الفصل الأول

1.1K 26 0
                                    

وقفت'رحمة' على الكرسي؛ لتعدل من أحوال الرف؛ بعد أن أعطتها زوجة أبيها الأوامر بنقل أشياءها إلى الغرفة الأخرى؛ لكي يخلو المكان لابنتها -بيتها وتتحكم هي فيه بيتها وتطردها من غرفتها - في تلك الأثناء دخل 'عز' ابن عمها بعد أن دق الباب، ليراها بتنورتها التي تكاد تصل لأقدامها مما جعلها فاتنه أمامه، فقالت له بفتور:
"ادخل …"

ثم تقدم منها لتنزلق قدمها من على الكرسي كأغلب القصص الكلاسيكية، وتقع بين يديه، وتقترب عيناه من عيناها التي لطالما لاحظ جمالهن، وشفاتها الوردية يكاد يقتل نفسه؛ لكي لا يُقبلها لف يده حول خصرها، وساعدها على النزول في تلك اللحظة دخلت عليهم غراب أبيها أي: زوجته ولمحتهم بهذا القرب فتقدمت، وهي تضحك ضحكة سافلة وعلقت بوقاحة :
"هيهي، الله ما الحلوة أهي مطلعتش قطة مغمضه."

رمقها 'عز' بنظرة حادة وأردف قائلًا:
"مالوش لزوم البتعمليه دَ يا مرات عمي."

ثم نظرت لها بحنق، وتولد بداخلها مشاعر الحقد …فاندفعت وهى تنظر لها بغضب :
"ليه؟ وأنتِ مفكراني شبهك."

شهقت وهي تصيح وتضرب على صدرها:
"شبهي يا لمامه …طب أنا هوري كي أنا ه أعمل أيه. "

فهمت 'رحمة'من تشنجها أنها ترغب في افتعال شيء ما حتى صدق حدسها، وتقدمت زوجة أبيها من الباب، وأخذت تصيح، وتصدح بصوتها؛ إلى أن جاء زوجها مسرعًا كان يظن في بادئ الأمر أنه خلاف بين ابنته وزوجته، ولكن اختفت ظنونه حينما قالت:
"الحق يا اخويا، شرفك البيتمرمغ في التراب، شوف ابن أخوك المرعاش لا عيش ولا ملح ولاطمر فيه حاجه…"

سمع تلك الكلمات اللاذعة التي أشعلته، وجعلت عقله عاجزًا عن التفكير فنظر لها 'سلطان' في سرعة، وأراد أن يأخذ رقبتها بين يديه حتى قالت 'رحمة 'باندفاع محاولة الدفاع عن نفسها :
"يا بابا والله مفيش حاجه ..."

قاطعتها قائلة، وهي تلوح بلؤم بعد أن أوشكت إصابة هدفها فرؤية احتقان وجه زوجها راق لها كثيرًا:
"أومال لو في دخلت عليهم يا أخويا لقتهم استغفر الله العظيم استر على ولاينا "

غلى دمه بعروقه وأمسك ساعد 'عز' بقوة التي أصبح مدهوشًا هو الأخر من سرعة تطور الأحداث وقال :
"اه يا كلب بتستغفلني بعد مرابيتك وكبيرتك ..."

حاولت رحمة التدخل، وتبرير الوضع قبل أن يتأزم قائلة:
"لا يا بابا …"

فقاطعها بصفعة نزلت على صدغها كالصعقة أصمتتها بل جعلتها تفقد النطق، وهى تنظر لأبيها بحزن شديد تكاد تسمع صوت قلبها المنفطر، الصوت الوحيد الذي سُمع بالغرفة بعد أن ساد الصمت كردة فعل لصفعته… فمنهم من كان شامتًا تلون الفرحة مقلتيه ومنهم من كان مصدومًا وسرعان ما تحول للغضب الشديد.

يجعلني أبكي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن