زهرة في الظلام ... 10
مرت ثلاثة أيام على غياب والد ديزي الذي كان يتصل كل يوم و يتحدث معها و يستمع إلى ما فعلته خلال يومها
وفي اليوم الرابع كانت ديزي تنتظر والدتها و هي متحمسة فقد تذكر والدها أن اليوم سوف تبلغ الثالثة عشرة من عمرها وقد أرسل لها كعكة احتفالا بهذا اليوم
لكن والدتها اتصلت و أخبرتها أنها سوف تتأخر وقد نسيت تماما ما هو اليوم و على الرغم من ذلك ظلت ديزي تنتظر إلى ما بعد منتصف الليل و لم تعد والدتها إلى المنزل و التي أرسلت لها رسالة صوتية بعدم قدرتها على العود إلى المنزل اليوم لأن لديها الكثير من العمل المتراكم خلال فترة سفرها و قد طلبت منها أن تذهب إلى غرفتها وتنام و ألا تنتظرها وذلك أحزن ديزي كون والدتها قد نست هذا اليوم على الرغم من أنها أول من كان يحضر للاحتفال بها كل سنة فكيف لها ألا تقول لها كلمة واحدة
شعرت ديزي بالوحدة الشديدة ثم نظرت في أرجاء الصلة و من جديد سمعت صوت نقر عقارب الساعة و ارتطام قطرات الماء التي تسقط ببطء من الصنبور بدأت الدموع تتدفق من عينيها ثم بدأ الكلب بالقفز و الدوران حولها لقطع ذلك الصمت القاتل
نظرت ديزي نحو الجرو وهو يحاول اللعب معها ثم أحضرت الشموع ووضعتها فوق الكعكة لتحتفل بيوم ميلادها مع كلبها الصغير و تغني لنفسها بصوت متقطع حزين ثم أطفأت الشموع و نهضت من مكانها و أحضرت صندوق الموسيقا و بدأت بالرقص لعلها تبعد الأفكار الحزينة عنها و مع ذلك ظلت تذرف الدموع بصمت حتى تمكن التعب منها و نامت في الصالة
وفي صباح اليوم التالي دخلت والدتها إلى المنزل لتجد كعكة أمام الطاولة و إلى جانبها رسالة صغير من والد ديزي وهو يبارك لها بيوم مولدها
فتحت الأم هاتفها على عجل لتتأكد من التاريخ وقد كانت بالفعل قد نسيت هذا اليوم لتقف دقائق أمام الطاولة ثم التفتت لترى ديزي نائمة على الأريكة
خرجت الأم بهدوء من المنزل ثم عادة بعد أن اشترت بعض الطعام و الزينة لكن نباح الكلب كان عاليا و ذلك أقلق الأم
✴ديدي .... أفيقي ... أنا في المنزل✴
فتحت ديزي عينيها و قد كانت حمراء فقد حاولت حبس دموعها طوال الليل✴لم عيناك حمراء هكذا ... هل تؤلمك✴
🌻نعم .... مؤلم جدا🌻
✴صوتك أيضا .... هل حلقك يؤلمك ... سوف نذهب إلى الطبيب هيا ارتدي حذاءك بسرعة✴
🌻لا أريد الذهاب ... أريد فقط النوم أنا متعبة🌻
✴ما هذا حرارتك مرتفعة ... هل جلست أمام النافذة لفترة طويلة✴
لم تتمكن ديزي من رفع رأسها أو التحدث
كان رأسها ثقيلا و تشعر بألم كما لو أن هناك من يضرب رأسها بمطرقة و حلقها جاف وضيق وكانت أنفاسها ثقيلة و متقطعة
نظرت نحو الكلب ثم بدأت ترى كل ما حوله يتحول إلى أمواج مائلة و دوامات بلا نهاية و رغم أنها لم تتحرك من مكانها لكنها شعرت كما لو أن الأرض تهتز و تتأرجحوقفت ديزي لتخبر والدتها بما تشعر به و ظنت أنها تقف بشكل مستقيم و تتوجه نحو أمها و لكنها لم تدرك أنها لم تكن تسير نحو الأمام بل أن جسدها كان ينعطف و رأسه يميل مع جسدها حتى وقعت أرضا
و آخر ما أدركته كان صوت صراخ بعيد و أمها التي تركض نحوها و ملامح الرعب تعلو وجهها ثم أغلقت عيناها ببطء و تحول كل ما حولها إلى الأسود
اتصلت والدة ديزي بالإسعاف وهي في حالة من الذعر ثم وصل المسعفون إلى المنزل و كان هناك مجموعة من سكان الحي قد تجمعوا ليروا ما يحدث و من ضمنهم راكان الذي رأى ديزي و هم يحملونها إلى داخل السيارة وقد كانت صفراء اللون و تخرج أنفاسها بصعوبة
توجه راكان نحو متجر والدته مسرعا ليخبرها بما حدث و رغم أن والدته تفهمه بسرعة كونه ينطق بكلمات بسيطة إلا أنها لم تفهم ما به فقد كان يتلعثم في كلماته فهو لا يجيد التعبير بالكلمات
🌺راكان .. هل من الممكن أن تهدأ قليلا ... كل ما تقولوه هو ديزي و أخذوا ... ما بها ديزي ... هل هي في مشكلة🌺
🔸نعم🔸
🌺هل قام أحد بخطفها🌺
🔸لا🔸
🌺جيد ظننت أنك تقصد أن هناك من أخذها ... ما بها إذا🌺
🔸إسعاف🔸
🌺هل تقصد سيارة الإسعاف التي دخلت إلى الحي ... لقد سمعت صوتها ... ما دخل السيارة بديزي ... هل هي بداخلها🌺
🔸نعم🔸
🌺ماذا؟! ... هل هي مصابة🌺
🔸نعم🔸
🌺 .... هيا بنا سوف نغلق المتجر🌺
أعلنت صاحبة المتجر عن إغلاقها له بسبب ظرف طارئ و طلبت من الزبائن الخروج بسرعة
ثم توجهت نحو أقرب مستشفى و سألت عن ديزي التي كانت بالفعل به
وعندما وصلت إلى غرفتها رأت أمها قد انهارت و هي تبكي و تحاول الاتصال بزوجها الذي لم يجب على مكالماتها
ذهبت سيدة المتجر و بدأت بتهدأت والدة ديزي بينما راكان كان ينظر من فتحة الباب و قد رأى ديزي نائمة ووجهها شاحب
فتحت ديزي عينيها لترى ضوء أبيض ساطع لم تكد أن ترى ما حولها من شدة تأثرها به ثم بدأت عيناها تعتاد شيئا فشيئا عليه نظرت إلى يدها التي تؤلمها لترى أنبوبا رفيعا متصلا بيدها ويمتد نحو الأعلى إلى أن ينتهي بكيس معلق في قمة عمود من الحديد و قطرات تتساقط منه عبر الأنبوب
ثم نظرت نحو الباب فرأت راكان يقف وهو ينظر إلها وعلى وجهه ملامح القلق لتنهض و هي تتذكر كم كانت تبكي طوال الليل وحيدة و شعرت أن جسدها ثقيل جدا و بالكاد تتمكن من فتح عينيها
ثم دخلت الأم بعد أن أعلمها راكان أن ديزي أفاقت و تطمئن على حالها
وقد أخبر الطبيب الأم أن الطفلة كانت تعاني من حمى شديدة و من الجيد أنها نقلتها إلى المستشفى
كان ذلك اليوم ذكرى مريرة رسمت في ذاكرة ديزي
.... يتبع
#مها
أنت تقرأ
🌻زهرة في الظلام🌻
Short Storyهل من الممكن للظروف أن تغير من القلب الطيب أم أن من يملك اللين في قلبه لن يتغير أحداث قصتنا تدور حول فتاة رأت الظلام في العالم وهي في عمر الزهور فهل سوف تبقى مشرقة رغم كل ما حدث معها أم أنها سوف تذبل وتدفن نفسها في ذلك الظلام هذه القصة من تأليفي وم...