#الفصل_التاسع

31 2 0
                                    


الملاذ التاسع

**

سابقا جوان 2020

حين تصبح وطأة الحقيقة قاتلة على القلب، نبحث عن أناس ثقة أقرباء أصدقاء من نرتاح إليهم، نحاول أن أنتخلص من عبئها ولو بتخفيف الضرر على قلوبنا، بالبوح لهم فبالبوح وتخفيف وطأة الألم راحة، راحة آنية لكنها تجبر قلوبنا بعض الجبر.

في حضرتهم ومعهم نجد الدعم، نجد من يساندنا ويساعدنا على التفكير السليم بما أنه خارج دائرة الألم، وذهنه صافي فيتغلب على أفكانا العقيمة بكلمات مريحة جابرة.

***

قرر إلياس زيارة أكسل في مكتبه كالعادة يلتقيان هناك أو في مكتبه هو الآخر، جلس عنده مطولا يتناقشان في أعمال كل واحد منهما

ليتذكر أكسل أن عمه يحاول الوصول إلى ابنه دون جدوى، فقرر يخبره ربما يحتاجه ! وبنبرة مطمئنة ألقى أكسل بكلماته، فما كانت إلا خنجرا بقلب إلياس:

-"اتصل عمي يسأل عنك، إنه يحاول الوصول إليك ويجد رقمك دائما مغلق، اتصل به ربما يحتاجك"

تجمد جسده وبرودة شديدة أصابت أضلعه، ثم أردف وهو ينظر إلى أكسل بغموض ووجه متجهم:

-"حين يحين الوقت سأتصل به، وإذا اتصل بك مرة أخرى أخبره أنه بأفضل حال، وأن الشبكة ضعيفة في شقته"

وجهة أكسل نظاراته على وجه إلياس الذي يحاول أن يستشف ما به لقد تغير كثيرا.

أصبح أكثر انعزالا وانطواء عن نفسه، كيف عاد واستقر في الجزائر وهو الذي كان يأتي في العطل يضجر ويغادر سريعا.

وقد استقر قبل أن يعرف بسنة لماذا أخفى عنهم الأمر لا أحد يعلم على ما يظن.

يريد أن يعرف الآن وسيعرف مهما كان الثمن، فاقترب منه أكثر وباهتمام خصه به ثم أردف بإقرار:

-"إلياس أنت تتعمد عدم الرد عليه، صارحني ماذا بينك وبينه؟"

تجهم وعبس وجه إلياس والتزم الصمت يطبق على شفاهه بغضب يشرد في حزن.

فاستغرب أكسل ذلك وهو يمعن النظر على صفحة وجهه وتلك الملامح التي تغيرت من سؤاله.

والمشاعر التي تريد الصراخ حين مرت على وجه من غضب وغل ومقت للآخر على ما يبدو.

ليرى إلياس يبلع ريقه ومشاعر الخوف التي تصرخ من عينيه أيضا، وكأنه يحاول البوح ولا يستطيع.

يريد الصراخ وعينيه تستجدي المساعدة، فاقترب مجددا منه أكسل يقبض على ساعده:

-"أخبرني ماذا هناك؟"

أغمض إلياس عينيه ليفتحها بقوة، وكلما حاول الحديث يرتبك ويتلعثم، فما سيلقيه سيكون مدمرا بمعنى الكلمة.

قلوب فقدت ملاذهاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن