نظرت راسيل لفيكيتينا التي خرجت من مكتب فلامينغو مردفة لها بإبتسامة رسمية مصطنة: سيدي ينتظرك في الداخل راسيل
أومأت لها بهدوء لتدخل للداخل تحمل طفلتها في يدها لا تفهم مالذي يريده منها الآن خاصة انه لم يتبقى على ذهابهم للشركة سوى ساعتين فقط ... دخلت لتجده واقفا امام طاولة مكتبه يحمل في يده شيء .. نظر لها بهدوء ليردف بنبرة آمرة: إقتربي
راسيل ببرود: قل من فضلك إقتربي
بادلها بإبتسامة ساخرة يمرر عيناه على طول جسدها: إقتربي او سأقترب أنا
حسنا فهمت قصده المقرف لذلك اقتربت هي تنظر له ببرود: ماذا تريد مني .. شهقت بوجه محمر من شدة الخجل ما إن باغثها يديرها للناحية الأخرى بينما كان خلفها يرفع لها قميصها .. امسكت قميصها بقوة تحاول ستر جسدها ملتفتة له بطرف وجهها: مالذي تفعله هل جننت هذه الفترة او ماذا؟
لم يهتم حتى ان يجيبها فقط وضع لها السترة المضادة للرصاص و قام بغلقها من الخلف ... هذا جعلها تصمت قليلا تنظر لتلك السترة كانت سميكة نوعا ما يبدوا انها مصنوعة خصوصا لتلقي اكثر من ثلاث رصاصات ... تكلمت تنظر للباب بتذمر: استطيع ارتداءها وحدي لا تستغل السترة ايضا للتقرب مني .. ضغطت على اسنانها ما إن شد الخيط من الخلف جيدا مقربا فمه من اذنها هامسا بصوت هاديء جدا: لا اثق الا بما افعله بنفسي ..
اجابته تشعر انفاسها تختفي منها: حسنا إذا هل تستطيع ارخائه قليلا .. هل هذه سترة مقاومة للرصاص او كورسيه فرنسي؟
اجابها بنبرة منتشية تماما: خصرك لا يحتاج لكورسيه .. اذكر اني كنت احاوطه بقبضتين
لعنت نفسها هذه المرة تتذكر اشياء لا يجب عليها ان تتذكرها ابدا .. لا الآن و لا في اي وقت .. لا تنسي انت زوجة رجل آخر عليك اللعنة .. بهذا ابتعدت عنه متجهة ناحية الباب تريد تغيير ملابسها و ملابس صغيرتها
في الخارج تكلمت فيكيتنا بنبرة محذرة تنظر لإيلام بغضب: هل جننت غيلام إياك ان تخبرها انها لا تزال زوجة الزعيم .. إذا علمت ذلك ستجن خاصة اذا علمت ان اورا لم تسجل على اسمها ... اجابها يضغط على اسنانه: و لكني لا استطيع الكذب عليها .. راسيل تثق بي لا اريد ان اخدعها فيكيتنا
اجابته الاخرى ترفع اصبعها في وجهه بطريقة محذرة: هل تعتقد انك ستساعدها اذا علمت .. هيا دع الامر سر فقط لفترة حتى نجد حل معها .. كاد يجيبها و لكن صوت الباب يفتح قاطعه لتخرج منه راسيل.. عقدت حاجبيها و هي تراهما يتهامسان و بمجرد ان خرجت سكتا لتقترب منهما عاقدة الحاجبين .. نظرت لهما بنظرة ماذا هناك و لكنهما هزا رأسها بلا شيء لتصعد الى غرفتها ب رفقة ايلام بينما ابتسمت فيكيتنا في وجه فلامينغوا الذي وقف امام باب مكتبه ينظر لها كأنه ينتظر ان تخبره مالذي كانت تفعله برفقة ايلام
بإبتسامة ثعلب اقتربت منه تجيبه : سيدي ايلام طلب مني ان نفاجيء راسيل في عيد ميلادها سيكون هذا الاسبوع .. و يحتاج مساعدتي هل افعل ذلك او لا؟
لاحظت كيف سكت قليلا ينظر لها بشرود قبل ان يسأل : في اي يوم سيكون؟
اجابته بسرعة: الخميس سيدي
أوما بتفهم ليرمي أوامره متخطيا اياها: ساعديه في كل شيء و دعي التكاليف على حسابي ... ابتسمت بإحترام رغم انه كان يعطيها ظهره و ما ان اختفى من امامها عادت لها انفاسها لا تصدق انه صدقها ... من حسن الحظ انه يثق بها ثقة عمياء و الا كانت ميتة منذ سنوات .. تبا فقط اذا علم انها تخفي عنه آلاف الاسرار سيسلخ جلدها حقا ... اللعنة على قلبها المرهف مالذي جعلها تشفق على راسيل و تساعدها .. ابتسمت تجد الاجابة بسرعة .. اجل اورا ذات الوجنتين السمينتين .. تبا من اجلها ستقدم حياتها اذا تطلب الامر .. لم تفرح في حياتها مثل أمس حين نادتها الصغيرة باسمها .. قاطع سعادتها رؤية سارينا برفقة آراندا يتهامسان حول موضوع ما
تبا لهما حرفيا يوجد شيء حولهما يثير رعبها لا تفهم ما هو .. بمجرد ان انتبها لها تكلمت اراندا بصوت مسموع تودع الاخرى لتنزل مججدا للأسفل بينما اكملت سارينا طريقها من ملامحها المتوترة علمت انها فعلت او ستفعل مصيبة مع ذلك لا تمسك عليهما و لا دليل واحد لذلك مرة اخرى اجلت موضوعهما حتى تنتهي من موضوع راسيل و مسألة اخفائهم عنها انها لا تزال زوجة سافيدش
بعد ساعتين .. نظرت راسيل لساعة يدها بغضب تشعر بالوقت يمر كالسنوات .. كانت تكره الانتظار حقا ... لا تذكر كم من لقاء بالملايين رفضته فقط لأن العملاء تركوها تنتظر ربع هذا الوقت .. و لكن ماذا ستفعل كما يقال حكم القوي على الضعيف .... نظرت بجانبها لإيلام الذي كان يلعب مع أورا لتبتسم تتذكر كيف إرتعب قبل قليل حين أمسكته يوشوش مع فيكيتنا ... لذلك أرادت أن تفهم سبب تصرفهما الغريب كأنهما يخفيان سر عليها : إيلام عزيزي
نظر لها و بدورها أورا فعلت المثل و لكن كانت غاضبة منها لأنها قاطعت موضوعها المهم مع إيلام .. قرصت خد صغيرتها لتسأل إيلام تراقب نظرات عينيه : لم تخبرني إيلام .. ما الموضوع الذي تخفيه أنت و فيكتينا
إبتلع ريقه ببطء ينظر ليعينها بحذر كي لا تلاحط توتره .. لم يكن ممثل ماهر أو كاذب محترف و لكن إستطاع تلفيق كذبة سريعة لأنه توقع أنها لن تترك هذا الموضوع بسرعة قبل أن تفهم ما يحدث حولها ... أساسا أغلب مصائبها كانت من شدة فضولها : لماذا أنت مصرة لتعرفي راسيل ؟ ... قلت لك لا يوجد شيء مهم فقط سألتني عن شيء
رفعت حاجبها تشم رائحة الكذب تفوح منه خاصة عيناه التي كانتا تتهربان منها ... جمعت شفتيها أمام بعض تضغط عليها بإمتعاض لاحظه في ملامح وجهها و مهما حاولت أن تتجاهل رغبتها و فضولها لم تستطع لذلك أصرت عليه تقرب وجهها من وجهه تحاصر عيناه بعيناها : هل ستعترف أو اجعلك تفعل ذلك غصبا عنك ؟ ... مالذي تخفيه عني أنت و فيكتينا ؟
هذه المرة أتتها من فلامينغو الذي دخل إلى الصالون : يحضران لعيد ميلادك .. شيء تافه لا يحتاج كل هذه المبالغة
نظرت له بسرعة لاعنة قلبها الذي نبض بجنون لا تصدق كم كان يبدو مثير بتلك البدلة السوداء و القميص الأبيض و لأول مرة إرتدى ربطة عنق بلون مغاير كانت رمادية داكنة ... أبعدت عيناها من عليه بسرعة تعيد نظرها لإيلام الذي إبتسم بقلة حيلة : تبا راسيل لقد أفسدتِ المفاجئة
إبتسمت بدورها تضرب كتفه : تبا لك ألا تعرف حتى كيف تلمح .. ما أدراني أنا ؟ .. نسيت أن عيد ميلادي هذا الأسبوع هيا سأعتبر أني لا أعرف شيء حضروا براحتكم
أومأ بتفهم لتحمل أورا ثم خرجت للسيارة بينما بقي هو برفقة فلامينغو ينظر للطريقة التي كان يبدو بها مثير بشدة ... قاطع تأمله صوت الآخر يسحب آخر نفس من سيجارته : إذا كنتَ شاذ أخبرني لا تخجل سأتدبر أمرك
إيلام بسخرية : و كيف ستفعل ذلك ... حسب معلوماتي أنك تميل للنساء أو هل تمتلك ميول دفينة أيضا ؟
بسخرية أكبر أجابه الآخر يرمي بقايا سيجارته: لا ... في الحقيقة أمتلك فتاة من رجالي قامت بعملية تحول جنسي أصبحت رجل ... قلت سأعرضك عليها أمثالك نوعها المفضل
أنهى كلامه يخرج تاركا ايلام واقفا مكانه يبتسم بسخرية.. هز رأسه لا يصدق ما سمعه وأساسا لا فائدة من الرد عليه لذلك خرج بصمت ليصعد السيارة بجانب راسيل متعمدا جعل اللعين الآخر يغار كل مرة يقترب منها بحجة اللعب مع أورا .... أحب كثيرا أن فلامينغو المعظم عاجز لا يستطيع فعل شيء بسبب الاتفاق الذي يجمعه براسيل ... الرجل حرفيا يموت خلف وعده.. وعدها سيحميها ويحميه ولم يخلف بحرف من اتفاقهم منذ ما يقارب السنتين
بعد فترة وصلت السيارة إلى الشركة لينزلوا منها ... كان سافيدش يمشي في المقدمة بينما كانت راسيل وعائلتها خلفه بينما مشى حولهم مجموعة من الحراس حتى وصلوا إلى قاعة الاجتماعات ليدخلوا برفقته للداخل ... نظر لدايف الذي كان خلفهم ليتكلم موجها كلامه له: أحرسوا البوابة في الخارج جيدا ... لا أريد من النملة أن تدخل هل فهمت
أومأ الآخر ليضع يده على جهاز البلوتوت وخرج بسرعة متجها إلى البوابة الرئيسية يهتم بالحراسة هناك بينما بقيت راسيل واقفة في غرفة الاجتماعات تحمل صغيرتها وتراقب بصمت فلامينغو الذي جلس على رأس طاولة الاجتماعات ينتظر حضور والدها ... كان كيف تصفه؟ ... ليس في أحواله عقله ليس هنا وكأنه يفكر في شيء ما لم تستطع تحديده مع ذلك لم تسأل فقط سكتت لتجلس في كرسيها بجانب إيلام كلاهما ينظران له بعدم فهم
حتى تنهد يفتح ربطة عنقه بعد ان نظر لساعة يده للمرة العاشرة ينفخ بغضب.. هنا لم تتحمل أكثر لذلك سألت بنبرة متوترة: ما بك؟ لماذا أنت متوتر هكذا؟ منذ دخلنا للشركة وأنت لست في أحوالك
هز رأسه بهدوء ليجيبها: لا يوجد شيء لا تهتمي
راسيل بخوف: كيف لا أهتم؟ انظر لنفسك تبدوا غريب الأطوار منذ دخلنا.. فقط قل ما لديك رجاءً حركاتك توترني
حسنا يبدوا انه قرر التكلم أخيرا معدلا جلسته يمرر عيناه عليهم: يوجد شيء ليس صحيح... لا أعلم ولكن أشعر أن هناك شيء خطأ
قاطعها إيلام يمسك يدها بقوة و خوف: ماذا تقصد؟ مالذي ليس صحيح
بنظرات قاتلة رمق يده ليبعدها عنها بدون أن تنتبه حتى بينما أجابه فلامينغو يسحب سيجارة لنفسه بأصابع مرتجفة من شدة غضبه: وجودكم هنا هو الشيء الخطأ .. اشعر بشيء غريب لا أعلم ما هو .. سحب نفسا عميقا بعد ذلك ليعيد سحب هاتفه متصلا بدايف .. تكلم يقف من مكانه: هل كل شيء بخير دايف؟
أجابه الآخر عبر سماعة الهاتف: أجل زعيم كل شيء بخير ... المكان تحت السيطرة يوجد ثلاثون رجل في داخل الشركة و أنا الآن برفقة الباقين خارج الشركة نحرس البوابة
أومأ له بتفهم ليغلق الخط معيدا الجلوس مكانه مع ذلك توتره لم يختفي بل زاد رعبها ... مجرد النظر له بتلك الحالة جعلتها ترتجف خوفها تحتضن طفلتها بقوة كأنها ستموت اليوم ... لا تعلم مالذي دهاها و لكنها جربت مسبقا غريزته التي أخبرتها عن والدتها .. كأنه يشم رائحة المصائب عن ألف بعد ... لم تبعد نظراتها من عليه تراقب كيف كان يلقي نظرة على كاميرات المراقبة بتمعن كأنه يبحث عن شيء لا يستطيع شخص آخر ملاحظته إلا أن صوت الباب يطرق قاطعه ليرفع نظره ناحيته
إبتلعت ريقها بصعوبة رأسها لم يتحرك حتى إنش واحد ... فقط بقيت على وضعيتها تنظر لصغيرتها التي إلتفتت بدورها تنظر لجدها ... الجميع كان ينظر له ما عداها .. كانت خائفة بل ترتجف من شدة الخوف تتنفس بصعوبة بالغة و كل مهاراتها التمثيلية إختفت في تلك اللحظة لا تقوى حتى على إدعاء أنها بخير و غير مهتمة ... أغمضت عينيها تسمع صوت عصاه الخشبية تطرق مع الأرض كأنها ناقوس الموت
أحست بالشلل حقا و عقلها إنفصل عن العالم حتى أعادها له صوت والدها يجلس بجانبها يتكلم بهدوء مع أورا: انظروا لحفيدتي الجميلة كبرت ... و ما إن مد يده يريد تحسس وجنتيها السمينتين حتى قاطعته هي تمسكها له بقوة ضاغطة عليها و بنبرة مميتة تكلمت تنظر داخل عينيه بغضب جهنمي: لا تلمس صغيرتي
ابتسم باجيس بسخرية ينظر لصغيرته التي لم يحملها ليوم حتى بين يديه .. تبا كم كبرت و كيف أصبحت جميلة و قوية تحمي صغيرتها كلبؤة تحمي شبلها ... منظرها هذا ذكره براشيليا كيف كانت تحاول حمايتها ... مد يده مرة أخرى يريد تحسسها لأول مرة و لكن هذه المرة فلامينغو من أمسك يده مانعا إياه حتى من الوصول لمحيطها ... رمى له يده بقوة ليسند ذراعيه على الطاولة فاصلا بينه و بين راسيل ليتكلم ببروده المستفز: هات ما لديك؟ ... أتيت لتتكلم إذا لم تخني الذاكرة
أومأ له بتفهم ليؤجل رغباته في احتضان راسيل لمرة أخرى و بدون مقبلات دخل في المفيد: صدر قرار يخص موضوعك راسيل .... عقدت حاجبيها ليكمل عيناه كانت مليئة بالخوف و الحزن: السادة غاضبون من تملكك للمعلومات و رفضك تقديمها لهم ... يريدون ثمرة أعمالهم التي أنفقوا عليها مليارات الدولارات
هذا جعلها تبتسم بسخرية تنظر له بقرف منه و من معلوماتهم الغبية .. ثمرة أعمالهم؟ .. تبا هل حياة آلاف الأبرياء شيء تافه لهذه الدرجة بالنسبة لهم؟ ... بكل غضب حملته كل هذه السنوات أجابته تقف من مكانها: تبا لك و لأسيادك اللعناء هل فهمت؟ لن أقدم هذه المعلومات حتى لو سلختم جلد جمجمتي .. هيا إذهب لأسيادك يا كلبهم أخبرهم أن العظمة التي يلهثون من أجلها لن يحصلوا عليها إلا مكسورة
رفع باجيس حاجبه بطريقة غاضبة نبرة كلامها أزعجته حقا مع ذلك تمالك نفسه ليبتسم بهدوء مومئا بتفهم بينما أكمل كلامه يحرك قداحته الذهبية فوق الطاولة الخشبية: و لكن هذه المرة الأمر لن ينتهي برغبتك عزيزتي راسيل .. الأمر ليس لعبة .. و كل محاولاتي للوصول لحل سلمي معهم أصبحت تنتهي بالفشل ... صدقيني لا أستطيع حمايتك لأكثر من هذا القدر ... لأن إسمك و إسم فلامينغو تم وضعه في جدار الدم قبل عدة ساعات
عقدت حاجبيها لا تفهم قصده بجدار الدم .. ما معنى هذا و كيف تم وضع اسمها و اسم سافيدش .. ما دخله هو بالموضوع .. لم تتحمل تلك الأسئلة مكتومة داخلها لذلك تكلمت بسرعة تسأل: ما هو جدار الدم
كاد الآخر يجيبها و لكن فلامينغو قاطعه كأنه لا يريدها أن تعرف الإجابة وجهه فجأة شحب تماما و ظهر عليه التوتر رغم برود ملامحه: حسنا إذا أنهيت يمكنك الرحيل فهمت رسالتك... أجابه باجيس يقف من مكانه بغضب: مالذي تقوله فلامينغو لن أغادر بدون ان احصل على المعلومات ... سابقا كانت المنظمة ضدك الآن كل مجال المافيا .. ألا تفهم ما أقوله تم وضع إسمك في الجدار الأحمر... هذا يعني أنك ميت أو ميت
إمتلأت عيناها بالدموع تظر لفلامينغو بعدم فهم بينما كان هو يبتسم بسخرية و بكل برود أجاب والدها: لا أحد يستطيع قتل رجل ميت باجيس لا تهتم لشؤوني فقط غادر قالت انها لن تقدم لك المعلومات إنتهى
هنا تدخلت هي تمسك يده والدها لأول مرة .. لمستها جعلت قلبه ينبض بجنون خاصة و هو يرى دموعها التي ملأت عيناها تحتاج لشخص يحميها كما كانت راشيليا سابقا .. تلك النظرات جعلته يكره نفسه لثاني مرة في حياته ينظر لأنثى أخرى تخصه عاجزة و خائفة بدون قدرة له على مساعدتها ... تكلمت بنبرة باكية: ما هو الجدار الأحمر و مالذي سيحدث بما أنهم وضعوا اسمائنا هناك؟
أجابها متجاهلا فلامينغو الذي كان يحاول عدم وصول المعلومة لها كي لا تخاف: جدار الدم هو جدار يتم فيه وضع صورة الضحية مرفقة بإسمه تحته مكافئة مالية بمبلغ كبير و على أساس ذلك المبلغ يقوم رجال المافيا و السفاحين الموجودين في العالم بقتل ذلك الشخص للحصول على الجائزة ... سواء حصل عليها شخص واحد كاملة أو إشتركوا فيها عدد كبير من الأشخاص و قبل ساعات تم تعليق إسمك و إسم فلامينغو هناك .. مكافئتكما بنفس المبلغ فقط تحته مطلوب حي أو ميت أما أنت مطلوبة فقط حية بدون خدش واحد
نظرت لفلامينغو الذي ضحك بسخرية كبيرة معلقا على كلام والدها: يبدوا أن اسيادك نسوا الحيوان الذي أطلقوا سراحه من مختبرهم أليس كذلك ... و أومأ بتفهم كمختل عقلي مقربا وجهه من وجه باجيس أكثر: أخبرهم ان انيابي لا تقتلع و مخالبي غير قابلة للكسر ... دعني أرى ما يمتلكونه و أنا سأريهم ما أمتلكه و الآن أغرب عن وجهي قبل أن أبدأ بك
ضغط الآخر على أسنانه يوميء بتفهم و بدون أي مقاومة وضع عكازه على الأرض يرتكز عليه ليتكلم موجها كلامه لراسيل: الأمر لم يعد متعلق بحياتك راسيل .. فلامينغو أيضا تم إتخاذه كعدو لأنه يحميكِ لذلك فكري جيدا ... لست الوحيدة التي حياتها في خطر ... فلامينغو .. إيلام .. لينا و الجميع حياتهم في خطر من اليوم و الأهم منهم جميعا هي صغيرتك
لآخر مرة أجابه فلامينغو بنبرة محذرة: قلت لك أغرب عن وجهي باجيس هذا آخر إنذار
هذه المرة لم ينبس والدها ببنث شفة حتى فقط خرج بصمت تام يغادر المكان .. ما إن تخطى عتبة الباب أمسك فلامينغوا يدها بقوة يسحبها ناحية الباب بينما سحب هاتفه بسرعة يتصل بدايف ... توقفت تمنعه عن سحبها بتلك الطريقة لينظر لها يضع سماعة الهاتف على أذنه: تحركِ عليك اللعنة هيا بسرعة يجب أن تعودي للقصر
هزت رأسها تسحب ذراعها بسرعة من يده: توقف صغيرتي لم احملها .. اجابها صرخ في وجهها بأعلى صوته: مسخك مع مخنثك هيا حركِ مؤخرتك بسرعة
صدمت من كلامه و كادت تجيبه إلا أنه قاطعها يوجه كلامه لدايف بنبرة غاضبة: لماذا تأخرت في الرد هكذا عليك اللعنة
اجابه دايف بسرعة: كنا نتبع باجيس للبوابة الرئيسية زعيم هل حدث شيء؟ .. اجابه يمرر أصابعه على خصلات شعره: عد بسرعة و لا راقب المكان جيدا دايف لا ار..... لم يكمل كلامه ليتصنم أرضه ينظر لشيء خلفها جعل الهاتف يسقط من يده ... إلتفتت خلفها لتفتح عينيها برعب و هي ترى كاميرات الشركة بأكملها تعطلت و آخر كاميرا ظهر عليها رجل بقناع اسود يحمل في يده مطرقة بينما خلفه الرجال يخرجون من صناديق الأسلحة يبدوا أنهم تسللوا منذ ليلة امس لذلك لم يشكوا بوجودهم
نظرت بسرعة لفلامينغو الذي أعاد حمل هاتفه يصرخ بأعلى صوته: بسرعوا توجهوا للناحية الغربية دايف يوجد هناك العديد من الأعداء
اجابه دايف يصرخ على الرجال خارج الشركة: زعيم البوابة لا تفتح لم نستطع الدخول الرجال يقومون بكسر البوابة في الوقت الحالي سنكون هناك قريبا
لعنه يغلق الخط بسرعة ليعيد سحبها من ذراعها غير مهتم لشخص غيرها .. نزلت دموعها بخوف لتعيد ضربه موقفة إياه بكل غضب .. قلبها تحطم من الداخل لأول مرة أحست بالشفقة على صغيرتها و هي ترى والدها غير مهتم لحياتها حتى كأنها كلبة أو مسخ ... تكلمت تعود لأورا التي إنفجرت بالبكاء تنظر لدموع والدتها ... حملتها بين يديها لتنظر لإيلام الذي كان حرفيا ضائعا وسط سرعة الاحداث ... تكلمت تمسك يده بقوة: إيلام هل أنت بخير؟
نظر لها برعب فكرة أن أحدهم سيؤذيها أو يؤذي أورا كانت تقتله ... تبا كانت أضلعه تطحن داخل جسده بدون ان يلمسه أحد حتى .. كل ما فكر فيه انهم هالكون هذه المرة ... رجاله في الخارج لا يستطيعون الدخول و في الداخل يوجد عدد لا يستطيعون عده من الأعداء في المقابل لا يوجد سوى رجلان فقط .. هو و فلامينغو .. مهما بلغت قوتهم لن يستطيعوا التغلب عليهم أجمع خاصة أن خبراته القتالية محدودة على قدره لا يرتقي حتى ليقف ندا لأحد الرجال في الخارج و الذي كانوا من النخبة لا محال
أحس بيد راسيل تتحسس خده بخوف كبير يبدوا أن صمته جعلها تذعر لذلك و كعادته إبتسم في وجهها مجيبا إياها: أنا بخير راسيل دعينا نغادر بسرعة يجب علينا حمايتك أنت و أورا
أجابه سافيدش الذي عاد بعد أن اوصد الباب جيدا و أسند عليه طاولة الإجتماعات ذات الوزن الثقيل : ليس الوقت المناسب للكلام هيا بسرعة يجب أن تخرج راسيل من هنا
سأل إيلام ينظر لموقعهم المحاصرين وسطه بدون حيلة: كيف سنفعل ذلك؟ ... دايف قال أن البوابة مغلقة .. و سكت قليلا الشكوك مزقته: و لكن لحظة هل هذا يعني أن هناك خائن في رجالك.. كيف استطاعوا محاصرتنا وسط الشركة
أجابه فلامينغوا متجها بسرعة ناحية خزانة في الجدار : لا يوجد خائن ... فقط سبقونا بخطوة يبدوا انهم خططوا لكل شيء قبل ان يتصل بي باجيس أمس .. أرسلوا رجالهم في صناديق شحنة الأسلحة و جعلوهم يدخلون الشركة .. يبدوا انهم توقعوا خيانة باجيس لهم كما توقعوا انه سيأتي إلى هنا كي ينحذرنا لذلك إستغلوه ضدنا ... انهى كلامه يسحب حبل خشن وزنه لوحده كفيل بجعل رجل من الحجم المتوسط يسقط أرضا .. كان موصول بأداة تشبه المرساة بها سنين حادين
بكل إحترافية واضحة من خطواته الموزونة مشى ينظر لسقف قاعة الاجتماعات يحسب المربعات فوقه حتى توقف تحت واحدة منهم ... شد قبضته على طرف الحبل ليلوح به في الهواء عدة مرات قبل أن يرميه بكل قوة لفوق .. ما إن لامس رأس الحبل الحديدي ذلك المربع في السقف سقط ارضا ليظهر ثقب كفيل ليمر من خلاله فلامينغوا بأكمله ... أعاد التلويح مرة أخرى ليعلق راس الحبل بالسقف و بكل قوته شد الحبل مرتين للأسفل كي يتأكد انه عالق بشدة
ما إن تأكد امرهم بالإقتراب ليفعلوا ذلك بسرعة ... امسك مكعب السقف ليقدمه لإيلام مردفا بنبرة آمرة إربطه في ظهرك و تسلق به الحبل و هذا ما فعله الأخير لينظر لراسيل التي كانت تحاول تهدأة صغيرتها كي تتوقف عن البكاء .. تكلم بنبرة غاضبة: هيا تسلقي الحبل بسرعة
نظرت لصغيرتها التي كانت تتشبث بها بقوة لتعيد نظرها له : كيف سأتسلقه بأورا؟
اجابها يسحب الصغيرة من خصرها: سأصعد بها أنا هيا بسرعة إصعدي
هزت راسها تطلب صغيرتها ليصرخ هذه المرة حرفيا يحاول السيطرة على غضبه : قلت لك تسلقي الحبل بسرعة سيأتون في أي لحظة كل ما يجعلهم متأخرين هم الثلاثون رجل خاصتي في الخارج
بقلة حيلة نظرت لأورا بقهم قبل أن تدعس على قلبها و تسلقت الحبل بسرعة ... لم تجد صعوبة في ذلك كونها إعتادت عليه .. الرجل الذي ارسلته لها والدتها كي يدربها أول شيء علمها إياه هو تسلق حبل طوله خمسة أمتار بدون ان تذكر مشاهدها التي فعلت فيهم ذلك مرارا و تكرارا
ما إن وصلت لفوق نظرت له في الأسفل يربط اورا في ظهره بشيء ما ثم تسلق الحبل بطريقة أكثر من إحترافية ... لم يظهر عليه حتى انه يبدل مجهول برفع ثقله بمجرد يدين ... و أساسا الغريب في الأمر انها مندهشة... ماذا ستتوقع منه مثلا؟
بمجرد أن وصل لهم رفع الحبل بسرعة ثم أعاد مكعب السقف لمكانه مستغلا تعطيل الأعداء لكاميرات المراقبة يبدوا انهم عطلوها كي لا يحدد موقعهم و عددهم و هو إستغل ذلك ضدهم بكل ذكاء .. الآن اصبح مكانهم مجهول بالنسبة للأعداء أيضا
قاطع طريقها إلتفات فلامينغو لها بغضب ينظر لأورا بطريقة مميتة: إجعلي مسخك تخرس
نظرت لصغيرتها التي لا تفهم مالذي دهاها كانت تبكي بطريقة هستيرية يبدوا أنها خافت و زاد خوفها السقف المظلم .. هزت جسدها برفق تتوسلها ان تتوقف عن البكاء و نفس الشيء بالنسبة لإيلام كان يحاول تهدأتها بدون فائدة ... صوتها كان يرتفع بطريقة ستجعل الاصم يعلم أنهم يمشون فوق السقف ...
كانت منشغلة تماما في تهدأة صغيرتها حين فقد فلامينغوا صبره ملتفتا لها و بأعلى صوته صرخ في وجهها نبرته كانت مرعبة بكل معنى الكلمة كأنه لا يكلم طفلة رضيعة
فلامينغو بأعلى صوته: إخرسي عليك اللعنة
و امسك ذقنها بقوة يسحق وجنتيها السمينتين بين أصابعه الخشنة ينظر داخل عينيها بنظرات قاتلة و محذرة هامسا بنبرة ميتة: كلمة أخرى و سأقطع لسانك هل فهمتِ
ضغطت راسيل على اسنانها بغضب و كادت تصرخ في وجهه و هي ترى صغيرتها فجأة خرست من شدة رعبها .. كانت تريد اخباره انها طفلة لا تفهم و لكن صدمتها اورا توميء له بتفهم لتنظر بسرعة لإيلام بصدمة لا تصدق أنها فهمت كلامه ... لم تكن تعلم أن الرضع أيضا يفهمون الكلام .... كأنها ماتت بين يديها سكتت للأبد تبكي بصمت تام ثم بقهر دفنت وجهها الصغير في عنقها و رغم صمتها إلا أنها احست بشهقاتها الباكية و ملمس دموعها الساخنة
نظرت لفلامينغو الذي كان يراقب أورا بتفحص يتأكد من انها فهمت جيدا قبل أن يتنهد مكملا سيره ... أجلت نوبة جنونها عليه لاحقا لتكمل طريقها خلفه و إيلام يتحسس شعر أورا الحلزوني بحنان ربما تبتسم له ... و لكن بدون فائدة كانت خائفة من والدها بشدة .. يبدوا انها كرهته أيضا .. أساسا هذا الرجل ليس ماهرا سوى في جعل كل أحبائه يكرهونه
سألت كارهة انها تمشي بدون أن تفهم إلى أين تتجه: إلى أين نذهب؟ و ما هي خطتك؟
التفت لها ينظر لأقدامهم بنظرات قاتلة ليهمس بصوت منخفض تخللته نبرة الغضب: ما رأيكم أن تخبروهم أننا هنا؟ ... تبا لي تمشون مثل الجنود .. هيا لا تصدروا صوت في خطواتكم سيسمعونها من الأسفل
راسيل مجيبة إياه بسخرية: عذرا سيد فلامينغو لم نتلقى تدريبات قاتلة مثلك أُعذر أننا مجرد بشر طبيعيين لم يجعلونا نمشي فوق الزجاج و الاشواك مثلما فعلوا بك كي تتحكم في وزنك
رمقها بنظرة شاملة من رأسها لأخمص قدميها من نظراته علمت أنها و لثاني مرة تذكره بطفولته مع ذلك كانت متوترة بطريقة لا توصف حياتها على المحك و هو هنا يتأمر عليهم و يحاسبهم لانهم ليسوا مثله ... أعطاها ظهره ساحبا نفسا عميقا كنه يسيطر على شياطينه كي لا يكسر بها السقف و يرميها أرضا و بهدوء تام ألقى كلامه مجددا بنبرته الآمرة: إخلعوا أحذيتكم و امشوا حفاة بما انكم لم تمشوا فوق الشوك و الزجاج مثلي ... و ابتسم بسخرية : نسيتِ أن تذكري صفائح الحديد الساخنة أيضا
لعنت نفسها مجددا تكره انها تصبح مؤذية و جارحة اثناء الغضب و لكن لم يكن الوقت المناسب لجلد الذات فقط فعلت ما طلبه خلعت حذائها و مثلها إيلام ليكملوا طريقهم .. أعادت سؤالها مرة أخرى: لم تخبرني إلى اين سنذهب؟ و كيف سنهرب ما هي خطتك؟
اجابها هذه المرة يراقب خيوط الكهرباء في السقيفة المرتفعة: في الناحية الشرقية يوجد باب سري في احدى المصاعد هناك يؤدي الى نفق لا يعلم مكانه أحد غيري سنخرج منه
راسيل بإستغراب : حسنا نحن الآن في الناحية الشرقية ... هل هذه الطريق ستوصلنا إلى هناك؟
هز رأسه يجيبها: لا بل توصلنا للناحية الغربية من الشركة
عقدت حاجبيها تنظر لإيلام بعدم فهم ليعيدا نظرهما له: و لكن لماذا؟ ... بما اننا في الناحية الشرقية دعنا نهرب بسرعة
تنهد يجيبها بقلة صبر .. تعلم انه يكره أن يشرح لاحدهم مع ذلك كان مضطرا لفعل ذلك كي تكون خطواتهم متساوية هكذا يكون العمل الجماعي: قاعة الاجتماعات متواجدة في الجناح الشرقي .. لذلك من المؤكد ان تسعون بالمئة منهم متواجدون في هذه الناحية ... كل ما سنفعله أننا سنذهب إلى الناحية الغربية ثم سنجعلهم يحددون موقعنا ليتوجهوا جميعا الى الناحية الغربية أيضا .... هكذا ستبقى الناحية الشرقية شبه خالية .. كل ما سنفعله أننا سنبيدهم إبادة جماعية في الجهة الغربية و نهرب
أومأت بتفهم عقلها يفهم خطته المجنونة مع ذلك كان هناك سؤال حيرها: و لكن كيف سنبيدهم إبادة جماعية؟
إبتسم بسخرية لاذعة مجيبا إياها: سترين بعينيكِ يا صغيرة لا تستعجلي الاحداث ... كل شيء في وقته جميل
سكتت بعد ذلك تكمل سيرها بصمت لعدة دقائق يتبعانه و يراقبان بروده المرعب و استرخاء عضلات جسده دليل على عدم شعوره بذرة خوف حتى .. كان كميت القلب لا يخاف لا يخشى و لا يهتم حتى .. تجزم أن ما يجعله يتخذ هذه الخطة الرزينة الآن هو خوفه على حياتها و عدم رغبته في المخاطرة بها و إلا كان الآن في إشتباك مباشر يسحق الجماجم مع الجدران كأنه يعاين بها صلابة و سماكة جدران شركته
بعد فترة لا بأس بها من المشي بخطوات حذرة توقف فجأة و بدون سابق إنذار يضع إصبعه على فمه كأنه يطلب منهم أن يخرسوا تماما .. كتموا انفاسهم بينما جلس القرفصاء أرضا يركز كل حاسة سمعه للأسفل يلتقط الأصوات اسفله ... كان بدون مبالغة يمتلك تحكم مرعب في كامل حواسه الخمسة .. بالإضافة إلى الحاسة السادسة مما يعطيه ردات فعل مناسبة و متناسبة مع جسامة الخطر
رفع نظره لهم ليهمس بصوت منخفض: يوجد رجلان في الأسفل سأقتلهما و حين اصدر لكم إشارة ستنزلون هل فهمتم؟
أومئت له بينما سحب إيلام سلاحه يجهزه مردفا بثقة: سآتي معك
هز فلامينغو رأسه مشيرا بإصبعه للسلاح: أعده لخصرك لن تستعمله الآن سيجلب لنا الإنتباه فقط و يساعدهم على تحديد مكاننا .. كما أن الرجال في الأسفل من نخبة .. بإصبع واحد سيجعلونك تطير خارج المجرة فقط إبقى معها كي تساعدها على النزول
أومأ له إيلام ليبعد مكعب السقف قليلا يرمي نظره على الرجلان يتخطيان موقعه بقليل ليقفز بسرعة .. ما إن فعل ذلك أعاد إيلام مكعب السقف تزامنا مع إلتفات أحد الرجال خلفه يبدوا أنه سمع صوت القفزة ...
إلتفت ذلك الرجل لمصدر الصوت خلفه ليجد المكان فارغ تماما و أساسا كانت هذه الناحية الغربية أي لا يوجد فيها خطر كون فلامينغو متواجد في الناحية الشرقية .... رفع نظره للسقف ينظر للمكعبات بتدقيق حتى لاحظ مكعبا منهم لا يشبه غيره من المكعبات في حوافه هناك فراغات كثيرة دليل على انه لم يكن ملتصق بباقي المكعبات ... تكلم موجها كلامه لصديقه الذي تركه يمشي قبله يكتب رسالة لحبيبته: رفيق تعال و انظر لذلك المكعب في السقف
انتظر ان يجيبه الآخر و لكنه لم يفعل لذلك التفت له يريد ان يرى ما به إلا ان ما رآه جعل كل اليافه الحسية تستشاط رعبا.. كان صديقه مرمي ارضا الدماء تسيل من فمه بينما عنقه مكسور .. بسرعة الربق مد يده يريد سحب سلاحه و لكن شيء حاد مر على عنقه قاطعه و كل ما احس به في تلك اللحظات هو حدة ذلك السكين الذي كان ينحره بقوة بينما يد خشنة كانت تكتم صوته حتى اختفت أنفاسه تماما
سمعت راسيل صوت إشارة من فلامينغو ليبعد ايلام ذلك المكعب بسرعة يريدان النزول.. لثانية احست انها ستسفرغ بسبب ذلك المنظر تحتها كان هناك جثة رجلان بينما كان فلامينغو يمسح يده من الدماء في قميصه الأبيض ... تكلم في الأسفل بصوت بارد: اقفزي .. نظرت للمسافة بين السقف و الأرض كانت مرتفعة بما يقارب السبعة امتار لذلك خافت نوعا ما رغم ذلك وثقت به لتقفز مغمضة العينين
عادت لها أنفاسها بمجرد ان التقطها بين يديه كأنه يلتقط ريشة .. هنا فتحت عينيها تنظر داخل عيناه السوداويتين .. لا تعلم هل هي من جنت او انه كان مستمتعا حقا بأنها بين يديه الآن .. احست بالاحراج يقتلها لذلك ابتعدت عنه بسرعة و قلبها دخل مرحلة الرعب حين أتى دور صغيرتها كي يرميها ايلام من ذلك المرتفع .. لم تتحمل رؤية ذلك المنظر لذلك اغمضت عينيها تشعر كأن احدهم يرمي قلبها من هاوية مرتفعة .. سمعت صوت فلامينغو يطلب من ايلام ان يرميها و هذا ما فعله الآخر ... الطريقة التي كانت تضغط بها على عينيها لا تستطيع فتحها أي قوة في الكون ..حرفيا احست أنفاسها اختفت من داخلها و لم تعد لها الا حين احست بيدي صغيرتها تطرق على وجهها
فتحت عينيها لترى فلامينغو يحمل أورا بينما كانت الأخرى خائفة منه تمد لها يديها كأنها تتوسلها ان تحملها ... بلهفة كبيرة سحبتها من يديه تقبلها بحب دافنة وجهها في عنقها الصغير بينما كانت تنظر لايلام الذي تكلم موجها كلامه لفلامينغو: الآن دوري سأقفز أنا
أجابه الآخر ينظر له بسخرية واضحة من عينيه: لماذا هل انت جوليات حتى ألتقطك؟ هيا اقفز لوحدك
أعطاه ظهره بعد ذلك لينظر ايلام للمسافة الكبيرة ... للحظات فقط قبل ان يبتسم بسخرية يتذكر عدد المرات التي قفز فيها من الطابق الثاني فقط من اجل لفت انتباه راسيل .. هيا على الأقل سيصاب بكسر في احدى اطرافه بهذا في عقله قفز ليسقط ارضا على قدميه
احس بصاعقة ضربته من أصغر أظفر في قدميه وصولا لآخر شعره فوق جمجمته ... ضغط على اسنانه من شدة الألم ليشعر بيد راسيل تربت على كتفه بخوف: ايلام هل انت بخير؟
أومأ لها بنعم يرسم ابتسامة على وجهه مع ان كل اطرافه كانت تتمزق من شدة الألم .. يبدوا ان جسده بأكمله كسر ... و لكن لا بأس كان معتاد على الكسور .. منذ رأى وجهها في شاشة التلفاز في ذلك الفيلم بدور ثانوي و هي مجرد مراهقة .. منذ ذلك اليوم جرب كل أنواع الألم و رأى الموت لعدة مرات و لكن من يهتم رؤيتها بخير تستحق ان يموت من اجلها ألف مرة ... و الشيء الذي يؤلمه أن فرصته في الموت من أجلها تكاد تنعدم في وجود فلامينغو ... لا طالما كان يفتخر بأنه الرجل الوحيد الذي سيموت من أجلها بكل سعادة ... و لكن الآن لم يتبقى الرجل الوحيد ... يبدو ان زوجها سيموت من أجلها و يعود للحياة الف مرة ليموت في كل مرة بكل سعادة
مهما انكر و لكنه كان قوي بطريقة مرعبة .. كامل من كل النواحي .. جسديا يمتلك لياقة لم يرى لها مثيل .. ذهنيا كان ذكي جدا ما دام يعتمد على نفسه .. بمجرد ان يثق في شخص لاحظ انه لا يبحث خلفه ابدا مثل فيكيتنا و راسيل ...
وقف من الأرض حين امرهم سافيدش ان يتحركوا .. كان يمشي خلفه تماما بينما يمسك يد راسيل بقوة ... تكلم يضغط على اسنانه من شدة الألم: الى اين سنذهب الآن؟
اجابه الآخر يسحب لنفسه سيجارة: سنعود للناحية الشرقية
عقد ايلام حاجبيه لا يفهم شيئا ألم يأتوا الى هنا كي يلفتوا انتباههم اذا لماذا يعودون الى هناك .. احس فروة رأسه ستحترق من شدة التفكير لذلك توقف عن اجهاد عقله تاركا زمام الأمور لفلامينغو الذي كان يمرر عيناه على كل انش من الشركة .. حرك رأسه للخلف ناحية راسيل ليلاحظ تحول ملامح وجهه بسوداوية ما ان لمح يده التي تمسك يد زوجته ... ضغط على اسنانه بقوة رامقا إياه بنظرة قاتلة قبل ان يردف بنبرة مميتة: لا تجعلها تمشي في الخلف هكذا بل احمي ظهرها و ابعد يدك قبل ان اخلعها من ذراعك
نظرت له راسيل بصدمة لا تصدق وقاحته لذلك لم تسكت هذه المرة بسرعة اجابته : هذا زوجي هل فهم... قاطعها ايلام يسحب يده من يدها هامسا لها امام اذنها: ليس الوقت المناسب لذلك راسيل هيا حياتك و حياة اورا اهم من هذه التفاهات
سحبت نفسا غاضبا تهديء به من روعها اسنانها كادت تسحق تحت بعض من شدة غيضها و قهرها مع ذلك سكتت من اجل صغيرتها .. مشت خلف فلامينغو بينما كان ايلام يمشي خلفها بصعوبة يحمي ظهرها .. علمت ان القفزة سحقت عظامه مع ذلك كان يكابر و يصارع من اجلها ... تبا كل هذا كان يزيدها قناعة ان ايلام رجل لا يستحق منها ابدا ان تخونه يوما او تنجرف خلف مشاعرها اللعينة ... كان بدون منازع الوحيد الذي يضحي من اجلها بدون ان يفكر لأنه الوحيد الذي احبها بصدق و بدون مصالح .. احبها لنفسها ... فعل الشيء الذي لم تفعله من اجلها حتى والدتها
مسحت تلك الدموع اللعينة بسرعة لا تجد شيئا تعوضه به غير الألم و المشاكل .. حتى الحب الذي يريده منها لا تقوى على تقديمه له .. نظرت لفلامينغو الذي كان يمشي قبلها ببرود تام يدخن سيجارته كأن ما يحدث حولهم لا يحرك فيه شعرة .. نظرت له ترى الفرق بينه و بين ايلام .. اجل هو أيضا يحميها و لكن ليس لأنه يحبها او يهتم لحياتها .. بل يحميها بموجب الاتفاق الذي بينهما ... لو لم تجبره على ذلك لكانت الآن ميتة ربما بعد ان قتلوا صغيرتها و ايلام ... تمزق قلبها في تلك الثواني لا تفهم مالذي حدث لها .. مشاعرها بأكملها كانت تتضارب داخلها .. لا تفهم لماذا كل هذا لا يحدث سوى لها هي .. لماذا وجودها يجعل العالم بأسره غير متوازن .. كانت تشبه بؤرة الشر المحبوسة داخل وعاء من الألماس ..
توقف عقلها عن التفكير مع توقف حركة فلامينغو ملتفتا لهما بسرعة: اختبئا بسرعة .. انهى كلامه يسحبها من ذراعها متجها بها الى احدى الغرف .. فتح الباب يتأكد من عدم وجود احد قبل ان يدفعها للداخل .. دخل خلفها ايلام بينما سحب هو سلاح آخر لنفسه .. وضع كاتم الصوت في السلاحين ليتجه الى الطرف الآخر يختبيء خلف حائط ... نظرت من ثقب الباب ترى رجلان يمشيان بجانب بعضهما كانا بأجساد مرعبة مع ذلك كان جسده مخيفا اكثر منهما
انقطعت أنفاسها و هي تسمع احدهما يسأل صديقه بجانبه: الا تشم رائحة سجائر Gurkha Black Dragon ؟
شم الآخر الهواء حوله مومئا رأسه بنعم يبدوا انهم تعرفوا على رائحة سيجارة فلامينغوا .. كان أغلى نوع من السجائر رائحته مميزة جدا ... تكلم مجددا احد الرجلان: دعنا نشعل سيجارة أيضا لا يوجد أحد هنا
ابتسم له صديقه ليسحبا سيجارة لانفسهما تزامنا مع خروج فلامينغو من خلف ذلك الحائط يحبس سيجارته بين شفتيه و بخطوات معدومة الصوت .. ثابتة و رزينة إقترب منها حتى باث خلفهما تماما .. كانا منشغلان تماما في إشعال سجائرهما حين احس بفوهة مسدس تلامس جانب جمجمتهما
إبتلع كلاهما ريقه برعب لينظرا لبعضهما لثانية قبل ان يعيدا نظرهما للخلف حيث قابلهما فلامينغوا يحبس سيجارته بين شفتيه .. لم يجدا حتى فرصة ليسحبا أسلحتهما لتخرج رصاصتين بدون صوت من مسدسي سافيدش تزامنا مع سقوط سجائرهم ارضا
وضعت راسيل يدها على فمها تبتعد عن ثقب الباب بقلب ينبض بجنون .. لم تكن معتادة على رؤية أناس تموت بهذه الطريقة الباردة ... و هنا حقا تأكدت أنها وقعت في حب وحش و ليس رجل عادي ... احست بالرعب حقا من ردة فعله إذا علم ما تخفيه عنه .. سيقتلها حقا .. تبا لن يرحمها لثانية .. لن يهتم حتى لأمرها أو لإتفاقهما الذي خلفته ... نظرت لصغيرتها برعب تحتضنها بقوة لتلمح عيناها ساعة والدتها في معصمها .. هنا همس بنبرة باكية دموعها تسقط على فروة صغيرتها: لماذا فعلتِ بي ذلك ماما
مسح ايلام على شعرها بحنان يبدوا انه سمعها: لا تبكي راسيل سينتهي هذا هيا لا تبكي ارجوكِ ... فكري في أشياء جميلة مثل عيد ميلادك هذا الأسبوع .. ماذا سترتدين و ماذا ستلبسين أورا .. كيف ستكون تسريحة شعر لولي ... هيا فكري بهذه الأشياء
اغمضت عينيها المليئتان بالدموع توميء بنعم و عيناها لا تلمحان سوى الدماء .. الموت .. الألم .. القهر و كل الأشياء البشعة .. كيف فكرت ليوم حتى أن تعيش حياة سعيدة .. أي حياة سعيدة هذه التي ستمضيها تشعر براحة مؤقتة كل مرة تنجوا فيها من الموت
أي سعادة هذه التي سيموت فيها من تحبهم بينما تحمد ربها كل يوم أنها ليست مكانهم؟ ... هل هذه هي الحياة التي ستعيشها طوال حياتها من أجل معلومات؟ قهر كبير صفعها من كل النواحي و هي ترى سنينها تضييع من بين يديها لتكون بدون منازع صاحبة أسوأ حظ رأته في حياتها بأكملها ... مع ذلك لن و لن و لن تقدم لهم المعلومات .. ستأخذها معها لقبرها و لن تسمح لهم ان يحصلوا عليها .. فليقولوا مجنونة .. فليقولوا انانية تعرف نفسها جيدا ليست كذلك .. الانانية هي ان تضحي بالآلاف من اجل نفسك و هي لن تفعل ذلك ما دامت حية و تتنفس
بقوة عزيمة وقفت من الأرض تمسح دموعها بقوة .. اجل سترتدي فستان ابيض يوم عيد ميلادها قصير و به جناحين في الخلف .. و ستصفف شعرها كالعادة مموج و تضع القليل من مساحيق التجميل .. ستعيش حتى تصبح 27 سنة و ستعيش حتى ترى صغيرتها بهذا العمر يوما ... اجل راسيل ستعيشين مهما كلفك الامر
بهذا في عقلها فتحت الباب ليقابلها فلامينغو يمد يده يريد فتح الباب من الخارج بعد ان اخفى الجثتين .. نظر داخل عينيها الدامعتين بطريقة مزقت قلبها قبل أن يمسك وجهها بين يديه مسندا جبينه على جبينها هامسا لها بصوت هاديء: لا تخافي أنا هنا
أغمضت عينيها تومئ رأسها بنعم تستنشق رائحة عطره القوي قلبها كان ينبض بجنون مع ذلك لم تظهر له ماذا يفعل بها قربه فقط ابتعدت عنه تعيد نظرها لايلام خلفها .. كان يدعي انه مشغول في تعديل ملابسه كي لا ينظر لهما و هذا زاد استغرابها .. تعرفه جيدا .. لا يطمح لانثى رجل غيره حتى لو كانت تلك الانثى هي .. و لكن ما تعرفه أيضا انه لا يسمح لرجل ان يقترب من انثى تخصه خاصة لو كانت تلك الأنثى هي اذا مالذي يحدث له الآن؟ .. بالفعل لاحظت لعدة مرات انه لا يبدي ردات فعل لإحتكاك سافيدش بها كما انه يتجنب الملامسات المباشرة بينهما أمام الأخير
حسنا راسيل إهدأي و ستعرفين كل شيء لاحقا بهذا في عقلها أكملت طريقها خلف سافيدش ترى كيف كان ينظر للأبواب بتمعن حتى توقف امام واحد منهم .. دخل بسرعة ليعود مجددا ببرميلين من البنزين .. مع كل خطوة لهم كان يسكب البنزين ارضا متجها ناحية الجهة الشرقية من الشركة ... قدم البرميل لإيلام بعد ذلك يأمره ان يكمل سكب البنزين على الأرض بينما تقدم يسبقهما بخطوات متسارعة ناحية مكان ما راميا كاتم الصوت عن أسلحته ...
مشت خلفه بسرعة تريد اللحاق به و لكنها تجمدت مكانها تصرخ بأعلى صوتها و هي تسمع صوت تشابك إطلاق نار لتختبئ محتضنة صغيرتها التي انفجرت بالبكاء مرة أخرى
نظرت لإيلام المستمر في سكب البنزين بسرعة كبيرة حتى توقف صوت إطلاق النار ليعود سافيدش ملابسه بأكملها ملطخة بالدماء ... سحبها من يدها بسرعة لينادي ايلام كي يلتحق بهم و هذا ما فعله الأخير معيدا برميل البنزين له ... تحركا بسرعة تحت أوامره كي يتوجها ناحية ذلك المصعد المعطل و هذا ما فعلاه بينما استمر هو في سكب البنزين غير مهتم لذلك العدد المهول من الرجال يتجهون ناحيتهم
رمى البرميل بعد ذلك ساحبا آخر نفس من سيجارته ليرمي باقيها أرضا مع صعوده داخل المصعد .. نظرت للأرض التي إشتعلت بالنيران تتجه ناحية مولدات الكهرباء ... و لم تكن سوى بضع ثواني استطاعت عدها قبل أن تنفجر تلك المولدات تزامنا مع إنغلاق باب المصعد فاصلا إياهم عن ما يحدث في الخارج
لم ترمش حتى من هول المنظر ... احست أنفاسها انقطعت عنها تماما .. ماتت في أقل من ثانية لا تصدق سرعة الاحداث حولها ... كل ما استطاعت فعله هو احتضان طفلتها بقوة تنظر لباب المصعد بخوف و رعب أطرافها إرتجفت حقا لا تعلم كم من مرة سترى مثل هذا المنظر في حياتها
ما إن وصلوا إلى الطابق الأرضي توقف ذلك المصعد لتنظر لفلامينغوا الذي إلتفت للخلف .. كان هناك زر بنفس لون صفائح المصعد الفضية يكاد لا يظهر ... ضغط عليه ليفتح باب من الناحية الأخرى للمصعد
تبين ان المصعد يمتلك بابين يفتحان من ناحيتين ... ناحية تجعلهم يخرجون على الشركة و جهة أخرى تؤدي لنفق مظلم ... إبتلعت ريقها لتتحرك أولا تريد الخروج كأنها جسد بلا روح
نظر لها إيلام بشفقة داخله يعلم جيدا انها ليست بخير .. ربما واقفة تمشي على ساقيها و لكن كل ما تحتاجه هو ان يحتضنها شخص فقط لتنفجر بالبكاء كطفلة صغيرة .... تحركت تخرج من المصعد إلا أنها تعثرت تكاد تسقط لذلك مد يده يريد إمساكها من قميصها و لكن سبقها فلامينغوا يمسكها بقوة كي لا تسقط ثم تركها بسرعة معيدا يده أمام جسده...
إلتفتت خلفها تريد ان ترى من امسكها و كالعادة لم تجد سوى إيلام يمد يده لها .. نظرت ليده بعيون دامعة لتقترب منه مرة أخرى محتضنة اياه بقوة دموعها إنفجرت على كتفه تبكي بحرقة ... حاوط جسدها بيديها بدون ان يلمسها فقط حاوطها عن بعد ينظر لها بشفقة قبل ان ينظر لفلامينغوا الذي كان يضغط على فكه بقوة يكاد يكسر اسنانه مع ذلك لم ينبس ببنت شفه .. فقط تحرك يخرج من المصعد أولا متجها لبعض الشموع معلقة على الجدران قام بإشعالها بينما بقي هو واقفا ينظر لها بحسرة ... أراد ان يخبرها أنه ليس هو من امسكها بل الآخر و لكن احترم عدم رغبة فلامينغو في ذلك ... لهذا سكت أيضا يساعدها على الخروج وسط ذلك الظلام
مشوا لفترة طويلة جدا حتى انتهى بهم الأمر يخرجون على غابة كثيفة كانت على بعد ما يقارب اربعة كيلومترات من الشركة ... هنا فقط أخرج هاتفه ليتصل بدايف .. اجابه الآخر بسرعة: زعيم لقد فتحنا الأبواب سندخل حالا للداخل أين أنت
أجابه فلامينغوا بهدوء ينظر لشركته من بعيد: لا تدخلوا دايف .. أطلب من الرجال أن يخلوا المكان حالا و قم بتفجير الشركة ... التفجير الأتوماتيكي في سيارتي إذهب لهناك و فجرها
انهىالمكالمة معيدا هاتفه لجيبه مكملا طريقه يبتعد عن الشركة و هم خلفه حتى مر مايقارب العشرة دقائق لتغمض عينيها بقوة و هي تسمع صوت إنفجار ضخم في الخلف ....إلتفتت خلفها لترى الدخان يتصاعد في السماء آخذا معه أرواح عديدة أغلبها مات اليومبسببها ....
**
في الصباح .. قربت إيفا أنفها من تلك الزهور المزروعة وسط إصيص الغرس لتبتسم مستنشقة عطرها الجميل .. إبتعدت قليلا و هي تسمع صوت الباب يطرق لتعتدل في وقفتها تنظر ناحيته قبل أن تتكلم : أدخل
فتح الباب ليدخل نوكس مبتسما بطريقة غريبة جعلتها تبتسم بدورها لا تفهم ما ما باله .. كان يحمل ملف في يده متجها ناحيتها بنشاط كبير و كأنه لم يخسر أمس قضية كبيرة تعب من أجلها لفترة طويلة
سألت تختصر هذه الحركات الغريبة التي يقوم بها : ما بك؟ لماذا أنت سعيد
أجابها يضع ذلك الملف الأسود فوق طاولة مكتبها : أحضرت لك مساعد و حارس شخصي في نفس الوقت أي إثنان في واحد
عقدت حاجبيها بعدم فهم ليكمل : عمي يريد أن يتطوع كمساعد شخصي لديك و أنا قبلت منه سيعمل و يدعمنا بالجهد و المال أضف لذلك أن لديه قوة إقناع رهيبة و منه سيكون بالي مطمئن عليك لأنه قوي جدا حتى إذا تعرضتِ لشيء سيحميكِ .. أذكر قبل عدة سنوات تلقى رصاصة في صدره و هو يحميني
إيفا بصدمة : عمك؟ ... و لكن نوكس كيف سأفعل ذلك ؟ ... ليس من أخلاقي أن أجعل رجلا أكبر مني يعمل تحت أمري هذا عيب ... أرجوك إعفني من هذه المهمة أرجوك
هز رأسه بإعتراض واضح هامسا لها : لا بل ستفعلين ذلك أولا لأنه ليس كبير في السن بالكاد عمره 32 سنة و بخصوص عيب و ما عيب فكوني متأكدة أنه يستحق كل شيء تفعلينه به .. عمي كان عنصري ناحية النساء و حسب ما علمته أنه وقع في حب فتاة و يريد أن يثبت أمامها أنه رجل لطيف لذلك ربيه رجاءا و إجعليه لطيف حقا ... أرجوك
إنفجرت ضحكا لا تصدق ما كان يقوله ... تبا من يسمعه لن يصدق أنه يتحدث عن عمه مع ذلك فكرة أنها ستربي رجلا و تفجر فيه كبت آريكسو جعلها تتحمس لتوميء له بحماس : حسنا أنا موافقة سأعيد تربيته ... و لكن أين هو ؟ متى سيأتي؟
نظر لساعته بسرعة ليجيبها : أعتقد أنه وصل ... كان إتفاقنا أن يأتي على الساعة التاسعة و الآن تبقى دقيقتين ... سيكون هنا في أي لحظة عمي مهووس نظام و إنضباط
ما إن أنهى كلامه أومأت بتفهم تنظر له حتى رأته يبتسم بسخرية و صوت العمال في الخارج يرحبون بشخص ما ينادونه سيدي وصل إلى مسامعهم .. إلتفت ناحية الباب هامسا لها : لقد وصل
كان هذا آخر ما سمعته .. قبل أن تنصدم صدمة حياته .. إبتسامتها إختفت .. قلبها نبض بجنون و الدماء نشفت في جسدها و هي ترى لعنة حياتها يدخل من الباب مبتسما بسعادة كبيرة رائحة عطره تمشي قبله .. متأنق و ببدلة لا يوجد فوقها حتى بقعة واحدة .. كعادته شعره منظم و خصلاته متساوية و مصطفة الواحدة أمام الأخرى كأنه أمضى ساعات في تعديلها
لم تستوعب شيء ... لدقيقة كاملة تصنمت مكانها تنظر له بينما إقترب من نوكس سلم عليه ثم مد لها يده بترحيب : مرحبا آنسة إيفا
نظرت ليده بشرود تام لا تصدق ما تراه عينيها و عقلها يحاول إستيعاب الامر بسرعة و لكن بدون فائدة .. ماذا يفعل هنا؟ ... و أين هو عم نوكس؟ .. و كيف يكون عم نوكس و قد أخبرها مسبقا بلقب مغاير حتى في أوراقه لا يحمل كنية عائلة دوناريسلي ... كل هذه الأسئلة مزقتها تشعر بالغدر و الخيانة من ناحية نوكس عقلها يصور لها أشياء غريبة حتى أحست بيد آريكسو تمسك يدها مصافحا إياها و بهدوء تام قرب فمه من أذنها هامسا هناك بصوت لم يسمعه غيرها : نوكس لا يعلم شيء أنا من خططت لكل هذا و رجاءا لا تخبريه ما حدث بيننا سابقا
إبتعد عنها بعد ذلك لتنظر لنوكس الذي وضع يده اليسرى على كتف عمه و يده اليمنى على كتفها مردفا بفرحة كبيرة : هذا هو عمي الذي أخبرتك عنه إيفا .. دوناريسلي آريكسو
إبتلعت ريقها ساحبة نفسا عميقا لتسأل بفضول : و لكن كنيتك .. ليست د... قاطعها بسرعة كأنه فهم قصدها : أجل أنا أحمل كنية أمي .. و سكت لتلاحظ تصلب فكه كأن الموضوع يقتله من الداخل لهذا أومأت بعدم إلحاح ليبتسم مجددا ينظر لآريكسو : حسنا عمي هذه إيفا مساعدتي .. من اليوم ستعمل تحت إشرافها و لن أوصيك بها .. إحمها كلما تطلب الأمر لديها أعداء كثر قبل فترة أراد بيدوفيلي رمي ماء الآسيد على وجهها لأنها حررت مراهقة منه .. كان هاربا من العدالة وقتها و لحسن الحظ كانت سريعة و رفعت زجاج السيارة لذلك لم يصبها ... و الآن ستكون حياتها آمانة لديك هل إتفقنا؟
أومأ آريكسو بصمت مع ذلك لاحظ كيف كان غاضبا شرايين جبينه برزت و عيناه أظلمت بشدة .. لم يفهم مالذي أغضبه مع ذلك لم يجد وقتا ليفهم حين آتاه إتصال جعله يستأذن منها ليخرج و لكن ليس قبل أن يغمز إيفا كأنه يخبرها أن تعذبه جيدا
ما إن غادر نظرت هي للحقير الواقف أمامها بكل عين وقحة يبتسم في وجهها و خشية جلب القيل و القال لنفسها تكلمت بكل رزانة و هدوء : ستذهب و تخبر نوكس أنك غيرت رأيك .. لا أريد أن أرى وجهك حتى
و كأنه تكلم حائط بكل برود سحب الملف من طاولة مكتبها ليفتحه يقرأ لها سيرته الذاتية : حاصل على الحزام الأسود في الكاراتيه .. حامل شهادة الماجيستير في التجارة .. حسنا الشهادة مزورة أنا من قمت بشرائها مع ذلك لا يهم المهم أني أمتلكها ... حسابي البنكي رقمه كبير لدرجة أن الأرقام التي حفظتها في الإبتدائي غير كافية لأنطق بها الرقم ... إذا أردت معلومات أخرى فقط أخبريني
أغمضت عينيها من شدة غضبها تحاول لآخر مرة معه بالطرق المتحضرة : لا أريد أن تعمل معي إ.. قاطعها مجددا ينظر لشاشة هاتفه : سأكون متواجدا على مدار الأسبوع و لكن أحيانا قد أتغيب حين يحتاجني الزعيم مع ذلك لا تهتمي فقط إتصلي بي سأترك هاتفي تحت نطاق ا.....
هذه المرة قاطعته هي تصرخ بأعلى صوتها : هل أنت حيوان ؟ هل تسمع ما قلته لك عليك ألف لعنة .. قلت لا أريدك أكرهك أغرب عن وجهي لا بل أغرب عن حياتي بأكملها
سكت ينظر لها بنظرات ممزقة و كان حقا يتمزق من الداخل .. كلمة اكرهك و رؤية قرفها منه كان مؤلما مع ذلك كان يستحق كل حرف قالته له .. آذاها كثيرا و يستحق كل شيء ستقوله له ... و هذه المرة توقف عن التهرب لذلك سحب نفسا عميقا ليتجه ناحية الباب أغلقه ثم عاد لها ليمسك يدها غصبا عنها مانعا إياها عن الإبتعاد عنه ... صرخت بنفور : أتركني
أجابها يضغط بقوة أكبر : لن اتركك حتى تسمعي ما لدي .. أغمضت عينيها تهدأ من روعها قبل أن توميء بتفهم : حسنا أترك و قل ما لديك سأسمعك للآخر ثم ستغرب عن وجهي
أومأ لها تاركا يدها : حسنا شكرا لك ... بلل شفتيه بتوتر كأن ما سيقوله سيحدد مصيره : أنظري إيفايين سأقولها من الآخر لا أنوي الإستسلام بخصوصك .. لا أنوي أصلا أن أعيش حياتي بعيدا عنك ... كل مرة أتخيل مستقبلي تكونين فيه بجانبي تمسكين يدي كما كنت تفعلين .. أو نائمة بجانبي أتأمل أصابع يدك و خصلات شعرك ... كل شيء متعلق في حياتي تكونين موجودة فيه و لا أنوي تحطيم هذه الأحلام ... أعلم أنك غاضبة مني .. ربما تكرهينني كما تقولين و لا تريدين مسامحتي و معك ألف حق أنا أسأت لك كثيرا لذلك أريد أن اصلح كل شيء ... أنظري لن أجبرك على شي و لكن أتوسلك إعطيني فرصة واحدة .. جربيني .. أشعري بندمي و إذا لم تقتنعي أو وجدت أنك حقا لا تريدينني فقط أخبريني و سأنسحب من حياتك و لكن لا تطلبي مني أن لا أحاول ... أولا جربيني ثم قرري في حينها سأحترم قرارك للأبد عدا ذلك لن أتركك حتى و إن طردتني الآن من الباب سأعود غدا من النافذة
قال كل ما لديه بنفس واحد لينظر لها منتظرا إجابتها و لم يرى سوى دموعها التي كانت تحاول إخفائها بطريقة فاشلة جدا ... إلتفتت معطية إياه ظهرها و هذا قطع قلبه أراد إحتضانها بقوة .. تقبيلها و إخبارها أنه آسف و لكنها قاطعته تلتفت له مرة أخرى و بدون حرف واحد حملت ملف متعلق بإجتماعها لتتجه ناحية محطمة كل آماله بتجاهلها له
ضغط على أسنانه ينظر للأرض حين فتحت الباب تخرج منه بدون أن تنطق نصف حرف حتى كأنه غير موجود ... أحس روحه من الداخل تخرج من جسده لا يجد حلا ليصل لها ... لا يريد إعتماد الطرق العنيفة و لن يفكر حتى فيها مع ذلك عقله لا يتقبل الهزيمة ... لعن تحت أنفاسه عقله يحاول إيجاد خطة بديلة للتقرب منها ليخرجه من شروده عودتها مجددا تقف أمام الباب رافعة حاجبها له ببرود : ماذا هل ستبقى هناك حتى ينتهي الاجتماع
لم يشعر حتى كيف إبتسم كالمجنون هامسا بعدم تصديق : هل وافقتِ
تنهدت تقلب عينيها لتخرج مجددا ببرود و هذه المرة لحقها بسرعة حتى وصل خلفها تماما ليسحب عنها حقيبتها و الملف يحملهما عنها ... نظرت له بجفاء لتكمل طريقها بدون حرف واحد .. ما عن وصلا امام سيارته فتح لها الباب بجانبه لتغلقه مردفة : لن نذهب بسيارتك
أومأ بسخرية يفهم قصدها .. يبدوا انها تريد التفاخر عليه بسيارتها .. حسنا هذا ما فكر فيه و لكنها صدمته تكمل طريقها : سنذهب بالحافلة
فتح عيناه بصدمة ينظر لظهرها لا يصدق أنها ستجعله يصعد في وسط حافلة تحتوي على الأقل ثلاثون شخص .. إبتلع ريقه
يريد ان يقنعها بعدم فعل ذلك و لكنها قاطعته ترفع حاجبها بإستغراب : ماذا هل لديك إعتراض على آوامري؟
رسم إبتسامة مصطنعة يهز رأسه ليلحقها بصمت تاركا أمره لخالقه .. فقط تمنى أن يكون رصاص مسدسه كافيا ليقتل به كل شخص يعطس في الحافلة .... ما إن وصلا لمحطة الحافلات وجدا حافلة في الإنتظار تكاد تنطلق لذلك ركضت إيفا بسرعة بينما أحس بهيبته تسحب منه يتخيل نفسه يركض ليلحق الحافلة ... تبا حتى الحافلة صيغته أنثوية .. ماذا هل العنصر الأنثوي يريد الإنتقام منه أو ماذا؟ .... لعن بكل ما يعرفه ليسرع في خطواته صاعدا في الحافلة
أحس الأرض تلعب به و هو يرى ذلك العدد من الناس منهم كان واقفا و منهم كان جالسا ... تقززت ملامحه عيناه تلمح رجل يحك شعره و بدون شعور أحس فروة رأسه تحكه .... توقف عن نحيبه الداخلي ما إن تكلم صاحب الحافلة يطلب منهم الدفع ... سحب محفظة النقود يريد الدفع و لكن صاحب الحافلة رفض يخبره أن الدفع يتم بوضع بطاقة الحافلة في الجهاز
أحس بالذل في تلك اللحظة خاصة حين إبتسمت بتلذذ تسحب بطاقة الحافلة كأنها تخبره أنه مثير للشفقة .. فقط دفعت له لتجلس على الكرسي .. وقف بجانبها ينظر للناس برعب منهم من يحك أنفه من الحساسية و منهم رائحة عرقه صرعته ... أحس نفسه يصاب بكل أنواع الداء ليلفت انتباهه دخول شاب في المحطمة التي توقفوا فيها .. كان ينظر للكرسي الفارغ بجانب إيفا لذلك و قبل ان يجلس عليه فعل هو ذلك ... جلس يشعر ببنطاله يحترق من الميكروبات
أغمض عينيه بقهر يذكر أنه يفعل هذا من أجل إيفا صغيرته ... تبا سيسبح في بركة وحل إذا تطلب ذلك أخرجه من شروده شيء وضعته فوق ساقيه لينظر هناك و هنا لم يستطع التحمل و هو يراها خلعت حذائها الرياضي واضعة إياه فوق ساقيه
نظر لها بألم كأن أحدهم يضربه و هذا جعلها تبتسم بتلذذ تبا كم رؤيته يتعذب ممتعة ... تعرفه مهووس نظافة لذلك ستعيد تربيته حقا .. يريد أن تسامحه
أليس كذلك .. حسنا سترى كم سيتحمل من أجلها .. إرتدت كعبها العالي لتسحب حذائها الرياضي من فوق ساقيه و عن عمد ضربت زوج حذائها ببعض تنفض ترابه فوقه ..... كتمت ضحكتها بصعوبة و هي تراه يسحب معقم الهواء ليرشه حوله .... حرفيا كانت رؤيته بتلك الحالة ممتعة
بعد ساعة تقريبا من رشه الناس و الهواء حوله بالمعقم وصلا إلى مكان الاجتماع ... نزلت من الحافلة تمشي أولا و هو خلفها حتى وصلا أمام باب قاعة الاجتماع هنا إلتفتت له تبتسم بشر : نسيت شيء مهم للإجتماع هل أعتمد عليك في إحضاره لي
أومأ بسرعة وسعادة لتعطيه طلبها : أريد أنثى ضفدع ... في الأسفل يوجد بركة تعيش فيها الضفادع أحضر لي أنثى ضفدع قبل أن ينتهي الاجتماع
هذا فقط لتدخل مغلقة الباب في وجه بينما بقي واقفا يرمش عيناه ... ماذا قال قبل قليل ؟ ... أجل سيسبح في بركة وحل من أجلها ... تبا حرفيا على المرء أن يخاف مما يتمناه أحيانا .. بهذا خرج مغلوب الأمر متجها ناحية البركة يريد اصطياد أنثى ضفدع
**
مرت ثلاث ايام بعد ذلك بسرعة لم يحدث فيها شيء مهم .. راسيل لا تزال في غرفتها ترفض الخروج و الانخراط مع اي احد من شدة صدمتها .. خوفها مما حدث ذلك اليوم ترسخ في عقلها .. لا تفعل شيئا طوال اليوم سوى احتضان طفلتها كأن احدهم سيأخذها منها .. ايلام طوال الوقت يحرسها بينما يجهز مع فيكيتنا لعيد ميلادها الذي سيكون اليوم ... بخصوص الباقين فداليدا اخذت بنصيحة آيدا اخبرتها انه من الرومانسية ان تقدم كل اموالها لزوجها و تطلب منه ان يستثمرها لها .. على اساس ان هذا سيجعل الزوج يشعر بثقة زوجته العمياء به و بالفعل قررت ان تطلب من جورج ان يستثمر لها كل اموالها في شركاته كي تثبت له انها تثق به اكثر من نفسها ... لينا لم يتغير شيء بالنسبة لها طوال الاسبوع و هي غير متوازنة تتحدث عن رحلة نهاية الاسبوع و تطلب من الحراس ان يجهزوا لها اقواس و اسهم لأنها ستعلم الاطفال كيف يصطادون الحمام في الغابة
بخصوص جيف فقد مر تقريبا اسبوع على اختفائه المفاجيء ... سافيدش كل ثانية يكسر رأس داليدا يطلب منها ان تتصل به و تخبره كي يعود بدل بقائه في الجنوب يبحث عن ايما بدون فائدة ... و لكن الآخر يكرر كل مرة انه ليس في الجنوب من اجل ايما بل يبحث عن شخص آخر ليقتله و سيعود مباشرة ... من يوجد ايضا ؟ .. اجل جادس .. تبا جادس حسب آخر مستجداته فيبدوا انه يعيش في النعيم تبين ان له طفل عمره خمس سنوات علم بوجوده قبل فترة و بالفعل يمضي طوال ايامه يتجول معه بينما احضر معه خادمة لصغيره على حسب قوله ... الغريب في الامر فقط انه كل مرة يقول ان الخادمة ماهرة و رشيقة يسمعون صوت انثى عبر سماعة الهاتف تشتم و تصرخ بأعلى صوتها بينما تكسر الاواني
آريكسوا آخر مرة رأوه فيها كانت في شاشة التلفاز يحمل لافتة مكتوب عليها "الحرية للنساء" و يحاول ان يخفي وجهه خلف تلك اللافتة و لكن شابة بجانبه كانت تمنعه عن ذلك ... فيما يخص آرون لا يوجد مستجدات لا يزال جالسا امام قبر صغيره كما تركوه ينظر لشهدة اسمه ... هذا فقط ما حدث في هذه الثلاث الأيام الغربية بالنبسة لاي شخص مع ذلك كانت عادية بالنسبة لأشخاص كل يوم يستيقضون على جثة أحدهم امسكوه الحراس يريد التسلل داخل القصر او يحاول اطلاق النار على سافيدش ... حدث هذا بعد تعليق اسمه على جدار الدم على ما يبدوا
دخل ايلام الى الغرفة حيث وجد راسيل جالسة كعادتها وسط السرير تحاول تسلية أورا بدب أبيض بينما كانت الاخرى ترمي كل ألعابها بملل يبدوا انها تريد الخروج للحديقة و اللعب مع لولي .. تكلم يضع لها فستانها الابيض الذي اختراته على السرير: هيا راسيل اخبرتك انه لا يوجد خطر على حياتكم ... ألا يكفي انك تمنعينها عن العالم الخارجي ... هل تريدين منعها الآن عن الحديقة ايضا؟
نظرت للفستان ببرود لم تعد تهتم لشيء غير ان تبقى حية و طفلتها بجانبها مع ذلك كان معه حق .. يجب ان تكون عقلانية ... الصغيرة ستنفجر من الداخل بسبب الحبسة التي تحبسها إياها ..و بدون رغبة لها في فعل ذلك قدمتها له تردف بصعوبة: حسنا خذها للخارج سأجهز نفسي ثم احضرها لاجهزها
ابتسم في وجهها يقترب منها حتى باث يقف امامها تماما ليقبل جبينها: ستكون بخير صدقيني .. لن يصيبها مكروه ما دامت معي .. هيا جهزي نفسك ستلعب قليلا ثم سأعيدها لكِ... اومأت له بتفهم تقبل صغيرتها لتتوجه الى الحمام بينما خرج هو برفقة اورا التي رفضت ان تمشي على ساقيها بل اصرت ان يحملها .. ما ان وصلا امام مكتب فلامينغو توقف ينظر للأخير يخرج من الباب و بمجرد ان لمحته أورا لم يفهم مالذي حدث لها .. انفجرت تصرخ بأعلى صوتها و تردد كلمات غريبة بينما تشير له بإصبعها كأنها تتشاجر معه
حاول تهدأتها بدون فائدة كانت تبدوا كأنها تصفي حسابها مع والدها و لو لم يكن ذلك غريبا لقال انها تنتقم لنفسها على آخر مرة صرخ في وجهها هكذا رافعا اصبعه في وجهها كما كانت ترفع اصبعها الصغير الآن في وجهه ... رفع فلامينغو حاجبه بعدم فهم لأي كلمة قالته و بدوء تام اقترب منها حتى اصبح امامها تماما ... مدت الصغيرة يدها تحاول امساك ذقنه مثلما امسك ذقنها ذلك اليوم بقوة و تكلمت مجددا بغضب تتفوه باشياء غير مفهومة .... ما ان انتهت سحبت نفسا عميقا لتبتسم براحة نفسية كبيرة كمن اخذ بانتقامة ثم بهدوء تام ابتسمت حتى ظهرت غمازاتها تمد ذراعيها لوالدها تطلب منه ان يحملها يبدوا ان طوله لفت انتباهها
هنا تكلم سافيدش ساحبا نفسا من سيجارته متجاهلا يديه التي مدتهما له: الفتاة تحتاج طبيب نفسي حالا ... و نظر له في آخر كلامه يبتسم بسخرية: يبدوا انها مختلة مثل والدها
هذه المرة لم يفوت ايلام الفرصة مجيبا اياه: اجل معك حق ... أليست ابنته اذا فهي مثله
لاحظ كيف تصلب فك الآخر رامقا اياه بنظرات محذرة .. قرب وجهه منه حتى اصبح لا يرى سوى نظراته المظلمة بينما همس له بصوت اشبه بفحيح الافعى: فالتذهب انت و مسخك للجحيم ... و اذكر مرة اخرى ما حدث بينك و بينها امامي وقتها صدقني سأمزق هذه المسخ أمامك .. اساسا هي لم تكن ضمن اتفاقنا
هذا فقط ليغادر بينما ابتلع ايلام ريقه بصعوبة ... تبا له .. لم يكن يقصد ما فهمه الآخر .. في الحقيقة كان يعنيه هو بوالدها و لم يتعمد حتى ان يلمح على شيء حدث بينه و بين راسيل .. مع ذلك وجد آخر جملة قالها الآخر غريبة نوعا ما ... ماذا يقصد ان اورا لم تكن ضمن اتفاقهم؟ ... وقف يفكر لعدة لحظات حتى اخرجه من شروده تحركها بين يديه تكرر بين شفتيها: لولي ... لينزل بها إلى الحديقة كي تلعب قليلا
بعد ساعات من اللعب اتصلت به راسيل تطلب منه ان يحضر لها اورا و هذا ما فعله يتمنى فقط ان لا تسقط الامطار اليوم ... الجو كان خريف متقلب الاحوال مثل حياة راسيل المسكينة ... دخل الى الغرفة ليبتسم بسعادة و هو يراها تبدوا كالملائكة بذلك الفستان الجميل ... بادلته الابتسامة بعد ان استعادت القليل من حماسها لهذا اليوم ثم اخذت منه أورا لتشير له ناحية السرير : جهزت لك بدلتك خذ حمام و ارتديها .... أومأ لها يقترب منها : حسنا و لكن دعيني اساعدك في أورا أولا إذا حممتها لوحدك سيفسد شكلك تماما
انفجرت ضحكا توميء له ليتجها الى الحمام جلس القرفصاء ارضا بين وضع اورا وسط حوض الحمام بجانب بطتها و بدأ يحممها بينما الاخرى تصرخ و تشير بإصبعها ناحية البطة .. هذا جعله يتذكر كيف تشاجرت مع والدها لينفجر ضحكا كأنه مجنون ... بصعوبة كبيرة انتهى من تحميمها و هو يضحك بتلك الطريقة ليقدمها لوالدتها التي اخذت تصفف لها شعرها و جعلتها ترتدي فستان ابيض يشبه فستانها مع ذلك لم يعجب الصغيرة كانت تبكي تريد ان تخلعه ... تقطع يدها اذا لم تكن تبكي الآن من اجل فستانها الاسود تعرفها جيدا وجه بومة مثل والدها
جهزتها بسرعة لتلتفت للولي المؤدبة و ما إن انهتها خرج ايلام من الحمام يرتدي تلك البدلة التي لاقت عليها كثيرا ... كعائلة جميلة نزلوا اخيرا للأسفل حيث كان المعازيم في انتظارهم
همست داليدا في أذن جورج بصوت انثوي عذب: حين ينتهي عيد الميلاد اريد ان طلب منك شيء
اومأ لها بإبتسامة حب لا يوصف لينظر لسافيدش الذي كان واقفا بجانب زوجته سارينا ينظر للمكان بعيون كالصقر ... اساسا نبه عليهم ان يكونوا مستعدين لأي شيء رغم ان المعازيم كانوا اشخاص ثقة .. بعضهم زملاء راسيل في المهنة سابقا و البعض الآخر كانوا موظفي الشركة عزمتهم فيكتينا .. بدون ذكر جادس و عائلته .. ايضا آريكسوا برفقة والده و زوجة والده .. اخيرا انفصل رسميا عن زوجته كارما قبل يوم ... هؤلاء فقط كانوا الحضور اذا لم نحتسب الحراس و الخدم داخل القاعة
قاطع الاحاديث الجانبية نزول راسيل تمسك يد زوجها بينما تحمل صغيرتها في يدها الاخرى ليصفق لهم الجميع .. بدون استثناء الجميع كانوا ينظرون ناحيتها كبهرة للأعين ما عدا شخص واحد لم يلتفت حتى فقط اكتفى بشرب كأسه جرعة واحدة يحاول تهدأة نفسه ... تكلمت داليدا ترسم ابتسامة في وجه المعازيم: سافيدش عيد الميلاد في قصرك .. صفق على الأقل
اجابها يسحب كأس شراب آخر:سيكتبون غدا في الصحف كل تفاصيل هذا الحفل و سيكتبون بجانب اسمها اسم ذلك المخنث ... سيأخذون مكاني و يقدمونه له ... تلك زوجتي أنا و ليست زوجته ..عقدت حاجبيها بعدم فهم لتنظر لوجهه هنا فقط لاحظت انه ثمل بشدة : ماذا تقصد بأنها زوجتك انت
النظرة التي رمقها بها كانت تكسر الحجر .. بقهر و غصة قوية اجابها عيناها حمراء كالدم: لم اطلقها.. راسيل زوجتي أنا
احست العالم حولها تجمد و هي تسمع المصائب تخرج من فمه لتشهق تضع يدها على فمها بينما تكلم مرة أخرى يسأل صوته خرج متأرجح بين ثنايا الوجع: هل تبدوا جميلة ؟
نظرت لراسيل خلفه كانت تبتسم أقل ما يقال عنها فاتنة بذلك الفستان الابيض .. فقط أومأت بنعم ليضغط بقوة اكبر على اسنانه تزامنا مع كسره لكأسه بين يديه و بدون ان يلتفت لها حتى خرج للخارج بسرعة كأنه يختنق و هو يسمع همساتهم عن مدى كانت تبدوا جميلة و كم كانت سعيدة برفقة زوجها الحالي
نظرت راسيل لمجموعة من زملاء العمل كانوا مجتمعين امام طاولة برفقة سارينا .. لبت نداءهم لتتجه ناحيتهم و بطريقة حارة رحبوا بها رجال نساء يخبرونها ان مجال العمل اصبح ممل بدون اعمالها المثيرة للإهتمام .. شكرتهم تلاحظ كيف كانت سارينا تنفخ الهواء لا تطيق وجودها هناك .. او بالأصح تكره انها سرقت منها الاضواء بدون مجهود يبدل حتى و تجنبا لخلافات تافهة لا جدوى منها اعتذرت منهم لتكمل الترحيب بباقي المعازيم .. لفت انتباهها وجود تلك المرأة التي اخبرتها سابقا انها عميلة في الشرطة .. لم تنسى اسمها لحد اليوم .. جيفييا موريس كانت تمسك شوكة و تطعم طفل صغير الكعك بينما يقف بجانبها صديق سافيدش المدعو جادس .. كان شخص محترم جدا و منذ اليوم الذي خرج فيه من السجن يعاملها بطريقة جيدة ... و تقربيا الآن فقط فهمت لماذا كذب في مسألة انه متزوج و زوجته حامل ...
لاحظت عدم وجود فلامينغو في الأرجاء رغم غرابة الأمر مع ذلك لم تهتم كثيرا فقط وقفت امام الطاولة الكبيرة ليبدأ المعازيم في العد التنازلي تزامنا مع وصول الساعة لمنتصف الليل ... نفخت على الشموع برفقة صغيرتها بعد ان تمنت في قلبها ان لا ترى صغيرتها يوما مما عاشته هي .. و ان لا يصيب قلبها سوى الفرح و السعادة .... صفقوا لها جميعا بعد ان قطعت من الكعك لتبدأ فقرة تسليم الجوائز ... الجميع بدون استثناء قدموا لها هدايا عديدة اغلبها كانت فاخرة و بآلاف الدولارات
للمرة الثانية مررت عينيها على المكان تبحث عنه و لكنه لم يكن هناك و لم تفهم حتى مالذي حدث لها .. احست قلبها من الداخل سينفجر .. فرحة أخرى لها ناقصة كالعادة ... لا طالما امضت اعياد ميلادها يلتف حولها الكثير من الناس يحبونها و منهم يحترمها بينما دائما تشعر انها حزينة .. والدتها لا طالما كانت تتركها وحيدة و الآن لا والدتها و لا الرجل الذي تحبه ... إرتجفت اصابعها من شدة حسرتها لتنظر لإيلام الذي احس بها من بين الجميع .. تكلمت بنبرة شبه باكية: سأستنشق الهواء قليلا و أعود .. لا تترك أورا وحيدة هل اتفقنا
أومأ لها لتصعد بسرعة لغرفتها ما إن دخلت انفجرت بالبكاء تشعر قلبها محطم تماما ... كل ذكرياتها المؤلمة كانت تعود لها فجأة .. ملامح والدتها التي نستها تماما .. ابتسامتها و خبر وفاتها .. اول لقاء لها بسافيدش .. الأيام التي عاشتها معه و كل شيء .. دفنت وجهها في ركبتيها تبكي بحرقة تصلي داخلها ان ترتاح من هذا الألم .. لم ترد شيئا عدا ان تنسى كل شيء حدث لها .. ان تنسى حبه و الألم الذي خلفه في قلبها و تأخذ صغيرتها و ايلام لمكان لا يوجد فيه رصاص .. منظمة و معلومات .. مكان لا يوجد فيه غيرهم
احست نفسها تختنق حرفيا رغم كل محاولاتها ان تتذكر بأنه عيد ميلادها و ليس عيد وفاتها بدون فائدة ... حاولت مسح دموعها ربما تستطيع النزول مرة اخرى للأسفل و لكن بدون جدوى .. الدموع هزمتها بكل ما تحمله الكلمة من معنى و لم تتوقف سوى و عيناها تلمحان علبة كانت سوداء وضعها احدهم فوق سريرها ... عقدت حاجبيها لتقترب من تلك العلبة بفضول قاتل .. صعدت فوق السرير تمشي على ركبتيها قلبها نبض بجنون مع كل ثانية تقترب فيها من العلبة لتمد يديها ثم قامت بفتحها حابسة لأنفاسها
ما إن رأت ما يوجد داخلها علمت هدية من هذه ... صورة والدتها ترتدي مأزر أبيض في ذلك المختبر بينما تطفيء شمعة عيد ميلاد جعلتها تعلم ان فلامينغوا من احضرها لها ... لم تكن صورة واحدة بل عدة صور فيهم جميعا كانت والدتها تطفي شمعة فيها رقم مختلف و كعكة مختلفة ... قلبت الصور لترى في خلفيتها التاريخ و كان ذلك تاريخ عيد ميلادها من كل سنة ... كل سنة كان رقم الشمعة يوافق سنها في ذلك الوقت ... هذا يعني ان والدتها لم تنساها يوما .. حتى رغم عدم وجودها بجانبها الا انها لم تنسى ان تطفيء شمعة عيد ميلادها ...هذا جعلها تنفجر بالبكاء محتضنة تلك الصور بقوة تقبل والدتها ربما تطفي القليل من شوقها لها
**
أغمضت فيولا عينيها بقهر كي لا ترى صغيرتها فيينا بتلك الحالة جالسة على أريكة تنظر للخارج من نافذة غرفتها الدموع ملأت وجنتيها الجميلتين ... تعلم مالذي يحرق قلبها جيدا .. موت آخاها الأكبر و إشتياقها لآرون الوغد .. لا تستطيع لومها على مشاعرها إطلاقا .. يبقى عديم القلب والدها الذي فتحرت عينيها تراه موجودا في حياتها ... كانت تحبه كثيرا لا بل كانت تقدسه تقديس الآلهة .. أساسا لاحظت أن طفلتها غير طبيعية أبدا ... تركع بالساعات أمام تمثال المسيح تناجيه أن يغفر لآخاها في السماء و يعطيها آثامه .. أن ينزع الحزن من قلب والدها و يملئ قلبها به ... نزلت دموعها بقهر ترى صغيرتها تضيع من بين يديها في سن الزهور و هي كأم لها لم تستطع فعل شيئ غير البكاء كالضعفاء عليها
و لكن ماذا ستفعل أكثر مما فعلت ؟ عرضتها على طبيب نفسي ... تقربت منها .. اخبرتها بأسرارها فقط كي ترتاح لها صغيرتها و تفاجي عن مكنوناتها لها و لكن بدون فائدة حتى أنها حاولت تشويه صورة آرون بين عينيها ربما تتوقف عن رؤيته كإله و لكن بدون فائدة ترجى .. كل محاولاتها عقيمة عقم كلي أمام مخلفات ذلك الوغد عليها
سحبت نفسا عميقا تفتح عينيها و قلبها من الداخل إعتصرها حين تكلمت صغيرتها بنبرة باكية تتوسل خالقها : أرجوك يا إلهي دعني آراه اليوم في أحلامي ... فقط حلم قصير أرجوك .. إشتقت له كثيرا
حسنا إلى هنا و لم تستطع التحمل أكثر ... ليس صغيرتها أيضا .. يكفي أنها خسرت والدها و شقيقها إيثان و تعيش كل يوم تتمنى أن تراهم في منامها .. لن تجع قلب طفلتها يحمل مثل هذا الألم .... بعد أن حسمت أمرها دخلت تمسح دموعها جيدا و بهدوء تام وقفت خلفها ترى كيف كانت الأخرى تنشف دموعها كي لا تراها .. لا تعلم أنها تشعر بنزيف قلبها من الداخل بدون أن تنطق حتى .. إلتفتت لها ببطء تبتسم في وجهها بملامحها البريئة كملاك بدون أجنحة : هل إحتجت شيء ماما ؟
مسحت فيولا على شعر طفلتها توميء لها بحنان : جهزي نفسك سنخرج ؟
عقدت فيينا حاجبيها لا تفهم قصد والدتها .. إلى أين سيخرجان ؟ .. منذ اليوم الذي هربا من القصر و أحضرتهم الخالة جيفييا إلى هذا المنزل التابع لأمن الدولة حسب ما فهمت هذا المكان من الأماكن المخصصة لحماية الشهود و الناس العرضة لخطر القتل لم يخرجا منه أبدا ... آخرها تلقي نظرة على الغابة الكثيفة من النافذة
حسنا هذا ليس مهم الآن المهم هو إلى أين سيذهبان؟ .. هل سيغيران مكان إقامتهما؟ .. لم تترك ذلك داخلها بل سألت تمسك يد والدتها التي كانت تخرج لها ملابس : إلى أين سنذهب ماما؟
أجابتها فيولا تسحب لها فستان زهري جميل : لتري والدك فيينا
فتحت عينيها من الصدمة لا تصدق ما سمعته .. قلبها حرفيا تسارعت نبضاته من السعادة حتى ملامح وجهها كانت تتراوح ما بين الصدمة و السعادة .. الدهشة و عدم التصديق ... لم تسأل حتى لماذا الآن ؟ أو عن سبب هذا القرار المفاجيء حرفيا لم تهتم لشيء في تلك اللحظة سوى أنها سترى والدها بعد 21 شهر و أسبوعين .. يومان و ساعات لا تستطيع عدهم لأنها لم تتعلم بعد حساب التوقيت و معرفة الساعة
نظرت لذلك الفستان الزهري الذي رفعته فيولا أمامها : هيا إرتدي هذا فيولا
لتهز رأسها و سحبت رداء راهبات تحتضنه بقوة لصدرها من شدة سعادتها : سأرتدي هذا .. اريد أن يراني أبي به
إبتسمت فيولا بحسرة و إنكسار مجيبة صغيرتها محطمة لكل أحلامها : لن يراكِ فيينا أنت فقط من سترينه من بعيد و لن تقتربي منه .. لا يجب أن يرانا هل إتفقنا؟
إختفت إبتسامة فيينا تدريجيا عن وجهها لتوميء بتفهم داخلها شيء إنكسر بقسوة و لكن ماذا ستفعل ... ان تراه من بعيد أحسن من أن لا تراه أبدا ... طردت حزنها بعيدا لترتدي ملابس الراهبات ... حاوطت عنقها بصليبها الذي إشتراه لها آخاها حين بلغت ثلاث سنوات لتمسك يد والدتها و خرجت من المنزل قلبها يكاد يتوقف من السعادة
أحست الطريق طويلة جدا و الدقائق كانت تمر كساعات حتى إنتهى عذابها أخيرا مع توقف السيارة لتنظر لوالدتها التي أمسكت مقود السيارة بكلتا يديها بينما اغمضت عينيها تبتلع ريقها برعب و خوف ... إستطاعت سماع صوت قلبها ينبض من ذلك البعد الفاصل بينهما .. أعادت رأسها للخلف لتترك المقود و بأصابع مرتجفة مررت يديها على وجهها تحاول إيقاف إرتجافها المبالغ فيه
كل شيء داخلها كان يتوسلها أن لا تنزل .. أن لا تقترب حتى من محيطه و لكنها وعدت طفلتها و إنتهى الأمر .. أحست بيد فيينا تتحسس يدها بحنان لتنظر لها تحاول إدعاء أنها بخير ... تكلمت الصغيرة بنبرة كلها ثقة : لماذا أنت خائفة من أبي؟ ... أبي لا يقتل من يحبهم و أنت يحبك كثيرا .. أخبرني بذلك ماما صدقيني .. حين أحس بمشاعره ناحيتك أتى و أخبرني بذلك .. قال أنه لم يحب امرأة بقدر مثلك حتى خالتي رينات لم يعشقها بحجم ما أحبك لذلك كوني واثقة أنه لن يؤذيكِ
إبتسمت .. أجل إبتسمت بسخرية كبيرة تنظر للبراءة تتحدث .. حرفيا الصغيرة ترسم منظر معاكس تماما لوالدها .. العالم و ما وراء مرئياته إجتمعوا على أن آرون شيطان لعين حتى هو و إعترف بذلك إلا صغيرته لوحدها تراه أكبر ملاك في المجرة بأجنحة السلام البيضاء ... و مجددا ما الفائدة من إعادة هذا ؟ لن يتغير شيء مهما حاولت أن تغير داخلها فقط إستسلمت لهراء حياتها و بهذا نزلت من السيارة تمسك يد صغيرتها
ببطء تام مشت خطواتها داخل تلك المقبرة تقترب من عرين شيطانها حتى لمحته من بعيد كما وصفوه لها تماما ... مرمي أمام قبر ماندي ينظر لشهدة إسمه .. حالته كانت مزرية .. شعره طويل و لحيته أيضا لدرجة إختفت كل ملامحه نهائيا .... جسده الضخم المرعب .. الجسد الذي جعلها ترتعب في أول لقاء لها به قبل عدة سنوات ... اجل جسد آرون الذي يتبول الرجال فقط من رؤية عضلاته و عروقه البارزة .. ذلك الجسد يكاد يختفي من شدة نحافته ...
حسنا لا تنكر أنه لا يزال مرعب و لكن رغم ذلك هذا لم يكن آرون الذي كانت الدماء تتجمد داخل عروقها كل مرة يخلع فيها قميصه امامها أو تراه في صالة الرياضة يحمل أطنان من الحديد .. كل ذلك الجبروت إختفى ... اصبح يبدوا ككل مسكين يتألم و يتمزق لفقدانه صغيره مع ذلك شيء داخلها لم يشفق عليه .. رؤيته بتلك الحالة كان متعة لعينيها .. تعلم أنه لا شماتة في الموت و لكن ما الفائدة في أن تكذب على نفسها ؟ .. هل إدعاء الطيبة و الشفقة سينفع ؟ .. هل سيعيد ماندي؟ ... لن يفعل لذلك ستقولها بصراحة كانت تتشمت فيه الآن .. بهثان عينيه الميتة كان بلسم لكل مرة نظرت فيها لعينيها المنتفختين بعد بكائها بسبب نوبة غضب تملكته
رؤيته بائس كانت تنسيها قهر تلك الأيام التي أحست فيها بالعجز و فقدان الأمل ... أجل نحن البشر لسنا ملائكة .. إذا لماذا ستنكر قبح مشاعرها في تلك اللحظة ؟ .. فقط إكتفت بالنظر له و التلذذ بكل ثانية من ألمه لدرجة انها لم تشعر لصغيرتها التي كانت تموت واقفة أمامها
لم ترى دموع فيينا ترى والدها بطل حياتها .. اضخم رجل رأته دائما شامخ كالأسود الآن يجلس لا حول له و لا قوة .. ما أدراها هي بقبح افعاله جميعنا نرى آبائنا بمنظورنا الخاص ... من سيقول ان والده شرير؟
و هي كانت هكذا تماما .. إحترق قلبها لدرجة أنها لم تتحمل حتى رؤيته بتلك الحالة أكثر من ذلك ... تخيلت أنه حزين و لكن ليس لهذه الدرجة .. روحها تمزقت عليه و حقا وجدت نفسها غير قادرة على النظر له أكثر من ذلك لهذا إكتفت بذلك القدر مقررة داخلها أنها لن تطلب من والدتها أبدا أن تأخذها له في المستقبل .. ستكتفي بالصورة التي إعتادت عليها كي لا تراه ضعيفا ابدا
بهذا في عقلها رفعت نظرها لوالدتها تريد إخبارها أنها تريد الرحيل و لكنها تجمدت ما تبقى في قلبها إنفطر و هي ترى تلك الإبتسامة في وجهها ... كانت تنظر له بكره و حقد .. بشماتة و غل لا تستطيع وصفه مهما قالت بكلماتها القليلة .. إبتسامة والدتها جعلت شفاهها ترتجف دموعها إهتاجت من عينيها لا تصدق أنها تتشمت في موت أخاها
بإنكسار تام إبتسمت تتلقى خيبة أخرى من حياتها جعلتها تقسم أنها سقتلع كل ذرة مشاعر كارهة او بشعة من قلبها يوما ما .. لتمسك قلادة ماندي بقوة ثم سحبتها بعنف تقطعها و بدون ان تنتبه والدتها حتى رمتها أرضا ...
أحست فيولا بيد صغيرتها تمسك يدها لتنظر لها تخرج من شرودها و قوقعة الشر التي تملكتها تستعيذ بخالقها من شر نفسها ... حقا النفس ضعيفة أمام رغباتها .. رؤية عيون فيينا الدامعة جعلتها تقرف من نفسها لأنها كانت تبتسم بتلذذ في حين صغيرتها بجانبها تبكي قهرا ... طردت حقدها لأبعد مكان داخلها تسمع ما همست به الصغيرة بحزن : دعينا نعود
أومأت لها بتفهم تمسك يدها بقوة و ببطء كما أتت إبتعدت عنه و عن شره حتى كادت تبتعد عن محيطه هنا توقف على حركة فيينا المرتبكة .. نظرت لها لتجدها تنظر أرضا .. نظرت بدورها لا تفهم مالذي تبحث عنه الأخرى حتى سألت : ما بك فيينا؟
اجابتها الصغيرة تنظر للأرض كي لا تكشف كذبتها : قلادة ماندي سقطت من عنقي
حركت فيولا عينيها على الأرض تبحث عنها : هل متأكدة أنك أحضرتها معكِ؟
أومأت الصغيرة تنظر خلفها ناحية المكان الذي كانتا فيه قبل ثواني : اعتقد أنها وقعت مني هناك و لم أشعر بها .. سأحضرها و أعود
تحركت تريد التوجه للشجرة و لكن فيولا أوقفتها بخوف : لا أنت إبقي هنا سأذهب أنا و أعيدها لكِ ... لن أتأخر
أومأت فيينا رأسها و ما إن خطت خطوتين تكلمت مرة أخرى خلفها : أنا آسفة ماما
عقدت حاجبيها تلتفت لها بعدم فهم لتكمل : لأني أتعبكِ
هزت رأسها بسخرية لا تصدق ما تتفوه به طفلتها ... لا تعلم أن تعبها راحة .. عادت ناحية الشجرة تبحث عن القلادة جيدا حتى لمحتها تلمع بفعل حباتها الآلماسية المرصوصة على الصليب .. رفعتها من الأرض لا تفهم كيف سقطت منها .. نظرت لها جيدا لتلاحظ أن القلادة مقطوعة في منتصف السلسلة و ليس ناحية الحلقات الدائرية ... و كأن أحدهم مزقها
لعنت شارلوك هولمز الذي إستيقظ داخلها الآن لترفع رأسها تريد إلقاء آخر نظرة على آرون .. لتراه ذليل و مهزوم مثلما جعلها لسنوات و لكن تسير الريح بما لا تشتهي السفن ... لثانية أو أكثر لم تستوعب المنظر الذي كانت تراه ... كل شيء حدث بسرعة لم يستوعبها عقلها ... كأنه يحاول
أن يتأكد أن ذلك الجسد الصغير الذي يركض بسرعة ناحية آرون ليس جسد صغيرتها فيينا
حرفيا كانت تتمنى أنه ليس جسدها و لكن حان وقت الخروج من الأحلام .. أجل كان جسد فيينا و كانت تلك صغيرتها تقترب من والدها كشهاب أُطلق سراحه من الفضاء ليسقط يعرف موقعه على الأرض ... تبا فقط هذا ما قالته و هي ترى فيينا تصل أخيرا لآرون ترمي جسدها عليه
بكل قوتها و لهفة روحها إحتضنت فيينا والدها تستنشق عطره و تقبل وجهه كالمجنونة ... لم تكن تصدق أنها تحتضن والدها حقا .. أنها تلمسه الآن و لكن الإبتعاد عنه كان مؤذي جدا .. نظرات والدتها تتشمت بحزن والدها و رؤيته وحيد جعلتها تغير قرارها .. لا بأس إذا كرهه الكون بأسره ستحبه .. و ماذا إذا تخلى عنه الجميع ؟ هي هنا ستبقى بجانبه مهما كانت صفته .. أحست بتصلب كل عضلات جسده و تجمده لا يبادلها و لا يتحرك حتى لتنظر له
تلاقت عيناهما لثانية نظر لها كأنه لم يتعرف عليها ... كأنها كبرت لدرجة أن لا يعرفها من الوهلة الأولى و يبدوا أن ثوب الراهبات زاده غرابة حتى تخطى صدمته أخيرا عيناه لانت ... و بعدم تصديق رفع يديه يتحسس وجهها يداه كانت باردة كالثلج .. همس بصدمة يمرر عيناه على كل إنش منها : فيينا ؟
إبتسمت و كأن الروح عادت لتسكن جسدها توميء له بقوة و سرعة ... و كان ذلك كفيلا بأن يحتضنها بقوة دافنا وجهه في عنقها ... إحتضنته بدورها تبكي على كتفه الذي كان يجعلها تصعد فوقه و يتجول بها كملكة ... أحست بيده تسحب الغطاء عن شعرها كأنه يخبرها أن ذلك لم يعجبه مع ذلك لم تجد وقت حتى لتهتم بسخافة مثل هذه قبلت خده و كتفه هامسة له بنبرة باكية : أعلم أنك كنت تحبه أكثر مني و لكني هنا .. لن أتركك أبدا أبي .. من اليوم لن أتخلى عنك سأبقى بجانبك هنا بجانب اخي حتى آخر يوم في حياتي لن أخونك أبدا كما وعدتك
أبعدت وجهها عن عنقه تنظر لوجهه و نظرات عينيه قبل أن يجيبها بسخرية فيها نوع من القهر و الشفقة على حالتها : أنا آسف
هزت رأسها تريد إخباره انها ليست حزينة بسببه و لكنه قاطعها يمسح على شعرها الناعم قبل أن يبعدها عنه عيناه تنظران خلفها لشيء ما بطريقة مرعبة ... نظرت خلفها لتجد والدتها واقفة أمام تلك الشجرة يبدوا أنه رآها
من مكانها إستطاعت رؤية خوف والدتها و رعبها لذلك امسكت يد آرون بقوة تقبلها له بتوسل : لا تفعل لها شيء أبي .. أمي لم تقتل أخي .. و حتى إذا فعلت لا تقتلها خذني و اتركها هكذا ستكونان متساويان
إنتظرت أن يجيبها و لكنه لم يفعل بهدوء مميت وقف من مكانه لتتذكر أن والدها يمتلك طول لوحده يجعله مرعب .... لم تستطع إيقافه عن التوجه ناحية فيولا لذلك صرخت بأعلى صوتها : أهربي ماما أرجوكِ
و نفس الشيء مع الأخرى كانت كمن تنظر لموتها يقترب منها كل ألوان الحياة إختفت من جسدها ... فقط نظرت لها بعيون دامعة مزقت قلبها ... نظرت لها كأنها تودعها و هذا جعلها تشعر بتأنيب ضمير قاتل .. ارادت أن تفعل أي شيء تمنع أحبائها عن قتل بعضهم البعض و لكن وجدت قوتها معدومة
فقط نظرت لوالدها يخطو خطوات موت ناحية والدتها التي ماتت روحها في تلك الثواني و لم يتبقى سوى جسدها متصنما ترى كل شيء سيفعله بها مع كل خطوة ... حتى و إن كان هناك أمل للهرب فلن تستطيع فعل ذلك بدون صغيرتها .. إذا إبتعدت عنها ستقتل نفسها حقا .. صمدت و تحملت كل شيء من اجلها لذلك ستموت على ان يأخذها منها
إبتلعت ريقها الجاف بصعوبة بالغة حلقها تيبس من الخوف ... و بطريقة لا إرادية عاد جسدها للخلف ما إن إقترب منها مع كل خطوة له كانت تعود للخلف حتى إصطدمت بالشجرة خلفها و أعدم هو المسافة الفاصلة بينهما متعديا مساحتها الشخصية ... أحست ملك الموت يهمس في أذنه و رغم كل صرخات عقلها من الداخل كي تخبره انها مظلومة .. انها لم تفعل ذلك و ان ميردا هي القاتلة و لكن صدمتها كانت كالبكم لم تقوى على نطق حرف واحد حتى ... ببساطة إستسلمت لمصيرها اللعين مودعة حياتها القصيرة ما إن قرب وجهه منها هامسا أمام شفتيها: أخيرا خرج الفأر من جحره .. و إبتسم بطريقة قبيحة زلزلت كيانها ساحبا شيء من خصره مكملا بنبرته الباردة كالصقيع : مرحبا بك زوجتي .. إنتظرتك كثيرا هل تعرفين ذلك ؟
كان هذا آخر ما سمعته قبل أن يغمى عليها من انخفاض ضغط دمها و هو يضع ذلك الشيء في يدها