53

120 5 0
                                    

- عايزة تشيز كيك، ولا قهوة سادة زي كل مرة؟
طلع الورقة والقلم وبدأ يكتب فيهم، من غير حتى ما يبص ليا!
- عايزة نسكافيه
وقف كتابة، واخيرا رفع نظره ليا، وقال بإندهاش
- بس أنتِ مش بتحبي النسكافيه، غريبة يعني؟
- إيه الغريب في الموضوع؟
شد كرسي وقعد قدامي بهدوء
- أنا أعرف إنك مش بتحبي النسكافيه ولا عمرك شربتيه قبل كده
- وقررت أحبه من دلوقتي
- قصدك زي ما أنا بحبه يعني؟
هزيت كتفي بلامبالاة مصطنعة
- زي ما أنت بتحبه، عادي يعني
ضحك على طريقتي وسند بإيده على الترابيزة
- مش ناوية برده تقوليلي إيه سر حبك إنك تيجي الكافيه هنا كل يوم؟
- زي ما أنت مش راضي تقولي إيه سر حبك إنك تشتغل ويتر في الكافية وهو بتاعك أصلا؟!
وقبل ما حد فينا يرد على التاني، سمعنا صوت أغاني اشتغلت من المذياع إللي متعلق جمب باب الكافية، ومعاه صوت الأجراس بتتحرك بسرعة بسبب الهواء الشديد، ومعاه شوفنا موج البحر بقى عالي من ازاز الكافيه إللي بيطل على الشاطئ
"مع نسمة هواء إزاي يا حبيبي قلوبنا اتلاقت...
إزاي يا حبيبي عشقنا الهواء، وصدفنا اتلاقت...
ده أنت حبيبي وكل أيامي، إزاي يا حبيبي قلوبنا اتلاقت"
سرحت مع كلمات الاغنيه، وافتكرت أول يوم شوفت فيه إياد، و إزاي حياتي اتغيرت من بعد صدفة لقاىٔنا...
كنت ماشية في الشارع وأنا راجعه البيت بعد يوم مرهق في الشغل وفجأة لاقيت الدنيا مطرت جامد والناس ماشية تخبط في بعض، هو ده الجو الطبيعي في شوارع اسكندريه! فردت أيدي في الهواء وسيبت المطر يلامسها بنعومة، وأنا ماشية بهدوء بحاول استمتع بكل قطرة مطر؛ فجأة لاقيت شاب راكب عجلة وجاي بيجري بيها من قدامي بإختلال في توازنها، وخبط فيا، و وقع فوقي بالعجلة في نص الشارع، حسيت بضهري اتكسر وصوت، وأنا بحاول أبعد الجسم إللي واقع فوقي
- أنت يا حيـ.وان، أبعد عني
حطيت أيدي على كتفه، وأنا ببعده عني، ورأسه كانت سانده على كتفي، ومش بيتحرك، لفيت رأسي ناحية رأسه وأحنا لسه واقعين على الأرض
- أنت ميت طب، ولا إيه؟
وأخيراً سمعت صوته بيتألم جنب ودني
- وهو فيه حد بيموت من وقعة عجلة برده
زقيته بقوة من كتفه و وقعته على الأرض وقومت وأنا ماسكة ضهري بوجع
- ولما أنت لسه عايش مقومتش ليه من عليا
شاور على رجله بتعب، لاقيتها بتنزف دم كتير
- إيه ده مين عمل فيك كده؟!
- العجلة وقعت فوق رجلي، وكان معايا كوبايات ازاز اتكسرت عليها
قعدت على ركبتي قدامه وساعدته يتعدل والمطرة نازلة علينا بغزارة، بصيت حواليا بخوف
- طب هنعمل ايه دلوقتي، أساعدك إزاي؟
مد أيده تجاهي وملامحه بتتألم
- خوديني عند الكافية إللي على أول الشارع
هزيت رأسي بلهفة
- إللي لسه فاتح جديد؟
- اه هو، ساعديني أوصله
مسكت أيده وحسيت بدفء، وأفكار غريبة؛ يمكن علشان أول مرة أمسك أيد راجل؟! وأنا دائما منعزلة عن العالم، معرفش غير طريق بيتي، وشغلي بس
سندته ومشينا براحه علشان رجله المصابة
- مش المفروض تروح مستشفى مش كافيه؟
رد بصوت هادئ
- أكيد هيبقى صعب نلاقي مشروع ياخدني للمستشفى في الجو ده
- وهو الكافيه هيدخلك بمنظرك ده
رفع رأسه وبصلي، وهنا بقى حسيت بقلبي بيدق جامد، وإن المسافة بقت صفر
- يمكن علشان الكافيه بتاعي، فهدخل عادي
شهقت بذهول، و وقفت
- بتهزر صح؟ عايزة أقولك إني جربت ال تشيز كيك من هناك، وكان تحفة بجد
أبتسم وقال
- ده شرف ليا يا...
- حنين، إسمي حنين
- وأنا إياد، واللي هناك ده الكافيه بتاعي
رجعت من ذكرياتي على صوته
- مين اخدك مني يا حنين
- مفيش افتكرت بس أول يوم اتقابلنا فيه
ضحك بإحراج
- متفكرنيش، ده أنا كان شكلي وحش، وأنا باخدك وبقع على الأرض
قولت بهمس
- عدى أربع سنين على اليوم ده
- العمر بيجري فعلًا
خلص جملته، وسابني ودخل ناحية المطبخ بسرعة، عدى دقائق ولاقيته خارج وماسك في أيده قالب كبير عليه تشيز كيك، وحطه قدامي، وقفت بإندهاش وعيوني بتلمع بفرحة وهو واقف مبتسم بحب
- كل ال تشيز كيك ده ليا لوحدي؟
طلع ورقة من ورا ضهره مكتوب عليها " كيف الطريق إلى وصالِك دلني؟ وأنا الغريق في بحر عيونك يا حنين"
حطيت أيدي على بوقي من الصدمة وقلبي مش مصدق، معقول إياد بيحبني زي ما أنا بحبه؟
- إياد ده بجد
حط الورقة في أيدي، وقال بحب ظهر في صوته
- بجد يا حنيني، أنا لاقيت نفسي مش قادر استنى اكتر من كده بصراحه
نزل على ركبته وقدملي وردة حمراء
- تتجوزيني يا حنين الروح
ضحكت بسعادة
- وإن مكنتش اتجوزك أنت يا إياد العمر، هتجوز مين.
"طول عمرى بقول لا أنا قد الشوق وليالى الشوق ولا قلبى قد عذابه
وقابلتك انت لقيتك بتغير كل حياتى
ما أعرفش إزاي انا حبيتك ما أعرفش إزاى ياحياتى
من همسة حب لقيتنى بحب وأدوب فى الحب وصبح وليل على بابه."

#نجاة_محمود
#حواديت_نوجة

حواديت "القلب وما يهوى"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن