" أفتقده . "
زفرتها أعماقه حاملة لهيب اشتياقه ومرفقيه تستند على حافة نافذة حجرته بسكن الجامعة فيما بقت عينيه مُحدقة بشيء من الوله بأمواج البحر المتكسرة على رمال الشاطيء بصوت أطرب أذنيه .كل شيء جميل ومثالي ، فاز بحجرة في السكن الجامعي رغم تأخره بالقدوم ، ونافذة حجرته مُطلة على البحر ... فقط لمَ هي بالطابق الثالث ؟!
آهه طويلة مُتعبه أطلقتها شفتيه وألم ظهره يزداد فدلكه بباطن كفه محاولاً تهدأته ، فقط ، لمَ كان بهذا الغباء ؟! .. ألم يكن عليه استئجار مقعد بالطائرة بدلاً من القطار ! فمعاناة عموده الفقري الآن لا تمزح .
جرَ خطواته المرهقه رامياً بجسده المتهالك فوق سرير صغير استقر جوار النافذة ..
وسرحت به أفكاره بعيداً ، إلى مدينته الواقعة بعيداً عن العاصمة بألف كيلو متر .. نعم تلك المسافه الكبيرة قضاها بالقطار بدلاً من الطائرة ؟! .. ولعشرِ ساعات !
وبعيداً عن ألمه لم تعكس عيناه سوى شوق ألي مدينته شابه نعاس شديد فهي الثانية فجراً و ...
صوت ارتطام موجة قوية بالشاطيء جعله يقفز بنشاط متناسياً ألمه وكاتماً تأوهه لينظر أليها والى انعكاس ضوء القمر على صفحة مياه البحر الصافيه وظلت كفه تدفع جانباً الستائر الرقيقه ليتسلل ضوء القمر منعكساً على بشرة وجهه البيضاء ..
انتشت مشاعره تماماً بسحر الطبيعة ولم يعكرها إلا تسلل ذلك الشعور مجدداً لقلبه فتقوست شفتيه لارتسام ذلك المشهد القديم أمام عينيه وكأنه يحدث للتو .
( _بُني مصعب .. لا أريد أن أراك ناجحاً فحسب ، فالنجاح أصبح أمراً سهل المنال .. أريد أن أراك متميزاً متفوقاً ..
_أبي ولكني مُتفوق .
_كلا يا بني أنا لا أقصد الدرجات ..أن ما أُريد قوله أن أرى ما تعلمته يُترجم إلى أفعال في الواقع فتفيد بذلك نفسك ومجتمعك... يا بُني أن أسباب تفوق الدول المتقدمة علينا هو أنهم ترجموا ما تعلموه لأعمال في حين أننا أكتفينا بما تعلمناه بتخزينه في ذاكرتنا دون ...
_تقصد أننا نتعلم لنعمل.
_ نعم .. هذا ما أقصده بالضبط...أنت ذكي يا بُني رغم صغر سنك ..
أحتضن عبدالله ولده مصعب ذو الثمانِ سنوات بحنان وقال بسرور جارف:
_كم أشتاق لرؤيتك يا بني قد كبُرت والتحقت بالجامعة...سأُقيم حفلاً بهذه المناسبة .. كلا .. لا أظنُ ذلك كافياً .. سأوصلك بنفسي أليها . )ابتلت عينا مصعب بالدموع ولازال جسده يُذكر الشعور الدافيء بين ذراعي والده الكبيره المحتضنة له .. قبضه باردة اعتصرت قلبه وهو يهتف بكل لوعة الدنيا:
_ حسبي الله ونعم الوكيل...أنه اليوم الأول لي بالجامعة ولكن بدون أن تكون مرافقاً لي .. لقد حُرمت منك .. بالفعل أنهم قتلة .
أنت تقرأ
" أول صديق 1 " مكتملـــة
Adventureوطأت قدماه عتبة الجامعة وارتسمت ابتسامة ساحرة على محياه الوسيم .. أخيراً .. حقق حلم والده الذي طالما رنت روحه أليه .. ومن خلفه ربتت كف صديق طفولته الدافئه على كتفه ليقاسمه سعادته تلك !! ولكن ... من بين نظراته التفاؤليه تلك لمستقبله المشرق أبى ماضيه...