الفصل الخامس عشر: عتاب!، و بماذا يفيد؟!

1.4K 103 33
                                    

كانت جالسة فى سيارتها يقودها هو و عينيه لا تتحرك من عليها، لا يأبه لحوادث أو لسباب السائقين أو لأصوات إحتكاك العجلات بالأرض لتبتعد عن هذا الأخرق، فهو إختزل العالم بها و كفىٰ، أما هى فكانت فى ملكوت آخر تسبح به، تفكر فى أهل راميس و تفكر فيما مضى، أيعقل بأن يكونوا أهل راميس كأهلها، لا تريد رؤية ما يؤلم قلبها فهى لن تتحمل مزيد من الألم.

خرجت من السيارة، لتجد والدة راميس تأخذها بأحضانها بقوة، ليحيطها شعور الدفء مرة أخرى، مدلفًا فى قلبها نسائم بديعة أزهرت ورود الأمان بقلبها، لتغمض عينيها تتمتع بهذه المشاعر التي لطالما جافتها، لتسمع صوت والدها يقول: خلاص يا بهيرة إبعدي علشان أحضن البنت.

لتتمسك بها بهيرة أكتر و تتشبث بها كغريق يمسك طوق نجاته و للحق كانت روميساء هى الغريق و ليست هى، لتقول بإعتراض: لسه قلبي مشبعش منها يا حافظ إستنى.

ليضحك حافظ بقوة و قال و هو يضمهم سويًا: ولا كأنها هتقعد معانا اليوم كله يا بهيرة، إزيك يا حبيبة بابا وحشتيني.

لتنظر له بضياع و آه من تلك الكلمات الصغيرة التى سرقت لب قلبها و رحلت بعيدًا، أيعقل أنها حبيبة أحد؟، أيعقل بأن أحد يحبها؟، لتهرب دمعة منها حاولت إمساك رفقائها بقوة حتى لا تنهار أمامهم، لتبتسم و تقول: و إنت كمان يا بابا وحشتني.

كم كانت تتمنى لو تسمعها سهوًا من والدها، و لكن كان القدر يعاندها، ليسخر منها و هو يسمعها تلك الكلمات التى لطالما حلمت بها من شخص لا يمت لها بصلة، بالإضافة أنها ليست لها و لم و لن تختص بها.

لتدلف معهم للداخل و هى ممسكة يد والد راميس كطفل تائه لا سبيل له سوى تلك اليد، لتجد السفرة يفترشها الطعام ببذخ و ممتلئة بأكلات شهية لا تعرفها سوى شكلًا، فاشهى أكلة قد تناولتها كانت تلك المعكرونة المسمومة التى كسرت كرامتها و تناولتها، لتنظر له و كأنها تستأذنه للجلوس، ليبتسم لها بحب و تقول بهيرة بحب: أقعدي يا حبيبتي، كلي يا بنتي عملتلك الأكل اللي بتحبيه علشان عرفاكِ مش بتتغذي كويس و هفتانة، ختمت جملتها و هى تجلسها و تربت على كتفها و حجابها بحب و حنان أموى لم تفتقده كثيرًا للحقيقة، و لكن هذا الحب كان له رونق خاص، الشجاعة كانت رونقه الخاص، أما خاصة والدتها الراحلة فكان مغلف بخوف و جبن.

لتمسك الشوكة و هى تحارب ذكرياتها الخاصة بضراوة و قوة و تمسك دموعها بقوة كبيرة حتى لا تبكي و تجعلهم يشكون بها، و للحق تمنت لو فعلوا لترى هل عطفهم هذا سيدوم أم إنه زائف؟، فهى تعلمت الدرس بطريقة جيدة، لتعلم أن العيب منها و لكن بالحقيقة العيب ليس منها، لتأكل من الطعام بإستمتاع خفي و للحق كانت منبهرة من تلك الأصناف التي أمامها.

كانت نظرات أمها و أبيها ملآنة حنان و حب تجاهها، فهى بعينيهم لا تزال تلك الطفلة الصغيرة، و التى بمجرد أن تؤشر على شئ ما يستجاب لها، لم يكن هناك داعى لطلبها، فما تشتهيه يوجد أمامها و بكل صورة ممكنة، أفسدوها بتربيتهم تلك حتى فعلت فعلتها الشنيعة تلك، فعى قد إعتادت أن ما ترغب فيه تحدث عليه، لا تهم الوسيلة و لكن العاية هى ما يهم و لكن ماذا يفعلون؟، فهم ليسوا حمل خسارة الآخرى أيضًا يكفيهم تحملهم لخسارة الأولى، و لكن ها هى تعود أدراجها مرة أخرى لله سبحانه و تعالى ثم لهم.

أتلمس طيفك (الظل المشرق بعتمة الليل) "مكتملة"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن