نوعا ما يحوم بها نوع من الخجل الجميل مثلها .. من حبه في والدته قيد نفسه على اسمها بعد ان اصبح في السن القانوني .. كره والده و كل ما يخصه حتى لقبه اللعين "دوناريسلي".. صعد في مقعده يضع حزام الآمان لشقيقها كان في السابعة من عمره و لكنه نحيف و يبدوا انه يعاني من فقر دم بسبب شحوبه لذلك يبدوا اصغر من عمره ... شغل لهم مكيف الهواء لينظر في المرآة الامامية امامه يحدق في انعكاسها تحتضن شقيقتها كأنها والدتها .. سأل : اين تسكن صديقتك إيفا ؟
إيفا : في مجمع العدالة ..
استغرب معرفتها لشخصية تسكن في ذلك المجمع الذي لا يسكنه سوى كبار شخصيات أمن الدولة مع ذلك لم يسألها كي لا يتدخل في خصوصياتها فقط توجه بها الى هناك حتى وصل بعد ما يقارب الساعة ... طوال الطريق كان يخلق لهم أجواء مريحة يضع موسيقى و يحاول الحديث مع شقيقها و شقيقتها اللذان تجاوبا معه بسرعة عدا هي .. كانت شاردة طوال الوقت عيناها حملت جروح و نذوب لا يبدوا ان الزمن كفيل بشفائها
ركن سيارته امام البوابة الرئيسية ينظر لها : اطلبي من صديقتك ان تسمح لنا بالمرور
نظرت لساعة يدها كانت العاشرة يبدوا ان جيفييا وصلت قبل ساعتين لذلك اتصلت بها ليرن الهاتف قليلا قبل ان تجيب الأخرى : إيفا عزيزتي انا آسفة تم إلغاء العودة و غيروا مسارنا لمهمة طارئة سأعود غدا صباحا هل اتفقنا
سكتت لا تعلم ماذا تقول فقط تنهدت بحزن تجيبها : حسنا اختي كوني بخير غدا لا تنسي ان تطمئنني عنك
جيفييا : حسنا صغيرتي و سكتت قليلا قبل ان تعاود الكلام : إيفا هل احتجت لشيء
و كأنها احست بها .. هذه المرأة حقا من المدينة الفاضلة التي حلم بها أفلاطون المدينة التي لا تحمل الشر ابدا .. ارادت حقا ان تخبرها انها تحتاج مساعدتها و لكنها لم تشأ إقلاقها عليها لذلك هزت رأسها تجيبها : لا أختي لا احتاج شيء غير سلامتك .. نظرت للمرآة حيث كان نوكس ينظر لها بنوع من الشفقة آخفاها بسرعة ما إن لمح الدموع تتجمع في عينيها ليعيد تشغيل سيارته بينما ودعت هي جيفييا لتتكلم بهدوء مقربة فمها من أذنه : سيدي لا تهتم دعني انزل سأذهب لفندق ما صديقتي ستعود غدا صباحا
التفت لها قليلا ينظر لعينيها اللوزية الجميلة .. وجهه كان مقابلا تماما لوجهها بطريقة احرجتها جعلتها تبتعد عنه قليلا كي لا تتعدى مساحته الشخصية .. اجابها هامسا بصوت منخفض : هل لديك المال ؟
السؤال كان محرجا حقا لم تتوقعه في الحقيقة لذلك نظرت لمكان آخر : بالطبع سيدي
نوكس : آريني ؟؟
تلعثمت في الكلام بينما بدى عليها التردد ليوميء بتفهم .. نظر لشقيقها الذي تكلم بإحراج موجها كلامه لأخته : نونا ألن نتناول الطعام .. اقصد الوقت تأخر و نحن لم نأكل شيء من الصباح .. أغمضت عينيها يديها ارتجفت لتبتسم له : حسنا صغيري سنتناول الطعام فقط انتظر قليلا ... أومأ لها ليبتسم له نوكس متجها بهم إلى أقرب مطعم .. ما إن توقف امامه همست له بإعتراض : لن أدخل سيدي .. خذني بجانب البحر يوجد رجل هناك يبيع طعام ي.. قاطعها ينزل من سيارته بدون اهتمام لما كانت ستقوله فقط فتح الباب لشقيقها ثم حمله ليفتح بعد ذلك الباب الخلفي كرجل نبيل لشقيقتها التي ابتسمت بسعادة تنزل تمسك يده الحرة ... رفع حاجبه ينظر لها لتتنهد بقلة حيلة يبدوا من النوع الذي لا يفعل الا ما يمليه عليه عقله لذلك نزلت بدورها ليدخلوا للمطعم .... احست بنوع من الاحراج بسبب ملابسها و ملابس أخوتها مع ذلك لم يهتم أبدا .. لم يخجل بهم حتى و هذا ذكرها بآريكسوا .. تجعدت ملامحها بقهر و هي تتذكر كيف كان يشتري لها ملابس جميلة قبل ان يخرج معها بسيارة زعيمه .. او بالاصح سيارته التي اخبرها انها لزعيمه .. كانت تعتقد انه يحب رؤيتها جميلة و لكنه لم يكن كذلك .. كان يخجل بها .. بدون سيطرة على نفسها نزلت دمعة من عينيها مسحتها بسرعة قبل ان يراها اخوتها ضعيفة يجب ان تكون صامدة من اجلهم ... ستعيش من اجلهم فقط كي تراهم في أماكن مناسبة كي لا يستغلهم الوحوش في المستقبل و كي لا تتحطم قلوبهم كما تحطم قلبها
انتبهت لنوكس الذي سحب لها كرسي يطلب منها الجلوس كأنها أميرة من ديزني .. جلست تشكره ليجلس بجانبها .. لمحته ينظر لهاتفه الذي رن ليجيب عليه بينما آتى الناذل يقدم لهم قائمة الطعام ... تكلم هو عبر الهاتف : لا جدي لا تنتظروني طرق لي عمل مهم ربما لن اعود الليلة مبكرا ... تنهد يضغط على جفونه ليوميء بتفهم : حسنا جدي .. حسنا لا تقلق انا بخير هيا لا تنسى ان تشرب دوائك .. ودعه بعد ذلك يغلق الخط لينظر لشقيقها : هل اخترتم ؟ ... أجاب الصغير يشير له لوجبة ما : انا اريد هذه اخي ..
اخي .. تبا الكلمة بطريقة ما اعجبته كثيرا ربما لأنه لم يمتلك اخوة في حياته و حتى عمه آريكسوا الذي كان يعتبره كأخ له افترق عنه و هو صغير لذلك لم يقل له احد هذه الكلمة من قبل .. لاحظ إيفا التي نظرت لشقيقها تشير له لشيء آخر تطلب منه ان يأخذه و كان عبارة عن مقبلات و حرفيا كانت الشيء الوحيد بسعر منخفض نوعا ما .. لاحظ حقا انها خجولة و لا تحب الاعتماد على احد لذلك ابعد يدها عن القائمة هامسا في اذنها : توقفي إيفا اتركي الصغير يأكل ما يريده
نظرت ليديها العاجزتين عن دفع مبلغ الطعام لتعيد نظرها له : هذا دين سيدي سأعيد لك المبلغ لاحقا
أومأ لها بتفهم : حسنا .. و فقط للتذكير اسمي نوكس لا تقولي سيدي رجاءا هذا يوترني
ابتسم مجددا يرى كيف احرجها ليتأمل تفاصيلها البسيطة .. لم تكن فاتنة و لا جميلة بطريقة تخطف الانفاس .. كانت عادية جدا شعر بني مائل للسواد طويل و كثيف تفوح منه رائحة القرنفل .. بشرة بيضاء جدا و الباقي كان عند كل النساء حتى جسدها لم يكن فاتنا .. صدر متوسط و خصر ليس ضيق كثيرا ببساطة كانت ككل انثى في سنها مع ذلك لديها نكهة مختلفة عن كل النساء الذي قابلهن في حياته ... كانت بعزة نفس و كبرياء كبير جدا
تناولوا الطعام ليدفع الحساب ثم عادوا للسيارة ... سار بهم لفترة قصيرة ثم توقف امام البحر ليلاحظ ان اخوتها الصغار ناموا بينما بقيت هي مستيقظة .. نزل برفقتها للخارج مستندا على مقدمة سيارته ليتكلم بهدوء ساحبا سيجارة لنفسه : لدي عرض لك إيفا ؟
إبتسمت بسخرية مكملة : كم ستدفع ؟
لم يفهم قصدها حتى إلتفتت له بإستحقار : كم ستدفع مقابل ليلة معي سيد نوكس ؟ ... كم حددت سعري .. ها ؟؟ ... او هل سيكون مقابل الطعام الذي دفعته و البنزين الذي خسرته في التفتل بي ؟ .... هل ابدوا لك عاهرة سيدي
في حياته بأسرها لم يتعرض لموقف مثل هذا ... حرفيا كانت أول مرة له يشعر نفسه غاضبا بتلك الطريقة و مهما حاول السيطرة على نفسه لم يستطع لذلك سحق سيجارته في كف يده بقوة معتصرا إياها داخل قبضته مجيبا : لا اعلم مالشيء الذي تعرضتي له و سحق ثقتك في الرجال آنستي و لكن أصابع اليد لا تتشابه و كونها في يد واحدة لا يعني انها تمتلك نفس الإسم .... انا لا اطلب منك ان تثقي بي و لكن على الأقل احترميني كما احترمك ... انا فقط اردت تقديم المساعدة بدون أي مقابل .. و بخصوص ما ذهب اليه عقلك المنحرف فدعيني اخبرك أنا لست كلب جنس .. لم امارس الجنس مع فتاة مقابل المال في حياتي و اغلب ممارساتي كانت مع من أكون معهن في علاقة ... إذا عرفتِ رجال لا يسيطرون على شهواتهم فلا داعي لإدراجي بينهم انا رجل و لست كلب
قال كل ذلك بنفس واحد ليبتعد عنها متجها ناحية البحر لاعنا نفسه .. لا طالما كان جيدا في السيطرة على غضبه مع النساء لا يذكر انه جرح انثى في حياته و لكنها حقا اهانته بما قالته ... هو من أفنى حياته يحمل لافتات و يساند النساء يعيد حقهن من الظلم و الاهانة .. هو من رفع عدة دعاوى قضائية ضد ياروسلافيتش ديابل صاحب قصور الدعارة و المتجارة بالنساء فقط كي يستطيع تحرير الفتيات اللواتي يتم بيعهن له و اجبارهن على التحول لعاهرات تأتي هي الآن و تخبره انه يساعدها مقابل ليلة اجرها ما دفعه من مال ليطعم إخوتها ... الامر فقط انه فقد سيطرته على نفسه و الآن أحس بتأنيب الضمير لأنه تكلم معها بتلك الطريقة و وصفها بالمنحرفة .... لعن نفسه ينفخ الهواء ليلتف ناحيتها يريد التأسف منها و لكنه توقف بسرعة كي لا يرتطم بها و هو يراها واقفة خلفه تماما وجهها احمر من شدة الخجل ... كانت قريبة منه جدا .. لا يفصل بينهما سوى بضع الانشات .. رائحة عطرها كانت تداعب انفه بينما الهواء جعل شعرها يتطاير بطريقة فوضوية .. تكلمت بإحراج تنظر للأرض : أنا آسفة سيدي .. لم اقصد إهانتك
إبتسم لاعنا قلبه الرقيق و بهدوء ابعد خصلة غطت وجهها معيدا إياها خلف اذنها : انا أيضا آسف لم اقصد إهانتك إيفا ... سامحيني
هزت رأسها تبتسم له ليفعل المثل قبل ان تعيد التكلم : حسنا سيدي ما هو عرضك ؟
نوكس : لدي منزل خاص بي لا ابقى فيه ابدا .. ما رأيك ان تبقي فيه هذه الفترة حتى تحصلي على مكان للإقامة .. اعتقد ان هذا افضل من البقاء عند صديقتك أخاف ان تثقلي عليها
اعترضت بسرعة : لا استطيع البقاء في منزل رجل غريب سيدي آسفة
اومأ بتفهم لا يستطيع لومها من حقها ان لا تثق في أي رجل يمر عليها في حياتها لذلك فكر في حل آخر و في ثانية تذكر ان لديهم فندق تابع لهم .. يوجد هناك جناح عمه آريكسوا لا يستعمله ابدا لذلك عرض عليها عرضه : حسنا يوجد فندق تابع لعائلتي .. ما رأيك ان تبقي هناك
إيفا : و لكني لا امتلك المال لأدفع و قبل ان تخبرني ان الدفع سيكون على حسابك دعني اخبرك اني لا اقبل المال من أحد لذلك لا تحرجني
ابتسم بسخرية معلقا على كلامها : من اخبرك انك لن تدفعي .. ستعملين و سيكون مقابل عملك الإقامة و الطعام المجاني بالطبع الباقي سيقدم لك لتشتري مستلزماتك انت و اخوتك
إيفا بإستغراب : و مالعمل الذي سيغطي كل هذه المصاريف ؟ لا تمزح معي سيدي لست طفلة صغيرة .. العمل كناذلة لا يغطي كل هذا كما اني لا امتلك مستوى ثقافي او تعليمي لأقوم بعمل آخر
نوكس : و لكن مساعدتي كانت تقبض أجرا يكفي و يفيض منه كما انها لا تمتلك مستوى تعليمي بالفعل كانت احدى النساء اللواتي قمن بتحسين حياتهم و قبل فترة تركت العمل لأنها تزوجت من احد الموظفين معنا و انتقلا الى بلد آخرى .. انا الآن استعين بمساعد مؤقت و لكني احتاج لمساعدة و لاحظت بالفعل ان لديك قلب طيب و تأثير على النساء .. ما رأيك ؟
ابتسم و هو يرى الصدمة في عينيها كأنها لا تصدق ما سمعته قبل ان تعض شفتها يبدوا ان عرضه اعجبها وقبل ان توافق حتى مد لها يده : مبروك العمل ..
نظرت ليده بسعادة لتصافحه مجيبة إياه : شكرا سيدي .. ابتسمت و هي تراه يرفع حاجبه لتصحح كلامها : شكرا نوكس
**
كمراهقة صغيرة في عقدها الثاني وقفت داليدا أمام شاطيء البحر ترتدي فستان أبيض كنقاء لون بشرتها و حذاء بكعب لم يكن عالي جدا .. به فقط كعب صغير مربع الشكل ... الملابس التي أرسلها لها جورج للقصر كي ترتديها .. بينما كان شعرها القصير يتراقص مع الرياح بلونه الذي أعادته لأصله أسود كما طلب منها ... كانت تنظر للأرض بإحراج كي تتجنب عيون الشباب لها منهم من يرمقها بنظرات إعجاب و منهم من لم يرد توفيت الفرصة و رمى عليها كلمات غزل او أتى ليطلب رقمها ... هذا ما يفعله بها اللون الأسود حقا .. يعيدها عشرين سنة للخلف بملامحها الفاتنة .. حسنا هي لم تكن بذلك الجمال الخارق و الذي يخطف الانفاس في الحقيقة مع ذلك كل من يراها هذه الفترة يخبرها أنها إزدادت جمالا .. شيء بها تغير لا يحددونه ... هل قامت بعملية تجميل في وجهها .. أو صوتها إزدادت نبرته نعومة .. او هل هي نظرة عينيها ؟
ببساطة لم يتغير بها شيء من الخارج .. فقط هي أصبحت تعشق شيء داخلها هو السبب في تغير كل شيء بها ... اجل كان هذا الرجل الذي نزل الآن من سيارته بجسده المنحوث و إبتسامة وجهه التي ترتسم عليه كل مرة يراها فيها .. هذا الكائن الذي إنتشلها من الوحدة التي كانت تعيش بها .. من سحبها بقوة من عالم أسود و ادخلها عالما زاهي ماليء بالألوان ... نعم كان جورج .. اول حب في حياتها
بإرتباك ضغطت بأصابع يديها على فستانها و كأنها لا تنام كل ليلة على كلمات غزله و تستيقظ على رسائله الجميلة في هاتفها .. لاحظت كيف نظر لجسدها بإبتسامة رضا كامل ليتكلم مقربا شفاهه من خدها مقبلا إياها : تبا لكل نساء الكون أمامك
إنفجرت ضحكا مع ان كلامه لم يكن مضحكا الأمر فقط انها لا تجيد شيئا غير الإبتسام حين يقول لها كلام مثل هذا .. لم يكن أول رجل يتغزل بها .. حتى دايف المعاق على مستوى المشاعر كان يمطرها بكلمات مثل هذه بين الحين و الآخر و لكن لم تخجل و لا مرة هكذا ... تبين ان الحب يجعل الشخص سخيف حقا لم يكذب من قال ذلك
رفعت نظرها لرأسه تتأمل ملامحه ... كان في 42 من عمره أي يكبرها بخمسة سنوات مع ذلك من يراه سيعتقد انه بعمر يناهز عمرها ... وجهه لم يحتوي سوى على القليل جدا من التجاعيد التي زادته وسامة .. بجوانب عينيه و بين عقدة حاجبه و البعض منها خفيف في جبينه ... عيناه كانت سوداء و يمتلك لحية خفيفة شائكة لونها أسود تخللتها شعيرات شبه معدودة باللون الأبيض بينما شعره أيضا كان أسود به فقط خصلة بيضاء واحدة امتدت من جبينه لتعود للخلف منفصلة بذاتها عن باقي خصلاته السوداء لتظهر بتميز .. كعادته كان أنيقا كأنه سيذهب لزفاف احد أصدقائه .. جسده كان كجسد كل رجال مجالها ضخم و مليء بالعضلات يغطيه ببدلة سوداء و قميص ابيض
لم تشعر كيف تاهت في تفاصيله الصغيرة كلون ربطة عنقه و عدد ازرار قميصه لتعود للواقع على صوته الاجش : هل أنت بخير داليدا ؟
إبتسمت توميء رأسها له بسعادة : أجل بخير .. ألم أراك ؟ إذا انا سعيدة ... اللعنة فقط هذا ما قالته في نفسها لا تفهم كيف خرج معها هذا لذلك حاولت تغيره بتلعثم كي لا يعتقد انها سهلة المنال و مغرمة به : اقصد بما أنك بخير فأنا كذلك
هز رأسه بسخرية لا يصدق هذه المرأة التي أخذت منه عقله و تركته بدون عقل .. يا إلهي كان يرى كم تعشقه .. لا بل تبجل وجوده على الأرض مع ذلك كانت تكابر نفسها و تجعله يحترق بنار الانتظار لا يريد شيء غير ان تكون زوجته .. منذ رآها في زفاف ابنة اخته فيولا لم يستطع السيطرة على نفسه .. آرادها بأي صفة و تحت أي مسمى .. إعتقد أولا انها ربما مثل كل النساء سيدخل معها علاقة لشهر او شهرين ثم ينالها و يبقى في علاقة معها لفترة و ينفصلا ككل حبيباته السابقات و لكن حدث ما لم يكن في حسبانه .. مع كل يوم له معها كان يرى فيها أنثى لم تأخذ نصيبها من الحياة ... تركيبة غريبة .. تتألم و لا تفصح .. تحتاج و لا تطلب .. تعطي و لا تأخذ .. و اكثر ما احبه بها هو طيبة قلبها التي تخفيها تحت شخصيتها الغاضبة و ذلك البرود الذي تحاول ان ترسمه امام الجميع ... رأى كم تحب أبناء اختها كما تقول هي .. حسب ما فهمه ان سافيدش فقط هو ابن آخاها بينما لينا و جيف أبناء زوجة آخاها التي تناديها اختي .... لم يتمنى شيء في حياته سوى ان يعود بالزمن للخلف .. ان يكون معها أيام كانت وحيدة و خائفة تحمي اطفالها الصغار .. لو كان معها كان سيأكل كل من يقربها بأسنانه ... يحتضنها بقوة و يخبرها انه هنا من اجلها و لكن للأسف ما حدث قد إنتهى لا يستطيع تغيره و لا إصلاحه لذلك سيصلح ما أفسده بها الزمن .. سيقدم لها ما ينقصها .. الحب
كرجل نبيل لم يعهده في نفسه مد يده لها لتشابك ذراعها بذراعه و مشى برفقتها امام شاطيء البحر كعشاق في عقدهم الثاني ... لم يتكلم و لا واحد منهما لأنها كانت محرجة منه بينما هو كان ملتهي بمراقبة أعين كل رجل ينظر لها .. لعنة حياته كانت تجعل باله لا يهدأ حتى و هي في غرفتها .. لديها جمال يثير كل غرائزه الذكورية و يبدوا انه يثير غرائز غيره أيضا .. رمق ذلك الشاب العشريني بنظرة قاتلة جعلته يسحب بصره من فوقها ليلتفت لها مؤجلا بحلقته في الشباب على صوتها تسأل : أمم كيف كان يومك ؟
منذ استيقظت افكر بك و امضيت ساعات الاجتماع احسب الدقائق و الثواني لآتي و آراك ... هذه كانت الحقيقة و هذا ما قاله محافظا على منظره : جيد كان لدي اجتماع مر بسرعة و أتيت لك فقط .. ماذا عنك
منذ الصباح انتظر اتصالك .. هذه أيضا كانت اجابتها و هذا ما اجابته به : كنت مشغولة مع شؤون القصر لم اعلم حتى كيف مر الوقت ...
أومأ رأسه بتفهم لينظر لمطعم به سطح يطل على البحر ليتكلم مشيرا ناحيته : هل تناولت وجبة الغذاء ؟
هزت رأسها بلا ليتجه بها الى هناك .. نظرا في الارجاء يبحثان عن طاولة إطلالتها جميلة و لكن لم يجدوا .. كل الطاولات المطلة على البحر كانت محجوزة .. نظر لها حين تكلمت تجلس على طاولة فارغة كانت بجانبهما : للأسف لا يوجد مكان افضل فقط اجلس هنا ..
إبتسم واضعا هاتفه على الطاولة : إنتظريني قليلا و سأعود .. لم تفهم الى اين سيذهب مع ذلك أومأت رأسها بتفهم ليدخل للداخل بينما بقيت هي جالسة على الطاولة تنظر حولها لتقع عيناها على هاتفه ... للحظات بقيت تنظر له لتهز رأسها بعد ذلك طاردة تلك الفكرة عن عقلها .. هيا داليدا هل انت مراهقة صغيرة لتفعلي مثل هذه الحركات .. كانت تحاول إقناع نفسها ان لا تفعل ما كان عقلها يتوسلها لتفعله و كما يقال الرغبة أقوى من أي منطق .. ألقت نظرة لترى اين هو ثم سحبت هاتفه تفتحه .. من حسن حظها كان بدون كلمة سر .. بسرعة تفحصت قائمة مكالماته لتجد العديد من الأرقام غير
المسجلة بينما آخر مكالمة مكتوب عليها "حبي" .. دخلت للرقم لتبتسم و هي تراه رقمها .. على كل لن تسمح لحركة مثل هذه ان تسرق عقلها منها .. التقطت صورة للأرقام الغير مسجلة عنده سترى من أصحابها حين تعود للقصر ثم تفحصت قائمة الرسائل حتى المحذوفة منها لتعيد الهاتف و قلبها يطرق بقوة .. لم تجد شيئا و أساسا سافيدش بنفسه اخبرها انه رجل جيد .. اجل زير نساء و لكنه ليس وغد عليها ان تخاف منه و هي ببساطة تثق بإبن آخاها إذا اعطاك الضوء الأخضر فلا داعي للخوف .. مع ذلك الحذر واجب لن تقرن حياتها مع رجل يخونها كل ليلة مع امرأة من شكل .. يكفي ما عاشت حياتها تجربه لا تريد تجريب عذاب الحب أيضا
تطلب منه الامر دقيقتين ليعود بعد ذلك ساحبا هاتفه من فوق الطاولة : هيا داليدا دعينا نغير المكان
نظرت حولها بإستغراب تريد اخباره ان الأماكن محجوزة و لكنها توقفت تبتسم بسخرية و هي ترى ثنائي يقفان من طاولة كانت ذات اجمل إطلالة .. حركة نذلة منه مع ذلك احبتها حقا .. توجهت معه الى هناك لتجلس و هو مقابل لها ... نظرت للبحر بينما أخذ هو يتأملها و تفاصيل وجهها خاصة عينيها الذهبية ليأتيه إشعار في هاتفه كان عرض تسويق لإحدى الشركات .. فتحه ليأتيه إشعار آخر من الهاتف يخبره ان أحدا قبله فتح هاتفه ... كان عبارة عن تطبيق يعمل مع كاميرا الهاتف الامامية تلتقط صورة لكل من يحمل هاتفه .. دخل عليها ليجد صورة داليدا .... إبتسم بسخرية ليذهب لنافذات الهاتف يريد ان يرى اين بحثت ليجد نافذة المكالمات مفتوحة و الرسائل أيضا ... حركة وقحة منها مع ذلك أحبها جدا .. هذا يدل على انها تغار عليه ..... سمع مرة إعلامية تعطي نصائح للرجال قالت ان ليس كل امرأة تفتش هاتفك يعني انها لا تثق بك ... بل الغيرة من تحركهن أحيانا عكس الرجل إذا فتش هاتف زوجته فهذا يدل على عدم ثقته بها
حرك لسانه على جدار خده الداخلي كي لا ينفجر بالضحك الآن و يبدوا ان هذا آثار استغرابها : ما بك جورج ؟
اجابها يعيد ملامحه للهدوء مع ذلك لاحظت انه يحاول إخفاء ابتسامته : لا شيء .. نظر بعد ذلك للناذل الذي آتى ليأخذ طلبهما .. سأل موجها كلامه لها : ماذا تأكلين ؟
داليدا : مثلك
إبتسم مرة أخرى يطلب على ذوقه ليشابك يديه مسندا اياهما على الطاولة الفاصلة بينهما .. حسنا يكفي مماطلة حرفيا اصبح لا يستطيع الانتظار أكثر من هذا لذلك تكلم بطريقة مباشرة : حسنا داليدا دعينا نبدأ في الموضوع الأساسي .. اومأت له بإهتمام ليسحب نفسا عميقا يكمل كلامه : انا احبك حقا و اعلم انك تحبينني .. ليس حب صداقة كما ندعي بين بعضنا و امام الناس .. اعتقد ان مشاعرنا بلغت مرحلة الحب الحقيقي أليس كذلك ؟
إحمرت تماما توميء بدون لف و دوران ليكمل راحة كبيرة ملأت صدره : إذا و بما أننا نحب بعض دعينا نتزوج .. انت انثى عازبة و انا رجل عازب .. كلانا لم يتزوج كل هذه السنوات يبحث عن الحب الحقيقي و ها قد وجدنا بعضنا البعض .. دعينا نتزوج و ننجب أطفال قبل ان يداهمنا العمر و تقل نسبة قدرتنا على الانجاب
يا إلهي كم كانت سعيدة في تلك اللحظة ... حرفيا لا يوجد كلمة تصف ما كانت تشعر به .. سعادتها لا توصف حقا .. كمن بحث عن النور وسط مدينة ظلام ثم وجده فوق بناية عالية كإشارة صغيرة يحملها بطل خارق هذه مشاعرها تماما .. كان بطلها الذي حلمت به طويلا .. ليس فارسا فوق حصان مثل الروايات قصص ساندريلا بل بطل بقلب شجاع ... تشجعت أخيرا تنظر داخل عينيه تجيبه : انا موافقة على ذلك ... إبتسم بهدوء يمسك يدها الناعمة بينما يده الأخرى سحبت علبة صغيرة وضعها بجانب يدها كان داخلها خاتم ألماس أنيق و ناعم في نفس الوقت مثلها تماما ... ما إن رأته يفتح العلبة يريد وضع الخاتم في اصبعها اوقفته تريد اخباره كل شيء قبل ان تشرع في الزواج منه كي لا تقع في احراج لنفسها لاحقا .. قد يكون لديه اعتقادات و آمال قد لا يجدها لذلك تكلمت تسحب يدها من يده : لحظة جورج اريد ان اخبرك بشيء قبل ان تضع الخاتم في اصبعي
أومأ لها بتفهم يعيد غلق العلبة لتكمل بدون تردد لأنها ببساطة لم تكن من النوع الذي يخجل بشيء فعله : أنا لست عذراء
سكت قليلا ينظر لها و للطريقة التي كانت تنظر بها .. بثقة و عدم تردد جعله يبتسم هازا كتفيه بلا مبالاة : و أنا لست بتول .. اخرج الخاتم يضعه في يدها بينما اكمل كلامه : ماضيَّ و ماضيك ليس من شأن كلينا .. سأحاسبك من هذه اللحظة ما قبلها ماضي و الماضي يذكر و لا يتغير ...
بسعادة كبيرة نظرت للخاتمها الذي فقدت الأمل ان ترتديه يوما لتعيد نظرها لوجهه .. اجل السعادة أخيرا
انتهى اليوم لينقص يوم آخر من هذا الاسبوع الفاصل على إقتراب موعد النهاية بالنسبة لراسيل ... فلامينغوا لم يمارس معها ليلة امس في ظنه انها مصابة بالدورة و لم يبقى اصلا في الغرفة معها ... بدأت تشعر انه يعاملها ببرود عرفت سببه ... لابد انه بسبب ما قالته له آخر مرة تشاجرا فيها .... حسنا لم تقصد ما قالته مع ذلك من الواضح انه اغضبه لدرجة ان لا يعود للقصر اليوم أيضا .. أمضت يومها بأكمله في المختبر ثم جلست مع فيكتينا و إيلام قليلا و الآن ها هي في غرفتها جالسة على السرير كلها أمل ان تراه فقط كي تستطيع النوم .. كانت تريد ان تشبع عينيها منه و تقدم لصغيرها أيام بجانب والده الذي لن يراه في المستقبل و لن يعلم بوجوده أساسا ...
سمعت صوت الباب يطرق لتدخل إيما وجهها شاحب تماما جعلتها تخاف .. وقفت من مكانها تقترب منها ببطء : ما بك إيما ؟
هزت الصغيرة رأسها تحاول رسم إبتسامة على وجهها : لا شيء سيدتي .. سيدي يطلبك في الأسفل لقد آتى و يريد ان تشاريكهم الطعام
لم تقتنع بكلامها مع ذلك لم ترد ان تضغط عليها اكثر فقط نزلت برفقتها للأسفل تراقب الحزن الذي ارتسم على ملامحها الجميلة حتى وصلت لقاعة الطعام لتجد الجميع جالس في مكانه عدا جيف ... ليس من عادته عدم التواجد هنا خاصة إذا كان أخاه متواجد .. سألت تجلس في مقعدها : أين جيف ؟
أجابتها لينا بهدوء : لديه صفقة تسليم أسلحة سيعود متأخرا
بسرعة البرق التفتت لإيما التي إمتلأت عيناها بالدموع ... المسكينة كانت خائفة عليه .. كيف لا و هذه أول عملية تسليم يقوم بها .. أعادت نظرها لصحنها تتناول طعامها بهدوء بينما لاحظت ان زوجها لم ينظر لها حتى كان مشغولا مع جريدته ... لم تعطي الامر اكثر من حجمه فقط انهت طعامها لتخرج بعد ذلك من القاعة متجهة الى الحديقة حيث كانت إيما تجلس في المكان الذي إعتادت ان تجلس فيه مع جيف .. تحرك تلك الأريكة المتحركة بينما تحدق في الفراغ بشرود ... جلست بجانبها مقاطعة ذلك الشرود .. نظرت لها إيما بإبتسامة هادئة : هل إحتجت شيء سيدتي
راسيل : لا تناديني سيدتي .. قولي راسيل نحن أصدقاء أليس كذلك ؟
إبتسمت إيما بخجل توميء رأسها بتفهم : اجل نحن أصدقاء راسيل ..
قربتها الأخرى منها تضع لها رأسها على فخذيها بينما تمسح لها شعر الأحمر بحنان : إذا بما أني صديقتك اخبريني ما تشعرين به ؟
ماذا تشعر ؟ ... حقا لم يكن لديها إجابة محددة لهذا السؤال .. لا يوجد كلمة في الكون تصف ما تشعر به تماما لذلك قالت اكبر عدد من الجمل ربما تصل الى شعورها قليلا و دموعها سالت : خائفة ... ضائعة و اشعر بالإختناق .. اشعر اني افقد جزء من نفسي و انا لا اعلم هل سيعود حيا او لا ... قلبي يؤلمني بشدة راسيل .. يؤلمني كثيرا بنفس الطريقة التي آلمني بها و انا صغيرة حين دخل ابي لغرفة العمليات يجري عملية القلب التي لم يخرج منها ... اعلم اني اضخم الامر و أنه ليس طفل .. رأيت كيف كان سيدي يدربه و هو صغير مع ذلك لا استطيع ان لا أخاف راسيل .. انا لا احب هذا العالم الذي نعيش فيه .. لا احب ان يتحول جيف لمجرم .. أخاف ان يخسر الرحمة من قلبه كما فقدها اخي .... انا فقط اريد ان نغادر انا و هو من هنا و نعيش في آمان بعيدا عن الأسلحة و القتل و المخدرات .. بعيدا عن آلام الناس التي تعذبني و عن نظرات الآيتام في الشوارع لا أعلم من منهم تسبب أخي في يتمه و حرمانه من والديه .... انا مختلفة و احب إختلاف جيف عنهم
تجعدت ملامح راسيل اصابعها تجمدت بين خصلات الأخرى .. بطريقة ما قالت إيما كل ما كان في خلدها هي ... قالت لها أحلامها واحدة تلوى الأخرى .. احلامها التي لن تتحقق ابدا .. جيف عمله مؤقت و سيغادر بعد عدة اشهر لذلك أحلام إيما ستتحقق عاجلا او آجلا أما هي كان حلمها مستحيل ... زوجها كالسمكة التي لا تستطيع الخروج من أعماق البحار .. الخارج يخنقها .. هذا المستنقع هو المكان الذي بُرمِج ليعيش فيه لذلك ستخرج وحيدة بدونه
امسكت خصلة من شعر إيما الأحمر تظفره لها كما حلمت دائما ان تقوم والدتها بظفر شعرها هكذا : سيحدث ذلك إيما .. سيحدث كل ما تحلمين به لأن حلمك قريب منك .. حلمك لديه أمل كبير فقط تمسكي بذلك الأمل و الآن لا تبكي لا اعتقد ان جيف سيحب رؤيتك حزينة بسببه .. هم عملهم ان يلعبوا بالنار و نحن دورنا أن نصلي كي يعودوا بخير لذلك صلي ان يعود حبيبك و لا تتشائمي سيشعر بحزنك
نظرت لها إيما تمسح دموعها ... معها حق ستصلي من اجله كما كانت تصلي من أجل آخاها دايف و كما كانت والدتها تصلي من أجل والدها .. كما تصلي كل أنثى من اجل زوجها ... ابتسمت بعد ذلك و هي تتذكر انه ليس وحيد هناك .. معه ماندي و نوكس لذلك سيكون بخير بهذا اغمضت عينيه تسمع راسيل تغني أغنية قديمة لمارلين مونرو بصوتها الجميل
بحركة دائرية مستفزة مررت فيولا أصابعها على حافة كأس شرابها عيناها كانت تنظر لميردا كأفعى تحدق بفريستها ... كانت الاخرى مشغولة بمراقبة التلفاز و تناول بعض المكسرات تضحك تارة على مشهد كوميدي يتم عرضه و تنزعج تارة أخرى بسبب الاعلانات .. اضحكي عزيزتي سنرى من سيضحك أخيرا .. ابعدت عينيها من على ضحيتها القادمة لتنظر لصغيرتها النائمة على فخذيها كملاك صغير .. و كأنها مختلة عقلية نظرات الافعى اختفت لتتحول لجرو صغير بينما تحدق بطفلتها .. ستخرجها من هنا و ستعرضها على طبيب نفسي يتابع حالتها الغير مستقرة .. الصغيرة حرفيا بدأت تعطي نوع من عدم التوازن .. ذكرتها بنفسها حين كانت صغيرة .. بعد ان شهدت على والدها يقوم بتعذيب رجل ثم قتله بينما كانت هي صاحبة اربعة سنوات تراقب منذ ذلك اليوم ظهرت عليها ملامح الاختلال العقلي او بالاصح التأزم النفسي ... رغم انها كانت تسيطر على نفسها مع ذلك لن تنكر ان ذلك أثر عليها .. مهما هربت من نفسها للموسيقى مع ذلك لم تتمكن من نسيان ما رأته خاصة انهم لم يعرضوها على طبيب نفسي في ذلك الوقت خشية العار و كلام الناس إلى ان تشاجر شقيقها ايثان مع والدها كي يفعل ذلك و بالفعل أنقذ جزءا منها قبل الضياع و التلف
بدون ان تشعر حتى وجدت عينيها تمتلأ بالدموع و هي تتذكر شقيقها ... آخر من تبقى في عائلتها .. شهدت على اعدامه قبل عدة ساعات ... وقفت في تلك الساحة و نظرت لعينيه و هم يثقبونه بالرصاص ... 6 رصاصات ... أخذوا منها اغلى ما عندها ب6 رصاصات ... كل ذكراياتها ..طفولتها و شبابها .. كل شيء مسحوه ب6 رصاصات و كل هذا بسبب المخنث آرون .. كلمة كره قليلة في حقه ... كانت حقا لا تستطيع وصف مشاعرها ناحيته .. فقط كل ما تعرفه انها لا تتمنى له سوى القهر و الألم .. لا تدعوا داخلها سوى أن يحترق ليلا و نهارا كما أحرق قلبها .. ستمزقه .. ستجعله يرى بعينيه فيديو موت اخته .. لن ترحمه كما لم يرحمها ... مررت اصابعها على خصلات فيينا هامسة لها في سرها بأنها آسفة .. صغيرتها رغم كل ما فعله آرون بها الا انها تحبه بشدة ... كل يوم تسأل عنه و تخبرها انها ستكبر و تصبح راهبة كي يفتخر بها ... كانت حقا العقبة الوحيدة في حياتها ... تفعل كل ما تفعله رغم انها تعلم جيدا بأنها ستمزق قلب صغيرتها على والدها و أخاها و لكنها مضطرة .. كي تعيش بسلام معها وجب ان تبعدها عنهم
ستكبر و تنسى يوما ما ... ستجرب السعادة و ستحب .. ستحظى بالحياة التي لم تتمكن من تجربتها .. حتى لو عاشت يتيمة الأب و حتى لو أبعدتها عن أخاها ماندي و لم تراه مجددا مع ذلك ستنسى و تكمل حياتها .. يوما ما ستتعرف على رجل يعالج كل جراح قلبها .. يكون لها العنصر الذكري الذي يغنيها و ينسيها في الجميع .. سيكون أب و أخ و زوج .. فقط ستجعلها تكبر حتى ذلك اليوم .. ربما كان الشيء الوحيد الجميل الذي حصلت عليه من آرون هو فيينا .. على الأقل اخذت تعويضها منه مسبقا ...سحبت نفسا عميقا تعيد ظهرها للخلف مسندة إياه على الاريكة براحة و هي تنظر لكوب العصير الذي كان موضوع على الطاولة بجانب ميردا العاهرة .. فقط إشربيه عليك اللعنة .. اشربيه لأرسلك لمن سيعدمون فيك إنسانيتك كما جعلتِ آرون يغتصبني قبل عدة سنوات .... بعض الناس لن يشعروا بألمك إذا لم يجربوه بأنفسهم و رغم ان هذا يخالف مبادئها و لكن تبا للمباديء و تبا للرحمة .. لن ترحم من لم يشفق عليها يوما .. لن ترتاح قبل تمزيقهم جميعا واحدا تلو الآخر .. لا طالما كانت تتجنب إيذاء من حولها رغم كل شيء فعلوه بها.. كانت تتمسك بأن يأتي يوم و يمل منها آرون و لكنه لم يفعل ... ادخلها قصره و جعلها زوجته لذلك ستريه كيف تهتك بسلالته ...
راقبت ميردا الذي حملت كأس عصيرها ترتشف منه جرعة و عيناها معلقة على التلفاز لتعيده فوق الطاولة و لكنها كادت تلقيه في الهواء بعدم إنتباه منها لذلك تكلمت بسرعة : إحذري
نظرت ميردا ناحية فيولا التي كانت تشير بعينيها لكأس العصير الذي كادت توقعه فوق السجادة بسبب اندماجها مع التلفاز .. وضعته على الطاولة مبتسمة إبتسامة صفراء في وجه الأخرى ثم أعادت نظر للتلفاز تراقب الفيلم الذي يعرض أمامها ... ألقت نظرة على ساعة يدها التي كانت تقترب من الإعلان على منتصف الليل .... هيا لم يتبقى سوى القليل لتتخلص من الساقطة نهائيا
ماذا ؟؟؟ .. بالطبع لن يكون إسمها ميردا لو إستطاعت صغيرة في منتصف عقدها الثاني ان تلعب بها .... تعتقد انها لا تعلم ما تخطط له ... تجعل آرون يعشقها و تحرضه عليها كي يبعدها عن القصر و هكذا تحصل على النهاية السعيدة .. تبا لها و لعقلها الغبي .. اليوم ستتخلص منها نهائيا و للأبد ... ستحكم عليها بالإعدام و تنتظر خروج آرون ليطبقه عليها .. بالفعل قد خططت لخطة مثالية ... اليوم أول صفقة تسليم لماندي برفقة جيف و نوكس و بما أنها تعرف مكان التسليم أرسلت مجموعة من القتلة ليطلقوا النار على ماندي حين ينتهي من التسليم ... رأته خرج بسيارته لذلك سيعود وحيدا و هو بطبعه يمتلك نوع من الرجولة الزائدة لا يحب ان يحوم حوله رجال والده كي يحموه ... فقط سترسله للموت اليوم و حين يقبض عليهم سافيدش و يستجوبهم سيخبرونه بالإسم الذي اعطته لهم "فيولا" .. اجل حين اجتمعت بها كانت ترتدي قناع و اخبرتهم ان اسمها فيولا هكذا لن ينقذها من بين يدي آرون أحد
يا إلهي لو كانت تستطيع سحب عقلها من جمجمتها و تقبيله ستفعل ذلك ...
في مكان التسليم إنتهى جيف و ماندي برفقة نوكس من تسليم الشحنة كاملة ليخرجوا بعد ذلك لسياراتهم .... ماندي كان يركب سيارته الخاصة بينما جيف أتى مع نوكس لأنه ببساطة لا يحب السيارات و لم يستطع القدوم لمكان كهذا بدراجته النارية ...
ركب بجانب نوكس بعد ان ودعوا ماندي و انطلقا يريدان العودة للقصر .. صغيرته إيما تنتظره لابد انها تبكي الآن تحسب الثواني لتراه .... إلتفت لنوكس الذي رن هاتفه و كان المتصل ماندي .. رد عليه ينظر للطريق : ماذا هناك ماندي ؟
اجابه الآخر لاعنا سيارته ناعثا إياها بالخائنة العاهرة : السيارة اللعينة لا تريد التحرك نوكس .. هل تستطيع العودة و اصطحابي معكما
ابتسم بسخرية مجيبا إياه : حسنا و لكن توقف عن شتم السيارة ... صيغتها انثوية عليك اللعنة
ماندي بغضب : تبا لك و للنساء هل هذا وقتك
نوكس بإستفزاز : طفل وقح إبقى مكانك كالكلب اللاجيء إذا
سكت ماندي قليلا ليتنهد بقلة حيلة : تحيا النساء .. هيا فقط عد الجو ساخن جدا و حتى مكيف السيارة لم يرد الاشتغال
اغلق نوكس الخط عائدا بسيارته لمكان التسليم حيث كان ماندي يضرب سيارته و يبزق عليها ... فتح له قفل الباب ليصعد الآخر في الخلف رامقا جيف بنظرات غاضبة ... يعلم سبب كرههما لبعض و كان السبب أنثى .. ثم يأتي رجل احمق و يقول ان الانثى ضعيفة ... من الضعيفة بحق السماء .. بدون ان تحرك إصبعا واحدا حتى تستطيع إشعال حروب بين الرجال كما يحدث مع جيف و ماندي الآن ..
وضع اغنية بصوت مغني تركي قديمة اسمها "لتكن هذه الأخيرة"... كانت والدته تحب هذه الاغنية كثيرا لأنها ذات أصول تركية أيضا أي انه يمتلك نصف تركي كسبه من والدته .. حاول بتلك الاغنية ان يخفف الجو بين هاذين القطبين احدهما ملتهب و الآخر متجمد .... غير مساره الأول ليتوجه أولا الى قصر ماندي يريد ايصاله ثم يذهب لقصر سافيدش ليوصل جيف و يتحدث قليلا مع اخاه اخبره انه يحتاجه بعد التسليم .. كان الجو هاديء تماما كل ما يسمع هو صوت الاغنية بينما شرد كل واحد منهم في أفكاره .. هو لسبب غريب وجد نفسه يفكر في إيفا لا يعلم لماذا تذكره بوالدته في نظرات عينيها و قوة تمسكها بالحياة رغم كل احزانها كيف كانت تضحي من اجله و تتحمل ألمها كما تضحي إيفا بشبابها من أجل إخوتها بينما كان جيف يسبح في تخيلاته لنفسه يحتضن إيما و يستنشق عطرها .. تحمل صغارهم و تشرق كل صباح و مساء و ليل على حياته كشمس اشرقت على عالم تكتسح منه الظلام أما ماندي كان يفكر في والده آرون ... كيف حاله .. هل اشتاق له او ارتاح من مشاكله .. هل يأكل جيدا .. هل يتألم .. هل ينام في مكان دافيء او بارد ...
هذه كانت آخر ثواني حل فيها الهدوء على ثلاثتهم قبل ان تخرج لهم سيارة من العدم جعلت نوكس يفيق من شروده محركا مقود سيارته على صوت ذلك المغني التي علت طبقة صوته يغني بأحاسيس جياشة .. كل شيء كان سريعا في ثانية كان الهدوء يعم المكان و في ثانية وجد أصوات الرصاص تتعالى و آخر ما سمعه هو لاي لاي لاي التي كان يصرخ بها المغني كأن الاغنية تحولت من اغنية حياة للحن الموت و هذا فقط لتنتهي الأخيرة تزامنا مع خروجهم من السيارة بسرعة كل واحد منهم سحب سلاحه من خصره يطلقون الرصاص في كل اتجاه بينما اختبؤوا خلف سيارته
نظر نوكس لماندي الذي رفع رأسه يريد ان يعلم كم عدد الرجال ثم أعاد الاختباء خلف السيارة موجها كلامه لهما : يوجد عشرة رجال
أعاد جيف ملأ خزان سلاحه بالرصاص : يجب ان نفترق لنستطيع قتلهم هكذا لن نتمكن منهم
أومأ كلاهما بتفهم ليعدوا للثلاثة قبل ان يركض كل واحد منهما في اتجاه مختلف يريدون تفريق الرجال عن بعضهم ... اختبأ نوكس خلف شجرة بينما لمح جيف يختبأ خلف شجرة بعيدة عنه بمسافة كبيرة .... اما ماندي فكان في الناحية الأخرى مثلهم اخذ لنفسه شجرة يتخبأ خلفها ... الشيء الغريب في الامر ان الرجال العشرة لم يهتموا له و لجيف كان جميعهم يركض ناحية ماندي و يطلقون عليه الرصاص ... خرج من مخبأه تزامنا مع خروج جيف ليركض ناحيته : مالذي يحدث هنا جيف ؟
سأل بإستغراب ليجيبه الآخر ساحبا قنبلة غازية من خصره قدمتها له لينا قبل ان يخرج من القصر : هدفهم ماندي ليس نحن ..دعنا نساعده
أومأ له نوكس رغم عدم فهمه من هذا الذي سيتجرأ على قتل إبن فولكهان آرونيس .. جميع من في المجال يعلمون ما قد يفعله إذا لمس احد شعرة من رأس بِكرِه ... أجل أفكاره لاحقا ليركض برفقة جيف يريدون مساندة ماندي الذي كان يطلق الرصاص كالوحوش غير متهم للرصاصتين في بطنه و الأخرى في كتفه
أستطاع جيف من قتل أحد الرجال شادا انتباه باقي أصدقائه ناحيته ليبدؤوا في اطلاق النار عليه و هنا رمى عليهم القنبلة الغازية حاجبا عنهم الرؤية ليتوجه نوكس ناحية ماندي ساحبا إياه من خلف تلك الشجرة
كان الهرب افضل حل في موقف كهذا .. الافتراق لن ينفع لأن الهدف كان ماندي لوحده ... مشى أولا يساعد ماندي على التحرك بينما بقي جيف في الخلف يحمي ظهورهم ... إلتفت له يصرخ بغضب : توقف جيف تعال لا تقاتلهم لوحدك
اجابه الآخر يطلق الرصاص عشوائيا ليرهب الأعداء من التقدم خارج نطاق الدخان : لن يقتلوني نوكس .. لست هدفهم و يبدوا انهم تعرفوا علي .. لن يغامروا بإثارة غضب أخي لا تهتم خذ ماندي و أهرب سألحق بكما
حسنا لم يكن نوكس من النوع الذي يترك شيئا للصدف لذلك أسند ماندي خلف احدى الأشجار هامسا له : سأعود ماندي تحمل قليلا
لعن ماندي تحت أنفاسه يضع يده على جرح الرصاصة في بطنه مجيبا إياه : لن أسمح للمخنث ان يبدوا بمظهر البطل الذي انقذ حياتي لذلك سآتي معكم .. انا هو الهدف لذلك سأشارك في القتال
نوكس بغضب : مالذي تقوله و اللعنة .. انت مصاب كيف ستقاتل هكذا
ماندي بإبتسامة ساخرة : هل رأيت أب يطلق الرصاص على صغيره ؟
عقد نوكس حاجبيه لا يفهم قصده مع ذلك لم يكن لديه وقت للتفكير هز رأسه بلا بسرعة ليكمل ماندي يقف على ساقيه كأنه لا يتمزق من الألم : انا ابي فعل .. اطلق علي النار عدة مرات كي أكون قويا حين يأتي مثل هذا اليوم .. لن استطيع رفع رأسي كإبن فولكهان آرون إذا إختبأت خلف الشجرة كجرو يخاف من الماء ... هيا خذ موقعك
انهى كلامه يتجه بسرعة ناحية جيف الذي دخل في إشتباك إطلاق نار بينما تنهد نوكس يهز رأسه بلا فائدة ... ماذا سيفعل .. هذا الجيل لا يفهم بالكلام .. و بما أنه أكبرهم سحب سلاحه الثاني يملأ به يديه بينما وضع سكينا بين اسنانه يلتحق بهما في القتال ... آسف أمي هذا ما قاله يطلق على اول ضحية له مسقطا إياه ارضا .. إلى انتهاء هذه الليلة لن يكون نوكس اللطيف .. سيخلف بوعده لأمه ثم سيعود كل شيء لمكانه غدا
تبين ان العمر ليس مقياس لقياس قوة الشخص .. جيف و ماندي أثبتا له هذه النظرية .. كانوا وحوش ليسوا بشر طبيعيين .. كانا كمن تعلم نفس العلم اولهم يبدأ الجملة و ثانيهما ينهيها .. نسيا خلافهما في تلك اللحظات و قاتلا كلاهما يحمي ظهر الآخر ... حتى انتهوا أخيرا
هرب إثنان من الأعداء بعد سقوط ثلاثهما برصاصة نوكس لتنتهي هذه الحرب بدون خسائر وخيمة ... فقط رصاصتين في جسد ماندي و رصاصة في كتف جيف بالإضافة الى رصاصة في بطن نوكس .. في المقابل جيف و ماندي قتلا ستة و هو قتل إثنان بينما هرب إثنان من بين أيديهم
ضغط على اسنانه متجها ناحية ماندي الذي كان ساقطا ارضا يتنفس بصعوبة بسبب النزيف ... مد له يده : هيا ماندي دعنا نغادر قبل ان يأتوا بالمزيد
أومأ له الآخر يقف على ساقيه المرتعشتين بصعوبة .. كان يشعر بالعالم يدور به .. مع انه معتاد على ألم الرصاص مع ذلك لم يتلقى من قبل رصاصتين معا .. حرفيا اصبح لا يعلم أي واحدة بينهما تؤلمه أكثر ... استند على كتف نوكس بينما احس بيد جيف تسحب ذراعه ليحاوط بها عنقه مساعدا إياها أيضا على السير
نظر له بنظرة جانبية ساخرة معلقا على الوضع : قل الحقيقة كنت تتمنى لو قتلوني
جيف بإبتسامة ساخرة : لو لم تكن إيما تتخذك قدوتها في الحياة و متأكد من انها ستجن إذا حدث لك شيء كنت قتلتك منذ زمن
ماندي بإستفزاز : اجل إيما تحبني
جيف بإستفزاز أكبر : مثل اخاها .. بالنسبة للحب الذي تقصده فهو موجه لي لا داعي لأخبرك كيف تفقد عقلها و هي معي .. غمزه في آخر كلامه جاعلا اسنان ماندي تسحق بعضها البعض و قبل ان يبدأ كلاهما في الشجار اوقفه نوكس صارخا بغضب : توقفا و اللعنة لن نخرج من الغابة بعد .. حين تعودان اقتلا بعضكما حتى و الآن كلاكما يخرس
و بالفعل ساد الصمت بينهم حتى وصلوا لسيارته و كما توقع كانت عجلات السيارة الامامية مثقوبة بالرصاص مما أضطره لفتح الصندوق و اخراج عجليتن احتياط .. ساعده جيف في تركيبها بينما إتصل ماندي بأحد رجال والده كي يرسلوا الدعم .. و تطلب الامر اقل من عشرة دقائق حتى وصل بعض رجالهم كانوا قريبين من المنطقة
ذهب ماندي مع رجال والده بينما البعض الآخر اخذوا معهم جيف ليعيدوه للقصر بينما ركب هو سيارته رغم انهم آرادوا اصطحابه مع ذلك كان بوعيه كفاية ليسوق السيارة ... كان يريد العودة للقصر مع ذلك تذكر ان جده هناك لذلك لم يرد ان يشغل باله فقرر التوجه لشقته و لكنها بعيدة .. وجد نفسه يتوجه لأقرب مكان من موقعه و هو الفندق الذي تبقى فيه إيفا مع إخوتها .... دخل من البوابة الرئيسية يقلب عيناه في المكان ليتأكد من عدم وجود إيفا في الارجاء أساسا لابد انها نائمة الآن لذلك ضغط على زر المصعد
يريد التوجه إلى إحدى الغرف و سحب الرصاصة من جسمه و لكن لحظه اللعين بمجرد ان فتح باب المصعد وجد إيڤا من كانت تنزل به .. إبتسمت لجزء من الثانية و هي تراه قبل ان تشهق برعب تلمح يده المليئة بالدماء كان يحاول إخفائها خلف ظهره
سحبت يده بسرعة لا تعرف مكان الجرح تبحث عنه معتقدة انه جرح يده بشيء : اين الجرح نوكس ؟
اجابها يسحب يده كي لا يوسخها بدماءه : هذا خدش صغير عزيزتي لا تهتمي س... لم يكمل كلامه لاعنا بأعلى صوته و هي تلمس جرح بطنه بيدها بدون قصد منها ... نظرت ناحية بطنه لتفتح سترته و هنا كادت تفقد الوعي و هي ترى ثقب في قميصه الأسود يسيل بالدماء .. رفعت عيناها الدامعة له : هل هذه رصاصة
حظه اللعين .. تبا لحظه اللعين .. ماذا ستقول عنه الآن .. لابد انها ستعتقده رجل مافيا ... لماذا ألست كذلك نوكس ؟ هيا إخرس و جد شيئا تقوله لها كي لا تخاف منك : لا تهتمي إيڤا هذا لا شيء .. فقط عودي لإخوتك
هزت رأسها بإعتراض دموعها غطت وجهها كأنها هي من تتألم و ليس هو ... وضعت يديها المرتعشتين على وجنتيه الساخنة كالنار : كيف لا أهتم أنت تنزف دعنا نذهب للمشفى أرجوك
سكت قليلا يحاول ان يتهرب من كلامها و لكنها كانت مصرة لذلك وجد نفسه يتكلم بقلة حيلة ممسكا جوانب وجهها يمسح عنها الدموع : لا أستطيع الذهاب للمشفى إيفا سأسحب الرصاصة هنا وحدي ... رأى الاستغراب في عينيها ليوضح كلامه بخجل : إذا ذهبت للمشفى ستأتي الشرطة و يبدؤون في إستجوابي
كأنها فهمت نوعا ما قصده ... لا طالما رأت في أفلام المافيا الرجال إذا أصابوا بطلق ناري يتجنبون الذهاب للمستشفيات كي لا يتعرضوا لمسائلة أجهزة الشرطة و التحقيق في الأمر ... و رغم ذلك الخوف الذي إنتابها منه و من الغموض الذي يحوم به إلا انها لم تستطع تركه وحيدا و هو بهذه الحالة ... واجبها الإنساني يفرض عليها مساعدته .. أدخلته داخل المصعد لتتوجه به ناحية الجناح الذي جعلها تمكث فيه .. ما إن إقتربوا من هناك تكلم موقفا إياها : لا لن نذهب لجناحك إيفا إخوتك الصغار هناك لا أريد ان يروا هذا المنظر
حاول إقناعها و لكنها كانت مصرة دخلت به الى جناحها لتتوجه برفقته للحمام المرفق بغرفة نومها بدون ان تصدر صوتا يوقظ إخوتها .. تكلم يجلس على حافة حوض الحمام : حسنا إيفا شكرا لك و الآن أخرجي .. هزت رأسها بإعتراض وجهها تحول لونه للأحمر : لن أتركك وحدك سأبقى هنا
مهما حاول معها للخروج كانت ترفض لذلك إستسلم لها ساحبا نفسا عميقا و هو يراها تفتح له أزرار قمصيه بهلع ... حسنا الآن ستخافه حقا .. أغمض عينيه كي لا يرى ردة فعلها بعد أن ترى منظر صدره بينما كانت هي تحاول إزالته من فوقه كي ترى الجرح .. بمجرد ان أنهت فتح آخر زر احست أنفاسها تختفي من صدرها بينما ترى منظر صدره ... ألم كبير سحق تلك العضلة داخلها ... كان بأكمله مليء بنذوب بشعة جدا و عميقة بالإضافة إلى حروق كثيرة منها القديم جدا يعود للطفولة و منها حديثة كأن شخصا ما قام بتعذيبه
أجلت صدمتها كي لا تشعره بالإحراج لتتكلم و هي ترى جرحه : علينا إخراج الرصاصة منك
فتح عيناه ينظر لها كانت تبدوا قلقة عليه و على جرحه و لا تبدوا خائفة منه كما توقع بعد رؤيتها لصدره .. وضع يده على الجرح الذي كان ينزف بغزارة هامسا لها بصوت منخفض : سأخرج الرصاصة ... إذهبي و أحضري لي ملعقة ساخنة
إيفا هامسة بصدمة : هل جننت .. كيف ستخرجها بنفسك
هنا حقا لم يستطع إخفاء إبتسامته الساخرة و هو يتذكر كيف كان يسحب الرصاص من جسد والدته بعد ان يطلق عليها والده و هو ثمل .. ضاعت طفولته بين دماء والدته المسكينة لم يكن هذا بالشيء الجديد عليه .. اجابها بنفس منقطع : هيا إيفا انا معتاد فقط إذهبي و احضري لي ملعقة ساخنة
لم تعترض أكثر من ذلك فقط خرجت من الحمام متجهة بسرعة للمطبخ كي تقوم بتسخين ملعقة بينما أخذ هو يسحب الرصاصة منه بسرعة .. سحب نفسا عميقا بينما عض قميصه بقوة ليخرجها بدون تردد ... الألم كان لا يطاق و تبا كم أراد الصراخ مع ذلك لم يفعل كي لا يخيفهم ... أغمض عينيه يتنفس بصعوبة بينما دخلت هي تحمل ملعقة حمراء من شدة التسخين .. أخذها منها و تكلم هذه المرة بنبرة غير قابلة للإعتراض : اخرجي إيفا و لا تعترضي هذه المرة ... لن أسمح لك برؤية شيء بشع كهذا .. هيا
أحست بالقهر عليه فكرة تركه وحيد كانت تمزق قلبها لذلك لعنت نفسها و إصرارها هازة رأسها : لن أخرج مهما فعلت .. سأبقى لن اتركك وحدك سأموت إذا خرجت ... نظر لها بتوسل مع ذلك لم ينفع شيء لذلك إستسلم ينظر للملعقة ليضعها على جرحه كي يوقف النزيف ... بكل قوته ضغط على القميص بين أسنانه روحه كانت تخرج و تعود لجسده .. شرايينه بأكملها برزت و لم يقوى حتى فتح عينيه .. كان يحرك رأسه في كل إتجاه من شدة الألم شعره بتبلل بينما العرق إنتفض منه كأنه مرش مياه ... حرفيا رأى الموت في تلك اللحظة
و بنعومة .. بكل حنان و رقة أتت هي تمسح عرقه من جبينه بمنشفة كانت تحملها بين يديها ... فتح عيناه المتعبة ينظر لها بينما احتضنته لصدرها و يدها لم تتوقف عن مسح عرقه .. هكذا كان يفعل و هو صغير .. هكذا كان يمسح العرق عن جبين أمه و يحتضنها ... نسى آخر مرة بكى فيها حقا و في ثانية وجد خط من الدموع يجتمع داخل جفونه لتسقط دمعة واحدة حملت كل قهر تلك السنين ...... مهما كذب على نفسه و لكنه لم ينسى .. لم يتخطى .. مهما ساعد النساء و أعاد حقوقهن لا زالت والدته جمرة تكوي قلبه ... لا زال صراخها يزلزل أحلامه .. لحد الآن لم ينسى صوت ذلك السوط يمزق جلدها الرقيق .. دفن وجهه في صدر إيفا يبكي كطفل صغير من حسن حظه أنها لم تفرق بلل دموعه عن بلل عرقه ... و لم يشعر بعد ذلك حتى كيف فقد وعيه في احضانها .. كان فقط آخر ما سمعه هو صوتها تهمس أمام أذنه بإسمه
لعنت فيولا تحت أنفاسها و هي ترى ميردا ترتشف من كأس عصيرها و كأنها ستقسمه على أسبوع كامل .. كل نصف ساعة حتى تشرب رشفة واحدة .. حرفيا أخرجت قلبها اللعين ... إبتسمت و هي تراها تحمل الكأس تريد ان تشرب منه مجددا و لكن صوت صراخ الخادمة أمام الباب أوقفها ليسقط الكأس من يدها بهلع ... نظرت هي لصغيرتها فيينا التي إستيقظت من نومها مفزوعة .. احتضنتها بسرعة تسمع ما كانت تقوله بخوف : ماذا هناك خالة فيولا
هزت رأسها بلا شيء لتتوجه ناحية الباب حيث سبقتها ميردا له .. بمجرد ان وصلت هناك صدمت من منظر ماندي المليء بالدماء .. كان ينزف بجنون بينما يسنده الحرس عليهم ... صرخت الصغيرة بخوف لتغمض لها عينيها هامسة بصوت هاديء : لا تخافي فيينا ... هيا إلى غرفتك .. هزت الصغيرة رأسها تنزل من بين يديها و كالمجنونة ركضت لأخاها تحتضن ساقه و تبكي .. نظر لها ماندي بقهر ليرفع نظره ناحية الخادمة يصرخ في وجهها بأعلى صوته : خذي فيينا من هنا عليك اللعنة
حاولت الخادمة سحبها و لكنها كانت تتشبث في ساقه بقوة : لا تبعدني عنك أخي ارجوك .. لا تمت ارجوك
احس قلبه سينفجر يا الهي اخته كانت في الخامسة من عمرها فقط مع ذلك تعرف معنى الموت ... مسح على شعرها بحنان ليكمل طريقه يصعد لفوق .. كان يتوجه ناحية غرفته في انتظار ان يأتي الطبيب و يزيل رصاصه و لكن فيينا ركضت لباب غرفتها التي وصلوا امامها : ادخل هنا اخي
ابتسم رغم ألمه ليدخل غرفتها ثم استلقى على سريرها بينما جلست بجانبه على ركبتيها تبكي بشهقات مزقت قلبه عليها ... كان حقا لا يتحمل رؤيتها تبكي .. ربما كان رجل سيء و إبن سيء أيضا و لكنه كان أخ رائع لها ... يلعب معها و هو بحجم البغل ... يسمع قصصها التافهة عن سنو و حورية البحر آريل .. يحفظ كل أغاني الطفولة التي تحبها كي يغنيها لها .. ببساطة كان أخ فريد من نوعه ... مدت يديها تساعدهم في خلع قميصه عنه بينما كانت فيولا تنظر لمنظره بصدمة .. لا تفهم مالذي حدث له .. من أراد قتله يا إلهي ... من حسن الحظ انه لم يمت و الا كان ذلك سيمزق قلب صغيرتها المسكينة ...
في كل هذا كانت ميردا واقفة مكانها تنظر لما يحدث بعيون إلتهبت من شدة الغضب ... لم يكن عليه ان يعيش .. كيف عاش و اللعنة أرسلت له عشرة رجال كي يقتلوه .. أجلت غضبها لاحقا لتدعي القلق عليه تبكي دموع التماسيح و تتوسله ان يكون بخير .. لتنظر للحرس المجتمعين حوله : هيا أخرجوا حتى يأتي الطبيب
اومؤا لها ليخرج جميعا و لم يتبقى سوى فيينا و فيولا .. نظرت للصغيرة التي كانت مليئة بدماء شقيقها ثم نظرت لفيولا هامسة لها بنبرة باكية : خذي فيينا كي تغتسل فيولا .. أصبحت بأكمها دماء أخاف ان تمرض
بسرعة حملت فيولا صغيرتها تخرج بها من الغرفة لتنظفها و تغير لها ملابسها و لم يتبقى في الغرفة سوى هي و ماندي الذي كان يتألم ... نظرت للرصاصتين ثم نظرت داخل عينيه تسأل : مالذي حدث ؟
اجابها بصعوبة : لا اعلم احدهم ارسل عشرة رجال ليقتلوني و لكن من حسن الحظ لم أكن وحيدا تعطلت سيارتي و ركبت مع نوكس و جيف
إصفر وجهها برعب : و هل حدث شيء لجيف ؟
هز رأسه لتعود لها أنفاسها ... آخر ما تريده ان يموت أخ فلامينغوا ... ببساطة ذلك الرجل لو وضع يده في الموضوع سيحرق الجميع و اولهم هي ... بللت شفاهها تشعر بالقهر لأن خطتها لم تنجح .. ماذا ستفعل الآن ... ما إن يخرج آرون بعد عشرة أشهر من السجن سينسى الجميع موضوع الإغتيال و ربما لن يهتم احد لإخباره و هكذا لن تتخلص من فيولا ... فكرت قليلا بينما تراه يتنفس ببطء تام واجدا صعوبة في ذلك لتحسم أمرها واقفة من مكانها ثم سحبت وسادة من جانبه الآخر .. كان مغمض العينين .. يشعر بكل أعضاءه مرتخية لا يقوى حتى على تحريك عضلة منهم ليحس بشيء يحجب عنه الهواء و يضغط بقوة ...
حاول تحريك يديه كي يبعد تلك الوسادة عن وجهه و لكنه لم يستطع .. كل قواه خارت في ذلك القتال و زاده النزيف انهاكا ... لم يفهم حتى سبب ما كانت تفعله عمته .. جسده ارتجف يحاول ان يلتقط أنفاسه بدون قدرة في فعل ذلك ... لأول مرة في حياته القصيرة خاف بتلك الطريقة .. كان يهمس لها من تحت الوسادة ان تتوقف .. يناديها بعمتي مع ذلك لا حياة لمن تنادي .. كانت تضغط بكل قوتها تخنقه بدون رحمة و حين وصل للنهاية سقطت دموعه يتذكر والده المسكين .. سيتمزق من بعده .. والده كان يحبه حقا .. لم يكن أب عادي كان اخ و صديق لذلك لم يفكر في غيره .. مهما حاول تذكر شخص آخر لم يجد سوى وجه والده و كان ذلك آخر شيء رآه قبل ان يخسر آخر نفس له في هذه الحياة خاسرا معه حياته بأكملها
هزت فيولا رأسها تضع صغيرتها في غرفتها معترضة على تركها تذهب لأخاها و بصعوبة فعلت ذلك لتعود الى ماندي تريد الاطمئنان على حاله و لكنها صدمت تضع يدها على فمها و هي ترى ميردا تضغط على الوسادة تحجب عنه الهواء ... تحركت تريد مساعدته و لكن فات الآوان بالفعل .. رأتها ترفع الوسادة ليقابلها وجهه يفتح فمه قليلا بينما عيناه مفتوحة و دمعة تسيل على طول خده افقيا .... مات .. ماندي مات
صغيرتها ستتحطم هذا ما فكرت فيه قبل ان تخفي جسدها و هي ترى ميردا تخرج من الغرفة بسرعة قبل ان يأتي أحد و يراها .. دخلت للداخل تتحسس نبض الصغير و لكن بالفعل قد خسر حياته .. كانت تكرهه ... كانت تخطط لجعله يحمل جثة والده بعد ان يعدموه .. ارادت ان تحطم حياته و تحرمه من اخته .. اجل ارادت ذلك من أعماق قلبها و كانت ستفعل ...إذا لماذا كانت تبكي الآن كما لو أنها خسرت صغيرها هي ... لماذا قلبها إحترق عليه بهذه الطريقة .. مسحت تلك الدمعة من وجهه لتنفجر بالبكاء تتذكر شقيقها إيثان .. صغيرتها ستشعر بنفس الألم الآن .. صغيرتها ستبكي كما بكت هي على شقيقها .. الفكرة لوحدها مزقتها لألف قطعة مع ذلك ماذا ستفعل و ماذا ستقول .... كيف ستثبت ان ميردا من قتلته .. لن يصدقها احد الآن .. هي من ربته .. هي من سهرت على مرضه كيف سيصدقون انها قتلت ابن آخاها ...
و الأهم من ذلك لماذا قتلته ؟ ... ما فائدتها من قتله و إحراق قلب آرون عليه ... لثانية فكرت حتى توقف الكون حولها و هي تجد الإجابة أخيرا .. اجل ستلقي التهمة عليها .. لابد انها أيضا من أرسلت الرجال ليطلقوا عليه الرصاص و الآن كانت فقط تنهي عملها .. و هذا إن دل سيدل على شيء واحد أن آرون لن يبقى في السجن كما إعتقدت .. هذا دليل على أن آرون سيخرج بعد فترة و سيقتلها .. غرست اصابعها في شعرها تشد عليه بقوة .. الرعب أكل عظامها .. عاجزة و خائفة هذه حالتها .. تذكرت آخر ما قاله لها قبل ان يتم القبض عليه .. اخبرها انه ربما سيغيب لفترة و يعود .. لم تعتقد ان يتكلم عن السجن وقتها .. إعتقدت انه سيسافر او شيء كهذا .. لم تعلم بأنه دخل للسجن عن قصد .. تبا سيمحيها من الكون إذا خرج خاصة ان جيفييا اخبرتها انها قرأت له الرسالة ... هكذا سيصدق الأمر
اللعنة فقط حسبت حساب لكل شيء بالملي و الآن وجدت الطاولة تقلب فوق رأسها ... سيحرقها امام صغيرتها بدون رحمة .. تعرفه و تعرف كل يحب صغيره لذلك لم تجد شيئا تفعله غير الهرب .. ستهرب و تأخذ معها صغيرتها فيينا .. ستذهب لجيفييا و تطلب منها الحماية .. وعدتها انها ستخبأها عند سلك الأمن بعد ان ينتهي كل هذا ...
و الآن ستجمع ملابس صغيرتها و تهرب .. بهذا ركضت تريد الذهاب لغرفة فيينا و لكنها توقفت امام الباب و هي تجد نفسها بالفعل كانت في غرفة صغيرتها ... لحظة .. هل هذه غرفة صغيرتها .. لم تفهم مالذي حدث لها .. في ثانية إبتسمت كأنها مجنونة .. اجل غرفة صغيرتها .. هذه غرفة فيينا .. الكاميرا .. الكاميرا هنا .. كانت تضع كاميرا تراقب بها صغيرتها .. تبا لي الكاميرا ... نظرت بسرعة للكاميرا التي كانت تخفيها هناك لتخرج بسرعة متجهة ناحية غرفتها حيث كانت صغيرتها جالسة فوق السرير تحتضن جسدها و تبكي
ما ان دخلت وقفت الصغيرة من مكانها تسأل و تنظر لوالدتها التي كانت تسحب حاسوب من الخزانة بأصابع مرتعشة : هل اخي بخير خالتي
لم تجبها الأخرى فقط أخرجت الحاسوب و بدأت تفعل داخله شيء لم تفهمه حتى إبتسمت كأنها حصلت على الياناصيب ... أدخلت فلاشة في الحاسوب و نسخت الفيديو ثم وقفت مجددا تغير ملابسها و حملتها تخرج من الغرفة
فيينا : خالتي مالذي تفعلينه
اجابتها فيولا تبكي بدون صوت : توقفي عن مناداتي خالتي فيينا تعلمين اني أمك
نظرت لها في نهاية كلامها ليشحب وجه الصغيرة : عمتي ستضربك إذا ناديتك ماما
قبلت الكبيرة رأس صغيرتها تكمل سيرها لتخرج بها من الباب الخلفي لم تعلم حتى كيف وجدت نفسها خارج القصر هامسة لها : من اليوم لن تناديني الا ماما .. سأعالجك .. سأنقذك صغيرتي هل اتفقنا
التفتت الصغيرة ناحية قصر طفولتها المشوهة مجيبة إياها : ماذا عن ابي و اخي
سكتت فيولا لا تعلم ماذا تجيبها و من المستحسن ان لا تجيبها الآن .. يكفي ما كانت تعانيه الصغيرة ...
في قصر آل دوستيوفيسكي كان جيف مستلقيا على سريره بينما ينظر لوجه أخاه الذي كان يقطب جرحه بصمت تام ... احس بألم كبير .. ليس بسبب الجرح بل بسبب برود سافيدش معه .. حسنا هو هكذا في اغلب الأحيان ... بارد و لا يعطي ردات فعل قوية في مثل هذه الأمور كي لا يضخم الامر مع ذلك هذا البرود و الصمت كان سببه آخر حوار دار بينهما في المشفى ... مرت فترة طويلة منذ ذلك اليوم مع ذلك لم يتحلى بالشجاعة ليطلب منه المغفرة بعد
تكلم بهدوء منهيا خجله منه : أنا آسف
سافيدش ببرود : على ماذا ؟
جيف : على الكلام الذي قلته لك في المشفى
بنفس بروده تكلم مجددا : نسيت
جيف بإصرار : و لكني لم انسى
سافيدش : إذا إنسى
اغمض الآخر عينيه بقهر ليقول كل ما كان في قلبه : حين داهمونا لاحظت انهم لم يشاؤوا إطلاق النار علي ... و ابتسم بسخرية : هل تعلم لماذا ؟ ... فتح عيناه ينظر لأخاه الذي كان يقطب الجرح بصمت : لأنك اخي ... لأني جزء منك .. حين كنت هناك لاحظت اني قوي بوجودك .. اني حي و اتنفس لأنك تحميني انا و لينا .. تحمينا جميعا .. هناك تذكرت كل تلك المرات التي كنت تعود فيها من الاغتيالات ملطخ بالدماء هكذا مثلي ... الفرق بيننا ان الدماء التي كانت تغطيك هي دماء أعدائك ... لم آراك مصابا بخدش واحد قبل ان تتزوج من راسيل .. الأطفال جميعا في سني وقتها كان بطلهم الخارق باتمان او إكس_مان بينما كان بطلي هو أنت .... انت لست مجرد اخ بالنسبة لي .. انت اب و قدوة .. انت كل شيء .. فكرة اني كنت سأموت و آخر ما قلته لك كان كلاما جراح مزقتني ... فكرة ان اموت قبل ان اخبرك كم احبك خنقتني لذلك اردت ان تعلم هذا .... انا احبك اخي
قال كل ما كان في قلبه .. لم يكذب في حرف واحد .. كان يحبه حقا بذلك القدر و يعلم ان جبل الثلج هذا يحبه أكثر بكثير ... يحبهم بطريقة فاقت حبهم له بأشواط .. حتى لو كان حبه لهم عبارة عن شيء تعلمه هناك و لكنه كان اعظم من كل شيء .. نظر لوجهه و ملامحه الباردة بينما انهى آخر غرزة لينظر له بعيون خالية سائلا ببرود : هل أنهيت إعتراف حبك لي
ضحك بسخرية يوميء له ليقف الآخر بنفس بروده مومئا رأسه : إذا نم الآن و سكت قليلا ينظر لجرحه ثم اكمل يرسم ابتسامة ساخرة على وجهه بينما يسمع صوت بكاء إيما في الخارج : و نصيحة مني لا تمارس الجنس الليلة
هذا جعل جيف ينفجر ضحكا وجهه اصبح احمر بينما اكمل الآخر سيره للباب .. ما إن وضع يده على المقبض تكلم جيف بسرعة : هل سامحتني أخي ؟
سكت لثانية قبل ان يجيبه بهدوء : اخبرتك اني نسيت ... هذا فقط ليخرج تاركا الباب مفتوح لإيما التي دخلت تبكي بأعلى صوتها ... سقطت على ركبتيها ارضا تمسك يده و تدفن وجهها في صدره : كيف تجرأ ان تفكر في الموت و تركي ها .. كيف تتجرأ على تعريض حياتك للخطر .. ألم تفكر بي ؟ .. ألم تقل هناك غبية ستقتل نفسها من بعدي .. لن اسامحك جيف .. لن اسامحك على هذا ابدا ... جعلتني اموت و انا اسمع خبر اصابتك
تنهد يمسح على شعرها بحنان : هيا بيبي لا تبكي انا بخير ... ثم انت تسيئين الظن بي .. انا لم اقاتل لأتركك وحيدة .. انا قاتلت لأني اعلم جيدا ان موت ماندي سيحطم قلبك و الأعداء كانوا يريدون قتله هو و انا قاتلت كي احميه
نظرت له خلف دموعها التي ملأت عينيها لتهمس بصدمة : أرادوا قتل ماندي ؟ .. أومأ رأسه بنعم لتكمل نوبة بكائها دافنة وجهها مجددا في صدره : ماذا يريدون من صغيري المسكين .. ماذا فعل لهم ماندي ها ؟ ... لماذا يريدون قتله صغير عصفور جنة ماذا فعل لهم ... ثم رفعت رأسها تنظر بغضب : إعطني أسمائهم لدي حديث معهم
ضحك يضغط على اسنانه بقوة من شدة الألم : تبا إيما لا تضحكيني هيا توقفي عن البكاء بيبي ثم ذلك الاحمق بخير ... سيعيش ليكون كالألم في مؤخرتي
مسحت دموعها تقنع نفسها ان كل شيء سيكون بخير لترتبك قبل ان تقول ما كان عالقا بين شفتيها : انظر جيف اردت ان اخبرك بشيء
عقد حاجبيه يهز رأسه بماذا لتبتلع ريقها تفكر مليا في ما ستقوله رغم انها تعلم انه سيزعجه نوعا ما مع ذلك وجب ان تخبره انها لا تحب اندماجه في أمور المافيا .. أرادت فقط ان تخبره بأن يترك كل شيء و يسجل معها هذه السنة في الجامعة .. كان قد قرر انهما سيسجلان و يوقفا السنة الدراسية للسنة القادمة حتى يخرج آخاه من السجن مع ذلك الامر لا يروق لها ... كيف ستتحمل لعشرة اشهر تضع يدها على قلبها ... لم يمر اسبوعان على جلوسه مكان سافيدش و بالفعل تلقى رصاصة و قتل ثلاثة رجال إذا ماذا سيحدث في عشرة أشهر كاملة ..... رفع حاجبه يستغرب تأخرها في الكلام لذلك حسمت أمرها بإخباره و لكنها توقفت على صوت داليدا تصرخ بأعلى صوتها
لم تفهم مالذي يحدث .. ما سبب هذا الصراخ و ماذا حدث لذلك نظرت لجيف الذي إختفت الدماء من وجهه قبل ان تقف من الأرض تساعده في الوقوف ثم خرجت تتجه ناحية الصالون حيث كان الجميع مجتمعا ... داليدا تبكي و تصرخ بينما لينا كانت متجمدة مكانها عيناها ممتلئة بالدموع و راسيل أيضا كانت تبكي و تغطي فمها بصدمة ... احست دقات قلبها تتناقص مع كل خطوة تقترب فيها ناحيتهم .... شيء بملامح وجوههم اخبرتها ان ما ستسمعه سيؤذي قلبها بشدة مع ذلك ارادت ان تسمع ... سمعت جيف يسأل عمته عما يحدث لتتلقى خبرا زلزل كيانها
داليدا بنبرة باكية : ماندي مات
أجل بعد تلك الجملة لم تسمع شيء آخر .. لم ترى شيء .. لم تتنفس حتى .. كمن امسك قلبها و سحبه للأسفل أصبحت تسمع نبضاته في كل جزء من جسمها ... كأنهم اخبروها ان شقيقها دايف مات .. هكذا احست .. مات .. ماندي الغبي .. صديقها الاحمق مات ... كيف .. و لماذا .. لم تجد أجابة على كل هذا فقط نظرت للطريقة التي نظروا بها لها قبل ان تنفجر بالبكاء تركض خارج القصر كمن فقدت عقلها .... لم تهتم لصوت جيف يناديها و لا للينا التي كانت تركض خلفها رغم ألم جسدها ... لم تهتم لشيء فقط ركضت تبكي في الشوارع غير مصدقة لما سمعته .... لا يمكنه الموت هكذا .. لم يكبر .. لم يحقق حلما واحدا من أحلامه حتى ... و الاهم انها لم تودعه ... فكيف له ان يموت ... ليس من حقه ان يتركها بعد ان احبته كأخ لها .. ليس من حق الحياة ان تسحب منها من تحبهم واحدا تلوى الآخر
لا تعلم كم ركضت و هي تبكي بتلك الطريقة .. حرارة روحها من كانت تسوقها عقلها كان قد انفصل عن العالم حتى وجدت نفسها تصل أخيرا لقصره ... كانت الشمس اقتربت من الشروق و بالفعل وجدت جيف و الجميع هناك يبدوا انهم سبقوها بالسيارات ...
لم تهتم لأحد فقط توجهت ناحيته تنظر لجسده المرمي على السرير لتجلس على ركبتيها امامه وجهها فقد لونه من شدة احمراره .. بعيون حمراء كالدم نظرت له تمسك يده التي بدأت تبرد مقبلة إياها بقوة ثم احتضنته تبكي بحرقة ... حتى لو كان سيئا و لكنه يستحق الحياة .. كل شخص سيء لديه من يحبه في هذه الحياة و هي كانت تحبه بكل عيوبه ... كان غاليا على قلبها لأنها تقاسمت معه السعادة و الحزن ... ربته كأخ صغير لها و كانت تفتخر بعلاماته التي لا تتجاوز اعلاها 20 من اصل 100 ... هو دون غيره من وقف امام نافذة الحجرة التي اجتازت فيها اختبار القبول للثانوية و بدأ يجيب على الأسئلة بصوت عالي كي تستطيع الإجابة .... لم يهتم للحرس الذين قبضوا عليه يومها .. و لم يهتم حتى كون جيف سيرشي الإدارة كي يقوموا بتنجيحها فعل ذلك فقط لأنه أراد مساعدتها بطريقته لذلك بكت عليه في تلك اللحظة تصرخ بأعلى صوتها دافنة صدى صرختها في جسده الذي تلاشت منه الروح ...
بعد أربعة أيام ...
انتهت مراسم دفن ماندي بدون والده للأسف ... كان قبره بجانب قبر والدته رينات كتب فوق الشاهدة الخاصة به إسمه كاملا يحمل تاريخ ولادته و تاريخ وفاته و العمر الفاصل بينهما .. كان عمرا لا يجد فيه الشخص وقتا لتدارك أخطائه او تصحيحها حتى .. عمر لا يحقق فيه المرء و لا حلما واحدا له .. ببساطة اختطفته الحياة بطريقة سريعة تاركة خلفه جراحا في قلوب من احبوه لا تبرى مهما حدث
قبض سافيدش على الرجلان اللذان اطلقا النار عليه و بعد تعذيب مستميت اعترفوا بأن التي ارسلتهم امرأة تسمى فيولا لم يروا وجهها و اقصى ما تعرفوا عليه هو إسمها .... و بالفعل بحثوا عن فيولا كثيرا هي و فيينا و لكن لا مكان لهما ... مهما بحثوا لم يجدوهم و أساسا حتى القبض عليها لن ينفعهم بشيء .. لم يكن من حقهم إتخاذ أي قرار بشأنها إلى غاية خروج آرون من السجن
بالنسبة لإيما كانت تحتجز نفسها في الغرفة لا تسمح لأحد ان يدخل لها و لا تخرج إطلاقا .. حتى جيف كانت ترفض رؤيته ... لم تضع شيئا في فمها طوال تلك الفترة .. حتى انها لم تغسل يديها من تراب قبره الذي حفرته تبكي كمن فقدت روحها ... لا طالما كرهت مجال أعمالهم و لكنها لم تكرهه بهذه الدرجة ...حقدت على كل شيء و لم ترد شيئا غير الابتعاد عن هنا .. يكفي ما عاشته لحد الآن .. يكفي ما خسرته لا تريد ان تختبر الشعور مجددا في شخص آخر .. كان من الممكن ان يكون جيف مكانه .. كان من الممكن ان تخسر حب حياتها كما خسرت صديقها .. لذلك لن تسكت هذه المرة ...
وقفت من سريرها تفتح الباب لتجد جيف جالسا على الأرض مقابلا لها .. نظرت له بعيون خالية قبل ان تتوجه ناحية الحديقة غير مهتمة لصوته ينادي خلفها .. بمجرد ان وصلت في منتصف الحديقة إلتفتت له بهدوء تحدق في عينيه : دعنا نغادر
عقد حاجبيه لا يفهم قصدها لتسحب نفسا عميقا : النتائج ستعلن غدا .. دعنا نسجل في الجامعة و نغادر ... دعنا نبتعد عن هذا