الفصل الحادي عشر : الحادي عشر من ديسمبر

1.2K 77 89
                                    


الحب لا يبدأ إلا عندما تبدأ موسيقى المطر

فما أجمل بدايات الشتاء

**************************

ما أنهى جولة التحديق بينهما الآن كان رنين هاتفها .. أخفضت بصرها تسحبه من جيبها و ردت مباشرة ما أن قرأت إسم المتصل تقول بعد ما نظفت حلقها :" أهلا أدريان " .. تبا .. فقط تبا .. ألم يكن كافيا حنقه من حبيبها الخفي حتى يظهر هذا أيضا ؟ .. زفر نفسا طويلا و أخذ مسدسه ثانية و همّ بإفراغ خزانه كاسرا بذلك كل الكرات الزجاجية المتبقية و على الأغلب كان يتخيلها أدريان برانديس  .. هذا جعلها تعقد حاجبيها تستمع إلى صديقها يتساءل بقلق :" أين أنتِ ؟ هل هذا إشتباك آخر؟" .. قلبت عينيها تجيبه :" لا إنني أتدرب فقط  ." تنفس الآخر يخبرها بسبب إتصاله :" أين إختفيت ؟ عليك المجيء .. المحامين سيقومون أخيرا بتنفيذ وصية العم إدواردو. "  ما أن إستمعت لذلك حتى إلتمعت عيناها بحزن لذكرى جدها فردت بصوت خافت :" حسنا .. سآتي ." .. هكذا فقط و أغلقت الخط تعيد بصرها إلى ذلك الذي وقف يرمقها بهدوء معاكس للفوضى العارمة بداخله .. إلهي إنه يشعر بنار قد أُبرمت في عقله و هي تنتقل من خلية إلى أخرى داخل دماغه .

جاء صوتها يكسر الصمت عندما قالت :" سيقومون بتنفيذ وصية جدي .. عليّ العودة ." .. أراد أن يسأل،  أراد حقا أن يسألها عن هذا الأدريان لكنه تراجع يومئ و يشير لها كي تتقدم أمامه ليتخذا طريق العودة دون صدور أي كلام من أي منهما .. بعد عدة خطوات توقفت هي وسط تلك الغابة فجأة تجعله يلتفت لها بقلق .. رآها تستدير فجأة  و بدت كأنها تركز بصرها على مكان معين .. لم يفهم ما حدث لها و لا لمَ توقفت لذا عاد بضع خطوات إليها و لمفاجأته فقد وجدها مغلقة عينيها و تبتسم .. ما اللعنة ؟ لمَ تبتسم هكذا الآن ؟ كان هذا ما تردد في ذهنه قبل أن يضع يده على كتفها و يسأل :" ما بكِ ؟ .. هل رأيتِ شيئا ما ؟" .. فتحت عينيها و قد ظهر عبوس طفيف على ملامحها كأنها تلومه لأنه قاطع أفكارها ، لكنها سارعت تنفي برأسها و تجيبه :" لا شيء مهم .. دعنا نذهب ." .. قضب بين حاجبيه بغير فهم و هو يفسح لها الطريق مجددا لتتقدم قبله .

طوال الطريق داخل السيارة كان يبدو أن لا أحد منهما يهتم بالآخر .. هو يركز مع القيادة ببروده المعتاد و هي مع الطريق بهدوئها المعتاد .. لكن الحقيقة كانت أن كل منهما كان يفكر بذلك الجالس إلى جانبه  .. و هذه المرة لم تكن بطريقة مختلفة ، بل كان كلاهما يفكر بحبه للآخر و تفكيرها في حبها جعلها تسترجع تلك الذكرى .. ذكرى رؤيته لأول مرة .

فلاش باك قبل إثني عشر عاما

يقولون أن البحر هو المصدر الأول للإلهام و المطر هو قطرات الوحي.. أن آخر المطر كأول البكاء ،، يخنقنا بالصمت و الكآبة و يثير فينا حزنا و شجنا لأيام مضت و لن تعود .. و هذا هو بالضبط ما كانت تعانيه في ذلك اليوم ؛ الحادي عشر من ديسمبر .. عيد ميلادها الرابع عشر و الذكرى الثامنة لوفاة والديها .. أين كانت الأجواء تليق بشهر الشتاء الذي بالتأكيد سيكون باردا على من لا يملكون ذكريات دافئة ؛ سماء متلبدة بالغيوم ، رياح قاصفة مصحوبة بدموع السماء .. برد قارص لكنه لم يكن ليؤثر على تلك الفتاة التي كانت تمشي بتثاقل داخل تلك الغابة و قد إختلطت دموعها بزخات المطر ، و التي كانت لتبدو لأي كان من يراها مجرد فتاة عادية تنحدر من عائلة فقيرة بسبب ثيابها الخفيفة التي ترتديها .

الحب حرب أم تضحية (Love War Or Sacrifice )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن