على حافة الإنهيار

1.5K 95 37
                                    

"صباح الخير" ردتها فاديا ببرود تام و ثم دخلت..دفعت الباب بهدوء دون أن تغلقه تماما ووقفت مقابلة لداليا..التي بدأت تتوتر و ترتجف فراحت تعبث بثيابها..ترتب الكمين تارة و تشد القميص لأسفل تارة أخرى بينما تنظر إلى كيس المخبوزات ثم إلى وجه فاديا ذو التعابير الجامدة.

"أمسكي..أرسله زوجك"

و كأن تلك الجملة أوقعت قلب داليا على الأرض..لقد أبكمتها تماما و خالجتها رغبة ملحة في البكاء.

"أمسكي الطلبية..إلى متى أمد يدي هكذا؟"

و بصوت متهدج يخرج بالكاد من حلقها ردت داليا "لا أقوى"

"ماذا؟"

"لا أقوى على إمساك الكيس"

لا بد من أنها صدمة عظيمة تلك التي تجعل من كيس المخبوزات الخفيف شيئا ثقيلا جدا لا تقدر شابة في منتصف العشرينات على حمله..إبتسمت فاديا بطرف شفتها و إنحنت لكي تضعه على الأرض..ثم همت بالمغادرة..و دون أن تدرك داليا ما تفعله أمسكت معصمها بكلتى يديها و حاولت جرها إلى الداخل "لا ترحلي..ألن تستمعي إلي أولا؟"

"و ماذا ستقولين؟"

"إسأليني أي شيء و سأجيبك..لن أكذب هذه المرة"

عادت فاديا إلى الداخل و ثم خلصت معصمها العالق بين يدي داليا بعنف..فتألمت هاته الأخيرة..إنتبهت فاديا إلى الكدمات و سألت "يعنفك؟"

"أحيانا"

"بسبب الجدارية؟"

"أجل"

"لديك مكان آخر تذهبين إليه؟"

"هناك بيتنا في الريف"

"لما لا تعودين إليه؟ أجبروك على الزواج!"

"ليس بالمعنى الحرفي للكلمة"

"كنت قادرة على الإختيار إذا؟"

"نوعا ما"

"إجابات مبهمة كالعادة" تصمت لهنيهة ثم تضيف "لن أسألك لما كذبتي علي و أخفيتي شيئا مهما كهذا عني..لأنني أعلم ما ستقولينه..كنت تخشين خسارتي و ما إلى ذلك..لكن دعيني أسألك سؤالا واحدا..ما موقعي أنا من كل هذا؟ خطة إنتقام فاشلة أم محاولة بائسة للهروب من واقعك؟"

تطأطىء داليا رأسها ولا تجيب..تبتسم فاديا بإستهزاء و ثم تهم بالرحيل مجددا

"أنا أحبك" لفظتها داليا من أعماق قلبها بينما تذرف الدموع..تعلم جيدا أن الكذبة التي كذبتها أكبر من تغفر لها بإعتراف حب و بضع عبرات..لكنها أرادت أن تخبر فاديا بذلك قبل أن تغادر..من حقها أن تعلم بأن وسط ذلك الوهم الذي عاشاه معا هناك مشاعر حقيقية..لم تستدر فاديا لتنظر في وجهها أبدا..لقد توقفت عندما سمعت تلك الجملة للحظة و ثم تحركت لتواصل مسيرها..كانت تعلم أنها إن إلتفتت و نظرت في عينيها فقد تغفر لها كل شيء..رغم إيمانها بأنها إمرأة لا تستحق الغفران..فقد قاست العذاب و عاشت رفقة رجل لا تريده و رغم ذلك لازالت لا تدرك جيدا..معنى أن يحطم أحدهم قلب شخص أحبه بهاته الشدة..هل هاته هي النهاية؟ فليكن إذا..لم تكن تتوقع الكثير من هاته العلاقة على أي حال.

أوكسيتوسين "الجزء الأول"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن