◦•●◉✿ الفصل 14 ✿◉●•◦

26K 1.3K 484
                                    




كان الليل قد أرخى سدوله عندما انتهت آنسيا أخيرا من تجهيز نفسها .

عندما فتحت باب الحمام ،تسلل وهج خفيف من مدخل الخيمة وسال بنعومة فوق الفستان الأحمر الحريري حيث بدت آنسيا كأنها تقف وسط شعلة من اللهب الحارقة ،وربما هذا ما جعل قلبها يتوهج أو ربما يكمن السبب في نظرة جايد المشتعلة التي كان يسددها نحوها .

بدا كأنه غارق وسط حلم لذيذ لا يرغب أبدا في الاستيقاظ منه .

احمرت وجنتا آنسيا وهي تقترب منه .بدا وسيما ببذلته الفحمية التي تعكس لون شعره المموج والكثيف .كانت عيناه أكثر إشراقا من أي وقت مضى وأكثر جنونا أيضا .أما شفتيه فكانتا عالما آخر حيث يسبب مجرد النظر العابر اليهما في دوار مزمن .

قالت آنسيا وهي تمد أصابعها لتلمس شفتي جايد كما كانت تتوق منذ رأيتها لهما للمرة الأولى وكأنها كانت خائفة من ألا توتها الفرصة لفعل ذاك مرة أخرى :"أحيانا ينتابني شعور بأنك غير حقيقي ".

قال جايد وهو يطلق تنهيدة ليتمكن من التنفس بشكل صحيح :"هذا ما أشعر به طوال الوقت ". ولم يكن قادرا على إبعاد عينيه عنها بأي طريقة ممكنة .

تدفقت سيول من المشاعر بين جسدي آنسيا و جايد ووخزت جلديهما مثل شحنة من الكهرباء العالية .جفلت آنسيا وهي تبعد أصابعها عن شفتي جايد وقد شعرت أن جلدها على وشك أن يحترق .

تغيرت عينا جايد من التألق الى الألم وكأن تمتع آنسيا بكل هذا الجمال لهو شيء مرعب في هذه الظروف .في السنوات الماضية عندما كان يتوق الى اللحظة التي يجتمع فيه في غرفة واحد مع حبيبته لم يكن يعرف أن كل شيء سينقلب ضدهما بهذا الشكل المفزع .

مزاج الظلال أضحى كريها وهو ينذر بالعواصف الوشيكة .لو كان يعرف فقط .لو كان يشك فقط .لما سمح لآنسيا بدخول هذه المستعمرة قط ، حتى لو أدى ذلك الى حرمانه منها .فالأفضل أن تكون حية وآمنة في مكان ما على أن تكون بقربه تحت وطئ هذا الخطر الرهيب .

انقبض قلبه بشدة وهو يمد ذراعه نحو آنسيا لتتمسك به .إنه خائف .وهذا شعور مزعج وجديد بالنسبة إليه .هو الفتى الجليدي الذي لم يذق طعم الخوف من قبل طوال حياته حتى عندما توفيت والدته بأبشع طريقة ممكنة أمام عينيه. وها هو الآن يرتعش مثل طفل صغير .وجودها وسط هذه الحرب اللعينة يفزعه .إنه مرعوب من فكرة ألا يتمكن من حمايتها .لو كان وحيدا هنا كان ليستمتع بوقته .كان ليصبح مثارا وهو يندفع وسط حقل الألغام طلبا للخطر .طلبا للأدرينالين اللذيذ الي يبدأ في الخفقان وسط عروقه .كان ليتسلى بالرعب الذي يكتسي وجوه الجميع من حوله .كان ليتسلى بتحدي الظلال اللعينة .

لكن ها هو عالق داخل دوامة من الخوف على أكثر شخص مهم في حياته كلها والتي كانت قبلها بلا طعم .خرج مع آنسيا التي كانت تتمسك بذراعه خارج الخيمة وتطلعا معا بعيون واسعة الى السماء الصافية .تبادل النظر مع زوجته دون أن يسمح للظلام الذي يسري في عروقه بأن يصل اليها .ابتسم لها بدفء وهو يتوعد في داخله .ايا يكن ما يحظرونه من أجلهما فمن الأفضل أن يقتلوه أولا، لأنه إن بقي حيا دون آنسيا فلن يموت قبل أن يشعل الجحيم ويهدم هذه الأكوان الفانية .سيهدم عالم الظلال حتى لو كرس حياته من اجل هذا الهدف .إنهم يعرفون حقا ما هو قادر عليه وأي شيطان يمكن أن يكونه عندما يفلت العنان لشره الدفين.

The cold dance II الرقصة الباردةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن