الفصل التاسع: كلمتان و حرف جر و صورة!.

1.7K 119 61
                                    

كان مقيم أسفل نافذتها واقفًا كحارس مقدام يحرس قلعة الأميرة، كمشرد يرجو أن  تدنو بنظرة من محياها عليه لترى حاله لعله يحظى بنظرة مشفقة تطيب جرح قلبه الدامي الغائر، إبتسم بسخرية على حاله، من كان يرفض شفقة الجميع أصبح هو يلهث خلفها، ككلب أجرب مرذول من مالكيه، و لكنها ليست الجميع أو مثلهم، و ليست كباقي الناس، هى وحدها فقط من تفردت بتلك المكانة التى فى قلبه منذ أن رأها تلهو مع ابنة عمه الراحلة، فإختزل بها الجميع، زاهدًا الدنيا فى عشبه الأخضر و زهرة بساتينه المريحة، يستكين بين أحضان خضارها و رائحة هوائها النقي المنعبث منها، ريڤان الذى معناه الأرض الخضراء، و اسمها على اسم زهرة أسترالية، بالطبع لن تكون سوى زهرة جميلة المحيا و الرائحة تفرد هو برؤية حسنها إستنشاق عبقها الآخاذ.

سنون أضاعها فى جبن و ها هو الآن يكمل فى إضاعتها من يده، فعل أهوج متهور و أحمق، و الكلمات لا تقدر بأن تصفه، و ها هو يدفع ثمن تصرفه غاليًا، و كأنها تعلم بمكنونات قلبه، و كأنها تعلم بأنها عندما تتخذ من الصمت ردة فعل و من الإبتعاد جانب و من الحرمان مأخذ هكذا تعاقب قلبه، و آه من هذا العقاب، ليدخل فى صوم كبير لا يعلم متى سيحين له كسره.

قاطع خلوته تلك صوت رسالة قد أتت له، ود لو يتجاهلها و لكنه يعلم من الراسل و حقًا يريد رؤيته، ليجد رسالة مفادها: فى مخزن بيتي.

رسالة من كلمتين و حرف جر، قد تبدوا لك رسالة تافهة مبهمة عادية، و لكنها بالنسبة لرامي عقاب يود حقًا أخذه عل هذا يشفع فى تخفيف الحكم على قلبه، ليذهب لذلك المخزن و يجده واقف أمامه فى حلبة مربعة كتلك الحلبة الخاصة بالملاكمة، ليجد إبتسامة ذلك الشخص تتسع و هو يقول: آه أنظروا من لدينا هنا، إنه رامي المتهور الأخرق، سعدت برؤيتك يا صديقي، أصعد هيا حتى أكسر عظامك العزيزة تلك و خصوصًا تلك اليد. أنهى كلمته و هو يشير ليده اليمنى تلك اليد التى لطمت وجنتها الناعمة.

ليصعد لتلك الحلبة و بمجرد أن إنتصب واقفًا وجده يسدد له اللكمات بغضب و هو يقول: بترفع إيدك عليها يا كلب، و رحمة أمي لأوريك.

ليسدد له اللكمات و أما هو فظل واقفًا لا يفعل شئ و إن سقط ينهض مرة أخرى، يتلقى كل هذه الضربات برحابة صدر و بسلام تام، يعلم بأنه اخطأ و يتمنى لو هذا يكون العقاب الكافي، و لكنه لم يظل مكتوف الأيدي عندما سمع الآخر يقول: والله ما هتبقى ليك يا رامي.

لتتحفز عضلات ذلك المستسلم عندما شعر فقط بتهديد واهي يفيد بأنها ستبتعد عنه، ليسدد للآخر لكمة قوية فقط أبعدته خطوات حثيثة للخلف و قال بجنون: إياك يا بلال تفكر بس فى كدا، ريڨان بتاعتي أنا و بس.

ليبتسم الآخر بلهاث و يقول: و مادام بتحبها قوي كدا عملت كدا ليه.

ليجيب الآخر بتذمر و يقول: ميخصكش.

ليقول بلال بغضب: لا يخصني، لأن اللي مديت إيدك عليها دي تبقى أختي، و اللي يفكر بس يجرحها يبقى كتب موته على إيد الظل يا رامي، و إنت عارف الظل ممكن يعمل إيه، و عارف أنا ماسكه عنك إزاى.

أتلمس طيفك (الظل المشرق بعتمة الليل) "مكتملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن