11-سنة أولى رمضان جـ2

1K 174 28
                                    

نعود لمخططي السري الذي كنت أقوم به وحدي من وقت لآخر.

سرا كنت أختفى عن عيون مهتدي كل أسبوع لأذهب لرؤيتها، أنتظرها عند مقر عملها وأتبعها إلى بيتها،  حتى أنني عرفت نافذة غرفتها ومواعيد نومها عندما كنت أنتظر تحت منزلها قبل المغادرة.

حتى أن وتيرة رسائلي النصية التي كنت أرسلها لها بدأت بالتزايد لم تعد الرسالة اليومية تكفي، لما لا أرسل اثنتان وثلاث ومن الممكن أربع! اشتقتها، وقلبي مغرم لا حول له ولا قوة.

ظللت على تلك الحال حتى آخر ليلة في شعبان، هاتفت صديقتها ميشيل وجعلتها تنزل لي فى مدخل البناية، وأعطيتها فانوس لفريدة، كنت عرفت انها هدية لطيفة في بداية رمضان!  وأكدت على ميشيل ألا تنطق باسمى أبدا مهما حصل،  على عهد أنني سأخبرها بنفسي لاحقا عند عودتي.

فى تلك الليلة مررت على كريم كنت قد نسيته طوال الشهر الماضى،  فاتصل بي لتناول السحور معه،  أخبرني متبجحا كعادته:
تعالى هأكلك!

وكأنني أموت جوعا وأنا بمفردي مثلا! لكنني أعلم نيته الطيبة لذا لم أعد أهتم بعجرفة حديثه فأنا أرى من خلالها طيبة قلبه.

بالفعل ذهبت لمطعمه ودخلت مكتبه وياللعجب كان يبدو كمكتب لا كغرفة نوم مراهق كما تركته آخر مرة زرته، فسألته مباشرة:
أين ذهبت المنامة والوسادة؟

ضحك وحك رأسه ثم ما انفك يطالع صورته في انعكاس زجاج النافذة بجواره ليعدل شعره وقال:
لا مهو البيت جهز، فبقيت ببات هناك بقا!

سألته مندهشا:
ولما لم تمكث فى الفندق؟

فأجابني:
لأ مبحبش أنام فى أماكن غريبة، البيت هناك كان لسة بيجهز ومحبتش أرجع للبيت التانى عشان بعيد شوية، ابقى فكرني اسيبلك العنوان عشان الكام شهر الجايين هعسكر هناك، وبعدين إحنا بنتكلم فى ده ليه! احنا دلوقتى يادوب وقت السحور،  النهاردة الأكل من ايدي يا فطيرة أنت!

للحق أفكاره التى تسللت لأذني كانت مشتتة وحزينة بعض الشيء فلم أفهم منها شيء، لذا قررت عدم التدخل مطلقا في أموره الشخصية، نظرت له مشمئز من ألقابي التي رماها على كلما رأى وجهي، وقلت قاصدا أغاظته لعلي اسحبه بعيدا عن الحزن الذي سمعته من تفكيره:
أتمنى ألا ابيت فى مستشفى أو أن أموت بالتسمم!

قطب حاحباه ونظر ناحيتى وكأنه على وشك شن هجوم ما،  ثم زفر وقال:

هعديهالك المرة دي! لو اني مبعديش أي كلام عن شغلي! صحيح تعرفني بقالك أد إيه أنت؟ ولا مرة سألتنى أنا بشتغل ايه؟  صح!

قلت وأنا أمط شفتاي بعجرفة:
ولما أسال أنا أعلم بديهيا أنك مالك المطعم!

عوج شفته العليا وقال:
بديهيا؟  ماشي يا بديهيا،  آه أنا صاحب المكان ده، لكنه موقعش عليا من السما يعني! فى الأساس أنا شيف يا بيه! يعنى كل الأكل النهاردة بريمو من عمايل إيدي! صحيح صليت التراويح فين؟

سنة أولى سُليمان  "الوصول"  انيجما 2حيث تعيش القصص. اكتشف الآن