الـثّـالِـثَ عَـشَـر |قَـلـبَـاً وَ قَـالِـبَـاً|

108 16 7
                                    

الڤوت يا لطيف…-دوس على النجمة-

الألم يُمكنه أن يجعل منك شخصًا بائسًا جِدًا، أن يجعل الشيء الحزين مبكي أبد الدهر، يجعل أمنيتك أن تموت و لا يجب عليك العيش أبداً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد مرور ساعـة من الزمن لإنهاء الإجارائات المملة المطلوبة منها خرجت من المطار تنظر حولها بتيه وإشتياق تستنشق عبير وطنها الأخّاذ، مهما مرت السنون سيظل الوطن لا يتغير على أحبابه، يستقبلهم في كل مرة يغيبون فيها بقلب أمٍ حنون اشتاقت لأولادها.

تسمرت مكانها عندما رأت عائلتها تقف على بعد ليس بِـكبيرٍ منها يبحثون عنها بين الجموع.

نظرت لهم بإشتياق أكبر قد غلب على فؤادها الصغير لعائلتها الحبيبة، وقفت تُملي عينيها بنظرات الشوق لهم، تذرف الدموع بكثرة وشهقاتها تملئ المكان تدريجياً.

لكّم اشتاقت إلى هذه اللحظه كثيراً، فقد كان كل امانيها وتخيلاتها وهي وحيدة، تخيل هذه اللحظة، تخيل شعورها في هذا الوقت، لكن الشعور هنا مختلف تماماً، الحقيقه تشعرك ولو ببعض الانتصار والنشوة بالفوز، تشعرك بـالراحة وأنك أخيراً قد رأيت الحلم الذي لطالما حلمته طوال سنوات غربتك قد تحقق الآن أمام عينيك رغم أحقيتك فيه لكنه صعب، رغم سهولة وصوله للغير لكنه كان مستحيلًا عليك، وأنت تقف تائهاً وغير مصدق لما تراه، لأنك من كثرة الاكاذيب التي قد رأيتها في حياتك كلها لا تصدق أن هذه حقيقة وليست أُكذُوبة كغيرها، كيف لهذه الامنية أن تتحقق!؟ وأنا من كنت قد تعودت على الخذلان!!
كنت تقف كالأبله الصغير الذي يأخذ الصدمات وراء بعضها البعض دون شكوى وداخلك يأن من كثرة الألم وكثرة الشوق والحنين للوصول!

وخلال لحظات فقط لحظات مرت على بعض البشر عادية وعلى آخرين كأنها دهر، لحظات كم انتظروها بفارغ الصبر وعندما جائت حسبوها حلم.

كانت "وچد" قد عادت حقاً لأرض الوطن، ولكن ليس أرض الوطن التي في مخيلتكم، التي هي ملك عام لكثير من البشر، بل كان أرض الوطن الخاص بها هي فقط، الذي اشتاقت إليه كل هذه السنوات الماضية.

إحتضنت والدتها بعد أن تركت كل ما بيدها خلال لحظات قليلة كانت في حضنها وهي تبكي بحرقه وكل من حولهم ينظر اليهم بشفقه على صوت شهقاتهم العاليه وكأنهم لم يبكوا منذ قرون، وكأنها كانت حبيسه في سجن مظلم بمفردها وها قد فرج عنها، لأنها عادت إلى أرض الوطن.

كانت تبكي بحرقة فتاة ما زالت في ريعان شبابها ولكن من داخلها عجوز قد ضاع شبابها هبائاً، فتاة من خارجها صغير ومن داخلها شائبةً قد ذاقت من آلآم الدنيا بما يكفي أُمّه، فتاة عانت كثيراً وما زالت تعاني من آثار الحروب التي خاضتها بداخلها وخارجها بمفردها، فتاة عانت من حرمان أقرب البشر إليها وكل هذا في سبيل أشياء هي حتى لا تعرفها، فتاة ... لو تكلمنا عن معاناتها إلى أبد الدهر لما وفيّنا حقها.

جزيرة الغموضحيث تعيش القصص. اكتشف الآن