كانت سناء تشاهد بعجز تدهور حالة
مريم.. حاولت معها كثيرا لكنها فشلت
حتى إستفاقت ذات ليلة على صوت صراخها
تتألم وجعا.... أسرعت إليها لتجدها تنزف
و بصعوبة إستطاعت نقلها نحو المستشفى
بمساعدة الجيران اللذين اشفقوا عليها...إستيقظت مريم لتجد سناء تجلس بجانبها
تمسك كتاب القرآن الكريم و تقرأ بعض
السور...نظرت لها بلوم رغم أنها حمدت الله
في سرها على نجاتها ثم حدثتها قائلة :
- كده يا بنتي عاجبك مرمطتنا في المستشفيات
كل يومين...حركت مريم يدها بصعوبة ثم وضعتها على
بطنها تطمئن على صغيرها بعد ما حصل
و بدون أن تتكلم أجابتها سناء :
- متخافيش البيبي كويس...بس محتاج
تاخذي بالك منه مش كل مرة تسلم الجرة و
لو فضلتي على الحالة دي مش هتشوفيه أبدا ....أغمضت مريم عينيها بارتياح و هي تتذكر
منظر الدماء و الآلام التي مزقتها... ظنت انها
خسرت طفلها، الشيئ الوحيد المتبقي لها
في هذه الحياة بعد أن تخلى عنها الجميع....قبضت بيديها على الفراش و هي تقسم بداخلها
أنها ستخرج من هذه المستشفى مريم
جديدة مختلفة و قوية... فالان فقط
صدقت كلام مربيتها التي لطالما شرحت لها أن الحياة الوردية التي كانت تعيشها ليست موجودة سوى في خيالها...و أن البشر ليسوا سوى وحوش
آدمية يفترس بعضهم البعض من أجل مصالحهم...من الان فصاعدا سوف تنسى الماضي
و تبدأ من جديد...لن يكون هناك مزيد من
الألم و الذل...ستحيا لنفسها و لطفلها فقط و سوف تدع الزمن و الايام تصلحان ندوبها...ألم الخذلان يحرق قلبها دون رحمة خاصة
أنه من أقرب و اعز الناس إليها.. من ظنته
يوما ما حبيبها و زوجها و أباها و سندها في
الحياة...كل الأعذار التي حاولت صنعها له بداخلها
لم تكن كافية...و في أول إختبار له سقط
و حطمها دون شفقة....طردها من حياته
كأنها لم تكن تعن له شيئا متناسيا كل اللحظات
الجميلة التي جمعتهم و المشاعر التي وهبتها
له بدون قيود....
أعطته روحها و قلبها قبل جسدها، كانت مستعدة
للتضحية بنفسها من أجله.. أحبته و عشقته
بكل جوارحها حتى بلغ الحب منتهاه...
لكن لا شيئ شفع لها عنده، لتجد نفسها في الاخير
ملقاة كخرقة بالية في إحدى المستشفيات
تتجرع مرارة الخيبة و ألم الفقدان...أغمضت عينيها باستسلام تاركة روحها
تنعم ببعض السلام بعد أن توعدت و أقسمت
أنها ستطوي صفحة الماضي بلا رجعة
من أجل طفلها... و من أجل مريم جديدة
تستحق أن تعيش.مر يومان و إستطاعت الخروج من المستشفى
و عادت لشقة مربيتها القديمة...دلفت تتأمل
جدران الشقة المتهالكة و الأثاث القديم
و كأنها تدخلها لأول مرة...بعد أن إنزاحت
الغشاوة من أمام عينيها، و أصبحت
ترى و تسمع من جديد.....
أنت تقرأ
بعد الفراق
Romantikكانت بريئة وساذجة عندما ظنت ان الحب وحده سيكفي، احبته حتى بلغ العشق منتهاه و لم تهتم بالفروق الاجتماعية بينهما