الفصل الثامن والعشرون

3.1K 113 61
                                    


غلى الدم في عروقه وتحفزت أعصابه.. تقوده غيرته المفاجئة... المشحونة بالخوف وانعدام الثقة.. بعمى استفاق منه وهو يبصر شهد.. شقيقة حسام.. ترتفع من أسفل الطاولة فجأة لترمي شيئا بدا أشبه بالكرة نحو صغيرها الذي كان يلعب مع أبنائه.. فتوقفت قبضته على المقبض البارد للباب الزجاجي وقد هدأت نفسه قليلا ليتنبه للرائحة غير الطيبة المنبعثة منه.

استدار بسرعة صاعدا السلالم كل درجتين معا نازعا ثيابه في طريقه قبل حتى أن يلج الحمام.. وبعد أن أنعش نفسه في زمن قياسي وارتدى ما طالته يداه من ثياب بيتية مريحة دون أن يلحظ تناسقها.. تدفعه الرغبة في معرفة ما أضحك رنيم لهذه الدرجة حتى بانت أسنانها اللؤلئية الصغيرة.. عاد أدراجه حتى إذا وصل الردهة.. قاطعه صوت لين الباكية.. هل تركتها رنيم لوحدها في المنزل؟

"لا بأس يا أميرة" ناداها بلطف فيما يقتحم الغرفة المفتوحة ليجدها تدفع أطرافها بقوة في فراشها. "هل تركتك ماما وحدك هنا؟"

رفعها من السرير يربت على ظهرها بصبر ريثما يهدأ الفواق الذي أصابها.

"بابا هنا" تمتم على رأسها الأصلع بينما يهزها من جانب إلى آخر. "دعينا ننزع عنك تلك الحفاضة المبللة"

مددها على السرير مخرجا حفاضة نظيفة من خزانة رنيم دون أن يتوقف عن التحدث مع الصغيرة "لا أعرف ما الذي كانت تفكر فيه والدتك وهي تترك أميرتي هنا بمفردها" دندن بصوت ناعم خافت كان بطريقة ما كافيا لتهدئة لين "إنها في الخارج مع أشقائك وصديق أبيك حسام وأخته وابنها.. هو رجل سيء فابتعدي عنه، اتفقنا؟"

ابتسم حين سكنت لين تماما كما لو أنها تصغي إليه باهتمام.

"والدك لم يكن لطيفا بالمرة" سحب سروالها الصغير لأسفل وفك أزرار قميصها الداخلي "حتى أني لم أكن موجودا أثناء ولادتك.. أنا آسف حقا.. لكن والدتك عادت معي إلى البيت رغم كل شيء.. وهذا يعني أن هناك فرصة.. صحيح؟ طالما يبقى الأحمق حسام بعيدا عنها"

رفعت لين يدها إلى وجهها تحاول جاهدة إيصالها لفمها.. عيناها غير مركزيتين بينما يثرثر في حديث سري بينهما.. أو هكذا ظنه. "أنت تبلين بلاء حسنا أميرتي.. انظري لنفسك.. لم تذرفي دمعة واحدة أثناء تغييري حفاضتك.. حبيبة البابا صارت فتاة كبيرة" حين أنهى مهمته رفعها لصدره يضمها بحنان. "أتظننين أن والدتك بإمكانها أن تحبني من جديد؟" تساءل بينما يقبل وجنتها الطرية "على الأرجح لن تفعل.. هه ومن يلومها.. ولكن البابا لن ييأس وسيستمر بالعمل على ذلك حتى يمكنك العيش مع البابا للأبد"

تنهد ملتقطا الحفاضة القذرة وغادر المكان نازلا الدرج ببطء.. مستمتعا بهذه اللحظات البسيطة التي ينفرد فيها مع ابنته.. فمع العدد الكبير لسكان البيت وتعلق لين بصدر والدتها معظم الوقت.. لم يكن رائد يحظى بالوقت الكافي مع لين على انفراد.

زواج على ورقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن