أول صديق " ٣٤ "

3.5K 332 93
                                    

               
                ( الساعة السابعة مساءاً قبل تنفيذ الخطة )

شّد عامر رائحة زكيّة جداً عند دخوله الشقة بعد عودته من شراء ما تحتاج أليه مهمتهم..

رفع أنفه للأعلى متتبعاً أثر هذه الرائحة، وأخذ يمشي بخطوات بطيئة إلى مصدرها... ولكن بغتة قطع تركيزه سماع صوت همهمة بسيطة من حجرة مصعب, فاستدار نحوها, وفتح الباب بهدوءٍ بالغ.

كان مصعب على سجادته رافعاً كفيه للأعلى, ويدعو بصوت حزين من أجل مهمتهم تلك...

أبتسم عامر ابتسامة كبيره فهاهو يتلقى الآن درساً أخر من مصعب، كم كان يتمنى لو أنه عرفه منذ صغره كان سيتعلم منه الكثير، لقد تعلم منه فقط خلال أسابيع قليله معنى اللجوء إلى الله، معنى الصبر، حسن الظن بالآخرين، كيف يختار أصدقائه..

لقد تعلم منه أن الصداقة ليست لقاء ثم فراق، بل لها معنى أخر تعلمه منهم, أن الصداقة أن تترك أثراً في نفس صديقك من طاعة يعمل بها، سواء كان قول أو عمل فيثقل ميزان حسناته وميزانك أيضاً، هذه هي الأخوة الحقه طاعة تناصح أمر بالمعروف ونهي عن المنكر.

  " لم أعد أتأخر عن صلاتي كالسابق، لقد استطعتم أن تحتلوا مكانه كبيرة في قلبي.. مصعب أنت بالذات تركت بصمة في حياتي لن تُمحى أبداً مهما فرقتنا الأيام لأن بصمتك كانت في جانب ديني الذي أثريته بتعاليم الإسلام..سيزداد ميزان حسناتنا معاً..أنت حقا كنت
أول صديق حقيقي في حياتي "

ارتسمت ابتسامة دافئه على مُحيا عامر وهو يُعيد باب الحجرة بصمت , حتى لا يفطن مصعب إلى دخوله, ثم واصل مهمته الأولى متقصياً مصدر تلك الروائح التي أثارت لعابه .

دلف إلى المطبخ, وشعر بذهول شديد عندما رأى جمال يطبخ, وهيثم يجلس على الطاولة يقطع له البصل....أطلق عامر شهقة قوية صاح بعدها بدهشة:
_جمال هل حقاً أنت تطبخ؟

استدار جمال نحوه, واستغرب تلك الدهشة المرتسمة على عينيه فقال ببرود:
_حقاً أنا أطبخ.

لوح عامر بكفيه في عشوائية قبل أن يسأله بنفس الدهشة:
_أنت فتى فكيف تطبخ؟

رفع جمال إحدى حاجبيه, وقال ساخراً:
_وهل أخذ المطبخ عهداً على الفتيات أن لا يطبخ فيه غيرهن!

أجابه عامر في ذهول بدأ يتناقص:
_كلا..ولكن لم أكن أظن في حياتي أني سأرى فتىً يطبخ ...أما أن يتولى ذلك الخادمة أو أحدى النساء.

زادت ابتسامة جمال الساخرة اتساعاً, وقال باهتمام:
_يُسعدني أني أول من حطم هذه الفكرة السخيفة العالقة بذهنك.

مطّ عامر شفتيه بضيق من عبارته تلك, فقال محاولاً استعادة بروده وهيئته الجامدة:
_ولكني لا أظن أنك ستجيد الطبخ أبداً.

وضع هيثم السكين, وصاح وسط دموعه التي أثارها البصل:
_بل إن جمال يُجيد الطبخ كثيراً..وستندم إذا ما فاتتك وجبة واحده من يديه.

" أول صديق 1 " مكتملـــة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن