قام ماكس بفتح بوابة لعالم البشر كما علمته إيمرود وعاد إلى ذلك القبو مرة أخرى بعد غياب طال قرابة الخمس ساعات في عالم الجحيم.
صعد إلى أعلى بسرعة ولكنه لم يجد أحد! خرج خارج المنزل وكانت الصدمة، كان الوقت مساءً ولكنه أدرك أن كل ما كان حول المنزل قد تغير الأشجار، الطريق، المنازل، حتى السيارات أصبحت أشكالها غريبة! مالذي يجري هنا؟
حلق ماكس عالياً فوق المدينة وإذ يتفاجأ بأن المدينة بأسرها قد تغيرت وباتت شيء لم يعهده من قبل.
ماكس: مالذي يجري هنا؟
تاليا: أظن أنني نسيت إخبارك شيء (و صوتها يرتجف ندماً)
ماكس: ماذا هناك؟ تكلمي!
تاليا: إن الوقت في الجحيم يختلف عَمّا هو عليه في عالمك. حيث أن كل ساعة في عالم الجحيم تعادل 50 سنة في عالمك.
ماكس: مالذي تقولينه؟ ولما لم تخبريني بهذا الأمر سابقاً؟!
تاليا: لقد نسيت! (صوتها ازداد رجفانه وشرعت دموعها بالنزول على خديها)
ماكس: أخخخخ حسنا حسنا لا بأس ولكن هذا يعني أنني ابتعدت عن أختي 250 سنة!! يا إلهي هل يعقل أنها توفت؟ ولكن حتى وإن بقيت على قيد الحياة أين ستكون؟ أووووه وماذا عن ثيورد؟ لقد وعدته أنني سأخرج ثلاثة أيام وبعدها سأعود للسجن، مالذي قد جرى له؟! ما كل هذه الفوضى؟ وكلام إيفان ذلك الوغد!
حلق ماكس فوق المدينة بنتقالات آنية ثم هبط فوق سطح أحد الأبنية حيث جلس وأسند ظهر إلى إحدى الآلات التي كانت هناك وبدأ يدخل في دوامة التفكير اللانهائية و المشاعر السلبية والإحباط تحيط به وتغرقه في قاع الفشل الذي ليس له نهاية.
مسحت دموعها برقة من على خديها وعندما حاولت قول شيء ما ليخفف عن ماكس قال لها ماكس وقلبه كان يُعتصر قهراً على ما بذله من أجل ما لم يبقى وختفى: أتعلمين أمراً؟
تاليا: ماذا؟
ماكس: لا أعلم كيف سأقول ما أقول ولكن لم يعد يهمني شيء بعد الآن.
تاليا: لماذا تقول مثل هذا الكلام؟! لقد سمعت كلام إيفان، يبدو أن هناك كارثة عظمى ستحدث خلال أيام وأنت الوحيد القادر على إيقافها!!
ماكس: من أجل ماذا؟ من أجل أن أتهم بها؟
تاليا: بالطبع لا...
قاطع كلامها ماكس: إذا من أجل ماذا؟ من أجل والدي؟ أم من أجل أختي؟ هيا أجيبيني من أجل ماذا؟ من أجل أن ينقلب العالم مرة أخرى ضدي و يرمون علي أخطأهم؟ من أجل ماذا؟ لكي أتعذب أكثر مما تعذبته؟ لكي أعاني من جديد ومن جديد ومن جديد إلى أن أقضي على كل شرير في العالم وبعدها لا يبقى سواي لكي يضعوا علي كل التهم و الجرائم التي لم أرتكبها؟ من أجل ماذا؟ أخبريني تاليا من أجل ماذا سأنهض مجدداً؟ لم يبقى لي شيء في هذا العالم البغيض والشنيع، لقد كرهت كل شيء.
ثم تنهد ماكس بقوة وضرب رأسه بتلك الآلة التي يتكئ عليها وبعد لحظات تبسم وقال لها: لقد كانت هناك مقولة تقولها لي والدتي دائما "لدينا جميعاً ورقة بيضاء مقسمة إلى أجزاء، تلك الأجزاء منها الكبير ومنها المتوسط والصغير، حيث يمثل كل جزء شيء من أمور الدنيا وبالطبع تلك القسمة ليست متماثلة لدى الجميع فالبعض لديه الجزء الكبير مالاً والبعض الأخر أولاداً و غيرهم صحة وغيره من الأشياء ولكن في نهاية الأمر لدينا جميعاً ورقة بيضاء كاملة"
إنني أتساءَل أين هي ورقتي؟ فإنني لا أشعر بأي جزء منها.
تاليا: ....
ماكس: نعم، أظن أنني وجدته.
تاليا: ماهو؟
ماكس: أظن أنك ورقتي البيضاء كاملة.
خَجِلت تاليا من قوله و بنبرة صادمة قالت له: مالذي تقصده؟
ماكس: أنتِ كل ما تبقى لي، أنتِ من كنت معي خلال رحلتي، ساعدتني لأصل لهذا المستوى من القوى، كنتِ رفيقتي في النعيم، وشريكتي في الجحيم، أنتِ من بينهم كلهم من بقيتي بجانبي بعد كل شيء، لا أعلم إن كان القدر يخبرني أنك أنتِ هي حظي الكامل في هذا العالم، و لربما أكون مخطئً في قولي لا أعلم ولكن هذا ما أشعر به الآن.
تاليا تحاول التحدث ولكنها تتلعثم في الكلام: أ أ أظن أن م م ما تشعر به هو حقي حقيقة الأمر!
ضحك ماكس وأخذ نفساً عميقاً وبعدها زفير قوي رفع رأسه وإذ بالشمس تشرق و ألسنة نورها تشع شيئاً فشيئاً.
