" أول صديق 1 " مكتملـــة

" ٣ "

- ١٠ صباحاً -

الكثير من الأشياء كانت مفاجئة لهيثم ، سهولة الامتحان رغم صرامة أستاذها الجامعي ، أصناف جديدة أُضيفت لقائمة مطعم الجامعة ليستمتع بطعام شهي بعد أدائه الامتحان ، تساقط الأمطار وضجيج ارتطامها بواجهة المطعم الزجاجية بعد نهار مشمس ولكن ذلك كُله لم يُفاجئه بقدر تفاجئه من مصعب المبتسم والمتبادل الحديث مع جمال باستمتاع وشغف وكأن لا شيء أصابه بالأمس ..

لم يستطع كبح ابتسامته أعجاباً به وبجمال الذي صدق بتخمينه فهاهو مصعب يتصرف وكأنه نسي تماماً ما حدث .

بل ومع خروجهم من المطعم بعد توقف الأمطار كادا يصطدمان بمصعب الذي وقف أمامهما فجأة صائحاً بجذل :

_متى نذهب لشراء مستلزمات نزهتنا البحرية!

صرخ هيثم بفزع وكاد يفقد توازنه فيما توقف جمال وقد بان بوجهه الشرود وعيناه تنظر في اتجاه بعيد عن الاثنين ..

_مصعب .. مابك تتصرف كالمجانين .. لقد كدت أن أصطدم بك وأقع.
صاح بها هيثم مغضباً ليحرك مصعب كتفيه قائلاً بعبث :

_و لكنك لم تقع ..

تجاهله هيثم بعض الوقت لكنه مالبث أن قال باهتمام :
_ما رأيك أن نذهب بعد صلاة العصر ؟

أومأ مصعب برأسه موافقاً في حين أعاد هيثم سؤاله لجمال الذي ظل على شروده :
_هاي جمال مارأيك بعد صلاة العصر!

أستفاق جمال من شروده ليسأله :
_ماذا قلت !

صاح به هيثم ساخراً:
_هل جئت معنا وتركت عقلك نائم على السرير.

منحه جمال ابتسامه بسيطة فجرت ذهول هيثم ومصعب فهي المرةُ الأولى التي تمر سخرية أحدهما به دون تعليق فسأله مصعب باستغراب :
_جمال مابك !

لوح جمال بكفيه محاولاً تبديد شكوكهما :
_أنا ! .. لا شيء .
وصمت قبل أن يعود بنظره لواجهة المطعم الزجاجية مُردفاً " ولكن يبدو أني نسيت أحد كتبي في المطعم. "

عاد هيثم ومصعب أدراجهما ، قائلين باهتمام:
_هيا سنذهب معك لإحضاره.

_كلا يمكنني إحضاره وحدي .. لا تزعجا نفسيكما عودا للسكن وسألحق بكما على الفور.

ركض جمال بعد ألقاء عبارته نحو المطعم بينما استدار مصعب وهيثم عائدين إلى السكن في صمت قطعه صوت مصعب الذي توقف ليقول بحيرة:
_جمال ليس على طبيعته ..
وعقد حاجبيه بشك " أن كتابه ليس معه حقاً ولكن أشعر أنـ .. "

_لعل ما تناوله من طعام لم يكفي معدته.

قالها هيثم ببرود ولكن ذلك لم يُفلح في تهدأة مصعب الذي حول نظراته نحو المطعم متابعاً بقلق:
_كلا .. ليس هذا .. أن ما يريده شيء مختلف تماماً .. شيء كأنه لا يريد منا معرفته ..