٢٨

3.5K 157 23
                                    

#معدن_فضة
#لولي_سامي
البارت ٢٨
قد يعمينا حبنا عن رؤية حياة من نحب فلا نرى ما يصارعه من أجل الحفاظ على حياتنا وتحقيق آمالنا فالأم تضحي بكل عزيز وغالي من أجل ابنائها دون إدراك من الأبناء بماذا ضحت وتنازلت حتى يهنأ أبناءها ببعض مشاعر الحب والاهتمام فربما ضحت وتنازلت بنفسها عن سعادتها وراحتها بل وحياتها من أجلهم دون انتظار شكر أو مقابل ولكن من أنانية حب الأبناء يرودنها دائما معطاءة ومتحملة مهما كثرت المهام ومهما تثاقلت الهموم.
في الصباح استيقظت ماسة علي رنين هاتفها فوضعت الوسادة أعلى اذنها فهي من المفترض أنها إجازة اليوم ولا تريد من يزعجها ولكن عند تكرار الاتصال اعتقدت أنها ميار لتعتدل بعصبيه ممسكه الهاتف ناوية على أن تهدر بها ولكن قبل أن تجيب على الهاتف بعصبيتها المعهودة وجدت اسم محمد هو من يضئ شاشة هاتفها فمسحت على وجهها ثم فتحت المكالمة وأجابت عليه بنبره ناعسه/ صباح الخير يا محمد.
_ صباح الفل يا قمر ايه صحيتك.
اومأت ماسة برأسها وكأنه يراها ثم أصدرت همهمه تؤكد على ما قاله للتو ليكمل هو قائلا بنبرة حانية /
_ حقك عليا بس انا طول الليل كنت مشغول عليكي وعايز اعرف سبب التكشيرة بتاعة امبارح ايه؟
لحسن انا كنت قربت اشك في نفسي اني مجبور عليكي.
شهقت ماسة لتفاجئها بما فهمه محمد من عبوسها بالأمس لتحاول تصحيح فهمه قائلة / لا طبعا مش كدة.
وكأنه توصل لهدفه فقد حفزها للتحدث قائلا /
امال ايه بقي المشكلة فهميني.
سحبت نفسا عميقا تجاهد ما تذكرته من حديث الامس ثم بدأت بسرد ما استمعت إليه من حوار بين عمها ووالدتها ليتركها محمد تسرد بكامل حريتها دون مقاطعتها حتى تخرج ما تشعر به حتى انتهت من حديثها فقالت تحثه على الكلام / انا بجد مش عارفه اتصرف ازاي؟
قولي انت المفروض اعمل ايه؟
هل اكلمها واطلب منها تنهي الموضوع؟
ولا اعمل ايه يا محمد!!
سحب محمد نفسا عميقا وزفره على مهل وكأنه يستعد لحرب ما ثم بدأ حديثه قائلا / اولا يا ماسة انا مش شايف في كل اللي قولتيه اي مشكلة.
_ ازاي يا محمد ده......
حاولت التحدث بحمقة فقطع حديثها قائلا/ انا سيبتك لحد ما فرغتي كل الي عندك من غير ما اقاطعك يبقى تسمعيني من غير ما تقاطعيني.
سمع زمجرتها على الهاتف ولكنه لا يبالي سيكمل ما يريد قوله لعله كان مرآتها التي ترى من خلالها الحقيقة.
تحدث بتروي قائلا / انا عارف انها مامتك وبتحبيها جدا وبتغيري عليها كمان ،
ده غير أن والدك بالنسبالك كان شئ عظيم يعني اكيد مش هترضي تتخيلي حتى أن حد ياخد مكانته.
بس احنا لازم منظلمش اللي بنحبهم ونيجي عليهم .
استشعر من صمتها أنها رافضة لحديثه وتخيل منظرها عابسه فابتسم قليلا واستطرد قائلا/ انا طبعا عارف انك مش قابلة الكلام اللي بقوله بس عايز اسألك علي حاجة ،
تفتكري والدتك بعد والدك تعبت قد ايه وهي لوحدها .
انطلقت تجيبه باعتراض / بس ماما مكنتش لوحدها !
استرعى انتباهه الجملة ليبدأ حديثه منها سائلا / يعني في كل الأزمات اللي قابلتها في حياتها وحياتك بعد والدك كان في حد واقف معاها!؟
من خلال تحليله لجملتها أدركت فضاحتها لتخجل من روحها قائلة بتلعثم الطفل المخطئ / اااه.... كان ....كان عمي واقف معاها دائما.
ولكنها حاولت تبرير ما كانت تدركه أو تظن أنها تدركه فاردفت قائلة / بس هو عمي وواجب عليه يعمل كدة .
ابتسم وكأنه وصل لمبتغاه فقد أنهت النقاش من مجرد سؤال وإجابة ليكمل هو مدافعا لا يعرف لما ربما اطمئن له من مقابلة واحدة وربما لتوضيح بعض الرؤى لها قائلا / مقولناش حاجه هو عمك وواجب عليه يعمل كدة فعلا ويهتم بيكي مكان والدك بالظبط وبرضه طلبه لاهو حرام ولا عيب من حقه يطلب ورفض والدتك أو قبولها ده شئ يرجعلها .
_ يعني ايه يعني ممكن تقبل ده لا يمكن ابدا !!
نطقت بها كمحاولة لرفض احتمالية قبول امها بهذا العرض فسحب محمد نفسا عميقا وحاول تهدأتها قائلا / بصي يا ماسة للاسف مجتمعنا بيقبل للراجل أنه يتجوز بعد وفاة زوجته وبيوجدله مبررات كتير ونفس المجتمع بيجرم ده على الست بالرغم أن رأئي الست أحق لأنها الجانب الأضعف في مجتمعنا واللي هتكون فعلا هي اللي محتاجة الظهر والسند وبالرغم من كدة بيحملها فوق طاقتها ويطلب منها تستكمل كافة الظروف ومتشتكيش كمان.
انا رأيي انك لازم تتكلمي مع والدتك بس رايي تسمعيها مش تفرضي رأيك عليها.
يعني ممكن يكون في حاجات انتي مش واخده بالك منها فالاحسن اسمعيها بدون تعليق علشان متصعبهاش عليها .
اسمعيها وفكري ولو حبيتي تاخدي رأيي بعد كدة انا موجود.
منحها السبيل وهدأ من عصبيتها قليلا فقد كانت تائهة تعبث الأفكار بذهنها فسادا فقد فكرت أن تتحدث مع عمها وتخبره بعدم تقبل حديثه هذا.
كما فكرت بأن تطلب منه عدم التدخل مرة أخرى بحياتهم من الاساس ولكن تراجعت قليلا حتى تهدأ فهو عمها وتكن له كل التقدير ويجب أن تتحدث معه باحترام مهما يكن فاعدلت عن فكرتها لنفكر في مواجهه والدتها وتخبرها برفضها التام للفكرة ،
نعم توصلت لهذا القرار ولكن حاولت مرارا وتكرارا قبل الولوج لنومها أن تهدأ قليلا فيجب أن لا تحدثها بحالتها الغاضبة تلك لذلك آجلت حوارهم للغد ،
وهاهو محمد قد نجدها مبكرا ليهديها للطريق الصحيح وكيفية التعامل معه.
همت من رقدتها بالفراش واتجهت صوب المطبخ لتجد والدتها تعد الافطار فقبلتها من وجنتها سائلة إياها بنبرة حانية / صباح الفل بتعملي ايه يا جميل ؟
ابتسمت غالية قائلة / بجهز الفطار يا حبيبتي محبتش اصحيك عارفاكي بتحبي النوم.
وضعت ماسة غلاية المياة واشعلتها من خلال الزر بها وهي تقول / سيبك من كل ده احنا نشربلنا كوباتين شاي باللبن مع الجاتوه اللي جابه محمد امبارح .
ابتسمت غالية بخبث قائلة / واشمعنا جاتوه محمد ما عمك برضه جاب جاتوه.
توقفت ايدي ماسة وارتعشت قليلا محاولة تماسك ذاتها وتذكرت نصائح محمد فاغمضت عيونها ثم زفرت أنفاسها على مهل ثم فتحت عيونها قائلة/ واحد يا ماما مش هتفرق يالا انا جهزت الشاي هاتي الجاتوه اللي يعجبك .
خرجت ماسة محاولة تهدأة ذاتها حتى تبدأ الحوار بطريقة أفضل فخرجت الام خلفها وبدأوا بالتهام افطارهم وكلا منهم تلتهمه أفكاره فالأم تفكر كيف تعرض الموضوع علي ابنتها وماسة تفكر كيف تبدأ الحوار مع امها حتى نادا كلاهما في صوت واحد / ماما ... ماسة.
فابتسما كلاهما وكعادة الام اعتقدت أن ابنتها لديها موضوع هام تريد أخذ رأيها ففضلتها عن ذاتها قائلة / قولي يا ماسة انا سمعاكي.
نظرت ماسة للاسفل وقالت بصوت خافت مهزوز / انا سمعت عمي وهو بيكلمك امبارح.
وعت غالية جيدا ما تتحدث عليه ابنتها فصوتها المرتعش الخافت وعدم النظر لها جعلها تفهم مشاعر ابنتها الرافضة والتي تحاول جاهدة أن لا تظهر .
فابتسمت غالية وربتت على كفها تريد أن تطمئنها ثم رفعت رأسها لتنظر بداخل عيونها والتي رأت الدموع تتغلغل بها فقالت وهي مبتسمة / دموعك ده غالية عليا اوي يا ماسة. اوعي تفكري اني في يوم من الايام هنسي ابوكي ولا حبه ليا ولا تفكري أن ممكن يكون حد اغلي عندي منك .
حاولت ابتلاع غصه مريرة بحلقها ثم تابعت قائلة / الست مننا ضعيفة قوي يا بنتي وخاصة لما أهلها يكونوا سبب ضعفها وانا للاسف اخويا بدل ما يكون سندي هو سبب ضعفي وانتي السهم اللي بيحاول يقتلني بيه.
تعجبت ماسة من حديثها برغم معرفتها بشخصية خالها ونيته ولكن لم يهديها تفكيرها أنه من الممكن أن يؤذيها بعد زواجها لتسأل بتعجب / ليه يا ماما بتقولي كدة مش خلاص عرفنا هنعمل ايه وهو مش هيقدر يعملي حاجه بعد الجواز.
زفرت غالية نفسا ساخنا يحمل لهيب قلبها قائلة / يقدر يا بنتي يقدر ،
نظرت للأعلى وكأنها تحاول أن تستمد طاقتها لتكمل / البنت بعد الجواز محتاج أهلها يكونوا عزوتها في ظهرها الجواز مش كله هنا وسعادة في مشاكل هتقابلوها في حياتكم ولو اهلك مش في ظهرك هتتعبي عارفه ان عمك مش هيكل بيكي وهيقف في ظهرك دايما بس اللي خايفة منه أنه يقدر يمنعني ويمنع مساعدتي عنك وده اكيد هيعمله لما يحس أننا خدعناه وجوزناكي من غير موافقته ساعتها هكون لوحدي وهيقدر ياخدني بحجة الظروف وان مينفعش اقعد لوحدي واخويا موجود وهيحبسني عنده وهمنعنا من بعض وساعتها عمك مش هيقدر يقف قصاد اخويا لانه ملوش حجة.
اتسعت حدقتي ماسة فهي لم ترى الموضوع من هذا الجانب بل لم تتخيله هكذا وحقا فخالها شخصية مسيطرة من الممكن أن يقدم على هذا كعقاب لهن .
فكرت في أن تقترح علي والدتها بأن تعيش معها بعد الزواج ولكن شخصية مثل خالها لم يرتضي بذلك ليس خوفا على أخته ولكن عقاب لها .
نظرت غالية للاسفل قائلة بتشتت / انا نفسي مش عارفه اعمل ايه ؟؟
انا كنت فعلا هتكلم معاكي النهارده علشان نوصل مع بعض لحل .
من قبل عمك ما يعرض عليا الجواز وانا بفكر في الموضوع ومن ساعة ما عرفت اني هقف ضد اخويا علشان اجوزك اللي انتي رايداه وانا عارفه اني هدخل في حرب بحاول آجلها من زمان .
ولما عمك عرض عليا الجواز وكأنه كان عارف بحالي بس برضو معرفتش ارد عليه .
ثم رفعت عيونها والتي لاحظت ماسة امتلائها بالدموع وقالت بصوت متحشرج / برغم أن عمك كويس وكتر خيره واقف معانا من وقت موت ابوكي بس............
ابوكي ميتنسيش يا ماسة هيفضل حب عمري.
ابتسمت ماسة ابتسامة طفيفة وامتلأت عيونها بدموع الحنين ثم عانقت والدتها لتنخرط كلا منهم بالبكاء بكاء يحمل الحنين والحيرة وربما الاجبار
.......................................

معدن فضةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن