اقتباس

369 48 19
                                    

بيننا وبينهم
جبال جُثث
وأنهارُ حقدٍ
ودمُ وعويلْ
وثأرٌ طويلٌ
طويلٌ جدًا.

__________________

وسع عيناه يراه يتخطاه وهو يسير بـسرعة كبيرة ناحية الباب، لـيلتفت له ناظرًا إلى ظهره يتابعه وهو يكمل خطواته، لـيلحق به سريعًا وهو يردد بـسرعة ممسكًا بـذِراعه :
- أرســلان، استنى... استنى يا غبي كل حاجة هتدمر لو روحت، لو طلعت من هنا مش هترجع تاني صدقني، هيقبضوا عليك.... هيدمرونا مش هيشفقوا علينا والله..

أفلت أرسلان يده بقوة و نظر له بـعيون مشتعلة بقهر وصاح :
- يحصل اللي يحصل، مستحيل اسكت المرة دي مش هتمنعني..

هز عمار رأسه بقوة و سرعة، و ارتفعت وتيرة أنفاسه وهو يقف خلف الباب يمنعه من الإقتراب، و هتف بـنبرة مرتجفة و راجية :
- لا يا أرسلان، مش هسمحلك.... احنا كدا هنضيع، ساهر هيطلع اه بس إحنا هندمر..

زم أرسلان على شفتيه بقوة أدمتها، و طالعه بـعيون و حقد لم يهدأ، ثم هتف :
- خليك..

ألتفت مغيرًا وجهته وهو يسير إلى الباب الزجاجي المطل على الحديقة، لـيوسع عمار عيناه وهو يلحق به مرددًا وهو يتمسك فيه :
- لا لا مش هسمحلك تروح..

دفعه أرسلان عنه بـغضب، قلبه مشتعل بـوجع و حسرة لـما تتسبب فيه أفعاله، تلك المرة هو لا يقدر على العيش بذلك الذنب، سـيموت نادمًا إن لم يتراجع عن أفعاله تلك المرة،
ساهر لا يستحق أن يتركه يدفع ثمن أخطاءه هو، لا يستحق أن تفنى حياته في ذلك المكان ظلمًا..

دفعه و تخطاه، لـيقف عمار على عتبة ذلك الباب، و صاح بـصوت مرتجف و كأنه نداءه الأخير :
- عشان خاطري يا أرسلان، هحل الوضع والله... لو عرفوا هيدمروك، هيدمروك ..

لم يجيبه أرسلان، و تابع خطواته السريعة.... و لـ ثوانٍ بقي عمار مكانه جامدًا شعر بـضعف يصيبه، و قلة الحيلة تمكنت منه،
لـيمسح وجهه وهو يركض خلفه بسرعة و تعجل حتى أمسكه من ذراعه و هتف :
- استنى، مش هتروح مش هسمحلك، أنتَ مش هتدمر حياتك وحدك.... أنتَ هتاخدني معاك بعمايلك دي، وأنا مش هرضى تضيع شقايا و تعبي بتهورك دا...

دفعه أرسلان بـكامل قوته و غضبه، لـيسقط عمار على ظهره متأوهًا بعد أن فقد توازنه بسبب تلك الحجارة الكبيرة التي أصطدمت فيها قدمه، و رفع نظراته إلى أرسلان، يرى عيونه المشتعلة.... لهفة قلبه الواضحة في عيناه وهو يردد بـعيون دامعة :
- مليون مرة قولت ليك أنتَ متفرقش عندي! أنا.... أنا استحملت كل اللي عملته فيـا سـنيــن، استحملت عشان ساهر يكون معايا، عشان يكون كويس.... لكن دلوقتي اسكت ليه؟ ما أنا لو سكت هخسره طول عمري، وأنا مليش غيره..

صمت بعد أن اهتز صوته في آخر كلماته، لـيمسح وجهه بإرتجاف وهو يتابع :
- أنا مش عايز غير ساهر، ولو هو مش هيكون كويس في وجودي، يبقى وجودي في الحياة كلها ملوش لازمة، على الأقل ميكونش وجعه بسببي..!

طالعه عمار بـعيون متجمدة و ذاهلة، يشعر بـوجع كبير في صدره، يشعر بقهر العالم في تلك اللحظات، شعر بـوجع وحدته السابقة و الأبدية، هو لن يتقبله أحد ولن يختاره أحد، و تلك حقيقة هو رفض تصديقها كثيرًا، و لكن الحياة و الأيام تثبت له ذلك..

بقي ينظر إلى أرسلان وهو مازال على الأرض، ينظر له وهو يتنفس بقوة و اختناق، و دموعه حبيسة في عيناه، لـيجده يتابع له كلماته :
- هعترف بكل حاجة، و هيطلع.... مش هسيبه يخسر شغله و تضيع حياته في السجن، أنا اللي مكاني هناك مش هو..

أستدار ناويًا الرحيل، ناويًا أن يتابع طريقه و تلك المرة بـعزم و إصرار على عدم التراجع،
بينما تجمد عمار لـ ثوانٍ قليلة، ثم نهض و مازالت عيونه متوسعة، نظر إلى الحجر الصلب في الأرض، لـينحني وهو يرفعه بسرعة.... و في لحظات قليلة رفعه بكامل قوته وهو يضرب رأس أرسلان بقوة و عنف..

توقفت خطوات أرسلان و قد تجمدت، و تأوه بألم و وجع واضعًا يده على رأسه من الخلف، و زاغت عيناه وهو ينظر أمامه إلى العالم الذي يدور من حوله، و قد شعر بـشيء لزج بين أصابعه..

لـيلقي عمار الحجارة بـسرعة كـمن لدغته أفعى، و نظر بـعيون متوسعة إلى جسد أرسلان الذي يتهاوى أمامه حتى سقط أرضًا على وجهه..

دمعت عيناه مرة ثانية، و انحنى على ركبتيه وهو يهزه، ينتظر منه أن يتحرك، و لكن الآخر تراخة جسده و كأنه فقد الحياة،
نظر عمار إلى رأسه من الخلف لـيفتح شفتيه بصدمة إلى الدماء التي سالت على عنقه ولا يعرف أين جرحه من الأساس..

هزه بيد مرتجفة، ثم زادت هزته وهو يحاول أن يعدله مرددًا :
- أرسلان.... اصحى، حبيبي قوم... أرسلان.

مسح على وجنته بإرتجاف، و دموعه حبست في مقلتيه و قد باتت عينيه تأبى البكاء، طالع وجهه الذي شحب في الحال،
لـتتحول عيناه التي تطالعه بـلهفة إلى حاقدة، ينظر إلى عيناه المغلقة و جسده الساكن، لـيصيح بغضب و حِدة وهو يدفع جسده بـقوة :
- قـــوم، اصـحـــى..... أنتَ السبب أنتَ، أنتَ بتأذي نفسك، أنتَ اللي بتجبرني أأذيك و بعدها بتزعل و تلومني....

صمت وهو يتنفس بقوة، ثم ضربه بقبضتيه على ذِراعه :
- قوم..... أنا، أنا مليش دعوة مليش ذنب، أنتوا اللي وحشين مش أنا، أنا تعبت منكم....

أنهى حديثه وهو ينفجر في بكاء عنيف، و أنين قوي و متألم يخرج من بين شفتيه، يشهق و يبكي بـقهر و تعب..... قلة حيلة و حسرة، يبكي وهو ينظر إلى أرسلان المتسطح أرضًا وهو يجلس مكانه متجمدًا و كأن تكتفت أطرافه..

_____________________

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
عاملين إيه ؟ وحشتوني جدًا جدًا 🥺♥️

احم أظن الإعتذار غير كافي على مدة الغياب دي صح ؟
بس أظن برضو أن كلكم متوقعين سبب الغياب..

مكانش ينفع اكتب و نعيش في حياة الرفاهيات و ننسى إخواتنا هناك، هما بحاجة شديدة لينا و إن مكنش في إيدنا أي مساعدة فـ إحنا لازم نتكلم عنهم، لازم نوعي الناس الجاهلة بـظروفهم، لازم نفضل ندعي ليهم و لسانا طول الوقت يردد بالدعاء عشانهم..
دا أقل شيء ممكن نقدمه، المهم منكونش من اتباع "لا سمح الله"

الاقتباس دا نوع من أنواع العودة، البارت قيد الكتابة و اتكتب أكتر من نصه كمان، فـ دعواتكم ألحق أخلصه في أسرع مدة..
و دعواتكم لأهلنا في غزة و المقاومة ربنا يحفظهم و يحميهم و يسدد رميهم يارب..
اللهم آمين آمين آمين ♥️

متنسوش التصويت و تقولوا رأيكم..
و السلام عليكم ♥️

- بين الجنة و الجحيم
- حسناء محمود

" بين الجنة و الجحيم " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن