التاسعة صباحاً _
تطايرت أوراق الأشجار المصفرة ليرتطم بعضها بزجاج واجهة كافتيريا الجامعة وتمايلت أغصان الأشجار المزينة للأرصفه الخارجية بفعل الرياح الخريفيه وفي داخل الكافتيريا أنشغل جمال بأخراج شطيرته الثانيه ليبدأ في التهامها فيما تابع هيثم مضغ جزء من شطيرته الأولى بكل أدب قبل أن يقول فجأة بحيرة :
_ الكل يتحدث عن الحافله وتجوله البارحه في السكن بلا عصا ودون أن يفتعل شجاراً مع أحد .
_ لعلّه هدوء ماقبل العاصفة .
نظر له هيثم بغيظ فقال بلا اهتمام :
_ ماذا ؟! .. توقف أنت عن صياغة دراما عن كونه تَهَذَّبَ وإلا ستكون صدمتك أكبر حين يجدنا ثلاثة .
وابتسم بعبث " أنا أُهيئك للأسوأ ليس إلا . "
بيأس حرك رأسه والتفت لمصعب بعينين متلهفه أن يجد عنده مايؤيد تفاؤله لتتبخر كل آماله حين رآه يُحدق بما في الخارج في شرود ولازالت شطيرته كماهي لم تُمس ، وشاركه جمال استغرابه فسأله :
_مصعب مابك؟
صوت جمال مزق شروده فحوّل عينيه نحوهما ليرى الدهشه المنعكسه في وجهيهما فردّ بارتباك :
_هاه .. ليس بي شيء .. ولكن فيما كنتما تتحدثان؟
تضاعفت الدهشه بعينيهما وتطوّع هيثم ليُجيبه :
_ نتحدث عن الحافله وسلوكه الحسن البارحه .
تحركت شفتي مصعب بابتسامة ثم انحنى نحوه قائلاً بتفاؤل :
_ أنا واثق انه تغير .. فالمواقف السيئه أما أن تجعل الشخص أسوأ أو أفضل .
وبثقة أردف :
_ ومن سلوكه البارحه يبدو أنه سيتغير للأفضل .أشرق وجه هيثم سروراً فيما رفع جمال أحد حاجبيه قائلاً بسخرية :
_ يبدو أنك أسرفت في أحلامك ليلة البارحه .
تبدّل حال مصعب ومط شفتيه متذمراً :
_ كيف أحلم وأنا لم أستطع النوم طوال الليلة .
_ لماذا ؟!
سأله هيثم بتعجب لتتسع عيناه وقد أدرك خطئه فاستدرك في توتر :_ الأرق .. أُصبتُ بالأرق .
وضحك بلا سبب مُردفاً " أنها حاله تصيب الكثير من الناس ولا يُعلم لها سبب . "
أومأ جمال برأسه متفهماً وهو يُنهي طعامه قائلاً بشك :
_ متأكد أنك لم تُقابل الحافله في طريق عودتك ؟!
فزع شديد غطى عينا هيثم فيما عقد مصعب حاجبيه باستغراب قبل أن ينتبه لعينا جمال المسمّرة على شطيرته الكاملة فابتسم بسخرية :
_ أتشعرُ بالذنب ؟!
تغير وجه جمال وزاد شكه يقيناً فيما بدا هيثم كالصنم بينهما لا يفهم مايعنيانه وزاد وجه جمال غضباً للحد الذي انفجر مصعب ضاحكاً بشماته فصاح :
أنت تقرأ
" أول صديق 1 " مكتملـــة
Aventuraوطأت قدماه عتبة الجامعة وارتسمت ابتسامة ساحرة على محياه الوسيم .. أخيراً .. حقق حلم والده الذي طالما رنت روحه أليه .. ومن خلفه ربتت كف صديق طفولته الدافئه على كتفه ليقاسمه سعادته تلك !! ولكن ... من بين نظراته التفاؤليه تلك لمستقبله المشرق أبى ماضيه...