وجه الحقيقة

1.5K 114 63
                                    

إستيقظت في هذا الصباح مبكرا..إنها غرفة جديدة و ليست متعودة عليها بعد..لكنها ستتعود ولا بد عما قريب..تمطت بعض الشيء على السرير..ثم قامت و نظرت إلى وجهها في المرآة..مررت يدها على شعرها الناعم الأشقر متوسط الطول..قبل أن تسرحه..نظرت بعينيها العسليتين في أرجاء غرفتها الضيقة مجددا و ثم قررت أن تأخذ نظرة خاطفة عبر نافذتها التي تطل على الجهة الأخرى من العمارة..حيث الشارع الرئيسي النابض بالحياة.

"صباح الخير يا جزائر"..قالتها و هي تسمح لهواء هذا الصباح بأن يدخل إلى غرفتها..ثم نظرت بحب إلى أسفل..إلى الأطفال يستمتعون بيوم عطلتهم قبل الأسبوع الأخير من الدراسة..يركظون في الأرجاء و يدحرجون كرة قديمة مليئة بالخدوش و الاتربة..هنا لا يرتدي الكثير من الاشخاص ثيابا رسمية قبل مغادرة المنزل..فيمتلىء الزقاق ببشر يرتدون ملابس مريحة و حتى أن بعض الجيران يخرجون بأثواب نومهم لقضاء بعض حوائجهم دون التحرج من ذلك.

يحيون بعضهم البعض كل ما مرو بجانب بعضهم صدفة..يسترسلون في الحديث بشكل عشوائي أمام مداخل العمارات و المحلات و قارعة الطريق..و يتشاجرون بشكل عشوائي أيضا..إنه شعب لا يختلف كثيرا عن جيرانه الشمال أفريقيين..عصبي و لكن عاطفي و يتمتع بروح دعابة جيدة..هذا ما عادت من أجله نعمة!..حياة بسيطة حيث يعرف الجميع بعضهم البعض..ولو أن تلك المعرفة تبلغ درجة الحشرية في أغلب الأحيان.

"لا تركن سيارتك أمام المقهى!"

"لا تغضبني في هذا الصباح بارك الله فيك"

"لا بارك الله فيك يا غول لا تركنها هنا"

إلتفتت إلى حيث الجلبة..إنه إلياس يتشاجر مع صاحب المقهى..لقد خشيت أن يحدث له مكروه..لكنه ركب سيارته من جديد..ركنها في مكان مختلف و عاد سيرا على قدميه..ثم صرخ عند مدخل المقهى ذاته.."قهوة سادة يا عبد القادر"..و ذات الشخص الذي تشاجر معه منذ ثواني هو الذي لبى الطلب فورا..حسنا قد يصعب على البشر الطبيعيين التأقلم هنا! لكن ماذا عسانا نفعل؟ إنه الوطن!

خرجت من غرفتها..اغتسلت و جلست إلى طاولة الطعام بعد أن قبلت جبين والدتها..دخل صلاح إلى البيت و رائحة المخبوزات الشهية ذات اللسعة الخفيفة الحلوة تفوح منه..وضع الكيس على الطاولة و إنضم لتناول الإفطار مع زوجته و إبنته.

"صباح الخير بابا"

"صباح النور يا نعمتي..كيف نمتي البارحة؟!"

"كطفل صغير"

هز صلاح برأسه و صمت بعدها..مد يده إلى هلالية طازجة من الكيس ثم أضاف "لست متأكدا ما إن كان هذا الكرواسون لذيذا ككل صباح"

تسأل زوجته فريدة و قد لمست في صوته بعضا من الأسى "ولما لا يكون كذلك؟"

"لا أريد أن أعكر الجو بأخبار مؤسفة و لكن يبدو أن عامل نظافة عثر على فتى المخبزة سامي في حالة مزرية عند الفجر"

أوكسيتوسين "الجزء الأول"حيث تعيش القصص. اكتشف الآن