| 5 |

13 1 0
                                    

أعجَمِيّ متنكّر بهيأة عربِي. (الجزء الأول)

من قرأ تلك الروايات التي يظُنّ أصحابُها أنّهم يُسدُون صنيعا عظيما للثقافة العربِية بكتابتهم قصصهم ضمن نطاقِ أرضها يُدرِك مدَى الخطواتِ الفاصِلة بيننا وبينَ الإشراف على منحدَر بالِغ الخطورة.

عن ماذا أتحدّث بالضبط؟

عن روايات مُشوّهة، تُنسَج أحداثُها داخِل إطار ثقافتنا، وهي بعيدة كُل البعد عنها، فتبدو فيها الشخصيات حفنة من المهرجين، يرتدون زِيّا عربِيّا تقليدِيا ومن نظَر إلى شخصياتهم، وأخلاقياتهم، وتدينهم لم يجِده سوى زِيّا تنكّريا لا يناسِبهم.

نعانِي اليوم أزمة كبيرة بشأن الهوية العربية، والإسلامية، إذ نبدُو كما لو أننا غشّاشُون داخِل اختبار، ننقُل الإجابات من الجميع دونَ أن نفهَم ماهية الاختبار الذي دخلناه أساسا، ولا ماهية ومآل هذه الإجابات التي نختارُها ونقلّدها!

ما فائدَة أن آتِ بقالَبٍ عربِي ثمّ أصنَع داخله قصّة أجنبية؟ أجِد البطَل باسم عربِي، وانتماء لبلد عربية، ثمّ لا أرى من تصرفاته ما يدُل على أصله هذا؟ بل على العكسِ يقتبِس أسلوبه، وكلامه، وتصرفاته، وأخلاقه ومبادِئه من تصورات أجنبية لا ملامِح فيها للعروبة ولا للإسلام!

والأسوء من هذا، من يكتُب رواية يدّعِي أنّها تُمثّلنا ثمّ ينسُج كلّ ما لا يليق داخلها، بداية من العلاقات المحرمة، إلى تصورات غربية بحتة في النظر إلى العلاقة الزوجية!

هذه والله حفرة عظيمة، يجدُر بالقارئ أن يحذر منها أكثر من حذره من قراءة الروايات ذات الطابع الأجنبي، فأنت عندما تقرأ رواية -باللغة العربية- وتكون أحداثها منسوجة في الغرب وشخصياتها أجنبية، رغمَ ما قد يكون فيها من مساوِئ يبقى في ذهنك مصباح يضيئ لك كل حين بأن هذا بعيد عنك-- وإن كنتُ أشك في هذا، لكن أن تقرأ رواية يفترض أنها عربية، لكن تجد فيها كل ما تجده في رواية بطابع أجنبي، فهنا المصيبة!

وقد يقول البعض: لكننا اليوم متأثرون بالغرب بالفعل، وفي الواقع نجد مثل هذه القوالب، أن نرى عربا يبدون أقرب إلى العجم في كل ما ذكرتِ، إذن فهؤلاء الكتاب يكتبون واقعا معاشا!

فأقول: هذا صحيح، مجتمعنا اليوم مجتمع مُشوّه، مطموس الهوية، لا يعرِفُ نفسه، فيحاوِل بشتى الطرق تقليد مجتمعات مختلفة عنه عسى يجِد لنفسه هوية وملمحا، لكِن مع ذلك: شتان بينَ أن نطرَح أطروحة ونعالِجها، وبينَ أن نطرحها ونؤازرها وندعمها، ونروّج لها على أنّها الصواب والحق.

وهذه دعوة صريحة إلى كتّاب هذا الصنف من الروايات: ابحثوا عن هويتكم، ابحثوا عن أصلكم، ذلك الكوكتيل العجيب الذي تصنعونه، وتطبيعكم مع مجتمع سادَت فيه العشوائية والجهلِ بالذات سيُأزّم الأمر أكثَر مما هو متأزّم، والله المستعان.

✨️

ألا أريكَ نجمًا؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن