4-جلباب

1.3K 212 124
                                    

عندما خرجت ولم اجده ظننته غادر، لم أحزن.... لا بل حزنت قليلا، ظننت أنني خذلت وسأترك وحدي فى عالم جديد لا أفقه به حتى اللغة!

لكن الخذلان الذي تعودته لم يحصل، لحظات بسيطة مرت عليّ كدت أغرق، لولا انتزعتني يد مهتدي من دائرتي المعتادة من عدم انتظار شيء واللا عشم فى أحد.

نظر لوجهي للحظات يلهث وابتسم وقال بانجليزية حسنة:
اعتقد أن علينا العمل على اعتيادك على اسمك الجديد!

ضحكت من نفسي حقا، انا بالفعل سمعته لكن لسبب ما ظننته شخصا آخر، كم أنا مغفل، أليس من البديهي أن أعرف أن سليمان الذي ينادي في الردهة هو أنا!

بعد لحظات بسيطة سألته: إلى أين الآن؟
اجابني: إلى مكان إقامتك!

دهشت قليلا وسألته: لما؟
قال بهدوء: لتغتسل!

جفلت وبدأت اشتم ملابسي كنت اقول في نفسي يا إلهي الجو هنا حار وقد تعرقت لكن اصبحت لي رائحة كريهة الآن، فسمعته يضحك، رفعت عيني عن ملابسي تجاهه اسأله بنظراتي فقال من بين ضحكاته:
ليس لك رائحة يا رجل ولكنها السُنة!

سُنة! ما هذه الكلمة؟ حسنا قالها لفظا كما هي بالعربية بالانجليزية، لم يكن هناك مرادف اعلمه عنها وفنظرت له متسآءلا اعيدها عليه: سنة؟
قال: السنة هي كل ما فعله او قاله رسولنا الكريم محمد، عليك اولا الاغتسال ثم سأشرح لك باقي لاحقا، علينا التحرك فصلاة الظهر قد اقترب وقتها.

فقلت من فوري وانا اسير بجواره في الشارع:
صلاة؟ هل سأصلي الآن؟ هل حقا يمكنني؟

فقال ببساطة:
ولما التأخير؟ أنت الآن مسلم يا سليمان!

كنت مذهولا كيف تم الأمر بتلك السرعة، شعورا لا استطيع وصفه لم يكن شعورا واحدا، كنت فرح وقلق وخائف! نعم كنت خائف تغيير كبير فى حياتي، ليس كبير بل جذري، لكن قلبي كان شيئا آخر، كانت خفقاته كطبل المعسكرات وكأنه يقيم احتفالا.

في وسط هذه المشاعر المتداخلة، مررنا بجوار محل تجاري مازال صاحبه يرتبه لا أعلم ما هذا! لكنه كان يضع ما بيعه خارج المحل، وكان من بينها البسة تعلق فوق وحول بابه وفي لحظة كما السحر رأيت ذلك الثوب الذي أغرمت به، يمسكه الرجل ويرفعه لاعلى، كانت رياح بسيطة تحركه وكأنه يلوح لي، كان اسمه جلباب هذا ما قاله العم سليمان الذي قابلته في مطار دبي!

بدون وعي مني توقفت ومددت يدي اسحبه من ساعده، واشير له بيدي الاخرى ثم قلت:
له أريد هذا!

فتوقف معي ناظرا لوجهي باستغراب وقال بالعربية كلمة لم افهمها فهززت رأسي تساؤلا فقال:
تريد ثوب؟

فهززت رأسي مجددا ولكن ايجابا، فتبسم وسبق خطواتي داخل المحل، سمعت محاوراته مع البائع ولم أفهم حرفا واحدا منها، ثم رأيته يمد يده في جيب جُبته ويخرج منها بعض المال عندها رأيت ان له عقلة من أصبع غير موجوده في يده اليسرى، لكن هذا ليس شأني، الشأن الآن أنه سيدفع عن ملابسي، فتمسكت بذراعه وقلت
ماذا تفعل؟

سنة أولى سُليمان  "الوصول"  انيجما 2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن