نزلت فيكتينا من سيارتها تنظر لساعة يدها التي كانت تشير للساعة التاسعة صباحا فقط سحبت نفسا عميقا تحمل ملفات الشركة التي طلبها سافيدش .. إتصل بها قبل ساعة يطلب منها أن تأتي بكل الأعمال للقصر على أساس أنه ليس بخير اليوم و يريد العمل في المنزل ... حسنا لو كانت لا تعرف جيدا لقالت أنه حقا ليس بخير و لكن هذا الرجل حتى لو كانت هناك رصاصة في منتصف بطنه سيكون بخير .. حتى و هو ليس بخير سيكون بخير رغما عن الألم و لكن يبدوا ان قلبه ليس بخير ... شيء به اصبح واضح بطريقة ما .. لاطالما كانت متأكدة أنه ليس من النوع الذي يجيد إخفاء مشاعره أو إدعاء عكسها ..
رجل مثله لا يجيد السيطرة إلا على المشاعر التي علموه إياها في المختبر باقي المشاعر كالحب ... الأبوة .. كل هذه الأشياء لا يجيد السيطرة عليها أبدا بل لا يعرف حتى كيف يتعامل معها و هذا ما أثبت لها أنه لا يعلم حقا بأن أورا صغيرته ... لو كان يعلم سيتحرك .. سيأخذها و يخفيها في مكان لن يراها فيه الجن الأزرق .. أساسا لا مصلحة له في إدعاء عدم علمه بنسب الصغيرة له .. لأنه ببساطة يعلم أن أعضاء المنظمة لا يهتمون بنسله هو ... لا يوجد لديهم أي مشكل معه أو رغبة في إختطاف ابناءه اي انه ليس هو الخطر الذي يحوم بالطفلة ... بل المشكلة تكمن في راسيل المسكينة ... يريدونها هي بأي طريقة حتى لو كانت تلك الطريقة إستغلال اطفالها ضدها و هذا شيء لن يسمح به سافيدش حتى في سابع حلم لهم ... لن يترك طفلته عرضة للخطر لو كان يشك و لو مجرد شك بسيط في أنها منه
قاطع افكارها خروج آراندا من باب القصر لتبتسم بسخرية تقلب عينيها بملل : أي عصفور تبرز من السماء حتى سقط برازه امامي الآن ؟
إبتسمت آراندا تقترب منها بسخرية ساحبة سيجارة لنفسها : و أي باب من ابواب السماء فتح حتى أصبحت أنت و راسيل صديقات ؟
بهدوء تام إتسعت إبتسامة فيكتينا الساخرة تحاول بقدر الإمكان السيطرة على خوفها من كشف الساقطة لصداقتها مع راسيل .. إذا علم فلامينغوا بذلك سيشك في كل المعلومات التي قدمتها له ... و تبا لن تتخيل حتى ما سيفعله بها حينها .. سيمزقها بدون رحمة .. حسنا هي مقربة منه و تعد من أكثر الأشخاص الذي يثق بهم و هذا يعني أن العقاب سيكون بقدر تلك الثقة ... أجابت الافعى الصفراء بسخرية واضحة : أولا لا تجمعي إسمي و إسم تلك العاهرة الصغيرة و ثالثنا كلمة صداقة .. ثانيا هذه لا تسمى صداقة بل مصلحة و أنا إمرأة أركض خلف مصالحي .. ثالثا مصلحتي هذه هي إرضاء سيدي بأي طريقة كانت ...
آراندا بشك : مصلحة تجعلك تبكين لأن حياتها كانت معرضة للخطر أمس ؟ ... أي نوع من المصالح هذا
إقتربت منها فيكتينا تجيبها بكل مكر العالم : هذه المصلحة تسمى تمثيل دور المهتمة و المخلصة أمام سيدي كي تبقى ثقته بي عالية و الآن غربي عن وجهي سيدي ينتظرني في مكتبه ... كما تعلمين لا يستطيع الإستغناء عن خدماتي
حركت شعرها الاحمر في الهواء لتتخطاها بدون ان تنطق الأخرى بحرف واحد .. صعدت الدرج بهدوء و عدم إرتباك تشعر بنظرات آراندا عليها لازالت تلحقها حتى إختفت عن ناظرها هنا فقط توقفت تختبأ خلف درابزين الدرج تراقب الأفعى الأخرى من فوق... بحاجبين معقودين .. من أخبرها أنها بكت أمس من أجل راسيل ؟ ... لم تكن بينهم ليلة أمس و من المستحيل أن تكون داليدا من أخبرتها و لا لينا ليس لهما اي علاقة وطيدة معها خاصة ليتحدثوا عن موضوع راسيل هي محوره ... و حتى أختها آيدا لم تكن معهم إذا من أين علمت و أين رأتها ؟
فكرت تقلب الكلام في رأسها تحاول أن تحدد هوية هذا اللعين و كنظرة أولية شكوكها تصوبت ناحية سارينا زوجة سافيدش ... هي الوحيدة التي كانت معهم و رأتها تبكي ... حسنا فيكتينا لا ترتبكي فقط إهدأي و ستفهمين ما يحدث حولك .. إبتسمت تلتفت خلفها للمرآة تنظر لإنعكاسها هامسة لجمالها بعشق : ما أجملني و انا أخطط .. تبا فاليذهب رجال الكون فداءا لجمالي
اجابها سافيدش يتحرك بجانبها :أجلي غزلك الرخيص لاحقا و الآن حركي مؤخرتك خلفي
شهقت تضرب الحطب بيدها تقرأ آيات الإنجيل على نفسها لا تفهم من اين خرج هذا الرجل .. كالشبح لا يسمع له صوت .. اكملت طريقها خلفه لتدخل مكتبه ... توجهت إلى طاولة المكتب تنظم الاوراق عليها بينما وقف هو امام النافذة يحمل كأسا من المشروب في يده و ينظر لشيء ما في الخارج بشرود تام .. لم تعلم ما ذلك الشيء قبل أن تسمع صوت روح قلبها أورا تصرخ في الخارج و صوت لولي ايضا .. يبدوا أنهما يلعبان مع بعض ... رفعت نظرها ترى ملامح سيدها كيف كان يضغط على اسنانه فكه يكاد ينفجر بينما ينظر للصغيرة بتقزز .. شيء في تلك النظرات أخبرها أنه يرى أورا المسكينة ذنب راسيل .. و دليل خيانتها له و لكل ما عاشاه مع بعض لا يعلم ان تلك جزء منه .. أنها ثمرة ذلك الحب الذي ضحت راسيل من أجله بكل شيء .. الذي تخلت عنه بسببه
تنهدت تعيد نظرها في الملفات امامها لتسحب طرد وصله ليلة امس .. تذكرت بعد عودتها امس وجدت ظرف يحتوي على إسم سافيدش تركه احدهم تحت الباب ... قلبت الظرف على ناحيتين لتعرف من ارسله و لكنها لم تتعرف عليه لذلك تكلمت بهدوء : سيدي وصلك ظرف ليلة أمس
سافيدش ببرود : من ارسله ؟
فيكتينا بإستغراب : لا أعلم سيدي الظرف لا يحتوي لا على إسم و لا عنوان فقط ختم أسود مرسوم به .. و سكتت تقرب الختم من عينيها تريد تحديد الرسمة لتكمل و هي تميزها اخيرا : غراب أسود
لم تفهم حتى مالذي حدث أو مالذي قالته في ثانية كان ينظر للخارج بشرود يتحدث ببرود و عدم إهتمام و في ثانية وجدته يسحب الظرف من يدها بسرعة و بطريقة مفاجئة أرعبتها و بدون ان ينطق بحرف واحد حتى خرج من مكتبه تاركا إياها تنظر للباب بإستغراب ... هذا الرجل مجنون حرفيا
بقيت عدة دقائق تنظم باقي الملفات لتتوجه بعد ذلك ناحية الباب فتحته تريد البحث عن سافيدش لترى هل سيبدءان العمل الآن أو لا على أمل أن تجد وقتا لتنزل و لو دقيقية تقبل اورا الجميلة و لكنها رأت راسيل تخرج من غرفتها تحمل في يدها كرة اورا السوداء ... همست لها بصوت منخفض : بس بس راسيل
نظرت راسيل ناحية مصدر الصوت لتبتسم بسخرية و هي ترى فيكتينا .. توجهت ناحيتها تسند كتفها على إطار الباب : ماذا هناك هل أصبحتِ مثل شباب الشوارع ؟
نظرت لكرة أورا الصغيرة لتسحبها من يديها تقبلها بقوة ثم أعادتها لها : الآن لن تصيبها الجراثيم بعد ان قبلتها لها بشفاهي النقية
راسيل : انت أكبر جرثومة في البشرية عزيزتي فيكتينا .. لديك مبيد واحد إسمه راسيل ضد كل أنوع القصف
إنفجرت فيكتينا ضحكا تضرب جبين الغبية الأخرى : تبا لك هل هذا لسان او رشاش فقط إخرسي و في ثانية تحولت ملامحها للجدية مقربة وجهها من أذن راسيل : دخل الفأر داخل عقلي راسيل
راسيل بعدم فهم : لا افهم ماذا تقصدين؟
فيكيتنا : سأشرح لك لاحقا و لكن مختصر شكوكي أن هناك علاقة بين سردين و آراندا
راسيل بإستغراب : من سردين ؟
فيكتينا : سارينا وجه سمك السردين النتن من ستكون في رأيك
أغمضت راسيل عينيها تضحك بأعلى صوتها لا تصدق ما سمعته قبل أن تلاحظ نظرات فيكيتنا الغاضبة .. هذا جعلها تدرك جدية الأمر لتخفي سخريتها : لا أفهم مالذي جمع هذان الإثنان مع بعض .... زوجته الساقطة تبدوا انها متمسكة به و آراندا جميعنا نعلم هوسها به ... كيف سيكونان صديقات
فيكتينا : عدو عدوي صديقي بيبي ... على كل حال انت إحذري منهما حتى أتأكد أنا من شكوكي و إلى غاية ذلك الوقت تجنبي كلتاهما و لا تبعدي عينيك على أورا أخاف ان يفعلوا شيئا لصغيرتي من غيرتهما
أومأت لها راسيل بتفهم لتعيد فيكتينا سحب كرة اورا مقبلة إياها مرة أخرى .. تكلمت راسيل بقلة حيلة : المشاغبة الصغيرة لم تشأ ان تلعب بكرتها الحمراء ... دخلت في نوبة غضب و رمتها بعيدا عنها .. تبين أنها تريد كرتها السوداء .. ستجنني حرفيا تعشق الاسود بكل معنى الكلمة .. و أخفضت صوتها هامسة بينها و بين الأخرى : شخصيتها و ذوقها مثل والدها المختل أنا خائفة ان تكبر الصغيرة و تصبح نسخة عن اللعين
أجابتها فيكيتنا بصوت عالي : و ما به سيدي ؟؟ .. انظري راسيل لا اسمح لك بشتم سيدي و محاولة قلبي ضده .. أنا وفية له دائما لذلك ضعي له السم أنت في المشروب انا لن افعل ذلك ابدا
صدمت راسيل تنظر لها و كأنه تنظر لمجنونة لا تفهم مالذي تتفوه به هذه المختلة حتى سمعت صوت أرعد عظامها من الخلف يهمس أمام أذنها : السم لا ينفع معي ... تجرعت منه كميات كبيرة حتى فقد تأثيره علي كما أن قتل الشخص بنفس الطريقة مرتين شيء ممل .. جدي طريقة أخرى
حركت رأسها قليلا ليقابلها وجهه ينظر داخل عينيها بظلام سودويتيه لعدة لحظات قبل أن يبتسم بسخرية مقربا وجهه منها اكثر حتى كاد أنفه يلمس خدها هنا فقط إبتعدت هي بسرعة تمسك الحائط بجانبها كي لا تتعثر بسبب تأثيرها عليه بذلك القرب المهلك ... رغم تسارع دقات قلبها الجنونية إلا أنها بدت هادئة تماما و بكل رزانة و ثقل نظرت له بنظرات باردة تجيبه على كلامه : بالطبع السم لا يأثر على نفسه
هذا فقط لتبتعد عنه تقسم بكل شيء تمتلكه أنه يبتسم الآن و نعم كان يبتسم حقا ينظر لظهرها بنظرات جعلت فيكتينا تهز رأسها بسخرية هامسة له : هل نبدأ العمل سيدي ؟
نظر لها في نهاية كلامها بطرف عينه مجيبا إياها : إبدإي إجراءت هذه الشراكة .. و قدم لها عقد موقع عليه ثلاث توقيعات واحدة منهم بإسمه و أخرى بإسم سيزر رايلي و التوقيع الثالث كان بدون إسم ... فتحت عينيها بصدمة لتعيد نظرها له : هل ستشارك سيزر رايلي سيدي؟ .. و من هذا الاخير لا يوجد إسمه هنا
أجابها يدخل للداخل : لا يمتلك هوية و لا تسألي أكثر فقط قومي بالإجراءات و أتركي الشركة غير قانونية و ذات أعمال سرية لا أريد من أحد أن يعلم عن هذه الشراكة غيرنا هل فهمت
فيكتينا : حتى رجالك ؟
إلتفت لها بطرف وجهه مجيب : حتى ظلي فيكتينا ... حتى ظلي
**
خرجت لينا من مكتب المدير تنظر حولها في المكان بإرتباك .. كان لقاءها جيد جدا و قام المدير بتقديم جدول حصصها و لكن كانت خائفة حقا ... أعني الأمر يحتاج الخوف .. أن تقوم هي بتعليم الأطفال و العمل كمدرسة رسم شيء غريب .. إعتادت على تدريب الرجال على القتل و الضرب المبرح و الآن وجدت نفسها ستدرس الاجيال واااو حقا هذا مثير للإهتمام و الآن لينا خذي شهيق زفير و توكلي على الخالق لن تخيبي
بهذا توجهت ناحية الفصل الأول تريد التعرف على الأطفال هناك .. الملائكة الصغار .. زينة الأرض .. البراءة .. الطفولة و الجمال أجل هذا ما فتحت الباب تبحث عنه و هذا ما وجدته
طفل يقف فوق الطاولة يضرب أصدقاءه بالأقلام يشتم بكلمات لم تسمعها من قبل و فتاتين يتشاجران من الشعر بسبب مقلمة سنوـوايت كل واحدة تقول أن المقلمة تخصها بينما طفل يقف في السبورة و يرسم علامات أمام أسماء زملاءه يرتدي نظارات يبدوا أنه المؤدب الوحيد بينهم .. و فتاة يبدوا أنها تتخذ شركة الغاز و الكهرباء قدوة لها تشعل النيران بين الفتاتين اللتان تتشاجران .. بدون أن تتحدث عن مجموعة الأطفال في الخلف يتحدثون في فيلم شاهدوه خفية عن آباءهم فيه مشاهد جنسية
احست بالشلل و هي ترى طفولتها تمر أمام عينيها ترسم الزهور و الأشجار و أكثر شيء محرج شاهدته هو قبلة الأميرة النائمة ... أجل طفولتها كانت شيء من هذا القبيل لذلك تم خداعها من أول رجل تعرفت عليه .. أما هذا الجيل من المستحيل خداعه ... تبا تكاد تقسم أن فتاة من اللواتي يقفن أمامها الآن إذا علق معها ليام ستجرده حتى سرواله الداخلي ... صدمت تماما و لعدة دقائق إكتفت بالمشاهدة على تلك الوضعية حتى فقدت سيطرتها مغمضة عينيها لثانية و في الثانية التي تلتها صرخت بأعلى صوتها تريهم التربية على أصولها : سأعد لعشرة و إذا رأيت إبن عاهرة بينكم ليس في مكانه سأبرحكم ضربا .. فتحت عينيها تنظر لنظراتهم المصدومة لتبدأ العد : واحد .. إثنان .. عشرة
أنهت كلامها ترمي حقيبتها أرضا لتدخل للداخل تغلق الباب خلفها بالمفتاح
بعد عدة دقائق ... إبتسمت برضا و هي ترى الفتاتان يحتضنان بعضهما و يقبلان أيدي بعض كل واحدة منهما تتوسل الأخرى أن تأخذ المقلمة بينما الفتاة التي كانت تشعل النيران كانت تخبرهم أن المقلمة شيء تافه و أهم شيء هو الأخوة ... حركت عينيها لذلك الطفل الذي كان يضرب زملاءه بالأدوات و يسبهم اصبح يخبرهم أن ينظفوا القسم و يزينوا الحائط بالرسومات .. نظرت لمجموعة الأطفال الآخرين الذين كانوا يتحدثون عن فيلم شاهدوه ليلة أمس الآن صوتهم ملء المدرسة يرتلون آيات من الإنجيل و في كل هذا كان ذلك الطفل صاحب النظرات يجلس فوق ساقيها تحتضنه لصدرها بحنان
أومأت بسعادة مستغربة من نفسها حقا .. تبا لو عاش إبنها كانت ستكون أفضل أم في الكون .. لم تفعل شيء فقط أمسكت رأس الفتاتين و ضربتهما مع بعض ثم علقت تلك الفتانة من ساقيها في السقف .. و وضعت القليل من الفلفل الحار الذي احضرت منه من أجل غذاءها في لسان ذلك الطفل الذي كان يسب زملاءه و جعلته ينظف القسم بأكمله لوحده من الأدوات التي رماها أرضا ... امام مجموعة الأطفال الذين شاهدوا الفيلم فقط أنزلت لهم سراويلهم و أبرحت مؤخراتهم ضربا بعصا الزيتون ... و بخصوص المؤدب الصغير حصل منها على قطعة كعك و قبلت خده بعد أن عينته مسؤول عن القسم
أخبرتكم لم تفعل شيء
وقفت من مكانها تسحب نفسا عميقا لتعدل ملابسها ثم إتجهت لمنصة القسم لتبتسم بحنان مردفة : مرحبا صغاري .. أنا مدرسة الرسم الجديدة .. إسمي تاج رأسكم لينا دوستيوفيسكي ... بالنسبة لعمري فأنا شرفت الأرض ب 28 سنة و بعد شهرين سأشرفها بسنتي ال29 ... شخصيتي طيبة جدا و لطيفة بطريقة لا تتخيلونها ... و لتتأكدوا من لطافتي فاليتجرأ واحد منكم و يثير غضبي .. و الآن فاليعرفني كل واحد منكم عن نفسه
بعد ما يقارب ساعة تعرفت على كل واحد منهم لتنتهي الحصة الدراسية معلنة عن إعلان حكم العفو على الأطفال .. فقط وقفت من مكانها لتسأل ذلك الطفل المؤدب صاحب النظارات : أي حصة لديكم الآن ؟
أجابها الصغير بسرعة : مادة العلوم آنستي
ما إن ذكر المادة تذكرت ليام ... مر فترة طويلة لم تراه فيها و لم تسمع أي خبر عنه ... لابد أنه تزوج و نساها و ربما حظى لنفسه بالأنثى التي كان يبحث عنها ... هيا على كل حال إنتهى .. لقد أنهته تماما رغم عدم قدرتها على نسيانه مع ذلك لم تبكي عليه منذ أكثر من سنة ... لم تسأل و لم تحاول حتى السؤال عن أخباره رغم إشتياقها ... لم تنساه نعم .. و لكنها لم تسامحه أيضا على كل حال ما فات قد مات و ما بينها و بين ليام دماء صغيرهما الذي سيبقى جمرة تكوي قلبها كل ثانية تعيشها ...
أفاقت من شرودها لتودع الصغار ثم خرجت تتجه للفصل الآخر تريد التعرف على الأطفال هناك .. الملائكة الصغار .. زينة الأرض .. البراءة .. الطفولة و الجمال
عدة لحظات فقط ليقف ليام أمام الفصل الذي خرجت منه ينظر لظهرها كيف كانت تسحب نفسا عميقا قبل أن تفتح باب القسم الآخر تنظر للحرب التي تقام هناك ... عض شفته بقوة ينظر لها ترفع شعرها الأسود الجميل بشكل كعكة عشوائية مما جعل عنقها الأبيض يظهر بطريقة جعلته يتذكر الليالي التي كان يدفن وجهه هناك يستنشق عطرها و هذا مزقه حرفيا .. أساسا عاش هذه الأشهر يحترق على كل شيء فعله بها ... عاش فقط يصبر نفسه بأنها لازالت تحبه ... أنها مجروحة فقط و سيأتي يوم و يعود كل شيء لمكانه .. سحب نفسا عميقا ليدخل للقاعة بعد أن إختفت عن أنظاره ليبتسم و هو يرى أولئك الأطفال الذين أعادت تربيتهم ... جلس على الكرسي لينظر لأول طفل بينهم : في أي منطقة لمستك بيدها؟
أشار الصغير لخده الأحمر ليسحبه ليام مقبلا إياه بقوة كأنه يقبل يدها .. ثم نظر لطفل آخر ليجيبه الأخير ينزل بنطاله : ضربت مؤخرتي أستاذ
ليام : و هل تريدني أن أقبل مؤخرتك عليك اللعنة .... تبا للرومانسية .. هيا إرفع بنطالك و ليعد كل واحد منكم لمكانه
**
نظرت راسيل لأورا التي تعرقت تماما من شدة ركضها خلف الكرة لدرجة أنها لم تتحمل ملابسها فوقها .. خلعتها بأكملها من بينها حذائها و الجوارب و بقيت بحفاظاتها تركض في الحديقة .. و في الحقيقة معها حق الجو كان ساخنا بشدة ... حرفيا كانوا في منتصف فصل الصيف تماما ... تكلم ليام بجانبها : الجو ساخن و أورا لازالت تريد اللعب ما رأيك أن تكمل المباراة في المسبح راسيل أشعر أني سأنصهر
ضحكت بسخرية توميء له رأسها : أجل أنا ايضا سأنفجر من الحرارة و أورا تحب السباحة في المسبح .. سأغير ملابسي و ملابس أورا ثم سأعود ..
ليام : هل تريدين مساعدة ؟
هزت رأسها بلا : فقط إبقى هنا و أطلب منهم أن يجهزوا المسبح ثم انت تعرف لولي ستغار إذا صعد كلانا مع أورا
أومأ بتفهم ليبقى في الحديقة بينما صعدت هي بأورا لغرفتها ... في طريقها قابلت زوجة سافيدش تمشي و تتبختر في القصر كأنها طائر الطاووس ... سحبت نفسا عميقا و هي ترى الأخيرة تقف امامها تنظر لأورا بطريقة غاضبة لأنها صفعتها على فمها صباحا قبل ان تسأل بطريقة أحستها إستجواب : إلى أين ؟
أجابتها بملل : و ما دخلك أنت هل أتجول في قصر أمك و لا أعلم ... هيا إبتعدي عن وجهي بسرعة صغيرتي متحمسة للمسبح
ضغطت سارينا على اسنانها بقوة تفهم قصد اللعينة ... سترتدي ملابس بحر لتثير جنون الوحش الآخر لذلك قاطعتها بسرعة : أنا ايضا كنت سأنزل للمسبح .. هيا جميل سنتسلى مع بعض
تجاهلتها راسيل غير مهتمة لها أو بها فقط دخلت لغرفتها... غيرت ملابس صغيرتها أولا .. خلعت لها الحفاظات لأنها لا تحتاجهم الآن ثم ألبستها ملابس بحر سوداء عبارة عن قطعتين قطعة علوية تغطي حلاماتها الصغيرة تمتد منها خيوط تربط في العنق و تنورة في الأسفل قصيرة بالكاد تغطي مؤخرتها ... كانت أورا سعيدة بشدة لأنها تعرفت على ملابس السباحة .. تعشق السباحة عكس والدها .. لم تراه يوما يسبح لا تعلم السبب رغم أنها متأكدة من أن السبب يعود لشيء حدث له في الطفولة و بالتحديد في ذلك المختبر اللعين
طردته من عقلها بسرعة لتخرج ملابس سباحة لنفسها كانت عبارة عن قطعة واحد .. مثل زي السباحة الذي يرتدونه في أولومبيات السباحة .. يأتي شورت فوق الركبة يلتصق به قميص بنصف أكمام و عنق طويل به سحاب في منتصف الصدر ... جمعت شعرها على شكل كعكة ثم حملت صغيرتها بيد و في اليد الأخرى حملت العوامة لتسبح بها أورا لتخرج تريد النزول للمسبح و لكنها صدمت من منظر سارينا .. حرفيا شلتها بذلك الزي ... كانت ترتدي ملابس بحر مكونة من قطعتين أغلبها خيوط و تغطي أسفلها بقماش شبه شفاف ... نظرت لها من رأسها لأخمص قدميها لتتكلم بحكم خبرتها بفلامينغوا و غيرته المرضية على شريكة حياته : سيقتلك إذا رآك هكذا ... غيري ملابسك بسرعة ستتسببين في مقتل حراس القصر المساكين
اجابتها سارينا بهدم إهتمام تعيد لها الصفعة : و مادخلك انت هل هذا جسد أمك و لا أعلم هيا إبتعدي عن وجهي بسرعة لأني متحمسة للمسبح
رمقتها راسيل بتقزز مجيبية إياها : الأصل يبقى اصل و تقليد تقليد ... حمقاء
سحبت نفسا عميقا بعد ذلك لتنظر لأورا التي إبتسمت في وجهها لتقبل شفاهها تريد النزول و لكن باب مكتب سافيدش فتح لتخرج منه فيكتينا و هو خلفها ... نظرت فيكتينا لأورا التي صرخت بحماس بمجرد أن رأتها محرقة قلبها تلوح لها بيدها تريد منها أن تحملها و لكنها لم تستطع فعل ذلك أمام فلامينغوا خشية أن يكشف صداقتها مع راسيل لذلك ودعته بإحترام لتكمل طريقها ترسل قبل لاورا من تحت لتحت بينما بقيت راسيل متجمدة مكانها تنظر للوحش الذي تحول أمامها
لم تستطع حتى أن تتحرك خطوة واحد تيسبت مكانها لا تفهم ما به ينظر لها بهذه الطريقة ... إبتلعت ريقها تعود بخطوة للخلف ما إن إقترب منها بدوره ليلتصق ظهرها مع الجدار .. إرتجفت رجفة قوية بمجرد ما ضرب الحائط أمامها بقوة لتسيطر على نفسها بعد ذلك تنظر داخل عينيه بعدم خوف بينما تكلم بنبرة غير متنزنة بتاتا كلامه لا يمتلك إنشا واحد حتى من المنطقية : إلى أين بهذه الملابس عليك اللعنة ؟
أجابته بسرعة و عدم تردد : إلى المسبح ثم لا تلعني عليك انت اللعنة
فلامينغوا بنبرة آمرة : لن تنزلي هكذا .. أنت مكشوفة بأكملك لن تسبحي هذا .. بل لن تسبحي أبدا هيا عودي لغرفتك
أعطاها ظهره يريد دخول مكتبه لتبتسم بسخرية لا تصدق ما سمعته ... هل جن الرجل في أواخر عمره أو ماذا .. أواخر ماذا أنت أيضا لم يكمل حتى عقده الثالث ... حسنا حسنا فقط ركزي راسيل .. اجل اللعين جن تماما لذلك تكلمت بتمرد : ملابسي ليست مكشوفة و اساسا لا دخل لك بي ... إذهب و إهتم بزوجتك
تحركت متجهة ناحية الدرج و لكنه أوقفها يسحبها من ذراعها بقوة ليضرب ظهرها مع الحائط مؤة اخرى تزامنا مع سقوط العوامة من يدها ... نظرت له بصدمة كبيرة حين صرخ بأعلى صوته كالمجنون : قلت لن تنزلي بهذه الملابس تعني لن تنزلي و إلا سأأمرهم بإفراغ المسبح و إسبحي أنت و مسخك في الأرض
ما إن أنهى كلامه نظر كلاهما لأورا التي صرخت بأعلى صوتها تصفق بيدها من شدة الحماس تنظر لوالدها كأنها ترى مشهدها الرائع ... تجاهلت حماس صغيرتها لتعيد نظرها له : ما دخلك بي فلامينغوا ... في ماذا يعنيك سباحتي من عدمها .. فقط توقف و دعنا نعيش في سلام لا أريد مشاكل
أمسك ذقنها بقوة مقربا وجهه منها غير مهتم لأورا التي إختفت بين أجسادهما .. بطريقة سخيفة كان هذا أول حضن له مع صغيرته و بدون أن يدرك حتى .. همسك امام شفتيها عيناه نهشتها بلا حياء : و أنا أريد المشاكل ... ما لدي قلته لن تسبحي و إنتهى
هذا فقط ليبتعد عنها هذه المرة يدخل مكتبه صافعا الباب في وجهها ... نظرت للباب بعيون دامعة قبل ان تنظر لأورا التي سكتت تماما تنظر لدموعها بحزن كأنها شعرت بألمها .. هكذا دائما مهما كان مزاجها جيد تدخل في وضعية البومة حين ترى دموعها .. قبلت خدها هامسة لها بنبرة ممزقة : أنا آسفة صغيرتي
هذا فقط لتعود بها إلى الغرفة تغير ملابسها ... تبا له فقط لا تفهم مالذي يريده منها ... ألم يكن يخنقها بسبب ملابسها سابقا على اساس انه يغار كونها زوجته .. ألم يمزق قلبها كل مرة يخبرها أن كل تصرفاته كانت بسبب رابطة الزوجية .. حسنا إذا أين رابطة الزوجية اللعينة الآن ؟ ... لماذا لا يذهب و يهتم لزوجته التي تسبح في الأسفل شبه عارية ... لماذا لا يغار عليها كونها أنثى تحمل إسمه ؟ ... قاطع شرودها صوت الباب يفتح ليدخل منه ليام يبحث عنهما بسبب تأخرهما ... ما إن رآها بتلك الحالة أغلق الباب بسرعة يركض ناحيتها ممسكا كتفيها : ما بك راسيل ؟
أجابته تجلس على حافة السرير : لا اريد البقاء في هذا القصر إيلام .. أريد الرحيل
تمزق قلبه و هو يرى دموعها .. جلس القرفصاء أمامها ينظر ليعينها : ماذا فعل لك أيضا ؟
اخبرته بكل شيء بالتفصيل ليوميء بتفهم ضاغطا على اسنانه بقوة : حسنا راسيل .. نامي الآن سأخبر الخدم ان لا يجهزوا لنا الطعام ... اومأت له بنعم ليخرج من الغرفة فكه تصلب من شدة ضغطه على أسنانه .. حسنا إلى هنا و يكفي .. فقط توجه إلى مكتب اللعين لاعنا كل شيء حي ... بمجرد أن دخل رآه واقفا أمام نافذة مكتبه بنفس وضعته اللعينة مثله .. توجه ناحيته ليتكلم بدون مقدمات : حين كانت زوجتك .. لم أقترب منها حتى .. إحترمتها كزوجة و إحترمتك كزوج لها و الآن عليك أن ترد الدين .. ستحترمني كما إحترمتك
فلامينغوا ساحبا نفسا من سيجارته : هل طرقت الباب قبل الدخول ؟
نظر له الآخر بصدمة لعدة ثواني لم يجد ما يجيبه به قبل ان يسحب نفسا عميقا يهدأ به نفسه معيدا فتح عينيه : أنظر فلامينغوا ... من اليوم لن تتدخل في شؤون زوجتي لديك زوجتك إهتم بها ... ملابس راسيل ليست شيء من شأنك أبدا كما أنها إمرأة تعرف قدر نفسها أتمنى أن تصوب إهتمامك على زوجتك .. في الأسفل رجالك لعابهم يسيل على جسدها و كما قلت لك زوجتي إبتعد عنها تحكم في زوجتك فقط
أومأ له فلامينغوا بنعم يسحب نفسا آخر من سيجارته : و من قال أني لا أهتم بزوجتي ؟
نظر إيلام لسارينا الشبه عارية في المسبح لعيد نظره للمختل العقلي بجانبه : أعتقد أنك تحتاج مراجعة طبيب عيون ... زوجتك شبه عارية في الاسفل و أنت هنا تتدخل في ملابس زوجتي
هذا جعل فلامينغوا يلتفت له بإهتمام واضح مصححا له كلامه : بل أتدخل في شؤون زوجتي .. و اخرج ورقتين من جيب سترته مقدما إياهم له ليعقد إيلام حاجبيه .. قبل ان يفتح إحداهما ليجدها ورقة طلاق راسيل من فلامينغوا فتح الأخرى ليجدها ورقة زوجها هو من راسيل ... لم يفهم شيئا حتى نزل بنظره لمكان ختم المحكمة الغير موجود على الوثيقتين
للحظات حدق بالوثيقتين بصدمة قبل أن ينظر لفلامينغوا بعيون مرتعبة : ألم تسجل طلاقك منه و لا زواجي أنا ؟
إبتسم الآخر بطرية جعلته يتمنى تمزيقها من على وجهه النرجسي المغرور اللعين .. مردفا بكل تعجرف : أجل لم أسجلهما .. و هذا يعني أن راسيل تخصني ... قل أنها زوجتك مرة أخرى و سأكسر أسنانك و أجعلك تعدهم ... تلك المرأة زوجتي .. و ضرب صدره بقوة مقربا وجهه من أذنه يحرف حروفه في أعمق نقطة داخل عقله : زوجتي أنا
هذا فقط ليخرج يمشي بغروره المعهود بينما بقي إيلام واقفا مكانه كرجل قاموا بصلبه .. ينظر للوثقتين برعب تام .. ستجن .. راسيل ستفقد عقلها إذا علمت بهذا ... ادخل أصابعه في خصلات شعره لاعنا حياته اللعينة ليرمي الوثيقتين ارضا داعسا عليها يصرخ بأعلى صوته : عليك اللعنة فلامينغوا
**
تنهدت راسيل تنظر لإيلام الجالس في الشرفة ينظر للفراغ بهدوء تام لم تعهده فيه أبدا ... مالذي حدث له فجأة ؟ .. مر شهر كامل و هو على هذه الحالة .. لا يبتسم إلا ناذرا ... قليل الكلام .. و حتى تواصله معها فقدته تماما .. إيلام الذي كان يحتضنها في اليوم مئة مرة .. يبتسم في وجهها بدون حدود .. يقبل جبينها بسبب و بدون سبب .. تنام على صدره يمسح على شعرها و يقص عليها كل ليلة قصة جديدة تأخذ منها عبرة .. إيلام الذي تعرفه بدأت تشعر أنها تفقده مع مرور كل يوم عليهما هنا
و لكن ما لم تفهمه هو لماذا ؟ ... ألم يخبرها أنه سيكون بجانبها مهما حدث .. أنه لن يسمح لشيء أن يهزه و لن يتغير عليها مهما كانت الظروف ؟ ... إذا لماذا يحدث هذا الآن ؟ ... هل فعل له ذلك الوغد شيئا ؟ .. بللت شفتيها تقف من مكانها عاقدة العزم .. يكفي لن تبقى هكذا تسأل نفسها و تجاهد للحصول على الإجابة
شهر فترة أكثر من الكافية ليتكلم فيها إيلام و لكنه لم يفعل و هذا يعني أن ما حدث له شيء أكبر من ان يستطيع قوله لذلك ستذهب و تعرفه بنفسها .. بهذا في عقلها إلتفتت لصغيرتها التي كانت تلعب بدب أسود حملتها من خصرها لتقبل شفاهها تحت ضحكات الأخرى ثم إتجهت بها إلى الشرفة لتضعها أرضا بجانب إيلام و لم تكن سوى ثانية حتى تسلقت الأخرى ذلك الكرسي لتصعد فوق ساقيه تشد إنتباهه ...
إبتسمت و هي تراه يخرج من سوء حالته مقربا أورا منه يقبلها و يسألها هل إشتاقت له بينما الصغيرة تضحك و تقبل شفاهه و في إنشغاله بصغيرتها خرجت من الغرفة تتجه إلى مكتب فلامينغوا تبحث عنه .. لم تجده هناك لذلك إتجهت إلى غرفة نومه .. طرقت الباب قليلا لتفتح لها زوجته سارينا ترتدي إحدى قمصانه البيضاء .. إستندت على إطار الباب تسألها رافعة حاجبها بإستغراب على تواجدها هنا في وقت مثل هذا لذلك تكلمت راسيل مختصرة هذه المسرحية الغبية : أين زوجك ؟
سارينا تلعب بخصلة من شعرها : في الحمام يستحم
تقززت ملامحها بقرف ترمقها بنظرة متقززة لتسحب نفسا عميقا تدفعها من صدرها و بكل برود دخلت للغرفة تنظر لسريرها الذي كانت تنام عليه ... لم يغيره حتى .. الساقط اللعين لم يكلف نفسه حتى بأن يغير السرير الذي شاركته إياه .. سحبت نفسا آخر تهدأ من روعها لتنظر للأريكة الملحقة بالسرير و هنا فقط إنتبهت لوجود غطاء و وسادة هناك و كأن شخصا سينام عليها .. عقدت حاجبيها بعدم فهم لتمر بجانبها سارينا تسحب الغطاء من الأريكة تبتسم بسخرية : سأتغاظى عن هجومك على غرفة نومنا و الآن أخبريني لماذا أتيت و ماذا تريدين من زوجي
سألتها راسيل في المقابل متجاهلة سؤال الأخرى : من سينام هنا؟
إبتلعت الأخرى ريقها توسع من تلك الإبتسامة اللعينة على وجهها لتجيبها : لا أحد .. أنا فقط كنت أتدرب على مشهد تمثيلي من مسلسلي أقوم فيه بالبكاء بينما أقرأ رسالة من حبيبي مستلقية على الأريكة
أومأت راسيل بتفهم لتجلس على الأريكة تضع ساق فوق ساق في إنتظار خروج فلامينغو من الحمام إلا أن زوجته أعادت سؤالها مجددا تسند ساق فوق الساق بعد أن جلست على السرير : لم تخبريني ماذا تريدين من زوجي
راسيل ببرود : أنت قلتها زوجك و ليس أنت لذلك لا تتدخلي فيما لا يعنيكِ
كادت سارينا تجيبها إلا أن باب الحمام فتح ليخرج منه الوغد يلف خصره بمنشفة سوداء بينما يمسح شعره بمنشفة أخرى من نفس اللون.. ما إن لمحتها عيناه رأت كيف أظلمت بظلام الرغبة لثانية قبل أن يخفيها مبعدا نظره عنها ممررا إياه لزوجته و بنبرة آمرة ... باردة تكلم : أخرجي
لاحظت إحمرار وجه الأخرى من شدة الإحراج مع ذلك وقفت تريد الخروج إلا أنها أوقفتها تمسك ذراعها بقوة تعيدها بينهما بينما تنظر لعيناه : لن تخرج .. أتيت لأسألك شيئا و سأغادر لا أحتاج لخلوة معك
إبتسم بطريقة مستفزة كاللعنة .. لم تتمنى شيئا غير تمزيق إبتسامته عن وجهه قبل أن يتنهد يرمي المنشفة على الأريكة و كملك أو سلطان .. لا إمبراطور المجرة جلس على الأريكة مسندا ظهره للخلف و أومأ ببطء تام ينظر لها بعيناه الناعسة : ماذا تريدين ؟
نظرت لسارينا قليلا تبعد نظرها عن تفاصيله الظاهرة بدون خجل كان أغلب جسده بارزا و زاد بروزا بعد جلوسه بتلك الوضعية .. تكلمت تنظر لها : ماذا فعلت لإيلام؟
إنتظرت أن يجيبها و لكن لا شيء .. تجاهلها تماما مما جعلها تنظر له مرة أخرى لتجده يشعل سيجارته ببرود تام ثم بدأ يدخنها غير مهتم حتى لإجابتها .. ضغطت على أسنانها لتتكلم بغضب : لماذا لا تجيب؟
فلامينغو ببرود : آخر شخص تحدث معي و هو ينظر لمكان آخر سلخت جده و ألصقته بذلك الجدار الذي كان ينظر له .. كوني ممتنة أن بيننا إتفاق و إلا سلخت وجهك و ألصقته بزوجتي
بسخرية إبتسمت تجيبه بنفس بروده : أنت بالفعل ألصقت وجهي بوجهها و ملامحنا المتشابهة خير دليل .. و من عادة فلامينغو المعظم أن لا يعيد الشيء مرتين
فلامينغو بنبرة مستفزة: جيد أنك تتذكرين تفاصيلي سأعتبر هذا إعتراف بالحب
حرفيا إستفزها بما قاله و قبل أن تدخل في نوبة جنونها نظرت لزوجته بغضب : أخرجي .. نظرت الاخرى لفلامينغو الذي أومأ لها رأسه لتغادر و ما إن بقيت معه لوحدهما توجهت ناحيته و بكل غضبها سحبت تلك الملاءة فوق الأريكة و ألقتها على اسفله تستر ما كان مكشوفا من تحت المنشفة : أرى أنك اصبحت اكثر تفتح لا تغير ملابسك في الحمام تطور ملحوظ
إبتسم يسحبها من عنقها برفق مقربا شفاهه من شفاهها : هل أعجبك هذا التطور .. إذا اعجبك و اردت فعل شيء أخبريني
أومأت له تقرب وجهها أكثر حتى إخلطت أنفاسهما لتجيبه بنبرة اشبه بنبرة العاهرات : أريد أن أبزق في منتصف وجهك هل تسمح لي
ما إن أنهت كلامها أحست الهواء لا يمر لرأتيها بسبب ضغطه على عنقها بقوة يخنقها و عيناه إحتدت كالسيوف .. في ثانية بعد ذلك وجدته يرميها على الأريكة بينما إعتلاها بدون أن يسند جسده عليها واضعا كل ضغطه على عنقها و بنبرة مخيفة همس لها : لا تعتقدي أن إتفاقنا سيمنعني عن قتلك راسيل .. أقتلك و أقتل نفسي بعدك لذلك لا تجعلي شياطيني تخرج لستِ مستعدة لتري شيئا كهذا مني
أمسكت قبضتيه بيديها تحاول إبعادهما عنها مغمضة العينين تماما.. لم تقوى حتى على التنفس بين يديه أحست نفسها تموت و هو كان يزيد ضغطه .. ضربته خدشت يديه بدون فائدة حتى قرر أخيرا تركها لتسحب أكبر قدر من الهواء تدخله داخل رأتيها .. نظرت له دموعها علقت في جفونها لتنفجر داخل كل المواجع .. بكل حقد دفين داخلها دفعته من فوقها تبعده عنها لتقف كأنها ثور هائج .. لا عقلها و لا جسدها عادا يستحملان هذه المعاملة الحيوانية منه لذلك تكلمت بغضب غير مهتمة لصوتها الذي وصل إلى كامل القصر : توقف عليك اللعنة ألا تفهم ؟ .. راسيل القديمة ماتت .. أنا الجديدة لن أسمح لك بمثل ما كنت تفعله بي سابقا .. لن تضربني لست كلبتك و لا تقترب مني لأني لست زوجتك اللعينة .. أنا لا شيء بالنسبة لك و انا نفس الشيء ضع إصبعك فوقي من اليوم و لن يندم غيرك سافيدش .. إذا كنت تعتقد نفسك مجنون لم ترى الجنون بعد .. دع اتفاقنا قائم لأنك إذا خلفت بحرف منه سأخلف بكل شيء و الآن ستخبرني ماذا فعلت لإيلام و لماذا حالته هكذا منذ شهر!
بطريقة متقززة لم تعد تؤثر فيها رمقها كأنه لا يتحمل حتى رؤيتها أمامه و مجددا لم تهتم .. لم تقرف من نفسها بقدر ما كانت تفعل من أجله .. أصبح من يحب حقا مقرف ! من يسعى للسعادة غبي! و كأنها ليست بشر و لا يحق لها أن تطمح المشكلة أن طموحها كان للشخص الخطأ .. أحبت شيطان لعين و ها هي تدفع الثمن لوحدها .. انتظرت ان يتكلم و لكنه لم يفعل فقط أعطاها ظهره يعدل المنشفة على خصره و هذا أفقدها عقلها .. يكفي ضاعت ثلاث سنوات من حياتها بسبب هذا الصمت .. بسبب هذا البرود المستفز لن تسمح له أن يضيع منها ما تبقى من سنواتها .. قبلت الألم على نفسها و الإهانة و لكنها لم تقبل أن يلمس إيلام بحرف واحد حتى ليس إيلام .. تبا مستعدة أن تموت من اجله أن تقتل هذا اللعين فقط إذا آذاه بحرف و هذا حقا ما جنت في تلك اللحظة متناسية كل شيء فقط لتفعله .. بكل جنونها أمسكت مسدسه الذي وضعه على الطاولة الجانبية لتتجه ناحيته .. و بكل ما يوجد في جسدها من قوة أمسكت ذراعه لتجعله يلتفت لها ثم وضعت سلاحه في قلبه تصرخ في وجهه بكل غضب : أنا أكرهك هل سمعت .. أنا أكرهك أنت حطمت حياتي لن أسمح لك أن تحطم من أحبهم أيضا .. هل تعلم ماذا فلامينغو لم أندم على شيء بقدر ما ندمت أني أحببت رجلا مثلك .. يكفي اني سمحت لك بالعبث معي إيلام لا .. زوجي لن تلمسه أبدا
في نفس اللحظة قاطعها يمسك يدها الموضوعة على السلاح بقوة مثبتا إياها كي يوقف رعشة الخوف و التردد هناك مقربا فوهة المسدس من قلبه : حسنا إذا أطلقي لأني لن أترك كلاكما و شأنه .. أنت ملكي أنا و لن أسكت
عقدت حاجبيها بعدم فهم تنظر له كأنه مختل عقلي .. ملكه ! .. ملك من هل جن هذا الرجل أو ماذا .. تركته سنة و بضعة أشهر في عقله عادت لتجده مجنون أو ماذا! حرفيا لم تفهم مالذي يحدث معه لذلك تكلمت بإستغراب واضح : ماذا تقصد ؟ كيف ملكك .. أنا لست كذلك أنا زوجة رجل آخر .. أنا ملك زوجي فقط لست ملكك
بأعلى صوته أجابها عيناه تحولت لبراكين و حمم مقربا جبينها من جبينها بكل جنون غير مهتم لذلك السلاح الفاصل بينهما : لست ملك له .. انت ملك لي وحدي .. أنت لي أنا فقط .. زوجتي أنا لن أسمح لك أن تربطي نفسك مع رجل آخر غيري
دقات قلبها دخلت في سباق بعد ما قاله مع ذلك عقلها لازال معطلا لا يستوعب حرفا منه مالذي يقصده و اللعنة .. خافت بشدة .. لم تخف في حياتها مثل تلك اللحظة لذلك تكلمت بنبرة باكية تمرر عينيها بين عينيه : ماذا تقصد .. قل بطريقة أفهمها .. قل ما لديك بطريقة واضحة أكره الغموض بين الكلمات ماذا تقصد عليك اللعنة
شهقت باكية أمام عينيه بعد سنوات من الصلابة و لكن الأمر كان أكبر من أن تتحمله نظرت له كأنها مسجون ينتظر حكم الإعدام ليتكلم أخيرا فاتحا فمه : أنت ز... قاطع كلامه دخول إيلام الذي تكلم بهدوء : قرر أن نعيش هنا طوال حياتنا راسيل .. هذا ما حدث و جعلني غاضب طوال هذا الشهر
نظر كلاهما لإيلام يحمل أورا بين يديه لتعقد راسيل حاجبيها بصدمة .. كيف يعيشان طوال حياتهما هنا ؟ .. الفكرة لوحدها كانت تصيبها بالغثيان لذلك أعادت نظرها لسافيدش الذي نظر لها بدوره بروده غطى على نظرات عينيه لتتكلم بتقزز : من أنت حتى تقرر شيء كهذا .. قلت سنبقى هنا لفترة و ليس للأبد .. ألا تلاحظ اني لا اتحمل حتى النظر لوجهك كيف تريدني أن أعيش معك طوال حياتي .. هل أنت مجنون أو فقدت عقلك ؟
ما إن أنهت كلامها أمسك ذقنها بقوة يضغط عليه : نبرتك عليك اللعنة .. نبرتك لا تكلمني بهذه الطريقة .. صفعت يده تبعدها عن وجهها : و انت أيضا حاذر يديك لست كلبتك حتى تضربني توقف دعنا نعيش في سلام لا أريد أن أكون قريبة منك ألا تفهم .. لا أحب حتى النظر لوجهك ألا تستوعب ذلك
هذه المرة إبتسم .. أجل إبتسم بطريقة ساخرة حقا مقربا وجهه منها ليجيبها و بكل برود ينظر داخل عينيها : بلا استوعب .. أنت خائفة أليس كذلك .. لا ترغبين أن أرى ما يحدث داخلك .. رؤية مشاعرك من عينيك المفضوحتين .. و لكن لا تهتمي أنا أرى ذلك لست أعمى .. إكذبي كما تشائين راسيل .. كلانا يعلم أنك تحبينني مثل السابق و أكثر و الآن أغربي عن وجهي .. حرف آخر و لن تخرجي على ساقيك
ضغطت على أسنانها نيران الجحيم اشتعلت في قلبها .. ألم فتاك و رغبة مميتة في الرد عليه كانت تصارعها مع ذلك كانت تحول أن تخرس كي لا تخرج مقسمة لعدة أطراف و لكن رغبتها في الرد هزمتها لذلك فتحت فمها تريد أن تجيبه و لكن إيلام أوقفها بنبرة صارمة : غادري راسيل أرجوك
نظرت له بعيون دامعة كأنها تتوسله أن لا يخرسها و لكنها رأت في عينيه أنه يعلم ما لا تستطيع هي معرفته لذلك وثقت به لتبتلع الكلام داخلها .. لا بأس ستقوله في المرة القادمة فقط إبتسمت في وجه إيلام الذي بادلها الابتسامة ثم مدت يدها تريد أخذ اورا و لكنه هز رأسه : لا دعيها معي
أومأت بتفهم لتغادر بعد أن رمقت فلامينغوا بنظرة كارهة بينما بقي إيلام في الغرفة لوحده معه .. سحب نفسا عميقا بينما رفع الآخر حاجبه كأنه ينتظر خروجه أو تكلمه لذلك تكلم يضغط بأصابعه على أورا بقوة كأنه يخاف أن يأخذه منها .. أساسا ضياعه كل هذا الشهر كان بسبب خوفه من معرفة فلامينغوا بأن الصغيرة منه ... تكلم بهدوء : هل تريد ان نتحدث هنا او في مكتبك
تنهد الآخر متجها ناحية خزانته ليسحب بدلة لنفسه : انتظرني في المكتب سآتي
و هذا ما حدث خرج إيلام من الغرفة ليتجه للمكتب و لكن تقابل في طريقه بفيكتينا تخرج من المكتب .. نظرت لأورا بحب لتقبل وجنتيها كأنها ستأكلهما ثم نظرت لإيلام تلاحظ حالته الغير متزنة هذه الفترة .. سألت بفضول : ماذا تفعل هنا !
أجابها يغمض عيناه بقهر : لم يطلقها فيكتينا
عقدت حاجبيها بعدم فهم ليشرح أكثر مخفضا من صوته : فلامينغوا لم ينفصل عن راسيل قانونيا .. يعني أنه لا يزال زوجها
شهقت الأخرى تضع يدها على فمها برعب .. شلل اصاب مفاصلها بعد ما سمعته .. لم يطلقها .. تبا ما معنى هذا الآن .. أحست فروة رأسها تحرقها فقط لتخيلها أنه يمزق شعرها بعد ان يكتشف خيانتها له و كذبها عليه .. لن يرحمها مهما كانت صفتها تعرفه جيدا و تعرف أنه عديم القلب لن يهتم لشيء إذا علم ما تخفيه عنه .. هذا اذا لم يكن يعلم من قبل و لكن لا .. لو كان يعلم لما قدم لها عقد تلك الشراكة السرية لتباشر إجراءتها ... سحبت أكبر قدر من الهواء لتبتعد عن المكان بوجه أصفر خال من الملامح .. كأن عقلها توقف عن العمل عند تلك الثانية
بينما أكمل إيلام طريقه للمكتب .. جلس يضع أورا فوق ساقيه حتى أتى فلامينغو يرتدي كعادته بدلة سوداء و قميص أسود يحمل في يده اليسرى سيجارة بينما في يده الحرة كان يحمل زجاجة نبيذ ... بكل برود جلس على الأريكة المقابلة له يضع الزجاجة على الطاولة بينهما ثم تكلم يعيد ظهره للخلف : أرى أنك خرجت من الصدمة
بدون مقدمات دخل إيلام في صلب الموضوع : لماذا لم تطلقها ؟
بإبتسامة ساخرة أتته الإجابة : لا يخصك .. أنا حر أفعل ما أريد و أساسا لم أكن سأطلقها في كل الأحوال
إيلام ضاغطا على أسنانه بقهر : وعدتها أنك ستطلقها
فلامينغو ببرود : أولا لا تبكي أرى الدموع ستنزل من عينيك .. ثانيا أنا أخبرتها أني لست موافق من الأول على الطلاق .. كنت أجاريها فقط لأرى نهاية المسرحية التي كانت تقوم بها .. من الأول علمت أنها ستعود و لن تستطيع الرحيل
و هذا جعل إيلام يضحك بسخرية يهز رأسه في كل إتجاه لا يصدق ما يسمعه .. عروق جبينه ظهرت من شدة غضبه مع ذلك كان يضحك بأعلى صوته لدرجة أن أورا أصبحت تضحك بدورها تحت نظرات سافيدش الباردة .. كأنه يعلم جيدا تأثير كل حرف يقوله في نفس الآخر .. فقط حدق به يضحك كالمجانين حتى توقف فجأة ملامحه كادت تنفجر من فرط غضبه : هل تمزح معنا ؟ .. أنت وعدتها أنك ستطلقها و ستحمي عائلتها الجديدة
فلامينغو ساحبا نفسا من سيجارته ببرود : قلت لها سأحميها هي و مخنثها و فعلت .. أنا أحميكم برجالي و نفسي لم أخلف بشيء من وعدي .. أليست زوجتك أمام الناس؟ .. حسنا لا أحد يعلم بالداخليات غيري أنا و أنت إذا أردت إذهب و أخبرها ربما تدرك أنها تنام في فراش رجل غير زوجها
هذه المرة تعمد إيلام إغضابه كما يثير الآخر إستفزازه لذلك قدم له الإجابة : كانت تنام في سريري قبل أن تعرفك حتى ... ليس بشيء جديد
حسنا و هذا حقا جعل نيران تشتعل في عيون سافيدش ليضرب الطاولة بقوة مقربا وجهه راميا كلامه بنبرة محذرة : لا تستفزني عليك اللعنة .. لا تستفزني دعني عند وعدي .. أنت تحت حمايتي لا تجعلني أسحب عضوك من بين ساقيك و اطعمه لرجالي دعنا نتحدث كالبشر طرق الحيوانات أنا خبير فيها
أومأ إيلام بتفهم : حسنا .. حسنا دعنا نتحدث كالبشر و الآن أخبرني ماذا عن أورا ؟ ... بما أن راسيل زوجتك هل هذا يعني أنك سجلت الصغيرة على إسمك؟
فلامينغو بنبرة متقززة : هل فقدت عقلي حتى أسجل مسخكم على إسمي ؟ .. هي إبنتك تم تسجيلها على إسمك و لكن
سكت يبتسم بطريقة مستفزة جعلت إيلام يرفع حاجبه : و لكن ماذا ؟
فلامينغو معيدا ظهره للخلف : و لكنها ليست إبنة راسيل قانونا .. قمت بتسجيلها على إسمك أنت فقط... بالنسبة للأم كدت أكتب إسمك في خانة الأم من كثر ما آراك مخنث و لكن لم يقبلوا لذلك تركت الأم مجهولة
لعن إيلام تحت أنفاسه يغمض عيناه بقهر لا يستطيع حتى تخيل ردة فعل راسيل إذا علمت أن طفلتها التي ضحت من أجلها بكل شيء خاطرت بحياتها و روحها من أجلها لم تكتب حتى على إسمها .. ستجن حرفيا إذا علمت .. حسنا راسيل بالفعل تبحث عن سبب واحد لقتل هذا الرجل إذا علمت لن تهتم لشيء أبدا .. ستقتله هذا إذا لم يقتلها أولا .. تنهد يضغط على جبينه بقوة رغم كل هذه الهموم شيء داخله كان سعيدا أن اللعين لا يعلم بأن أورا صغيرته .. اساسا لا يمتلك اي سبب ليدعي أنه لا يعلم .. إذا تأكد و لو بجزء صغير أنها له سيأخذها و لن يروا وجهها للمماة ... نظر لفلامينغو رافعا حاجبه بفضول مزقه : هذا ليس أنت الذي أعرفه .. كيف قبلت بشيء مثل هذا
من ضغط الآخر على أسنانه و ظلام عينيه أدرك أنه فهم قصده مع ذلك تعمد شرحه بالتفصيل يريد فقط جعله يتألم مثلما فعل به : كيف تقبل على نفسك أن تكون زوج إمرأة نامت مع رجل غيرك و أنجبت منه طفلة و هي على إسمك؟ ارى تطور ملحوظ في شخصيتك
هذا حرفيا أفقد الوحش أمامه عقله بكل غضب ضرب الطاولة الفاصلة بينهما يرميها في الهواء كأنه يرمي ريشة ثم أمسكه من ياقة قميصه رافعا إياه لمستوى طوله غير مهتم لأورا التي سقطت أرضا تبكي بحرقة يبدوا أنها تألمت : لا تقل أنك لمستها مرة أخرى عليك اللعنة .. لا تقل ذلك لا تتذكره حتى بينك و بين نفسك .. و إبتلع ريقه بصعوبة يهز رأسه كأنه يحاول عدم تخيل ذلك المنظر أن يطرده من جمجمته اللعينة : لا أعلم كيف فعلت ذلك و لكني متأكد أنها لم تكن في عقلها .. عقد إيلام حاجبيه ينظر لعيون الآخر كيف تحولت للون الأحمر كل عروقه في أوج الإنفجار : راقبتكم لسنة كاملة منذ خرجت من السجن .. راقبتكم كل ليلة .. كل ثانية و لم تلمسها .. أجل تنام بجانبك و لكن كأخت فقط لم تلمسها طوال هذه الفترة و لكن .. ضغط على أسنانه بقهر رامقا أورا بنظرات متقززة : و لكن كل مرة أرى مسخكم أرى فيها دليل ما حدث بينكما .. مع ذلك أنا متأكد أنها لا تحبك .. كانت ثملة و أنت إستغليت ذلك .. لا يوجد تبرير آخر لوجود هذه المسخ اللعينة ... قل الحقيقة كانت ثملة أليس كذلك ؟
لم يعلم حقا ماذا يجيبه .. هل يسمع لصوت ذلك الشيء داخله يطلب منه أن يقول لا .. لم تكن ثملة كانت واعية حتى لو كان ذلك كذبا المهم أن يمزق قلبه أو يكون عاقل و رزين .. أن يتجاهل كبريائه كرجل و يقول نعم كانت ثملة فقط كي يثبت له شكوكه و يبعدها تماما عن كون أورا منه .. كان بين صراع داخلي ينظر لعيون سافيدش القاتلة المنتظرة للإجابة ضائع تماما فيما سيقوله .. إذا قال لا .. كيف سيبرر بعدها عدم لمسه لراسيل و إذا قال نعم سيؤكد له أنها لازالت تحبه .. و بين هذا و ذاك وجد نفسه يضحي من أجلها و من أجل صغيرتها .. من أجل سعادتها .. دعس على رجولته مجيبا إياه بحرقة قلبه : معك حق .. حدث ذلك لمرة واحدة و هي كانت ثملة في ذلك اليوم .. ضغط على أسنانه بقهر يكمل : كانت تنادي بإسمك أعتقد انها تخيلتني أنت و حملت مني في تلك الليلة ... هذا سبب عدم رؤيتك لنا نمارس الجنس أبدا
أحس قلبه من الداخل يتحطم .. أدرك كم أنه قضية خاسرة و ورقة لا فائدة منها بعد ما قاله .. اي رجل سيموت على ان يقول شيء كهذا ينقص من رجولته و كبريائه كرجل مع ذلك ضحى من أجلها و من أجل صغيرتها ببساطة لأنه وعدها أنه سيحميها بأي طريقة .. أنه سيفعل المستحيل كي يضمن لها قرب صغيرتها و السعادة التي بحثت عليها طويلا ... مات ألف مرة و هو يرى تلك النظرات في عيون فلامينغو .. كانت نظرات نصر .. نظرات شخص عاد للحياة رغم بشاعة ما سمعه .. كأنه كان طوال هذه الفترة يقنع نفسه أنها لم تخنه أن راسيل خاصته لا تفعل شيء مثل ذلك به و هي في كامل قواها العقلية .. رأى داخل عينيه أنه عذرها بهذا التبرير منذ علم بولادتها لأورا و كل هذه النظرات كانت تجرح قلبه مع ذلك تحمل كل شيء من أجلها .. يحبها و من يحب حقا يضحي أليس كذلك
أبعد عينيه عن نظرات فلامينغو الذي إبتسم بقهر تاركا إياه و بهدوء إبتعد عنه يمرر اصابعه على خصلات شعره يردد كلمات غريبة بلغة لم يفهمها ليقاطعه ينظر له بعيون حمراء من شدة قهره : حتى و إن أحبتك كثيرا هذا لن يغير من واقع أني أكثر رجل أحبها في العالم .... هي تعلم ذلك .. تعلم أني احبها أكثر منك تعلم أني أموت من أجلها .. اضحي لا أخونها .. أتألم و أتمزق لسنوات فقط لتشعر هي بالراحة لثانية .... لن تكون مثلي أبدا .. لن تحبها أكثر مني مهما كان مسمى ما يحدث داخلك
و هذا جعل فلامينغو يلتفت له بإبتسامة ساخرة يعاود الإقتراب منه .. فقط قرب رأسه من رأس الآخر هامسا له بإستغراب : إنتحرت من أجلها .. تلقيت رصاصة تحاول حمايتها .. تحفظ أفلامها و صورها أليس كذلك .. أومأ له بنعم ليكمل : فعلتَ كل ذلك لأنك أردت .. أنت من إختار أليس كلامي صحيح
إيلام بنظرات فخر : صحيح
أومأ له الآخر ليقرب وجهه أكثر ينظر داخل عينيه : إذا هل جربت أن لا تختار ذلك .. هل جربت أن يتوقف قلبك فجأة عن النبض فقط لأن سكرتيرتك أخبرتك أنها أنجبت طفلة من رجل آخر ... هل توقف قلبك من أجلها عليك اللعنة؟
هز إيلام رأسه بلا ينظر له بصدمة ليبتسم فلامينغو بسخرية مومئا بقهر و ببحة قوية همس له : إذا لا تقل أنك أكثر رجل أحبها في الكون
هذا فقط ليعطيه ظهره ساحبا نفسا عميقا قبل أن يتكلم بنبرة آمرة و باردة حملت جفاء لا ينطبق مع نبرته التي تحدث بها قبل لحظات : خذ مسخك و أغرب عن وجهي بسرعة
مظر إيلام لأورا التي لازالت ارضا تبكي ليحملها بسرعة محتضنا إياها بقوة و هذا جعلها تتوقف عن البكاء .. مع ذلك لديها عادة لعينة تصدر صوت بكاء بدون دموع كل مرة تتألم .. حتى و إن زال الألم تبقى هكذا تصدر صوت بكاء لساعة كاملة .. خرج من باب المكتب ليهمس لها بصوت منخفض مشيرا لوالدها اللعين : هذا والدك المخنث أورا
إبتسمت الصغيرة حتى ظهرت غمازاتها ليقبلها متجها بها إلى الغرفة كي ينام قليلا حرفيا ما يحدث هذه الفترة يستنزف منه كل طاقته
في الصباح إستيقظت راسيل بصعوبة لتنظر لجانبها و كالعادة إيلام ليس هناك ... توجهت للشرفة تبحث عنه و أيضا لم يكن هناك .. كادت تنادي إسمه إلا أنه قاطعها يخرج من الحمام يحمل في يده أورا و يخبرها بأن والدها مخنث بينما الأخرى تضحك لتشاركهم الضحكة : مالذي تقوله إيلام
إيلام بسخرية : اخبر صغيرتي بالحقيقة عاهرك ملك المخنثين ... بغضب صفعته الصغيرة على فمه لينفجر ضحكا و هذا جعل راسيل تفرح بطريقة لا تستطيع وصفها .. و أخيرا عاد إيلام الذي تعرفه .. إحتضنته بدون سبب تقبل خده لينظر لها : ما بك تحتضنينني هكذا و كأني سأموت اليوم
راسيل بنبرة باكية : لا تحزن ابدا إيلام لقد قررت سأتحدث معه اليوم لكي يغير مكاننا .. لن نعيش هنا حياتنا ليست من حقه كي يتحكم فيها كما يشاء
لثانية احست أنها قالت شيء لا يجب عليها قوله و هي ترى نظرات إيلام لها قبل أن يوضح هازا رأسه : لا راسيل سنبقى .. يجب علينا أن نبقى .. انا ايضا غضبت في الأول .. فكرت في سعادتنا و لكن بعد ذلك قلبت قراره في عقلي وجدت أن بقائنا هنا أفضل حل .. هكذا سنضمن سلامتك أنت و أورا و في نفس الوقت الصغيرة ستكبر أمام عيني والدها أعتقد أن هذا شيء جميل اليس كذلك؟
سكتت تنظر لصغيرتها و ملامحها البريءة لتتنهد مومئة رأسها بتفهم رغم أنها لا ترغب في البقاء و لكن ربما إيلام معه حق .. يكفي أنها لن تناديه ابي طوال حياتها لن تحرمها من رؤيته أيضا .. كما أن حياتهم بعيدا عنه خطيرة هنا في قصر الشيطان لن يتجرأ أحد من الإقتراب منها أو من صغيرتها لذلك وافقت تسحب الصغيرة من يديه بينما فتح باب الحمام : حسنا أنزلا و سأغير ملابسي بسرعة وأتي
أومأت بنعم لتنزل لقاعة الطعام .. كالعادة كل واحد يجلس في مكانه .. لذلك جلست في مكانها ايضا تنتظر قدوم إيلام ... تكلمت تنزل صغيرتها من فوق فخذيها تاركة إياها أرضا برفقة لولي تلعب : لا تنتظروا إيلام تركته يستحم ثم سيغير ملابسه و ينزل بإمكانكم تناول طعامكم
أجابها وجه البؤس ينظر لجريدته : من أخبرك أننا نتظر مخنثك من الأساس ... قاطع ما كانت تريد قوله ينظر لأخته لينا : تناولوا طعامكم لديك عمل لينا لا تتأخري
إبتسمت لينا في وجهه ثم نظرت لراسيل كأنها تطلب منها أن لا تغضب لتبدأ طعامها و مثلها الجميع شرعوا في تناول طعامهم عدى راسيل كانت تنتظر زوجها حتى يأتي ... لتسمع صوت صراخ صغيرتها بسعادة و كأنها تضحك لملائكتها تصفق بيديها لتزحف ناحية سافيدش تمسك بنطاله من الأسفل تشده منه .. تنهدت بقلة حيلة لا تفهم لماذا هذه الصغيرة مصرة على وضعها في مواقف محرجة .. فقط وقفت من مكانها لتتجه ناحيتها بسرعة و من خصرها سحبتها إلا أن الصغيرة شدت قبضتيها على بنطال والدها بقوة بينما أصدرت أصوات دلت على إنزعاجها من تدخل والدتها ... نظرت لها بنظرة غاضبة لتزيد الصغيرة من صراخها و في ثانية وجهها تحول للون الأحمر .. أكثر ما تكرهه أورا أن يمنعها شخص عن فعل شيء تريده ... تكلمت راسيل بنبرة غاضبة : أورا هيا توقفي أتركي بنطاله
و هذا جعل الصغيرة تصرخ مجددا تهز رأسها بالرفض القاطع بينما بدأت تبكي ... الجميع كان يحاول جعلها تترك بنطاله بكلمات جميلة أو برفع أي شيء أمامها لتلتهي به و لكن لا شيء نفع معها إلتصقت ببنطال عديم القلب في حين كان كالغائب الحاضر يقرأ من جريدته ببرود تام و تقزز واضح على تقاسيم وجه غير مهتم لما يحدث أسفله بتاتا و كأن صغيرتها قمامة تلوث حذائه .. أحست قلبها سينفجر بسبب تقزز ملامح وجهه بتلك الطريقة خاصة و هي ترى المسكينة تجاهد للوصول لوالدها بكل قوتها الشبه معدومة .. بكل غل و حسرة صرخت بأعلى صوتها في وجه الصغيرة تسحبها بقوة آلمتها : قلت لك لا ... لن تصعدي و لن تقتربي منه يكفي أورا
لثانية بعد ما قالته ساد صمت مميت في المكان نظر فيه الجميع لها بينما نظرت هي لصغيرتها التي إحمر وجهها أكثر من ذي قبل يبدوا أنها آلمتها بشدة حين سحبتها مع ذلك لم يصدر منها أي صوت .. فقط نظرت لها بدورها قليلا قبل أن تدخل في نوبة أخرى من نوبات غضبها تنتف شعرها و تحاول ضربها ... رغم صغر سنها إلا أنها حقا كانت تعاني من حالات غضب مميتة و كأنها والدها حين يغضب ... صوتها ملء المكان زلزلته حرفيا بينما يديها الصغيرتين كانت تلوح بها يمينا يسارا تارة تضربها و تارة أخرى تضرب نفسها و تسحب شعرها القصير بقوة و هذا لم يزدها سوى غضبا .. لماذا كل هذا ؟ .. لماذا؟ .. من أجل وغد عديم القلب ؟ .. من أجل أب لو علم بوجودها سيحرمها من أمها .. هذا هو الشخص الذي تحارب الآن من أجله ؟
ذكرتها بنفسها سابقا و محاولاتها الجاهدة للوصول لعديم القلب .. لثانية رأت كل ذلها و كرامتها التي سحقتها .. رأت غبائها في طفلتها .. رأت كيف كانت تؤذي نفسها هكذا فقط لعدم قدرتها من الوصول له .. رأت كل ذلك لهذا تكلمت و كأنها تكلم نفسها .. صرخت تهز جسد صغيرتها بكل قوة و غضب : إخرسي عليك اللعنة ..
صدى صوتها أخرس الطفلة لثانية تجمدت تنظر داخل عيون والدتها التي إشتعلت غضبا و قهر بينما نظر لها الجميع و بدون إستثناء .. حتى هو .. حتى هو أنزل جريدته ينظر لها لجنونها الذي إنفجر كبت كل تلك السنوات كل شيء فرشته كمن فقد عقله : لا يوجد ذهاب له هل فهمتِ .. لا يوجد لن تقتربي من هذا الرجل أورا .. لا مكان لك معه .. توقفي هل سمعت توقفي و اللعنة .. أنا أموت لكي لا تصبحي مثلي لذلك توقفي أنت ايضا .. يكفي غبية واحدة و قد قتلتها داخلي لا أريد غبية أخرى .. لن تجدي شيئا لديه مما تريدينه .. أنظري لي .. و سكتت عيناها إمتلأت بالدموع حرقة قوية سرت على طول أنفها وصولا إلى عينيها : أنظري لأمك أورا .. لم أجد شيئا لديه و لن تجدي أيضا هيا يكفي ستجلسين في مكانك و إذا تحركت لن يندم غيرك هل هذا مفهوم؟
بعد آخر حرف لها لم يُسمع في القاعة نفس حتى .. كل من كان هناك نظر لقهرها و الطريقة التي تكلمت بها قبل أن ينظروا لفلامينغوا الذي تصلب فكه كالحجر .. لثانية جميعهم رؤوا وحوشه تنفجر داخل عينيه مع ذلك لم ينبس ببنث شفه .. لم يحرك حتى إصبعا فقط نظر لها بينما كانت هي في عالم آخر تنظر لصغيرتها بنظرات مميتة و محذرة و كان هذا رد الصغيرة على نتبيهات والدتها
كانت طفلة في سنتها الأولى و في ثانية تحولت لوحش صغير ... متمردة و عنيدة كما أنها تعاني من نوبات غضب قاتلة .. هكذا شخصتها لها طبيبتها النفسية و كانت هذه أول مرة ترى فيها إحدى نوبات صغيرتها الحادة ... بكل قوتها الضئيلة اخذت تضرب و تصارع كي تنزل من بين يديها ... صوتها تمزق من شدة البكاء لدرجة أن صرخاتها تخللتها بحات تدل على تمزق احبالها الصوتية .. جسدها بأكمله ظهر عليه بقع حمراء بينما علقت غصة في صدرها لم تتمكن حتى من إخراجها على شكل دموع .. لثانية إعتقدت أنها ستموت بين يديها لذلك جلست بها أرضا على ركبتيها تحتضنها بقوة غير مهتمة لمصارعة أورا لها تحاول الإبتعاد عنها
حتى أتى إيلام يبدوا أن صوت أورا وصله في الغرفة ... كالمجانين ركض ناحيتها يصرخ بأعلى صوته يطلب منها أن تتركها إلا أنها لم تستطع .. لم تستطع إبعادها عنها رغم أن الصغيرة كانت تموت بين يديها تضربها و تحاول الإبتعاد مع ذلك عقلها و قلبها فقدت سيطرتها عليهما فقط أخذت تهمس أمام فروة رأسها أن تهدأ تطلب منها أن تتنفس بهدوء تخبرها أنها آسفة بدون فائدة .. كانت كلما تحاول إمساك يدي صغيرتها كي لا تنتف شعرها تزداد الأخرى غضبا و جنون حتى فقد إيلام عقله ليصرخ بأعلى صوته في وجهها ساحبا منها الطفلة : هل جننت عليك اللعنة ... هل فقدت عقلك راسيل الفتاة ستموت بين يديك كيف فعلين ذلك
غطت أذنيها بيديها جالسة على الأرض بتلك الطريقة تبكي بينما تهز رأسها كي لا يصلها صوت بكاء الصغيرة .. كل ما كانت تسأل نفسها عنه لماذا؟ ... لماذا كل محاولاتها المميتة التي تضحي من أجلها كل يوم بجزء منها .. كل هذه المحاولات تبدوا عقيمة و عديمة الجدوى أمامه .. قلبها الذي عذبته بالبعد .. مزقته بذكريات سيئة .. حاولت إعدامه بكل خياناته السابقة لها لازال لحد الآن حيا يحبه مثل الأول .. و طفلتها التي ضحت من أجلها بكل شيء .. التي تجاهد كل يوم كي تبدوا أمامها قوية هي أيضا تريد هذا الرجل .. تطمح لقربه .. تريد أن يحملها .. كالكلبة ترتمي أمام قدميه فقط كي ترى منه نظرة واحدة .... تعلم أنها مخطئة و أن أورا لازالت صغيرة .. ملائكتها من يسيرونها .. بريئة و بقلب أبيض يميل لكل الناس مع ذلك أعصابها تعبت .. كرهت كل شيء يقربها من هذا الرجل أو يربطها به .. كرهت رؤية صغيرتها تتوسل والدها أن يحملها بينما يرمقها بنظرات متقززة و كأنها قمامة
لم تستطع حتى قول حرف فقط إنهارت بتلك الطريقة تصارع دموعها كي لا تنزل أمامهم قبل أن تقف من الأرض و خرجت تركض بأقصى سرعتها .. ما إن وجدت نفسها وحيدة إنفجرت بالبكاء كطفلة صغيرة يتيمة إتفقت عليها الحياة .. جلست أرضا في إحدى زوايا القصر تحتضن ساقيها و تبكي بشهقات مميتة تعتصر قلبها داخل صدرها .. تلوم نفسها على ما فعلته بهذا الجسد ... لو قدمت له المعلومات و قتلت نفسها .. لو لم تحبه .. لو لم تحلم بحياة جميلة معه .. لو لو لو .. و الكثير من الاشياء الأخرى كان بدايتها .. لو ... مع ذلك لا إجابة .. مهما لامت نفسها على ما أجرمته في حقها لم تجد إجابة كطارق يطرق باب مسكن مهجور
حتى موقعها لم يعد بإمكانها تحديده .. رابحة أو خاسرة ؟ .. قوية أو ضعيفة؟ ... سعيدة أو حزينة؟ .... لا شيء لها و لن يكون.. كل مرة تتذكر ما ينتظرها خارج أسوار هذا القصر ترتعب .. و كلما نظرت لما يوجد داخله إحترقت .. كشخص وضعوه بين بحر من النار و هاوية من النار كلاهما سيحرقه .... لا طالما سمعت البعض يقول سأكتفي برؤيتك بجانبي .. أجل هي أيضا قالتها سابقا و لكن الكلام سهل .. الإبتعاد عن من يمتلكون قلبك أفضل من رؤيتهم كل يوم .. فقط تريد الرحيل .. الإبتعاد و إكمال واجبها كأم حتى يأتي اليوم المقدر لها ... أحست بيد تتحسس ظهرها بحنان لتهمس بنبرة باكية : إذهب إيلام أعلم أني مخطئة لا داعي لتوبيخي
أغمض عينيه بقهر على حالتها ليجلس بجانبها أرضا يده تمسح على شعرها بحنان : لم يكن قصدي الصراخ عليك راسيل .. أعلم أنك رأيت نفسك بها و لكنها صغيرة جدا .. لا تعرف شيئا .. الطبيبة أخبرتك أن نوبات غضبها قد تتسبب لها في إعاقة أو شلل .. تعرفين ذلك جيدا و تعرفين أنها عنيدة و ذات شخصية قوية لم يكن عليك فعل ذلك معها .. في الداخل تجاهد الآن كي تتنفس بطريقة طبيعية و رغم غضبها إلا أنها تحتاجك الآن .. إذهبي لها أرجوك
رفعت رأسها من بين ساقيها لتنظر له بنظرة جانبية عيونها تصبغت باللون الأحمر مزقت له قلبه .. يعلم أنها تعاني حروب داخلية الآن .. بين حروب قلبها و عقلها و حروب صغيرتها و دفاعها على نفسها و جسدها منه .. تقاتل جاهدة لوحدها خاصة في الفترة التي مرت عليه بعيدا عنها معنويا .. لذلك سحب يدها ليقبلها بقوة مبتسما في وجهها : هيا راسيل .. دعينا ندخل .. لا تسمحي له برؤية كم قهر قلبك ثم طفلتك أهم من كل شيء كوني بجانبها
أومأت له تمسح دموعها عن عينيها لتقف من الأرض ساحبة نفسا عميقا .. معه حق يجب أن تكون مع صغيرتها .. لا وقت لجلد الذات أهم شيء أن تنجوا و تضمن حياة جميلة لصغيرتها أما الباقي ستجد له حلا مع الأيام .. بهذا إبتسمت لتتوجه مجددا لقاعة الطعام .. ما إن دخلت لاحظت كيف بدأت لينا في التكلم عن أمور سخيفة تخص المدرسة و الأطفال الصغار كما لو أنها تشد إنتباههم كي لا يحدقوا بها و هذا جعلها تبتسم في وجهها بإمتنان لتعاود الجلوس في مكانها بينما كانت داليدا تحمل أورا بين يديها تحاول تهدأتها ... إبتسمت في وجه صغيرتها هامسة لها تمد يديها ناحيتها : أورا الجميلة هيا تعالي لمامي
بحاجبان معقودان و شفاه بارزة بحنق أدارت الصغيرة وجهها للناحية الأخرى تصدر أصوات غاضبة منها لينفجر الجميع ضحكا ما عدا ملك البرود عاد مجددا لجريدته يقرأها و من شده بأصابعه عليها علمت أنه غاضب جدا مع ذلك لم تهتم فقط اصرت على صغيرتها تتوسلها أن تأتي لها بينما الصغيرة تعطيها ظهرها بغضب .. تنهدت بحسرة تريد المحاولة مجددا إلا أن لولي قاطعتها تصعد فوق ساقيها و كأنها تخبرها أنها هنا ..
إنفجرت ضحكا تمسح على شعر كلبتها بينما تكلمت تنظر لأورا : اممم معك حق لولي .. دعنا من أورا لدي أنت إبنتي الجميلة تلك أورا جاحدة لا تحبني مثلك
إبتسمت ترى صغيرتها تلتفت بطرف وجهها تنظر للولي بغضب و نظرات أشبه بنظرات والدها المميتة .. و بغضب ضربت كتف داليدا تبتعد عنها لتصعد فوق طاولة الطعام تزحف و لينا تبعد عن طريقها الأطباق كي لا ترتطم بها ... مشت متجهة ناحيتها تنظر للولي بغضب قبل أن تتوقف في منتصف طريقها ملتفتة ناحية سافيدش الذي رن هاتفه .. فقط سحبه بدون أي إهتمام أغلق الخط ثم أعاده لخصره .. إبتسمت الصغيرة لتغير مسارها ناحيته حتى وصلت له و بكل برود مدت يديها الصغيرتين تمسك بهما الجريدة ثم نزلت بثقلها كاملا عليها لتتمزق الأخرى بين يديه لنصفين
ما إن ظهر لها وجهه من خلف الجريدة صفقت لنفسها تضحك بأعلى صوت بينما أغمضت راسيل عينيها بقهر و كادت تقف مرة أخرى كي تسحبها و لكن إيلام أوقفها هذه المرة يمسك يدها بقوة كأنه يخبرها أن تتوقف ... ليس مجددا و هذا ما فعلته إكتفت بمكانها متجنبة النظر لما تفعله أورا بينما لينا المسكينة عادت تتحدث في مواضيع تافهة فقط كي لا يبدوا الوضع شاحن
مدت أورا يديها ناحية يد فلامينغوا لتمسكها بقوة ترتكز عليها ثم نزلت من الطاولة لتجلس فوق ساقيه تعزم نفسها بنفسها و مهما حاولت داليدا أن لا تفعل و لكنها ضحكت غير متحملة أكثر من ذلك .. الصغيرة تعيش في عالم آخر تماما تفعل ما تريده و بالطريقة التي ترضيها .. جعلته رجلا نبيلا يمسك يد أنثى ليساعدها على النزول .. ما إن أصبحت فوق ساقيها مدت يدها تريد سحب هاتفه الذي رن قبل قليل و لكن يدها وقعت على سلاحه لذلك سحبته من خصره ترفعه أمام وجهها بيدين إثنين تجاهد كي لا يقع منها .. يبدوا أنه ثقيل عليها
هنا إصفر وجه راسيل لتتكلم برعب موجهة كلامها لفلامينغو : لماذا تنظر لها أبعد السلاح من يديها
أجابها بكل برود يعيد ظهره للخلف : السلاح فارغ مثل رأسكِ
سمعت صوت سارينا تضحك من تحت لتحت و هذا جعلها تجيبه بإبتسامة ناشفة مثل ملامحه : معاشرة الحمير تجعلك حمار
فلامينغوا ساحبا سيجارة لنفسه : أحضرتك من بيتك حمار لم أغير فيك شيئا غير أني جعلتك مجنونة
راسيل ببرود : حسنا سأعتبر هذا إعتراف منك بأنك مجنون و أصبتني بالعدوى
فلامينغوا : لا بأس إبنة الخال طبيبة نفسية .. إختصاصها جنون هذه العائلة إذا أردتِ سأحجز لك موعد معها
كادت تجيبه بغيض إلا أن أورا قاطعتها تضع فوهة المسدس على قلبه بينما تبتسم بسعادة هامسة بصعوبة : م م م م م
فتحت عينيها على مصرعهما تنظر لصغيرتها تجاهد كي تنطق أول كلمة لها لتصرخ بأعلى صوتها ملتفة لإيلام : قالت ماما .. سمعتها إيلام ؟.. قالت ماما ..نظر لها إيلام بسعادة يحتضنها بقوة تحت نظرات فلامينغوا المحترقة غير مهتم له بتاتا حرفيا كان سعيد .. الجميع كان مبتسما لينا فقدت عقلها تضرب الطاولة و تخبر أورا أن تقول لينا أو تكسر لها رأسها ... أصواتهم ملأت المكان من شدة السعادة بينما إكتفت سارينا بقلب وجهها كالبومة ترمق أورا بنظرة جانبية منزعجة في حين الأخرى في عالم آخر تهز مؤخرتها فوق ساقي فلامينغو سعيدة تماما بأصواتهم تشاركهم الصراخ بصوت سعيد و بكل قوتها قربت يديها الصغيرتين من ربطة عنقه ثم وقفت فوقه تقرب وجهها من وجهه معيدة همسها : م م م م م
رمقها بنظرة متقززة ليشير برأسه ناحية راسيل المشغولة بفرحتها و إحتضان إيلام مجيبا إياها : لماذا تنظرين لي عليك اللعنة .. أمك هناك إذهبي لها .. هزت الصغيرة رأسها تقرب فمها من فمه تبتسم بطريقة جعلت غمازاتها تظهر تماما لتهمس له : م م م م مُكنت
عقدت سارينا حاجبيها بينما تنظر لفلامينغوا الذي كان ينظر للصغيرة بنظرات غريبة لتتكلم موقفة الجميع عن سعادتهم : توقفوا لم تقل ماما .. قالت شيء آخر .. نظرت لها راسيل بإستغراب لعدة ثواني جعلت الأخرى تعيد كلامها : أنا متأكدة سمعتها قالت شيء آخر لم تقل ماما .. هذا جعل راسيل تقف من مكانها بينما إبتسمت أورا تكمل تحديقها في عيون والدها المرعبة معيدة كلامها : مُك... لم تكمل جملتها حين وضع هو إصبعه السبابة على فمها كأنه فهم قصدها من تلك الكلمة و هذا جعل راسيل تعقد حاجبيها تقترب منه .. نظرت لإصبعه التي كان يغطي به فم صغيرتها لتسأل : ماذا قالت ؟
إنتظرت أن يجيبها و لكنه لم يفعل فقط رمق أورا بنظرات قاتلة و مميتة جعلت إبتسامتها تختفي من بين شفتيها و فقط إكتفت بالنظر لعيون والدها المرعبة بصمت تام حتى أبعد يده عن فمها ليرفع نظره لها : نادتك .. كانت هذه إجابته التي جعلت أورا تلتفت لها بدورها قبل أن تعاود الإبتسام صارخة بأعلى صوته : ماما
أجل ماما ... هذا كل ما خرج من بين شفتيها لتحملها الأخرى تحتضنها بقوة و تقبل عنقها .. تشم رائحتها و تطلب منها أن تقول ماما مرة أخرى بينما إيلام يشير لها و يسألها من هو و الصغيرة تخبره أنه ماما أيضا .... أبرزت سارينا شفتها السفلى لا تفهم مالذي حدث كانت متأكدة من أن الصغيرة قالت شيء آخر و لكن لم تستطع تحديده بسبب أصواتهم العالية .. نظرت لفلامينغوا المتجمد مكانه ينظر لسلاحه بفك متصلب كأنه يتمنى إفراغه في أحدهم قبل أن يحمله معيدا إياه خلف خصره ثم بهدوء وقف من كرسيه يرمي نظرات مميتة نايحة أورا ليخرج بعدها كمن يصارع ألف شيطان داخله أن لا يعود و يرتكب مجزرة
**
إبتسم نوكس ينظر لإيفا الواقفة أمام باب قاعة الإجتماعات تحمل بين يديها ملف من قضايا النساء بينما تتكلم مع ذلك الصحافي بنبرة صارمة لا تقبل نقاش او مجادلة : قلت لك لا سيدي ... لا تحرج نفسك و لا تحرجني رجاءا .. ممنوع دخول الكاميرات إذا أردت الدخول تفضل بورقة و قلم و مسجل الصوت سجل كل ما يقال هنا و أكتب ملاحظات عن حالة الضحايا ثم عد لجريدتك و اكتب مقال تذكر فيه فقط أول حرف من إسم و من لقب الضحية .. هنا لا يوجد سينما كي تصوروا النساء يوجد شيء يسمى خصوصية لا تخدشوا حرمة الحياة الخاصة
سكت الآخر لا يجد سبيلا ليدخل معه الكاميرا لذلك أومأ بتفهم يخلعها عن عنقه و كذلك هاتفه وضعه لدى آمانة الجمعية ليدخل بورقة و قلم فقط متجها ناحية إحدى الكراسي الخاصة به ... إقترب منها نوكس يراقب الطريقة التي كانت تنظر بها لتلك السيدة كأنها تطمئنها .. بهدوء وضع يده على كتفها لتلتفت له .. ما إن رأته إبتسمت بسعادة كبيرة ترفع جسدها على أصابع قدميها محتضنة إياه : هل عدت؟
أومأ لها رأسه يحاوط خصرها بيد بينما يده الأخرى كان يسحب بها شيء من جيب بنطاله : لقد عدت إيفا كيف حالك
إبتعدت عنه قليلا تجيبه : بخير إشتقنا لك أخي
إبتسم يقرب تلك العلبة منها : أنا أيضا إشتقت لكم .. هذه هديتك سأنتظر إخوتك كي يحصلوا على هداياهم ايضا .. أمسكت العلبة تنظر لها بسعادة قبل أن ترفع نظرها ناحيته تبتسم بإمتنان لا تعرف كيف تشكر هذا الرجل .. غير حياتها .. زين ايامها .. جعلها من نكرة ضحية رجل لإمرأة ذات مكانة و صوت يسمع .. فتاة تساعد مثيلاتها .. فقط فتحت العلبة لتجد داخلها قلادة بها ملاك صغير يحمل رسالة في يديه لتعيد النظر له بعيون دامعة : شكرا أخي
هز رأسه يقربها من صدره : لا تشكريني إيفا أنت مثل أختي بل أكثر من ذلك .. لا يوجد شكر و إمتنان بين الإخوة .. أومأت له بينما أحس بدموعها على قميصه ليتمزق قلبه عليها .. لا يعلم كيف يساعدها أكثر من هكذا .. منذ اليوم الذي أصبحت مساعدته و يده اليمنى أصبحا مقربين .. هو رأى فيها والدته التي كانت تحتاج مساعدة و هي رأت فيه والدها الذي تمنت أن يحمل عليها وزرها .. أحبا بعض بشدة و تعلقا ببعض .. علاقة أخوية بكل معنى الكلمة .. فقط إتخذها كأخت صغيرة له مع ذلك لم يستطع الوصول لذلك الجرح داخل قلبها .. لم يستطع تحديد مكان وجعها .. تبتسم مع ذلك يعلم جيدا أنها حزينة ... تدعي القوة و داخلها مكسورة من شيء لا تريد إخباره عنه
تنهد ينظر لها بحب يمسح دموعها العالقة في عينيها و التي لم يستطع قميصه إمتصاصها ليهمس لها بنبرة ساخرة : حين تبكين أنفك ينتفخ كالأطفال إيفا لا تبكي رجاءا ... ضحكت تضرب ذراعه لتسحبه خلفها ناحية المقاعد .. جلست تسأل : هل وقعت فتاة أخرى في حبك ؟ .... إنفجر ضحكا وسط قارورة الماء التي كان سيشرب منها : تبا لي .. أعتقد أنهم سيسجنوني بتهمة خطاب النساء .. تمزق قلبي قبل أن أعود من نيويورك ... مراهقة صغيرة جدا أتتني لتخبرني أنها وقعت في حبي .. الفتاة في الخامسة عشر إيفا ليست راشدة حتى .. لم أستطع حتى خطبتها و في نفس الوقت أحسست أني كسرت خاطرها حين رفضتها مع اني فعلت ذلك بطريقة مراعية جدا و لكنها اصبحت تبكي و تسألني ماذا ينقصها هي حتى أرفضها
تنهد بضيق يفتح ربطة عنقه بينما إبتسمت إيفا بسخرية تلاحظ كيف كان حزينا على الصغيرة : حسنا و كيف إنتهت هذه المسألة
نظر لها بطرف عينه من ملامح وجهه علمت أنه فعل كارثة و هذا ما حدث حقا : أعطيتها قبلتها الأولى و وعدتها أني سأخطبها حين تصبح في الثامنة عشر .. ضحكت بأعلى صوتها لينظر لها بغضب : عليك اللعنة لا تضحكي الفتاة قالت أنها ستنتحر إذا لم أقدم لها قبلتها الأولى و لكي لا تعتبر ما حدث بيننا إستغلال لقاصر وعدتها بالخطبة ..
إيفا بنبرة مختنقة من شدة الضحك : هذا إذا لم تخطب عشرة نساء حتى ذلك الوقت شوقر دادي
سكتت تسيطر على ضحكتها حين لاحظت غضبه رامقا إياها بنظرة أنت ميت حتى لانت ملامحه مرة أخرى يضربها على مؤخرة رأسها و يخبرها أنها غبية جميلة و هي تخبره أنه شوقر دادي حتى قاطع ذلك الجو اللطيف بينهما صوت هاتفه يتصل ليسحبه من جيب سترته .. إبتسم و هو يراه عمه آريكسوا ليجيبه : مرحبا عمي كيف حالك
أريكسو بنبرة غاضبة : أين أنت ؟
نوكس : لدي إجتماع لجمعية المرأة
أريكسو : تبا لهن دعك من جنس حواء اللعين ... تعال للقارب مزاجي سيء جدا دعنا نتحدث ثم منذ خرجت من السجن لم اجلس معك سوى مرتين بسبب سفراتك اللعينة.. هيا تعال إشتقت لك كثيرا
تنهد بقلة حيلة لا يفهم ماهذا الحقد الكبير ضد النساء الذي يمتلكه رجال عائلته : عمي دعنا نؤجل ذلك لاحقا رجاءا و لا تلعن النساء مرة أخرى .. زوجتك ايضا إمرأة إذا نسيت ذلك
آريكسو بغضب : عليها أكبر لعنة .. ثم هي لم تعد زوجتي تلك طليقتي .. أقصد أنا وضعتها في الطلاق و الآن من الآخر هل ستأتي أو لا ؟ ..
نوكس بدون تردد : لا ....
ما بعد ذلك كان صوت الهاتف يقطع من الناحية الأخرى ليهز رأسه بلا فائدة .. أريكسو لا يتغير لديه نظرة عنصرية بشدة ضد النساء أخذها من جده .. اساسا جده أفسد أولاده جميعا بسبب معاملته للنساء على أنهن مجرد أدوات جنسية .. إلتفت لإيفا التي سألت تمسك يده بحنان : من هذا ؟
أجابها معيدا ظهره للخلف : عمي الوحيد ... مثل أخي الكبير مع ذلك لا نتفق أبدا أنا و هو .. و إبتسم بسخرية يحك جبينه : حسنا نحن نتفق في كل شيء و كل المواضيع عدا ما يتعلق بجانب النساء .. عمي لديه نزعة سادية و نظرة عنصرية ضد النساء يعاملهن كشيء يشترى و يباع بالمال .. كشيء من حقه تداوله بين أصدقائه .. اليوم لي و غدا لصديقي .. ببساطة هو رجل في كل شيء عدا هذا الشيء يصبح مخنث .. و ضحك بسخرية مغمض العينين يتذكر شجاراته مع آريكسو الكثيرة كل مرة يدخلان في موضوع متعلق بالنساء حتى ينتهي بهما الأمر هو ينعثه بالمخنث و الآخر ينعثه بالعاهرة رقيقة القلب ... ليس و كأن ذلك يزعجه أساسا هو ليس ضد أو مع تشبيه الرجل بالمرأة او تشبيه المرأة بالرجل .. لديه نظرة خاصة حول هذا الأمر يرى أن لكلاهما كيان خاص به .. المشاعر الجياشة ليست حكرا للمرأة و القوة و الشجاعة ليسوا حكرا للرجل .. هو مع فصل كل جنس عن الآخر و تقسيم الصفات بينهم بالعدل و التساوي
لاحظ الصمت الصادر من إيفا لذلك فتح عيناه يناظرها بإستغراب ليجدها ساكنة تنظر للفراغ بشرود و عيون دامعة كأنها تذكرت شيئا مزق قلبها لأشلاء ... النظرة التي رآها في عينيها أعطته معنى جديد للقهر و خيبة الأمل .. الحسرة الندم الحقد و أشياء أخرى لم يستطع تحديدها و كاد يسأل إلا أنها سبقته تقف من مكانها تمسح دموعها بسرعة : حسنا نوكس .. لقد أتت ضيفتي الخاصة سأتحدث معها قليلا و أعود
أومأ بتفهم لا يعلم من هذه الضيفة التي أخبرته عنها كثيرا في الهاتف .. طوال فترة سفره لشهرين كانت تخبره كل يوم أنها ستستضيف إمرأة مهمة جدا في المجتمع لكي تتحدث عن معاناة شخصية حدثت معها ... نظر ناحية الباب ليتجمد في مقعده و هو يرى كاتبته المفضلة في مجال حقوق المرأة و مناصرة النساء .. قدوته العظمى .. كانت إمرأة ذات صوت يسمع في المجتمع من سيصدق أن هذه تعاني من إضطهاد أو خدش يمس بكونها كيان أنثوي ... لثانية أحس روحه ستخرج من جسده ليقف بسرعة متجها ناحيتها كالبرق .. وقف خلف إيفا التي كانت تحتضن المرأة كأنها إبنة تحتضن والدتها .. فصلت ذلك الحضن لتلتفت له : سيدتي أعرفك هذا نوكس ..
أومأت لها السيدة بإحترام تبتسم في وجهه : مرحبا سيد نوكس .. سمعت عنك كثيرا و بأعمالك و مساعداتك للنساء شرف لي مقابلتك شخصيا .. أتمنى أن تكون بخير و أن يكون جدك بصحة و عافية
إبتسم يمد لها يديه بكل نبل : الشرف لي سيدتي ... أنا من أكبر معجبيك لم أترك كتابا لك لم أقرأه حرفيا أنت قدوتي في الحياة لا أصدق أنك هنا
اجابته الأخرى تمسك يد إيفا بقوة : الفضل لإيفا .. أنا هنا اليوم بتشجيع منها أتيت لأشارك قصتي و السبب فيما أنا عليه .. ما الشيء الذي عشته و جعلني أكون أنا .. نظر لإيفا بنظرة حملت كل معاني الشكر و الحب الخالص .. لتبتسم في وجهه .. فقط نظرة الفخر في عينيه جعلتها تشعر أنها ملكت الكون .. رأت النظرة التي عاشت تتمنى رؤيتها في عيون والدها المسكين .. يا إلهي كم رؤية شخص يفتخر بك جميلة .. تحولك من إنسان عادي لسلطان في كونك الصغير الذي خلقته بعزيمتك و نجاحك .. أخبرت السيدة عن مكان مقعدها الخاص لتقترب من نوكس الذي تكلم يوميء بتفهم : الآن فهمت قصدك إيفا
عقدت حاجبيها ليشرح اكثر : ذلك اليوم .. أول مرة رأيتك فيها هنا قلت في نفسي مثلي مثل الجميع لماذا قالت هكذا .. هذه الشابة الصغيرة ماذا تفقه من الحياة حتى تصرخ هكذا و تعطي مواعض .. قلت داخلي أن كلامك غير صحيح و أنك تشجعين النساء على كتم أوجاعهن و الصبر عليها و لكن الآن فهمت قصدك .. معك حق ليس كل موجوع يستطيع التكلم .. يوجد نساء يكتمون أوجاعهم حتى على أنفسهم يخجلون حتى الإفصاح عنها بينهم و بين أنفسهن لذلك من المستحيل أن يجلسوا في ذلك الكرسي و يفجروا مكبوتاتهم أمام الملء ... لاحظت أن عدد النساء زاد بعد أن جعلنا الاجتماعات سرية لا تحتوي سوى على أطباء نفسانيين ذوي خبرات في المجال و نساء نجوا من إضطهاد سابق
إبتسمت بسعادة لا توصف توميء له بعيون دامعة بينما قبل جبينها هامسا لها بشكرا قبل أن يعود لمكانه تاركا إياها واقفة تنظر لذلك الباب الخشبي الفاخر و هو يغلق ليكتم خلفه أوجاع كل أنثى هنا يحميهن من ذئاب المجتمع .. أجل لا يجب أن تسكت المرأة على الظلم و لكن هذا لا يعني أن تقف أمام آلاف الكاميرات تخبر الجميع عن أوجاعها و مواقف جارحة حدثت معها ... إسم الضحية لن يغير شيء في معاناتها .. رؤية وجهها لن يغير شيء من رحمة القلوب الرحيمة و لكنه سيفرق الكثير بالنسبة للحيوانات البشرية التي تتغذى على الجيفة ..
في عالمنا و مع كل أسف يوجد أناس يعيشون فقط ليقتنصوا معاناة غيرهم و أوجاعهم .. يأتون من باب المساعدة .. يرتدون أقنعة الرحمة و يتزينون بملابس الملائكة بينما داخلهم شياطين .. كم من فتاة جميلة أتت تطلب المساعدة تهرب من جحيم تعتقد أنها ستجد أجنحة السلام و في النهاية بعد العبور فوق جسر من الإبتسامات الزائفة تجد نفسها تسقط في وادي من الطمع الجشع و المكبوتات الجنسية اللعينة ... شخص سينظر لها بعين الرحمة و ألف سينظرون لجسدها و مفاتنها بعيون الطمع
بدون أن نذكر فئة أخرى من الضحايا يتم نبذهن بسبب إنتمائهن لعرق معين أو جنس معين .. رأت حالات كثيرة لا تتم فيها مساعدة نساء عانين من قهر حقيقي فقط لأن واحدة منهن داكنة البشرة أو تنتمي لدين معين ... او لأنها قليلة الجمال كما يطلقون هم بمصطلحهم (بشعة) و كأن الجمال هو كل شيء .. كأن من خلق جميلا لديه الحق في السعادة و من خلق قليل الجمال أو داكن البشرة عليه أن يعيش القهر و الذل ... ببساطة مجتمعاتنا و مع كل أسف فاسدة .. عنصرية .. تحتوي على ما يسمونه بالإنسان بدون ذرة إنسانية
عادت لمقعدها تنظر لكاتبتها المفضلة تبتسم في وجوه النساء هناك لتبدوا بعض التجاعيد اللطيفة على وجهها المنير ليس بلون أبيض ناصع البياض بل برحمة بدت من عينيها مفتتحة كلامها بنبرة هادئة : أنا هنا اليوم لأتحدث عن أنا في الأمس .. أنا في الماضي .. تلك الشابة الصغيرة الطموحة .. داكنة البشرة ذات الملامح التي يسمونها بالقبيحة .. صاحبة العيون الجاحظة .. السوداء الزنجية .. و إبتسمت أكثر تتذكر كل تلك الألقاب السيئة التي لقبت بها على مدار سنوات حياتها : صاحبة ال24 سنة التي أنهت دراستها في مجال الصحافة و الإعلام و سافرت لتعمل في أكبر شركة إعلام في العالم ... هناك تلقيت أول صفعة لم أنسى ألمها لأنها لم تلمس جلدي بل قلبي .. ككل إعلامية طلبت الظهور في التلفاز لأباشر فكرة برنامجي الذي أحبها جميع أعضاء إدارة الشركة و في النهاية صدمني المدير يخبرني أن فكرتي جميلة و لكن وجهي ليس كذلك
لاحظ الجميع إنكسارها الذي غطته خلف تلك العيون القوية و الثابتة : ببساطة طلب مني أن أبيع فكرتي للقناة لتقدمها زميلة لي مقابل أن يذكر إسمي كصاحبة ملكية على البرنامج ... حزنت كثيرا أذكر اني عدت للمنزل أبكي و أمزق وسادتي أسأل خالقي و أحسابه لماذا خلقني سوداء .. لماذا خلقني قبيحة .. تحطمت تماما مع ذلك قبلت .. وافقت عن ان تقوم زميلتي بعرض برنامجي فقط لكي أرى فكرتي تنجح و تساعد النساء حول العالم .. قلت في نفسي لا يهم إن لم أكن أنا المقدمة الهدف من برنامجي ليس عرض نفسي بل تسليط الضوء على أوجاع غيري من النساء
نجح البرنامج و أصبح أكبر برنامج ذو تأثير في المجتمعات بصفة عامة رأيت من خلاله نساء يحصلن على نهايات سعيدة و غيرهن تخطين خوفهن و هذا جعلني أفرح من أعماق قلبي مع أنهم رغم قرائتهم لإسمي كصاحبة الفكرة إلا أنهم ذكروا إسم صديقتي المقدمة و التي تعيد كل حرف أكتبه في الأوراق بعد أن تحفظه و مجددا لم أهتم و يوما بعد يوم كنت أزداد في السن و يكبر حبي لمساعدة غيري حتى وجدت رجلا كيف أسميه .. كان ملاك أحبني رغم كل شيء .. إنتشلني من وحدتي قدم لي الحنان .. المنزل و السعادة .. او هكذا كنت أعتقد ..
كل شيء كان كذب .. إستغلال ... الرجل الذي إعتقدت أنه حب حياتي كان قاتل قلبي في الحقيقة .. تبين أنه واقع في غرام فتاة تصغرني بعدة سنوات .. جميلة جدا كانت أحدى البنات اللواتي ساعدتهن للتخلص من الإضطهاد .. تقرب مني مستغلا وسامته و قبحي كي يسيطر على عقلي .. دخل من باب الطمع لأجد أنه كاذب تزوجني من أجل المال لا غير .. جعلني انتهي في يوم واحد .. قلبي الكبير جعله بحجم حبة السمسم .. عطائي و رحمتي حولهم لكره و حقد .. كرهت أني أرسم السعادة على وجوه غيري و في النهاية لا أجد من يشعر بي حتى .. أنا لم أعد أنا .. تركت القناة و توقفت عن وضع مشاريع لمساعدة غيري من النساء قلت في نفسي مثلما لم يشعروا بي لن أشعر بهن و خجلت حتى من الإفصاح عن معاناتي لغيري .. خفت أن يستغلني رجل آخر و أقدم للذئاب نقطة ضعفي
فقط إبتعدت لعدة سنوات ظلامي يتآكلني .. حقدي و كرهي حتى رأيت في الشارع عائلة .. رجل و إبنه مع زوجته .. يمشون كعائلة سعيدة إلا أن سكب الصغير عصير على حذاء والده تسبب في توسخ حذائه .. و بكل رخص أمر الرجل زوجته أن تنظف ما فعله طفلها و كأن تلك المرأة أنجبت ذلك الطفل لوحدها .. هكذا بكل بساطة يخبرها أن تنظف ما فعله طفلها و كأن ذلك الطفل ليس منه .. النظرة التي رأيتها في عينيها جعلتني أتذكر أني إنسان قبل كل شيء قلت ربما لم تجد من يعطيها أملا خارج باب المنزل الذي تعيش فيه مع زوجها .. ربما خائفة أن تنفصل و لا تجد لا عمل و لا طريقة لتعيش بها لذلك كتبت أول كتاب لي بعنوان كيف تكونين سيدة نفسك .. بعدها كتبت كتاب كيف تعيشين بدون رجل ... ببساطة عدت أنا السابقة و الآن وجدت فرصة أخيرا لأفصح عن ذلك الجزء الصغير المشوه داخلي .. وجدت مكان يحتويني لا اخشى فيه من شيء أو شخص
أنهت كلامها تنظر للإيفا بإمتنان جعلها تعض على شفتها بقوة من فرحتها لا تصدق أنها و أخيرا إستطاعت الوصول لشخص مثلها لا يجد مكانا يحتويه ليتحدث فيه بدون خوف ... نظرت لكاتبتها بعيون دامعة تتخيل لو كانت هي هناك .. جالسة على ذلك الكرسي تخبرهم عن معاناتها و ذلك الجرح داخلها و الذي لم تقوى على نسيانه أو تخطيه .. تمنت من أعماق قلبها أن تجد أحدا تخبره و تفرغ لديه مكبوتاتها خاصة بعد رحيل جيفييا .. إنقطعت أخبارها منذ سنة و تحديدا بعد سماعها بخبر خروج جادس من السجن يبدوا أنها هربت و تحتمي منه عند أمن الدولة و بذكر خروج جادس لابد أن آريكسوا أيضا خرج ...
لم تسأل عنه و لم تبحث عن صوره حتى لتراه من بعيد فقط إبتعدت عنه بكل جهدها تحافظ على الحياة التي بنتها بعده مع أن شيء داخلها يريد أن تراه .. شيء يجعلها كل ليلة قبل النوم تدخل من حساب وهمي على الأنستغرام لترى منشورات زوجته كارما و قصصها ... كيف تتحدث عن سعادتها مع زوجها و كم أنهم سعداء مع بعض و يحصلون على حياة مستقرة يملأها الحب و الدفء .... لن تنسى كيف مزقها قلبها قبل شهرين و هي ترى صورة يده بينما زوجته تمسكها تبرز خواتم زفافهم .. ستكذب إذا قالت أنها نسته .. جرحه الذي خلفه عليها لن تنساه مهما عاشت و ستكون كاذبة أيضا إذا قالت أنها سامحته و أنها تتمنى له السعادة المهم أن يبتعد عنها .. لا ليست سعيدة .. ليست راضية .. لا تريده أن يكون سعيدا تريد ان يتألم مثلما آلمها أن يشعر بالعجز مثلما جعلها تفعل و رغم كل هذا تعلم ان امنياتها لست شيء تستطيع تحقيقه كالأحلام
لأن الأحلام يصل لها صاحبها بالجهد و العمل أما الآماني فهي شيء معلق على القدر ربما تتحقق ربما لا و يبدوا أن رؤية آريكسوا مكسور الخاطر أمنية لن تتحقق على مدار الدهر
**
نظرت ميردا من خلف تلك الشجرة لآرون الذي كان جالسا أمام قبر ماندي ينظر لشهدة إسمه بعيون ميتة هالات سوداء غطته تحت عينيه .. لحيته زاد حجمها نوعا ما بينما وجهه شاحب تماما ببساطة كان كالحي الميت و هذا هو حاله منذ اليوم الذي خرج فيه من السجن و سمع بخبر موت صغيره ... إبتلعت ريقها تتذكر كيف قتلت الصغير ليرتجف كامل جسدها دموعها ملأت عينيها خوفا من معرفة آرون لذلك ... ليس على نفسها بل خوفا على طفلها .. وضعت يدها على بطنها المنتفخة تعض على شفتها بقوة لا تصدق أنها حامل في شهرها الثامن .. لا تستوعب حتى كيف حدث لها ذلك .. الطبيبة أخبرتها أنها عقيمة منذ عدة سنوات و رغم زواجها و ممارستها الجنس لم يحدث من قبل و حملت من أي رجل إذا كيف حدث هذا الآن
كان والد طفلها إحدى حراس القصر مارست معه الجنس بعد أن ثملت بشدة قبل ثمانية اشهر و بعد ذلك أصبح يهددها أنه سيخبر آرون إذا تركته بعد أن سجل لها فيديو و قدمه لشخص قريب منه سينشره في حالة قامت بقتله لذلك حدث ذلك بينهما عدة مرات و في النهاية حملت منه .... من حسن حظها آرون لم يهتم لذلك حزنه على ماندي لم يترك له لا الوقت و لا الجهد حتى ليجن عليها
و لكن كل هذا في جهة و رسائل التهديد التي تتلقاها من فيولا شيء آخر تماما .. اللعينة ستفقدها عقلها جعلتها تراها في كوابيسها بسبب ذلك الفيديو الذي تظهر فيه تخنق ماندي بالوسادة .. صدمت حين رأت الفيديو لم تعتقد حتى أن غرفة فيينا كان فيها كاميرا و الآن أصبح ذلك الفيديو كالخنجر الذي يهدد حياتها و حياة طفلها ... إذا رآه آرون سيتحطم كل شيء فوق رأسها .. لم تعد مهتمة بنفسها كل همها هو طفلها المسكين .. صغيرها الذي لم يرى حتى النور بعد .. تبقى تقريبا شهر على الولادة و لكن كيف ستضمن حياته بعد أن يصل الفيديو بين يدي آرون
لحد الآن يعتقد أن فيولا هي من قتلت ماندي بعد أن أخبره فلامينغوا بما قاله الرجال الذين داهموهم قبل أن يقتلوهم ليس في علمه أن صغيره مات بسبب الوسادة التي خنقته بها لأنهم لم يعرضوا جثته قبل دفنها على طبيب شرعي ليحدد سبب الوفاة و رغم ذلك لم يتحرك بعد للبحث عنها لأنه لم يخرج من صدمته و لكن هذا الذي تتحدث عنه آرون .. مهما تحطم سيجمع شتات نفسه قريبا .. مهما خمد سينفجر قريبا كالبركان و النتيجة لن يحمد عقباها ... ما إن يتخطى و لو قليلا موت صغيره سيكشر على أنيابه كالوحوش سيلتهم كل شيء و سيخرج فيولا حتى لو إختبأت تحت الأرض و بالطبع اللعينة لن تسكت ستريه الفيديو و في النهاية سيقتلها و يقتل طفلها أمام عينيها
الفكرة لوحدها جعلتها تضع يدها على فمها ترتعش برعشات الموت لا تتخيل أن تشهد موت طفلها أو تحمل جثته بين يديها .. عاشت طوال حياتها تعتقد أنها عقيمة و حين حصلت على طفل ستخسره بسبب ما إقترفت يداها ... لا .. لن تسمح بحدوث هذا .. ستقتله... أجل ستقتله .. آرون هو الشيء الوحيد الذي يهدد حياة طفلها لذلك ستتخلص منه قبل حتى أن يخرج من دوامة حزنه
بهذا في عقلها إبتعدت عن محيطه الذي أصبح كمثلت بارمودا بالنسبة لها الوقوع في ظلامه شيء تفرضه قواعد الجاذبية .. وقفت أمام سيارتها السوداء التي كان يستند عليها آري إبن آريانا أخت آرون التوأم .. الفتى منذ قام سافيدش بإحضاره لم يرغب بالذهاب .. حتى رغم غضب والدته منه و لكنه رفض العودة للمسكيك و ترك زعامة خاله معرضة للخطر
تنهدت تتكلم بنبرة هادئة : سأعود للقصر وحدي بإمكانك الذهاب آري
أومأ رأسه بتفهم ساحبا آخر نفس من سيجارته ليرمي الباقي أرضا : حسنا وداعا خالتي
هذا فقط ليغادر بسيارته الخاصة متجها لذلك العنوان الذي أتاه قبل قليل قلبه كاد ينفجر من شدة السعادة و الخوف في نفس الوقت حتى وصل أخيرا للمكان المقصود ... نزل من السيارة مستندا عليها يمرر عيناه من تحت نظاراته الشمسية كي يتأكد أن لا أحد يراقبه و ما إن تأكد من ذلك صعد لتلك البناية سيقانه تسابقان الريح
تكلمت فيولا من خلف الباب تهمس بصوت منخفض : من هناك؟
إبتسمت ما إن سمعت صوت إبن أخاها آري يجيبها من الخارج : هذا أنا عمتي إفتحي
بسرعة فتحت الباب لتسحبه لصدرها تحتضنه بقوة رغم طوله الذي وجب إحترامه .. يا إلهي متى كبر هذا الصغير و اصبح هكذا .. بالفعل مرت تقريبا سنتين منذ أتى للمكسيك ليمسك مكان خاله آرون الفارغ في مجلس الشيوخ بعد وفاة ماندي الصغير .. إبتعدت عنه قليلا تنظر لطوله الفارع لتتذكر شقيقها إيثان ... الصبي كان نسخة عنه في الجسد مع ذلك ملامحه مالت لخاله اللعين آرون .. تحسست وجهه بلطف لتتكلم بنبرة باكية : أنا آسفة آري ... لم أستطع حماية أخي من اللعين زوجي .. أنت يتيم بسببي
بكل برود و جفاء أمسك الآخر يديها يبعدهما عن وجهه بأدب ليتكلم متجها ناحية الأريكة يرمي جسده عليها : تبا لذلك الساقط أتمنى ان يحترق في الجحيم
فتحت عينيها على مصرعهما لا تصدق ما قاله ... هل جن هذا الفتى أو ماذا ؟ ... امضت تقريبا سنتين تحاول الوصول له بدون ان يعلم أحد .. أمضت ليالي تفكر ماذا ستقول له حين تقابله وجها لوجه بعد مقتل والده و في النهاية هذا ما يقوله .. هكذا تكون ردة فعله؟ .. إبتلعت ريقها بصعوبة لتتجه ناحيته تجلس بجانبه على الأريكة ثم امسكت يده بلطف تنظر داخل عينيه الكارهتين : لماذا تقول هذا آري ... إيثان والدك .. كيف تقول هذا على والدك ها
أجابها بكل حقد و غل .. بنبرة ممزقة كارهة لا تمت للرحمة بصلة : والدي؟ .. أخبريني عمتي عن أي والد تتحدثين ؟ الذي خان صديقه مع زوجته و في النهاية نتجت أنا نطفة حرام إبن علاقة محرمة غير شرعية ؟ .. أو والدي الذي أطلق علي النار ليقتلني قبل ثمانية سنوات لعينة؟ ... والدي الذي جعلني أترك الدراسة لأن زملائي يشيرون لي بالإصبع .. بهذا و رفع إصبعه السبابة في وجهها يكمل كلامه بغضب : ابي الذي بسببه هربت من المكسيك لأنهي عاري اللعين .. هما فعلاها و أنا دفعت الثمن .. عشت طفولة مليئة بالخزي .. الرجل الذي رباني على أني إبنه تبين أنه ليس أبي و لا يراني سوى إثم أمي بالنسبة له .. وجهي يذكر آردن أن أمي خانته مع صديقه المقرب لذلك لم يعد لي وجه لأنظر له حتى .. اجل زوجته تحبني .. تلك التي يطلقون عليها عاهرة تحبني جدا .. جعلتني ألتقي به عدة مرات تسأل عني و تقدم لي المساعدة و لكن ذلك ليس كافي .. سأبقى وصمة عار طوال حياتي لذلك توقفي فيولا .. لا تذكري ذلك المخنث أبدا فاليجعله يحترق في كل ابواب الجحيم
تمزق قلبها حرفيا بعد ما سمعته .. أحست نفسها ضائعة بين ألمها على شقيقها و بين ألم آري و رؤيته لنفسه على أنه عار و شيء لا يجب أن يكون .. كان يتكلم على نفسه كأنه مسخ لا يستحق أن يعيش و هذا آلمها أكثر .. يأسه إنكساره كل شيء به عذبها لتنفجر بالبكاء تغطي فمها بيديها ... أجل شقيقها .. تحبه تموت من أجله .. تتمنى له الجنة مع ذلك لن تنكر أن ما فعله ذنب و شيء بشع .. أنه أخطأ في حق نفسه و في حق المرأة التي أحبها و أكثر من ذلك في حق طفله المسكين
أحست بيد آري تتحسس شعرها لترفع رأسها تنظر له لعدة ثواني قبل أن يقبل جبينها بقوة هامسا لها بعد أن كسر صلابة و قسوة قلبه : أنا آسف عمتي أعلم أنه اخاك و لكن لا تجبريني على حبه لقد آذاني كثيرا
أومأت له تمسح دموعها بسرعة و بنبرة مختنقة أجابته : حسنا .. حسنا معك حق أساسا هو مات و إنتهى أمره يكفي أن لا تُحمِل أمك المسكينة الذنب ايضا .. آريانا تعيش من اجلك آري لا تنسى هذا
أجابها يعيد ظهره للخلف : أمي لا ذنب لها .. أجل اخطأت و لكن لا استطيع محاسبتها لأنها ببساطة كانت قاصر .. 15 سنة فقط .. مراهقة في ال15 سنة من عمرها يتم تعذيبها منذ الطفولة و حين تصبح في ذلك السن يتم تزويجها من رجل لا تحبه ... كيف سألومها حتى الرب لا يحاسب شخصا لم يكتمل عقله .. اي واحدة في سنها ستنجرف خلف مشاعرها كل الذنب على إيثان .. كان كبيرا بالسن الذي يسمح له أن لا يتقرب منها .. كان بإمكانه على الأقل أن يخبر آردن أنه يحبها و انها تحبه .. أمي خافت من خالي آرون و ماذا عنه هو؟
بدون تفكير حتى أجابته بغضب : خاف عليها أيضا .. يكفي آري انا معك في أن تغضب منه .. لا تحبه إذا أردت و لكن إياك و أن تلقي كامل اللوم عليه .. ربما إستغلها لسنة سنتين .. و لكن بعد ذلك كبرت أصبحت راشدة تعرف الصحيح من الخطأ و أكملت ايضا .. أنا أحب آريانا و لكن هذا لا يعني أن أسمح لك بإلقاء كل الذنب على اخي لوحده و اساسا كل شيء كان ذنب آرون اللعين لذلك توقف
آري : خالي ليس لعين عمتي و توقفي رجاءا دعينا ننهي هذا الحوار
نظرت له بخيبه أمل لتقف من مكانها تشير بإصبعها للباب : حسنا بما أن خالك هو الملاك المنزل من السماء و أنا الشيطان أخرج من منزلي و إنسى العنوان .. اساسا سأغير مكان إقامتي .. إذهب لخالك و إمسح له الغبار عن حذائه اسفي عليك في النهاية لم تكن شخصا عادل .. لم تكن إبن أخي الذي إعتقدت أنه لم يتبقى لي غيره
أبعدت نظرها عنه تنظر للباب بعيون دامعة ليتنهد واقفا من مكانه و لم يخرج بل إحتضنها بقوة يدفن وجهه في عنقها هامسا لها بتأنيب ضمير : أنا آسف لقد بالغت .. حسنا خالي لعين في الشق المتعلق بك و لقد أخذتِ بإنتقامكِ منه ... لقد قتلت إبنه ماندي و إنتهى عمتي
دفعته عنها بغضب تنظر داخل عينيه بطريقة أرعبته : لست أنا .. لست أنا من قتلته .. لست مجنونة كي أقتل طفل في ذلك العمر و من؟ .. اخ صغيرتي .. هل تراني مجرمة أمامك آري؟ أنا بريئة لم أفعل ذلك
أومأ لها بتفهم رغم أنها رأت انه لم يصدقها مع ذلك لم يقل شيء فقط إحتضنها مرة أخرى يجلس بجانبها على الأريكة بينما إرتجف جسدها بين يديه تتذكر كيف قامت تلك اللعينة بقتل الصغير المسكين ... للمرة الألف ستقولها نعم تكره ماندي .. أرادت الإنتقام منه و لكن أبدا لم تفكر ليوم واحد أن تقتله أو تؤذيه جسديا .. كانت تريد قهر قلبه على والده فقط و في النهاية حدث ما حدث .... نظرت للباب الذي دخلت منه صغيرتها فيينا ترتدي رداء الراهبات و صليب في عنقها لتبتسم في وجهها بحب تلملم شتات نفسها بسرعة مع أن ذلك لا ينفع مع صغيرتها
ربما كانت طفلة في عمر الزهور ... فقط سبعة سنوات مع ذلك هذا لا يغير من أنها ذكية و تستطيع إكتشاف حزنها مهما إبتسمت أو إدعت عكس ذلك ... نظرت لآري الذي تكلم لا يصدق عينيه : فيينا؟؟ .. هل هذه فيينا؟ .. و نظر لها بصدمة كأنه لا يصدق أن هذه الصغيرة تكون بالنسبة له إبنة خاله و إبنة عمته في نفس الوقت .. أومأت رأسها بنعم لتشير لصغيرتها أن تقترب مجيبة إياه : أجل هذه فيينا صغيرتي .. هيا فيينا إقتربي
إرتبكت الصغيرة تنظر لذلك الشاب الغريب لم تراه من قبل حتى.. قرب وجهه منها بينما مد يده يريد أن يربت على شعرها : مرحبا فيينا هذا أنا... لم يكمل كلامه و هو يراها تمسك صليبها تبعد وجهها عنها جسدها تصلب بكل معنى الكلمة .. لثانية إعتقد أنه فعل لها شيئا مؤذي و لكن لا .. لا شيء حرفيا لا شيء غير أنه مد يده و لم يلمسها حتى .. نظر لفيولا التي تنهدت بقلة حيلة هامسة لصغيرتها : حسنا فيينا أحضري لإبن عمتك كأس عصير صغيرتي
أومأت لها الأخرى بنعم لتتوجه ناحية الباب و قبل أن تخرج إلتفتت لآري تنظر له بطريقة غريبة لتتكلم بأسف : أنت لم تفعل لي شيء أخي و لكني وعدت أبي و لن أخلف بوعدي
هذا فقط لتخرج تاركة إياه عاقد الحاجبين لا يفهم حرفا مما قالته .. وعد .. وعد ماذا؟ .. نظر لفيولا التي أجابت على تسائلات عقله بحسرة كأنها تحمل فوق رأسها هموم الكون : خالك اللعين عقد الفتاة .. منذ بدأت تستوعب الحياة يخنقها و يحاول قتلها يخبرها أنها خائنة يجعلها تعده أن لا تسمح لأي رجل أن يلمسها.. و أخته الساقطة ميردا كانت تملء عقلها بأشياء لم أستطع لا أنا و لا طبيبتها النفسية علاجها منها .. تقول أنها ستكبر و تصبح راهبة و لن تسمح لرجل بلمسها لأنها وعدت آرون أنها لن تخونه أبدا
أغمض الآخر عينيه هامسا بعدم تصديق : سبعة سنوات .. تبا لي الصغيرة عمرها فقط سبعة سنوات و تقول هذا؟ ... إبتسم بعد ذلك بسخرية معيدا رأسه للخلف : أنا أريد غسل عاري و إبنة خالي لا تريد أن تلطخ نفسها بالعار .. أنا لدي عقدة من النساء الخائنات و هي لديها عقدة من أن تصبح خائنة .. رائع لدينا أشياء متشابهة .. إنفجر ضحكا بعد ذلك ملتفتا لها بطرف عينه ليكمل بسخرية : حسنا قررت سأتزوجها حين تكبر دعيها هكذا لا تعالجيها احسن
ضربت مؤخرة رأسه بسخرية تخبره أن يخرس و هو يخبرها أنه جاد و سيتزوجها حتى أتته رسالة يطلبون حضوره ليقف من مكانه متجها ناحية الباب : حسنا عمتي سآتي مجددا و لا تهتمي إذا سمعت اي شيء سأخبرك .. حاليا آرون لازال محطم لم يسأل عنك حتى .. أساسا هو ليس حيا من الأصل أعتقد أنه تحول لجثة بعد موت ماندي يستيقظ و ينام أمام قبره البارد إذا حدث شيء ما سأتواصل معك غيري كل يومين رقمك كي لا يحددوا مكانك .. أومأت له تقبل خده لتجلس مجددا على الاريكة بينما أكمل هو طريقه للخارج
ما إن وصل أمام الباب أوقفه صوت فيينا خلفه تهمس له بأخي .. إلتفت لها يبتسم في وجهها ليسأل : ماذا فيينا؟
أجابته تقدم له كأس العصير الطازج يبدوا أنها عصرته بنفسها : لم تشرب عصيرك.. جلس القرفصاء أمامها ليسحب الكأس من يدها مبتسما في وجهها و مباشرة شرب كأس العصير حتى أنهاه ليقدمه لها فارغا .. أخذته من يده لتقترب منه حتى تعدت مساحته الشخصية و بكل براءة همست في أذنه : لن أتزوجك .. لن أخون ابي
هذا فقط لتبتسم في وجهه مثل أفلام الرعب ثم عادت للمطبخ تمسك الكأس في يدها تاركة إياه على وضعيته ينظر لظهرها .. لحظة ؟ هل سمعته؟ .. و لكن حرفيا لم يكن جاد فيما قاله .. أساسا ليس مجنون لينظر لطفلة في السابعة و أصغر منه ب11 سنة كاملة .. حقا قال ذلك لعمته بمحظ المزاح .. حسنا لم يكن جاد بكل معنى الكلمة قبل قليل و لكن ما قالته الصغيرة الآن جعله يبتسم بسخرية مومئا رأسه ليهمس لها ينظر للفراغ : حسنا إكبري و سيكون لنا حديث آخر ... هذا فقط ليخرج طاردا إياها من عقله تماما ..