46

142 12 0
                                    

- ماما هاتي فلوس علشان أشتري كيسين شيبسي
- ‏يا مفجوع يا أبن المفجوعة، أتنين بحالهم لوحدك؟
- ‏حضرتك بتعدي عليا الأكل يا ماما؟ طب هقول لي بابا لما يجي ها
- ‏ده بابا هيطفش مننا بسببك يا بلاعة أنت
- ‏شكرا ياللي كنت فاكر إنك أمي، الأمهات في إجازة وسايبة العيال من غير بزازة
ضربت على صدري بذهول منه، ومن كلامه، مسكته من هدومه بغيظ
- أنت يالا يا شبر ونص بتجيب الكلام ده منين؟
- ‏من يونس، معروفة يعني
هزيته بين أيدي وأنا مسكاه
- إسمه بابا، يا عديم الرباية أنت، بس هستنى إيه من واحد أبوه كان بيشقط أمه زمان
- بجد يا ماما، يعني بابا كان باد بوي
بصتله بقرف
- اه يا حبيبي شبهك كده، مش عارفة إيه الفخر إللي بتتكلم بيه ده، ولا كأن أبوك أخترع الذرة يعني!
حضني بطفولية وحب
- لأ بابا جابك بيته، وحبك، علشان أنا اجي على الدنيا
بوسته من خده بحنان وعيني لمعت بمحبة ليه ومن تعبيره البرئ، كمل هو بلهفة
- أحكي ليا يا ماما، قصتك أنتِ وبابا يلا
مسكته من أيده ومشيت بيه ناحية المطبخ بسرعة، وضحك، وقولت
- طب يلا تعالى ساعدني في الغداء، وأنا هحكيلك كل حاجة

من سبع سنين فاتوا؛
- لو سمحت ممكن توسع شوية علشان مش عارفه أقف
- ‏والله طالما أنتِ شايفة إن العربية مفيهاش مكان، ركبتي ليه
رديت عليه بصوت عالي وأنا من جوايا توتر رهيب بس حاولت مظهرش ده
- والله أنا شايفة المكان واسع، بس حضرتك إللي جاي تقف، وتقرب مني بطريقة مش كويسة
رد الراجل بقلة أدب، وباقي الناس إللي في العربية خدت بالها مننا وبصوا لينا علشان يعرفوا فيه إيه، شاور الراجل بإيده على الناس الراكبة وقال
- أشهدوا ياللي راكبين، حد منكم شافني عملت حاجة للست ديه
هزيت الناس رأسهم بنفي وبعض منهم بصله بقرف وسكت، حسيت بقهرة منهم علشان هما كل واحد كان حاطط عينه في تليفونه واللي بيتكلم مع إللي جمبه، ومحدش كان واخد باله مننا، بس من ساعة لما أنا ركبت ولقيت الراجل ده بيقرب مني بطريقة مش حلوة، وكل لما أحاول أبعد لآخر الأتوبيس ألاقيه قرب مني تاني، لحد ما خلاص مستحملتش وقررت أكلمه بالذوق، حسيت بدموعي بتحرق عيني من الظلم وإن محدش وقف جمبي، ولا حتى حد فكر يقوم من على الكرسي بتاعه علشان أقعد، فين الشهامة والطيبة إللي ماما كانت بتحكيلي عنهم؟ كانت دائما تقولي أمشي في شارع فيه ناس علشان لو حصلك حاجة بعد الشر، تلاقي إللي يدافع عنك؛ بس اكتشفت لما كبرت إن الناس هتقف تتفرج عليا ومش هتعمل حاجة، إلا القليل منهم، لقيت شاب وقف قدامي وقال بجمود ونبرة أمر
- اتفضلي يا آنسه اقعدي مكاني
بصتله بعدم تصديق وأنا مستغربة كلامه، لقيته أتكلم تاني بجمود وهو بيبص ناحية الراجل بشر
- اتفضلي يا آنسه مش هفضل أقولك كتير
قعدت مكانه بصمت، واكتشفت إني بعيط، أتحرك الشاب ناحية الراجل بثقة وقال بغضب
- إللي زيك عايز الحرق، ما هو أنت لو كنت لاقيت رد فعل من الناس الراكبة، كان زمانك خوفت تعمل إللي بتعمله، بس للأسف كله قرر يسكت عن الحق، طب مفكرتوش إنها ممكن تبقى زي بنتكم، أو أختكم، وحصل معاها كده، هتبقوا فرحانين لما تقولكم إن الناس شافتها بتتظلم وفضلت ساكتة زيكم كده؟ للأسف إحنا بقينا عايشين في زمن ما يعلم بيه إلا ربنا، أوقف يا اسطا على جمب
بعد لما خلص كلامه مسك الراجل من طرف القميص بتاعه، ونزله من العربية بعصبية بعد لما زقه وقعه برجله، وطلع تاني ركب، كل ده حصل بلمح البصر
- أتحرك يا اسطا، مستني إيه؟
قال كده، وجيه وقف جمب الكرسي بتاعي، وكأنه بيحميني؛ بصتله بإنبهار
- أنت بجد
رد عليا وهو باصص قدامه بثبات
- لا بهزار، شكل إللي حصل مآثر على دماغك شوية
هزيت رأسي بعدم وعي، وأخيراً جات محطة نزولي، نزلت من الأتوبيس لقيته هو كمان نازل ورايا، مختش في بالي أوي ومشيت بسرعة دخلت الشارع إللي ساكنه فيه، وأنا كل شوية ابص ورايا، والاقيه ماشي بثقة، وقفت ولفيت ليه بخوف
- هو أنت ماشي ورايا ليه يا أخ أنت؟
- أخ؟ وبعدين همشي وراكي ليه، كنتِ الأميرة ديانا؟!
شهقت بذهول، واتعصبت منه، رفعت رأسي وقولت بغرور
- أنا أحلى منها على فكرة، ولو مبعدتش عني هصوت وألم عليك الناس، وأقول إنك حرامي
ظهرت إبتسامة على وشه، وقال بإستخفاف
- اه حرامي، وجاي أسرق حاجة من شقتي إللي في عمارة رقم ٣ الدور الرابع
- ‏هو أنت الساكن الجديد، إللي جيت من يومين بس
- اه، هو بذات نفسه، وكل يوم بشوفك، وأنتِ بتكلمي نفسك في البلكونة بليل
اتحرجت منه و وشي بقى لونه أحمر، وفضلت ساكتة، لكن هو كمل بإبتسامة عريضة، وغمز بعينه
- القهوة بليل غلط على الحلوين إللي زيك، أشربي شاي بالنعناع علشان بحبه
بلعت ريقي بكسوف
- أن... أنت قليل الأدب
- أنا مالي، مش ذنبي إني ساكن في العمارة إللي قدامك، بلاش ترموا بلاكم على الناس بقى؟
قال آخر جملة بمرح، ومشي لحد باب العمارة بتاعته وهو حاطط أيده في جيبه، وقال بعبث
- متنسيش بقى ميعادك في البلكونة الساعه واحدة بليل، علشان أعرف مين إللي ضايقك في الشغل، وأنتِ بتكلمي نفسك، لحد ما تحكيلي مشاكلك في بيتي
- وبقيت أنا إللي بحكيلك مشاكلي يا وعد
اتخضينا أنا وآدم من صوته، جري آدم عليه وحضنه، شاله يونس وقرب مني باس رأسي بحب
- بتحكي للواد عن إنجازات أبوه العظيمة
ضحكنا إحنا التلاته وهو معانا على جملته، بعدين نزل آدم من على أيده وقال
- بقولك إيه يا آدم ما تروح تشوف أي حتة ألعب فيها، علشان أقول لماما على حاجة سر
ضربته في كتفه بخجل، ضحك هو بصوت عالي ومسكني من خدودي
- لسه بتتكسفي مني يا وعدي، أنتِ عايزة الواد الشبر ونص ده يفرح فيا
وانتهت الليلة ما بين طبخ ولعب وضحك، والحياة بتجري في جو دافئ وبيت مليان حب وسعادة، وبعض المشاكل الصغيرة إللي موجوده في أي بيت،
واشتغلت ف الصالة أغنية ليلي مراد إللي شغلها آدم على الراديو علشان عارف إنها المفضلة عندي أنا ويونس
"أنا قلبي دليلي قالي هتحبي .. دايماً بيحكيلي وبصدق قلبي .. انا قلبي دليلي"
#نجاة_محمود

حواديت "القلب وما يهوى"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن