¹

511 15 31
                                    


--

طرقاتُ الأحذيةُ حولهُ أخرجتهُ من عالمه، حرَّك رأسهُ بصعوبةٍ بليغةٍ يفتحُ مآقيهِ، منتبهًا للرجِل الذي احتلَّ المقعدَ قُربَ فراشهِ.

«سيد يونغِي، قصَّ عليَّ ما حدَث، ولا تنسَ إخباري بأدَقِّ أدقِّ التفاصيل.»

تمتمَ الرجُلُ مفتولُ البنية، وعادَ المعنيُّ يغرقُ بحصارِ ذكرياتهِ وأفكارهِ المبعثرة، والتي تبعثرُ ما بقي لهُ من عقلانية كذلك.

-

طبعتُ أقدامِي خارج منزلي، وأنشأتُ أركض في اعتياديّةٍ صوب وجهتِي، مكتبةُ البلدةِ الصغيرةِ التي أقطُنُ بها.

تتخلَّلت ترانيمُ الطيورِ المستبشرةِ بالصباحِ مسمعَي، ولفحنِي نسيمُ الضُّحى اللطيفِ يداعبُ خصلاتِي التي تصبَّغت بلونِ النَّعناعِ مؤخَّرًا.

بدايةُ النهار لَهي تحفةٌ فنيةٌ أتمنَّى لو أتملَّكها لنفسي، حيثُ أنا وحسبُ من ينعمُ بهذا البهاءِ الآسِر.

الهدوءُ يستوطِنُ الشوارعَ التي أحفظها عن ظهرِ قلبٍ، إلّا من بعضِ الصغار المتراكضينَ صوبَ مدارسِهم، ألوِّحُ لهم أثناء عدْوِي فيبتسموا ويردُّوها إليّ.

وصلتُ إلى المكتبةِ التي تتوسَّطُ البلدة، وحيثُ أعملُ بفترةِ عطلاتِي بعيدًا عن سيول الصاخبة، أنا أهيمُ بهذا المكان، هُيامَ الغريقِ بمنجاتهِ.

فتحتُ بابها على مصراعيهِ، وأنشأتُ أفكُّ قيدَ النوافذِ المغلقة، سامحًا لأشعةِ الشمسِ أن تغزو أركانَها العتيقة، وتعيدَ الأنفاسَ لكتبها المرتبة بمثالية.

وبعدَ اختتامِ أعمالِي بتنظيفِ المكانِ، وإعادة ترتيبِ الكتبِ، ارتميتُ على مكتبي البندقيِّ بجسدِي، حيثُ أضعُ وثائقَ عديدةً ودفاتر تحملُ أسماءَ من يتردّدون على المكتبة والكتبَ المستعارة، وما إلى ذلك.

استلَلتُ أنفاسي أريحُ ظهري على المقعدِ، عدَّلتُ من نظاراتِي فوقَ جسرِ أنفِي ثمَّ تناولتُ صديقيَ العزيزَ أشرعُ بفتحهِ حيثُ توقَّفتُ بالأمس، كتابي.

ثوانٍ وقاطعَ إنغماسي التام دلوفُ أحدهم، حدقتايَ تابعتاهُ يلِجُ دونَ إلقاء السلامِ كعادتهِ، ويحتلُّ مقعدهُ الذي يجلسُ بهِ مُذ أن باتَ يتردَّدُ عليَّ أنا ومكتبتي.

جيمين اسمُه، بارك جيمين، أعرف هويتهُ جيِّدًا لأني من قامَ بصنعِ بطاقة عضويته بالمكتبة، لقد مرَّ على انتقالهِ للبلدة أشهرٌ ثلاث، لم أعي كيفَ يكونُ صوتهُ حتَّى، حينما طلبتُ اسمهُ كتبهُ على ورقة.

حرِّرنِي، يُ.مِ.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن