أحِبّه في الخيال لكِنني لن أطيقَ أن يكُون واقعا!
وَد، سواع، يغوث، يعوق ونسر، لا بدّ وأنّك مررت بهذه الكلمات المألوفة من قبل، أليس كذلك؟ صحيح، إنها أسماء الأصنام التي عبَدها قومُ نوح، والمذكورون في سورة نوح: ﴿وَقالوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُم وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعًا وَلا يَغوثَ وَيَعوقَ وَنَسرًا﴾ [نوح: الآية: ٢٣]
وقد تتساءَل عن علاقتُهم بمحتوى الكتاب؟ صبرا، ستفهَمُ الأمر عندَما أخبرِك من هؤلاء وما قصتهم.
هذه الأصنام التي عبدَها قومُ نوحٍ عليه السلام وامتنعوا بسببها عن عبادة الله عز وجل، هُم في الحقيقة كانوا بشرا، كانوا رجالا صالحين، لمّا ماتوا زيّن الشيطان للقوم أن يصوّروهم؛ أي أن يصنعوا لهم تماثِيل، إذا رأوها يَنشَطون -بزعمهم- على الطاعة، لكِن مع مرور الزمن، وتغيّر الأجيال، جاء آخرون فقال لهم الشيطان إن أسلافكم كانوا يعبدونهم، ويتوسلون بهم، فتحوّلت هذه التماثيل إلى أصنام تُعبَد وتُشرَك مع الله عز وجل، وتوارَث مَن بعدهم التوصية على التمسّك بعبادتها.
وما أريدُك أن تستخلِصَهُ مِن هذه القصة، أن الفكرة التي قد تبدو بسيطة عادية (مثل صنع تمثال لشخص صالح تنشط للعبادة عندما تراه) قد تتحوّل إلى مصيبة وكارثة وأمر بالغ الخطورة (مثل تحول هذه التماثيل إلى أصنام تُعبَدُ مِن دون الله)، وهذه خطوات الشيطان نسأل الله أن يجيرنا منها.
فتعال الان نسقِط هذه الخلاصة على تِلك الشخصيات الخيالِية التي نكتُب/نقرأ عنها في الروايات، تلك الشخصيات الأشبَه "ببالوعة" تحتوي على مختلف الأخلاق السيئة والأفكار المنحرفة، وأخُصّ ما يُروّجُ على أنّها الشخصية المثالية، اللامعة، وخاطفة القلب.
سادِي، غاضِب ٢٤ ساعة، منحرف، لا يقدِر على التحكم بشهواته، عابث، رأسه مستنقعُ قذارة، المظهَر مِثالِي والأخلاق صفرٌ بعدَ الفاصلة، مُتملّك، غيرتُه تفجّر أنبوب القياس، سوطُه في يدِه لا يرتاحُ، العاشق الفاقد لعقله… وغيرِها من الصفات التي أتحفّظ عن ذكرها.
أكادُ أسأل بعضهن "هل ترضين برجُل كهذا زوجا لك؟ أو هل ستتحملينه كأخ أو أب؟" فكأنني أراها تنفَجِر ضاحكة في وجهي تقول: "أحبّه في الخيال لكِنني لن أطيقَ أن يكُون واقعا!"
؟
قد تدرِك فتاة لها حظّ في معرفة الجنس الآخر أنّ هذا ليسَ برجُل يُطاق، أو أن هذه الصفات مذمومة، وقد تُدرِك أخرى ما تزال تحتفظ ببعض الفطرة السويّة ذلك أيضا، بيدَ أنني أتساءل عن اليافعات؟ أو المراهقات بوصف آخر؟ من ما تزال عجينة تصوّراتها عن الجنس الآخر لم تتشكل بعد؟ من لا تعرِف السوّي الصحي من غيره؟ وعن الفرق بين هذا الخيال الذي تُصبِح فيه المرأة مُهانة بينَ يديه ثمّ تُمسي عاشقة ولهانة له وبين الواقع؟
أخشى أن يتحوّل هذا الخيال إلى واقع في المستقبل، أن تكُون نماذج الأزواج في الروايات هي ذاتها النماذج الحقيقية الموجودة على أرض الواقع.
رأيتُ بنفسِي إناثا من مختلَف الأعمار يذُبنَ حبّا في مثل هذه الشخصيات المريضة، رغمَ اعترافهن أنهن لا يُمكنهن بأي طريقة أن يقبَلن بشخص مثله في حياتهن، وسمِعتُ عمّن يعتبِرن العلاقات السامّة التي يُنتِجها لنا كاتِب مريضٌ فاقِدٌ لجزءٍ كبير من فطرته السوية هِي العلاقات الصحيحة.
فأيّ مرضٍ هذا؟
أيّ توجهات عجيبة يصنَعُها هؤلاء؟
إنّها خطوات الشيطان فلا عجب.
على الكتّاب أن يتّقوا الله في قرائهم وفيما يصدرون لجمهورهم -من اليافعين والشباب وغيرهم- من أفكارٍ مريضة وقوالِب سامة للعلاقات والشخصيات.
✨️
أنت تقرأ
ألا أريكَ نجمًا؟
Non-Fiction'ألا أريكَ نجمًا؟' -كتاب | قيدَ الكِتابَة والنشر- في سماءٍ تعُجّ بالأفلاكِ والكواكِب، ألا أريكَ نجمًا يدُلّك؟ • ملاحظة: يهُمّ الكِتاب الكُتّاب والقرّاء على حدّ سواء. -الفِكرة وبداية الكتابة والنشر: 16 غُشت 2023 -جميع الحقوقِ محفوظة ©