مقدمة
توقف بـسيارته أمام هاوية عالية ، أسفلها وادي عميق ربما مخيف قليلاً في هذا المكان الخالي تماماً ، رياح قوية و برودة قارصة ترتجف لها الأبدان ..
كان الأثنان يجلسان في السيارة أحدهم خلف المقود و الآخر بـجانبه ، أسند رأسه على مقود السيارة وعيناه هادئة غامضة و نظرات غريبة ظهرت بها ، نظرات فشل الآخر في فهمها ، لم يكن يعتاد عليها من قبل ..
أغلق عيناه تلك دقيقة ربما ، ثم فتحها مرة أخرى عندما هتف أخيه :
" ماهر ، أنت جاي هنا ليه ؟ "
هتف ماهر بـصوت خافت وهادئ :
" ليه أنت بالذات يا حازم ؟! "
قطب حازم حاجبيه بـتعجب هاتفاً :
" بتقول إيه يا بني مش فاهم ؟!! عايزين نخلص شغلنا ونرجع لبيتنا و بلدنا بقى و للعيال .. "
نفى ماهر بـرأسه بـبطئ و عقل مغيب :
" تؤ تؤ مش هنرجع .. "
رد عليه حازم بـضيق :
" مــاهر ، أنجز يالا و دوّر العربية يا تفهمني كلامك ده .. "
ألتفت له ماهر بـغضب و كره صارخاً بـقهر و نفاذ صبر :
" لـيــه كل حــاجة ليك أنت هااا ، ليه كل حاجة كانت عند أبويا حازم حازم حازم .... ليه أنا مليش قيمة بـالنسباله ؟ طـــول حياته بيحسسني إني مجرد واحد بيكمل شغلك اللي عملته ، كل حاجة أنت اللي تخطط ليها وعلى مزاجك وراحــتـك ، و أنا ... أنا مش شخص يكون مسؤول عن أي حاجة و مش وش أنه يحمل مسؤولية طـــول حيـاتـي مش بسمع من أبويا غير أتعلم من أخـوك ، شوفه بيعمل إيه ... أسأل أخوك ، اسمع كلام أخوك ، خد رأي اخوك ، أخوك أخوك أخوك دي كلمة أبويا كان بينطقهـا أكتر من اسمي .. "
صمت و سقطت دموعه بـغزارة ، بـداخله قهر و وجع كبير لا يعلم كيف يخرجهم ... يشعر لا ملجأ له بـأن يخرج قهره و غيظه و حقده سوى مع من كان سبباً في كل هذا ، هتف بـصوت مختنق و حاقد :
" من كتر ما قالها كرهني في حاجه اسمها اخـــوات ، كرهني فـيـك يا حازم ، هو السبب و أنت ... أنت السبب أنت اللي عملت زيه ، حتى بعد ما مــات بتتحكم في كل حــاجة بعملها كأني مستحيل أعمل حــاجة صح في حياتي ، لازم أنت اللي تراجع أي قرار خده ماهر ، ليــه ؟ عشان مــاهر فـــاشل فاشل ، فاشل في شغله و فاشل في اختياراته وفاشل في تعليمه عشان مدخلش هندسة زي حازم و عمل زي شباب العيلة الشاطرة ، وفاشل برضو في إختيار مــراته اللي طلعت متجوازه عشان بتستغله ، و عشان عايزة توصل لحازم برضو ، فاشل عشان واحدة غفلته و كانت واخداه كوبري و أستغلت حبه ليها و داست على قلبه ، ماهر فاشل في تربية عـيـاله ، فــاشل في كل حاجة بيعملها .."
نظر إلى حازم الذي كان يتابع بـعيون متوسعة متجمدة ، شفاه مرتجفة و نظرات مهتزة حزينة ، لـتزداد دموع ماهر أكثر و هو يتابع بـقهر :
" طلّعت عيالك زيك و زي أبــوك ، نفس تصرفاتكم معايا بتعملها مع عيالي ، لما أبويا كان لسه عايش طوول حياته مالك اللي غالي وهو اللي مهم وهو اللي شاطر وهو اللي هادي و عاقل و طيب طب عـمــار مش زيه مش نفس سنه هااا ؟!! ليه كل الدلع لـ نــوران مش زمـزم بنت برضو وعايزة تتعامل نفس معاملتها ، ليه رقـيـة مراتك اللي مفضلة طيب و مــي مـراتي كانت متسواش عندكم لـيه ، حتى ... حتى الورث و الفلوس و الشركات و المصانع ، كتب كــل حــاجة بإسمك عشان تدينا أنت و تمن علينا ، مش واثق اني هكون قد المسؤولية بإني أخد كل حقي ... انا بكرهكم كلهم بكرهك أنت و أبوك و عيالك ومراتك وكل حاجة ترتبط بيك يا حــازم .."
كانت نظرات الصدمة هي المسيطرة تماماً على ملامح الآخر ، و عيناه المليئة بـالدموع ، الوجع ، الحزن و القهر ، ما كان يعلم ما في داخل أخيه يحمله له ... نظر له وهو يبتلع ريقه ثم حاول إخراج صوته المبحوح و المختنق :
" كل ... كل دا جواك لـ ليـا ..! أنا بعتبرك ابني يا ماهر ، بشوفك صغير عشان شايفك ابني مش أخويا ، بخاف عليك زي عيالي ، زي مالك ، سليم ، ساهر و سامر ، أنا مليش دعوة أبويا ميستهلش دا كله منك يا ماهر ولا أنك تفكر فيه كدا ، أنا مليش دعوة مليش .. "
هز ماهر رأسه بهدوء وصمت وهو ينظر أمامه ثوانِِ قليلة ليدير مفتاح السياره فجأة بينما كان حازم مازال في صدمته ولكن رفع رأسه بـفزع وهو يجده يقود السيارة بـسرعة كبيرة و مخيفة ، سرعة زرعت فزع غريب في قلبه و شعور مؤلم شعره بقرب نهايته ، يقود بهذه القوة ناحية الهاوية لـيهتف بـسرعة و رعب و فزع وهو ينظر أمامه :
" مـ مااهر بتعمل إيـه ..!! "
بينما الآخر كانت عيناه جامدة هادئة بها لمعة إثر دموعه و مازال يقود السيارة بسرعته ذاتها بل زاد من ضغطه على البنزين ، عيونه أهتزت قليلاً يرى أقتراب السيارة من الحافة ، سيارته سـتسقط من فوق هذه الهاوية العالية و المخيفة في بلاد غريبة لا أحد يعلم هويتهم بها ..
-------------------------------------------------------
عاملين إيه 🥺♥️
وحشتوني أوي والله 🙈♥️♥️رأيكم إيه في مقدمة الرواية 🌚♥️
الرواية مش هتبدأ دالوقتي هاا ، لسه بعد ما تنتهي امتحاناتي بإذن الله و لوقتها هنزلكم اقتباسات كل فترة و التانية ..
المهم متنسوش التصويت و تقولوا رأيكم
و السلام عليكم ♥️- بين الجنة و الجحيم
- حسناء محمود
أنت تقرأ
" بين الجنة و الجحيم "
Mystery / Thrillerحين تكون مُجبر لإعتزال ما تحبه ، لأنه يُؤذيك أيزيد الحب بـمقدار الألم ! أيزيد السماح بـمقدار الأذى ! أيزيد التعلق بـمقدار البُعد ! أيزيد العطاء بـمقدار الفقد ! أتزيد الثقة بـمقدار الخيانة ...!!! - بين الجنة و الجحيم - حسناء محمود