18 : أمنيةٌ قبل الإعدام

38 6 0
                                    

#🌿 Sometimes you have to be heartless in the life.

#تذكير : لا تحتاج حقًّا الى ان تشرح لأيَّ شخصٍ سبب كونك على ما انتَ عليه.


-



كانَ الطقسُ بالخارجِ موحشًا، صوتُ الرعودِ الحادّةِ مع الأمطارِ الغزيرةِ التي تصنعُ ضجيجًا عبرَ النوافذِ الزُجاجيّة المُتسخة في المنزل الصغير، لم تغرب الشمسُ بعد، ولكِن كانَ كلُّ شيءٍ داكنًا وكئيبًا بالخارج، أنوارُ المنزلِ مُطفأةٌ وبالكادِ يرى الطفلُ شيئًا حوليه، ولكِن اعتادت عيناهُ على الظلام.

يرتجفُ في زاويةِ غرفةِ المعيشة، يشعرُ بالألمِ في جميعِ انجاءِ جسده، تلقّى ضربة، ضربتين، ثلاثة واربعة .. الى أعدادٍ لا تُحصى، بواسطةِ قطعتينِ مِن الخشب، يتناوبونَ عليهِ ضربًا بما يطلقونَ عليهما اسم " الأبوين "، جسدهُ النحيلُ والضعيفُ لم يقوى على الحركة، الحديثُ ومُحاولةِ منعهم لن تُجدي نفعًا، بل ستزيدُ الأمرَ سوءًا، كل ما عليهِ او ان ينحبَ بصمتٍ وان لا يُدافعَ عن نفسِه، ولكِن كان يشعرُ بالعجزِ الشديد، كان بالكادِ يلتقطُ انفاسه، الدماءُ تتدفقُ مِن وجهه، ومِن انحاءِ جسده، لا توجدُ بقعةٌ سليمةٌ فيه، الكدماتُ بُمختلفِ ألوانِها تحتضنُ جلده، وعندما أدرك انهُ ليسَ لديهِ القدرةُ بتحريكِ ذراعهِ اليُسرى مِن الأعلى، أدرك انّها كُسرت، كان الألمُ رهيبًا، وخياليًا ولا يستطيعُ وصفهُ بتاتًا.

كانا يرى جسديهما يتحركانِ بترنحٍ مُبتعدين عنهُ مؤقتًا وكأنّهما يُريدان ان يأخذا استراحةٍ مِن افعالهما الشنيعة، تقومُ والدتهُ بشمّ مادةٍ بيضاء شبيهةٍ بالبودرة، تستنشقها وكأنّها النعيم، تغلقُ عينها وهي تفتحُ فمّها برضًا كامل، كانت هي الأخرى تمتلكُ كدماتٍ عديدة في جسدها، زوجها لم يرحمها هي الأخرى .. ولكِن عندما يفقدانِ عقليهما معًا، يصبحُ الضحية التالية هي ابنهم الصغيرُ الضعيف.

تتكئُ على الجدارِ لبرهةٍ حتى تستشعرَ بالشعورِ المرضي وهو يتحركُ لكلّ جزءٍ بداخلِها لتبدأ بعدم الشعور بآلامِ جسدها هي الأخرى، بينما والدهُ اخذَ ادراجهُ بداخلِ غرفةِ النومِ خاصّته، امسكَ زُجاجةَ الخمر وبدأ يشربُ منها بفوضويةٍ وعقلٍ غير كاملٍ كونهُ مِن الأساس في حالةِ سُكر، اسقطَ قطعةَ الخشبِ وهو يبعدُ الزُجاجةَ عنه، كادَ ان يتعثّر، ولكِنهُ توازن، فيصرخُ بصوتٍ عالٍ :

" تعالي لِهنا ايتها الساقطة "

الأخرى، كانت غائصةً في عالمِها الخياليّ، لم تكُن تُدركُ حاليًا ما يحدثُ حولها، وهذا ما جعلَ زوجها يشتاطُ غضبًا، يأخذُ خطواتهُ الثقيلة وهو ينحني ليأخذَ قطعةَ الخشبي خاصّته، اتجهَ لغرفةِ المعيشةِ ثانيةً، مُتجاهلًا ابنهُ المُصابُ الذي يرتجفُ بشدّة في زاويةِ الغرفة بنظراتِ الخوف الصغيرة، يأخذُ خطواتهُ نحوَ امرأته، وبغضبٍ وضعَ قبضتهُ على رقبتها، ثبّتها على الجدار، وقرّبَ وجههُ بوجهها، حتى بدأ يهمسُ بتهديدٍ لها، وكلُّ هذا يحدثُ امامَ طفليهما، الذي اعتادَ على رؤيةِ امرٍ كهذا، الى انَّ اليوم .. بدى وكأنُهُ اليومُ الأخير له في هذهِ الحياة.

المُحاصَر | KAIحيث تعيش القصص. اكتشف الآن