اليوم الأول

202 6 2
                                    

كان ذلك أجمل صباح، فقد استيقظت على صوت الساعة الكبرى في المدينة. ذهبت الى الحمام فوجدت انه محجوز لعزيزتي هاجر التي ظلت في الداخل مدة خمس عشرة دقيقة ونصف. بينما نحن ننزل في سلالم الإقامة، اصطدمت هاجر في شخص ما، كانت فتاة سمراء ترتدي سروالا اسودا طويلا وقميصا زهريا وتضع وشاحا على رقبتها. أيقنت انا وهاجر انها هندية، فعيونها السوداء الواسعة توحي بذلك. قدمت هذه الحسناء اعتذاراتها وقدمت نفسها. "أدعى باتي، انا من الهند الجميلة وأنت".

- هاجر، هاجر من الجزائر. وهذه صديقتي رحاب. تدرسين هنا؟

- انه يومي الأول، لنذهب معا ان لم تروا مانعا.

رافقتنا باتي الى الساحة الكبرى، وهناك، أدركنا اننا لسنا في الجزائر حقا. كان هناك العديد من الطلاب من مختلف أقطاب العالم، فوصفتها هاجر بأطلس البشر. انضممنا الى أقسامنا، وفي الباحة الخارجية، بدأت الصداقات تنشأ. كنت متجهة الى الحديقة الشرقية بينما أوقفني شخص ما ليخبرني أنني أوقعت بعض الأوراق من حقيبتي. أظن ان الشعب البريطاني يحب التعرف على ثقافات جديدة، فمثلا، هذا الشاب الذي أعطاني الأوراق قدم نفسه تلقائيا.

- هاي، أدعى رايس. وأنت؟

- رحاب.

- انه اسم صعب للنطق، ألا يوجد اسم آخر لأنني لا أريد افساد اسمك فلعل معناه جميل.

- حسنا... مممم... هل ميليسا سهل للنطق؟

- جدا، واضح أنك باكستانية مسلمة.

- ليس تماما، ولكن كيف خمنت؟

- هذا الشيء الذي تضعينه على رأسك واسمك يوحيان بذلك

- لا، أنا من الجزائر. ألسنا من نفس الفوج؟

- هذا صحيح، أ انت بمفردك هنا؟

- لا، معي صديقتي. آسفة لكن عليّ الذهاب. سررت بمعرفتك رايس.

كان رايس فتى أشقر ومرح، فقد كان يصدر الضوضاء في القاعة من حين لآخر مع أصدقاءه. كان الحجاب الذي أرتديه قد أوحى له بأنني باكستانية، كما انني اخترت اسم ميليسا لأن اسمي كما قال "صعب للنطق"، فقررت ان أخبر كل من يسألني عن اسمي انه ميليسا كي لا يفسدوا معنى اسمي الجميل.

كنت في انتظار السمراء هاجر التي كانت تحاول الوصول الي. ثم أتت من بعيد حاملة في يدها كتابا ومجلة. كان الكتاب للأديب مصطفى لطفي المنفلوطي بعنوان "ماجدولين"، وقالت انه الكتاب العربي الوحيد الذي وجدته هناك. تناولنا الغذاء وعدنا الى الغرفة، نظرت هاجر الى الساعة وقالت انه حان الوقت للتكلم مع صديقتنا ريان عبر الانترنت. قابلتنا ريان بنظرة حادة وكأنها تعاتبنا على تأخرنا في التحدث معها، سألتنا عن لندن وإذا قابلنا أحد المشاهير ام لا، مضينا كل الوقت ونحن نمزح ونضحك ونسيت انه عليّ الذهاب الى النوم للاستعداد للغد. أغلقت الكمبيوتر ووضعت رأسي على الوسادة، واذ بها هاجر توقظني لكي تسألني سؤالا خطيرا.

- رحاب، ألا نحتاج الى عمل لكي ندبر بعض المال؟ المنحة الجامعية لا تكفي.

- الآن؟ احتاج الى مصباح منطفئ وليلة دون سؤالا تك الغريبة. اخلدي الى النوم.

كانت هاجر تفكر بعقلانية، فقد كنت أفكر في اخذ قسط من الراحة اما هي، فقد فكرت في المستقبل القريب. كانت ليلتي هنيئة وخالية من الكوابيس، فقط، تخللها حلم يثير للقلق. رأيت نفسي البس ثيابا بالية وانا جائعة جدا واحتاج الى المال، فأيقنت هناك ان هاجر فازت في اقناعي بأننا فعلا نحتاج الى عمل.

صدفة... أحببتهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن