الفصل السابع

314 15 1
                                    

" سفيان ! .. ماذا تفعل ؟!! "
فتح عينيه وهو الذي كان منسجمًا في عالمه ثم نظر إلى أخته التي أتت على شجى ألحانه دون أن يعقب بشيء مكملًا عزفه بمزاج رائق بينما همهمت چيانا بصوت عاتب وهي تنظر نحو مكتب والدها المغلق :
" أنت غائب منذ ثلاثة أيام وتركت أبي يستشيط غضبًا بسببك "
التوت شفتيه بابتسامة هادئة وعيناه لا تزال مغلقة وكل ما تقوله لا يؤثر به مثقال ذرة إلى أن انهى سيمفونيته ثم قال بعد لحظات وهو يتأمل ما ترتديه :
" Nice dress "
توترت حدقتيها ثم ابتسمت باهتزاز وهي تمسد فوق قماش ثوبها ليسألها سفيان ساخرًا بعد لحظات :
" ذاهبة إلى حفل ما أم تتأنقين للضيف ؟!! "
" أي ضيف ؟؟! "
سألته بجهل حقيقي فأشار برأسه نحو مكتب والده قائلًا بنبرة لا تنم عن شيء :
" ابن زاهر "
اضطربت جين وزفرت بقنوط ثم غمغمت بصوت ضائق :
" آل ليس ضيفًا يا سفيان .. إنه من العائلة "
لصدمتها ضحك سفيان بلا مرح ثم قال بنبرة رائقة دون اهتمام وهو ينهض ويتجه نحو المكتب :
" أنتِ مثيرة للشفقة يا چيانا "
اتسعت عيناها لقسوة جملته ثم تابعت اختفاءه خلف باب المكتب بقلب يخفق من التوتر لأنها أدرى الناس بمدى كرههما لبعضهما ولم تعد تجد ما تفعله لرأب هذا الصدع الذي يكبر يومًا بعد يوم !
لقد باتت تعيش كل لحظة على المحك برعب وفزع من أن يكتشف أحد ذهابها شبه اليومي إلى بيت آل
رغم حرصها الشديد ورغم أنها لا تحيد عن خطواته التي رسمها لها إلا أنها لا تملك إلا أن ترتعب ..
سفيان لا يرحم في العادة
ومنذ موت سيدرا وهو قد فقد الجزء المتبقي من عقله فلم يعد يرى ولا يسمع إلا لصوت عقله الذي لا يحثه إلا على شيء واحد ..
الدماء !
ارتعد جسدها بخوف حقيقي يزرعه سفيان في قلبها في كل مرة يلمح فيها لمشاعرها ناحية آل
نعم تحبه ولا تستطيع إنكار هذا الحب أو اخفاءه
نعم تحبه بل وعشقها له مسطور على صفحة وجهها
نعم ولائها إليه رغم أن الطرف الآخر هو شقيقها
لكن آل مختلف ..
آل تعويذة ساحر تدلف بها إلى الجنة
آل اهتمام من نوع خاص ، شغف من نوع خاص ومشاعر شديدة الخصوصية لم تختبرها من قبل ..
ليت والدها يوافق على ارتباطهما
هي تدرك مدى حبه لآل لكنها في نفس الوقت لا تثق ابدًا في مخططاته فيما يخص مستقبلها
وتبقى في النهاية العقبة الكبرى
سفيان الذي سيقيم الدنيا حتى لا يتم هذا الارتباط
صمتت أفكارها للحظة حين اقتحم عقلها هاجس مفاجئ ..
ترى هل يخطط آل نفسه لهذا الارتباط ؟!!
_________

" أين كنت ؟!! "
كان استقبال هارون له بسؤاله الحاد متوقعاً فجلس سفيان بأناقة واسترخاء ثم أجاب ببساطة وهو يفتح زر بذلته :
" كنت في عطلة على أحد السواحل "
اكفهر وجه هارون بغضب بينما لمع الاستفزاز في عيني سفيان ولم يخب توقعه إذ هدر هارون بغضب :
" أي عطلة ونحن في هذه الظروف ؟!! "
لم تختفي الابتسامة من على شفتيه وسأل والده بإغاظة :
" أي ظروف ؟!! .. أنا تارك كل شيء خلفي على ما يرام "
كاد هارون أن يتحدث لكن سفيان استطرد بعجرفة وهو يشير تجاه آل باستحقار :
" كما أن العاملين يقومون بواجبهم على أكمل وجه "
وكان رد آل على تلك الجملة سؤال واحد جعل عينا سفيان تشتعل بغضب بينما لم يكلف نفسه عناء النظر نحوه :
" أخبرني كيف حال ايميلي ؟!! "
لينظر بعدها إليه يحدق في مقلتيه ووجهه يعلوه النفور مستطردًا بمكر :
" أنت كنت معها .. أليس كذلك ؟!! " 
انتفض هارون ونظر إلى ابنه بعينين مشتعلتين ثم هدر بجنون :
" هل عدت إلى تلك الساقطة مرة أخرى ؟!! " 
لم يترك هارون لابنه فرصة الرد إذ اعتلى الجبروت ملامحه ثم قالها صريحة :
" المرة القادمة سأنهي حياتها يا سفيان "
ليتركهما بعدها ويغادر الغرفة بغضب شديد تاركًا ماردين يتبادلان النظرات المتحدية التي لا تتناسب إطلاقًا مع جلستهم المسترخية وكأنهما في حرب أعصاب !
سأله سفيان فجأة بصوت بارد :
" هل قرأت يومًا عن طائر البتهوي المقنع ؟!! "
لم يعيره آل أي اهتمام بينما أجاب سفيان سؤاله بهدوء شديد :
" إنه طائر مغرد ، ريشه زاهي الألوان مغري للنظر ، لكنه سام "
نظر له آل بصمت مستخف فاستطرد سفيان بعينين قاتمتي النظرات :
" نعم .. جلده يحمل سمًا زعافًا ، أقوى من مادة السيانيد ٢٥٠ مرة "
اعتدل في جلسته ثم استطرد وهو يحدق في عيني آل :
" وحين تعبث معه الطفيليات يبث سمه فيها فتمر بالمراحل الثلاث التخدير ثم الشلل وبعدها الموت "
صفق له آل ثم قال بسخرية :
" وهنا تنتهي فقرة عالم الحيوان .. لكن أخبرني أولًا أي نوع من الطفيليات أنت ؟!! "
التوت شفتي سفيان باستهجان ثم تجاهل ما قاله آل بترفع مقصود ليغمغم بعدها باستهزاء :
" بالطبع ظننت أنك أحرزت هدفًا جيدًا في مرماي بذكرك لإيميلي أمام والدي لكنك في الحقيقة أبله لا تدرك أنني أوافقه الرأي في كونها ليست إلا ساقطة كغيرها من الفتيات اللاتي يترامين أسفل حذائي "
ليقترب بعدها بوجهه يحدق في عمق مقلتي آل سائلًا ببطء شديد :
" هل تذكر آخرهن ؟؟! .. دعني أساعدك وأخبرك أن اسمها يبدأ بحرف السين علك تتذكرها "
وفي ثانية انطلق المارد الأسود داخل آل وحطم جدرانه ثم خرج للعلن فنهض وانقض عليه يعتصر عنقه بين يديه بغضب أعمى بينما استمر سفيان في هذره بصوت مختنق :
" ألم تتذكرها بعد ؟! .. الحرف الثاني ياء "
زمجر آل بجنون مطبق بينما كان سفيان يبدو مستمتعًا للغاية رغم اختناقه ..
اقتحمت چيانا الغرفة بعد سماعها أصواتهم المكتومة لتصرخ برعب ثم ركضت وحاولت إبعاد آل عن شقيقها بكل قوتها فأزاحها آل بعنف شديد بينما قرر سفيان إنهاء الأمر فقال بصوت ضاحك :
" هيا يا آل ، لن أذكرك باسمها الليل بطوله "
" كفى "
هدر بها هارون بغضب شديد وهو يدلف إلى المكتب بخطوات غاضبة بعد أن سمع صرخة ابنته ثم دفع آل بغضب بعيدًا عن ولده هادرًا بجنون :
" أيها الحمقى ماذا تفعلون ؟!! "
ليدفع بعدها آل عنوة خارج الغرفة ناظرًا إلى ولده باستياء شديد وخيبة أمل فتتبعهم چيانا بعد أن ألقت عليه بدورها نظرة غاضبة فينظر سفيان في اثرهم جميعًا بعينين يملئهما التوعد ثم تختلف النظرة في ثوان معدودة وكأن مجرد ذكر اسمها له طقوسه الخاصة ..
ليت لسانه قُطع قبل أن يلصق باسمها صفة العهر .. !
لكنه لم يفعل ذلك إلا ليثير جنون الآخر
اما جنونه هو فيعربد داخل خلايا عقله ..
يسبب له اختلال في حركة العضو الخافق
ويكتم نَفسًا لن يخرج من بدنه للنور أبدًا 
همهم بصوت شديد الخفوت وكأن مجرد اسمها صار سر يحتفظ به بين جنباته وغير مسموحًا له بالتحرر :
" سيدرا "
_______________

ولما تلاقينا .. الجزء الثالث من سلسلة قلوب تحت المجهر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن