وضعت سناء يدها على فمها بعد أن وعت
لزلة لسانها فهي أخبرته بكل سهولة عن
هوية الطفل رغم تحذيرات مريم لها
أن لا تخطئ....أومأ لها عمار الذي إحتضن طفله بصمت
دون أن ينبس ببنت شفة.. فقد ألجمت
الصدمة لسانه و جعلته غير قادر
على النطق حتى...
توقف الصغير عن البكاء و نام على الفور
و كأنه شعر بالأمان بين أحضان والده
ليضمه عمار نحوه مقبلا كل ما تصل
إليه شفتيه... وجهه ، رأسه، عنقه و يداه...
لقد شعر به منذ أن رأها لأول مرة و رغم
غضبه من مريم لأنها أخفت عنه الحقيقة
إلا أنه كان متفهما لموقفها فبسببه
تعذبت كثيرا و لا زالت حتى الآن تتعذب...قاطع أفكاره صوت طرقات قوية على الباب
ليعيد الطفل إلى سناء ثم أسرع ليفتح
الباب...شعر بأن روحه قد ردت إليه و هو يراها
أمامه سليمة معافاة، إندفعت مريم نحو
صغيرها لتحتضنه بلهفة و كأنها لم تره
منذ سنوات و من شدة لهفتها لم تنتبه
لعمار الذي كان لازال يحملق فيها بعيون
مشتاقة...
كان يريد أن يأخذها بين أحضانه حتى يعوضها
عن كل الآلام التي تعرضت لها بسببه
و أن يعدها بأنه سوف يحميها إلى آخر رمق
في حياته...
لكنه بدل ذلك بقى في مكانه عاجزا عن التحرك
خوفا من ردة فعلها...سمعها تخبر سناء بأن تنزل
و تعطي بعض النقود لسائق سيارة أجرى
ينتظرها في الأسفل لكن عمار اوقفها و هاتف
أحد الحرس ليتولى الأمر...ذعرت مريم
لأنها الان فقط إنتبهت إلى وجوده.ضمت صغيرها نحوها و هي تجلس على
الأريكة و هي تقول بصرامة رغم تشتتها :
- أنا مش قلتلك متجيش هنا ثاني..إنت
عاوز مني إيه؟ إرحمني بقى مش كفاية
اللي حصلي من تحت راسك إنت و اختك
و مامتك عاوز إيه ثاني ".خفض عمار رأسه بضعف و هو يهتف :
- أنا آسف يا مريم... آسف على كل دمعة
و كل لحظة ألم حسيتي بيها بسببي..بس
أوعدك إني هاخذلك حقك من كل اللي
كانوا السبب في عذابك و اولهم انا...صاحت مريم فيه و هي تتمسك بمحمود
الذي إستيقظ بسبب صوت صراخها و بدأ
يبكي...:" مش عاوزة منك حاجة... إطلع برا
و متجيش هنا ثاني إنت فاهم برااا".إنتزعه منها عمار و هو يرمقها بلوم قائلا بثبات :
- مش وقته الكلام داه...انا هحل كل حاجة
و بعدين هرجعلك عشان نتكلم...رفعت إصبعها تحذره و قد إستشاطت غضبا
من بروده :
- مفيش بينا كلام و هات الولد أحسنلك".رمقها ببرود مصطنع و هو يقبل الصغير
قائلا :
- أنا هروح دلوقتي بس هرجع ثاني عشان
إبننا...لم تهتم مريم لكلامه و كأنها عقلها تعود
على إستقبال الصدمات لكنها إلتفتت
نحو سناء التي نظرت إليها باعتذار
لتفهم ما حصل فيبدو أنه قد نجح في
إستجوابها حتى حكت له كل شيئ...وقف عمار من مكانه و ألقى عليها نظرة
أخيرة ثم قال قبل أن يغادر :
- على فكرة إنت لسه مراتي يا مريم....
أنت تقرأ
بعد الفراق
Romanceكانت بريئة وساذجة عندما ظنت ان الحب وحده سيكفي، احبته حتى بلغ العشق منتهاه و لم تهتم بالفروق الاجتماعية بينهما